في ذكري رحيله.. ألقاب الشيخ الشعراوي: الأمين ومجدد العصر وصاحب الخواطر

كتب: سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسي

في ذكري رحيله.. ألقاب الشيخ الشعراوي: الأمين ومجدد العصر وصاحب الخواطر

في ذكري رحيله.. ألقاب الشيخ الشعراوي: الأمين ومجدد العصر وصاحب الخواطر

في مثل هذا اليوم، 17 يونيو، ودعت الأمة الإسلامية بقلوب حزينة، فقيدها الشيخ محمد متولي الشعراوي؛ حيث توفي فجر يوم الأربعاء 22 من شهر صفر 1419هـ، 17 يونيو 1998.

وفي الذكرى الـ22 لرحيل الشيخ الشعراوي، سرد الدكتور أسامة فخري الجندي، أحد علماء وزارة الأوقاف، لـ"الوطن"، العديد من الألقاب التي حظي بها الشيخ الشعراوي.

يقول "الجندي": "لقب الشعراوي بالأمين، وهذا اللقب دارج عند أهل قريته التي نشأ فيها، ولعل هذا اللقب يعكس المعاني الكثيرة التي تبرز قيما رصينة للشعراوي منذ الصغر، فهو أمين من ناحية القيم والأخلاق، ومن ناحية العلم والمعرفة، ومن ناحية المنهج، ومن ناحية عمل الجوارح، وكأنه حقق كل أنواع الأمانة بمفهومها العميق، فاستحق الشعراوي لقب (الأمين)".

وتابع: "ولقب أيضا بمجدد العصر، وذلك نظرا لحسن تنزيله النصوص على معانيها بدقة متناهية؛ لأنه كان يملك الأداة الرصينة لفهم النص المشرف، وهو تمكنه من علوم العربية وأسرارها، مع سهولة الألفاظ وألخص الإشارات وأخلص العبارات؛ واستطاع أن يصل إلى العامة، ومن ثم كل طبقات المجتمع، فصال وجال ببيان العلم والمعرفة، وبتعبئة كل الأطياف مع تنوع أفكارهم وعقولهم بالمنهج الإسلامي الرصين الصحيح في شتى القضايا والمسائل وبرؤية مستنيرة".

أضاف الدكتور أسامة فخري الجندي: "من السمات الفارقة والرئيسة في شخصية الشيخ الشعراوي، والتي ظلت معه طفلا وشابا وداعية ومفكرا، سمة النبوغ الفكري، فقد كان الشيخ الشعراوي، دائما يميل إلى الابتكار والتجديد، ولا شك أنهما من سمات النبوغ والتفوق، ولأن الشيخ الشعراوي، اتسمت نشأته بالعراقة والأصالة، فقد اجتمع لديه سمة النبوغ الفكري مع الموهبة النقية وصفاء المعدن، فاقترن النبوغ الفكري مع الفطرة الإنسانية، فكانا الأصل الأصيل في تكوين شخصية الشيخ الشعراوي".

"صاحب الخواطر"، هكذا لقب الشيخ الشعراوي، فكان صاحب صنعة معرفية ثقيلة، فاستطاع أن ينزل النصوص على معانيها بدقة متناهية؛ لأنه كان يملك أدوات فهم النص، والتي منها علوم العربية وأسرارها، والشيخ الشعراوي، كان يستخدم اللغة يمستوياتها الأربعة: "صوتا وصرفا ونحوا ودلالة"، فانطلق إلى بيان المراد الإلهي، بل إنه كان يقف عند معاني الحروف وأسرارها؛ ليجلي المعنى للأذهان، فكانت اللغة أحد مفاتيح شخصية الشيخ الشعراوي.

ومما يجدر الإشارة إليه، أن الشيخ الشعراوي، بحسب الجندي، قد نجح فيما عجز عنه غيره من العلماء، فبالرغم من الكتابات الكثيرة في الإعجاز القرآني وعبقرية اللغة، إلا أن الشيخ الشعراوي، استطاع أن يصل بها وأن ينزلها للعامة من الناس، فقد كان جهده (رحمه الله) في ذلك جهدا مميزا؛ لما كان يتحلى به من سلاسة الأسلوب، مع البساطة والمرونة؛ مما أكسبه القدرة على إيصال المعلومات المركبة بأسلوب بسيط يفهمه الناس (كل الناس) على اختلاف مداركهم وثقافاتهم ومعارفهم، وهذا هو مفتاح آخر لشخصية الشيخ الشعراوي، وهو قدرته على فهم أنماط الشخصية المصرية، فاستطاع أن يصل إليها بكل سهولة.

وقال عنه الدكتور أحمد عمر هاشم، بحسب الجندي: "انطلق الشيخ الشعراوي، يفسر القرآن الكريم، ويحلل المعاني، ويقف مع كل آية وكلمة وحرف، وييسر المعاني العميقة، حتى يدركها العالم والجاهل، والمثقف والأمي، وكان راحلنا عالما وعاملا بعلمه، فكان يصنع المعروف، وينفق آناء الليل وأطراف النهار، كانت تأتيه الجوائز المالية، والاستحقاقات، فينفقها على طلاب العلم الفقراء، ويبني المعاهد الأزهرية والمدارس والمستشفيات، كما كان الشيخ الشعراوي، وفيا كل الوفاء لجميع المعارف والأصدقاء".

وأضاف "الجندي": "الشيخ الشعراوي، كانت له شخصية متميزة في عصره وبين أقرانه ؛ حيث أخذ مكانة واضحة في عصره بين الأعلام في ميدان الفكر الإسلامي، وخاصة في التفسير من خلال خواطره النورانية نحو الآيات القرآنية المشرفة، فكان واحدا من الذين لهم قدم صدق عند ربهم، أحب القرآن، فأفضى إليه بأسراره، فبرزت شخصيته متميزة في تفسيره، مؤثرة في الوجدان المسلم، على أن الشيخ الشعراوي- رحمه الله – لم يكن اطلاعه قاصرا على فن دون آخر، وإنما كان متشعب الأنحاء، واسع الاتجاهات، فلم يقتصر على ما كان يدرسه في الأزهر الشريف، وإنما جاوز ذلك وامتد إلى العلوم الحديثة في مسائل الطبيعة والكيمياء والفلك والاقتصاد فضلا عن علوم التاريخ والاجتماع وعلم النفس، وبذلك تكونت لديه ثقافة شاملة، ظهرت بوضوح فيما يلقي من الدروس والمحاضرات، وبأسلوبه السهل الممتنع حاول أن يذللها للسامع.

ولأجل ذلك كان الشيخ الشعراوي، موسوعي المعرفة، اطلع على مختلف العلوم والفنون، وهذا ساعده على هجر التعصب المذهبي، والتجرد عن الجمود والتقليد، ويظهر ذلك من خلال مكتبته الفكرية الضخمة التي ألفها فيما بعد.


مواضيع متعلقة