طبيب بـ"عزل بلطيم": تركت والدي المعاق وجدتي المسنة تلبية لنداء الوطن

طبيب بـ"عزل بلطيم": تركت والدي المعاق وجدتي المسنة تلبية لنداء الوطن
- كفر الشيخ
- عزل بلطيم
- ابطال الجيش الابيض
- اطباء بلطيم
- كفر الشيخ
- عزل بلطيم
- ابطال الجيش الابيض
- اطباء بلطيم
ترك طفليه الصغيرين ووالده الذي يعاني من شلل الأطفال ويعتمد عليه كلياً فى الحركة والتنقل، ووالدته التي لم تستطع عمل أى شيء بدونه، فضلا عن جدته المُسنة التي تعتبره نجلها وليس حفيدته، ولم يستجب لدموع زوجته بل استجاب لنداء الوطن، حينما ناداه لينضم إلى الأطقم الطبية بمستشفى عزل بلطيم الذي جرى تخصيصه لعلاج مصابي الوباء العالمي الجائح فيروس "كورونا المستجد"، فتربى الطبيب أحمد جمال المناخلى، طبيب العناية المركزة والباطنة العامة بمستشفى سيدى غازى المركزى، على حب الوطن وتلبيه ندائه في أى وقت حين يطلبه.
قرار انضمامه لمستشفى عزل بلطيم، في أواخر شهر رمضان المبارك، كان صادماً بالنسبة لأسرته، فمشاركته في هذا الوقت هى الأصعب بالنسبة لهم، لكنه استطاع إقناعهم، بأنه لا يستطيع التأخر عن إنقاذ حياة المرضى وواجبه الوطني، "التوقيت صعب، والدي معاق بشلل الأطفال ويعتمد علي كلياً فى الحركة والتنقل ووالدتى لا تتحرك بدونى حيث إنني الولد الأكبر، ولدي طفلان يبلغان من العمر 4 أعوام وعام، وجدتي المسنة تعتبرنى نجلها وليس حفيدها، قابلوا القرار بالبكاء، زوجتى انهارت ورفضت وتركتها حتى تهدأ وأقنعتها أن البلد في احتياج لنا في هذه المرحلة الفارقة، لكن أنا كمان كنت مصدوم من التوقيت، كيف سأترك أطفالي وأهلي في أواخر رمضان وأقضى العيد بعيداً عنهم؟".
فى الثاني عشر من مايو الجارى، تلقى الطبيب البالغ من العمر 31 عاماً، والذي تخرج فى كلية طب الأزهر عام 2013، مكالمة هاتفية من مسؤول التدريب بمديرية الصحة بكفر الشيخ، يخبره بأنه وقع عليه الاختيار ليكون بين الفريق الطبي الذي سيقضى 14 يوماً بمستشفى بلطيم للعزل، سيكون بين زملائه من اخصائيي الرعاية المركزة، وعليه تجهيز نفسه خلال 48 ساعة، المكالمة وقعت على مسامع الطبيب الشاب بصدمة لكن واجبه لم يمنعه: "لما قالولى فى التليفون اتصدمت، التوقيت قاتل بالنسبالى، لكن فكرت لدقائق ورديت وقلت حاضر، دا واجب وطنى، ومينفعش اتاخر عن الذهاب ابداً وان دورى انا وجميع زملائى المشاركة فى هذه الجائحة، اللى بتمنى انها تعدى على خير".
بطل الجيش الأبيض: "ندعم المرضى نفسياً.. شعورهم بالخوف أصعب من إصابتهم بكورونا"
مهمة بدأت لدى الطبيب وهى سرعة تجهيز نفسه والذهاب للمستشفى: "بدأت أجهز مستلزماتى، اللى هحتاجها معايا فى مدة الحجر ووصلت للمستشفى بعد الفطار مباشرة، وإستلمت غرفتى، وتعرفت على زملائى من باقى الفريق، وفى اليوم التالى نزلت مع أحد الزملاء، للتعرف على الأماكن فى المستشفى، وطرق وأماكن لبس الواقيات، وايضا المسارات المخصصه للحركه داخل المستسفى واماكن المخصصه للملابس والتعقيم، وفى نفس اليوم استلمت العمل، وبدأت فى اللبس والصعود الى غرف العنايه المركزه لمتابعة الحالات المحجوزه بها، وما ان وصلت اللى حجرة الرعايه المركزه، وتلقيت اتصالا هاتفيا من احد الاقسام الداخليه المحجوز بها المرضى بأن اتوجهه بسرعه اللى القسم لوجود مريض فى حاله حرجه، وعلي انقاذه".
