أزهريون للمصريين بالخارج: يجوز نقل زكاة الفطر لمصر.. بلدكم أولى بالمعروف

أزهريون للمصريين بالخارج: يجوز نقل زكاة الفطر لمصر.. بلدكم أولى بالمعروف
دعى أزهريون المتبرعين بزكاة الفطر لهذا العام، من خارج مصر، بنقلها بقدر طاقتهم الى مصر، نظرا للظروف التي يعاني منها الاقتصاد المصري بسبب وباء كورونا، وفترة الحجر ومنع التجوال التي دامت لشهرين، انقطعت خلالها أرزاق الكثيرين، خاصة عمال اليومية.
وقالت الدكتورة آمنة نصير، عميدة كلية الدراسات الإسلامية السابقة، إنّه لابد أن الشرع جعل زكاة الفطر طعمة للمحتاجين، وأكد الشرع أنّ أولى المحتاجين الأهل والأقارب وأنّهم الأولى بالمعروف، لذلك على من يخرج زكاة فطره من المصريين المقيمين بالخارج أن يرسلوها لأهلهم وذويهم والمحتاجين بالمناطق التي كانوا يقيمون بها، أو لأماكن الزكاة الطبيعية كالجمعيات والمؤسسات المتخصصة في ذلك.
وأضافت أنّ الوعي بالظروف أمر شرعي، وجزء من العبادة ذاتها، فمن يعطي الزكاة لغير محتاج ضيع على نفسه ثوابها، ومن يغفل أقاربه وذاويه وجيرانه من المحتاجين يكون قد ضيع على نفسه ثوابا كبيرا، إذ يحصل على ثواب الزكاة وسيفوته ثواب بر الأهل والأقارب والجيران وسد حاجتهم، وهو المقصود الأول والأهم من الزكاة نفسها.
وأكد الشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أنّ الفقراء درجات والزكاة تذهب للأقرب فالأقرب، مضيفًا، "الفقير اللي من عيلتك أولى من الفقير اللي مش من عيلتك".
وشدد الجندي على جواز نقل الزكاة من أوروبا للفقراء الموجودين في مصر: "يجوز أكون في أوروبا وابعت الزكاة لمصر وهو ده التوجيه الفقهي ليها"، مشيرًا إلى أنّ الله قال "وآت ذا القربى حقه"، وأنّه ذكر ذلك كحق لذي القربى ولم يذكره كحق للمسكين وابن السبيل.
وأكد الشيخ رمضان عبدالرازق، أحد علماء الأزهر على