داخل المستشفي تعرض الطبيب الشاب، لمواقف صعبة، فحين بدأ فى إستلام عمله كان الموقف الأول والاصعب:"لما وصلت لاحد الاقسام علشان اشوف مريض محجوز، لقيته اتوفى، وكان الموقف صعب، ضاق صدرى، وجلست على الارض باكياً وقلت لنفسي دا انا لسه اول نبطشيه فى اول يوم اعمل ايه بس يارب دبرها من عندك، ومع أن دى مش اول مره اتعامل فيها مع مريض ويتوفى فجأه لكن مصاب الكورونا، ليه وضع تاني، بعيد عن أهله وأحبائه و دى بتكون أصعب حاجه فى مستشفيات العزل ، وعلمت وقتها أن أكتر حاجه يعانى منها مريض الكورونا هى الخوف وليست الإصابه، ومن وقتها عاهدت نفسى أمام الله ، أن اكون أبنا باراً لكل المرضى اللى بتعامل معاهم وأكلمهم وأطمنهم وأطمن ذويهم عبر الهاتف، بأنه فترة وهتعدى وهيرجعوا سالمين اليهم، وبعد الحالة دى رجعت مكانى فى الرعاية المركزة، لمتابعة الحالات، وبطبيعة عملى فأن الغرفة هى المكان الذى يوجد به المرضى ذوى الحالات الخطره ، فكنت أحرص على التحدث معهم وطمئنهم على أنفسهم ولكن عندما كانت تتوفى، كنت اشعر بالعجز الشديد وخاصة صغار السن، غير المصابين بأى اعراض سوي كورونا، كانت أصعب لحظاتي، حينها أجلس على الارض باكياً لعدم إستطاعتي الوقوف على قدمى من الخوف والصدمه".
الطبيب: "توقيت مشاركتي فى العيد صعب.. وابنى رفض الأكل وأطمئنهم بالفيديو كول"
يبذل بطل الجيش الأبيض، قصارى جهدى مع زملائه من أجل إنقاذ المرضى، ويسعد لشفاء بعض الحالات، متمنياً ان ينتهى الفيروس دون حصد مزيد من الأرواح: "ببذل قصارى جهدى لراحة المرضى، ولرعايتهم أنا وزملائى، ونسعد بشفاء الحالات وخروجهم ونوثق لحظاتنا معهم عن طريق التقاط صور سيلفى للذكرى، واتمنى ان ينتهى الفيروس دون حصد الارواح، هؤلاء المرضي معزولون اجبارياً بسبب فيروس خفى".
يحاول المناخلي الاطمئنان على أسرته، خاصة مع رفض نجله عمر البالغ من العمر 4 أعوام، تناول الغذاء دون وجوده، لكنه يحاول اقناعه بمكالمات الفيديو كول عبر وسائل التواصل الإجتماعي: "بتمنى نخلص ونرجع بيوتنا، أطفالى وحشونى، أول مرة اغيب عنهم أكتر من يومين، نفسى اخدهم فى حضنى، بطمن عليهم عن طريق مكالمات الفيديو كول، بضايق لما عمر ابنى رافض يأكل او ينام، متعودش حد يأكله غيرى، بحاول اقنعه وأفهمه ان انا فى مهمة وهجيبله لعب وشيكولاته معايا، ووالدي بيقولى ارجع انا ممكن اروح لوكيل وزارة الصحة تعفيك، جدتى بتحاول تطمنى وتقولى متتاخرش عن واجبك، وإعتبر أن انا أو حد من إخواتك وأهلك مصاب وانت بتعالجه".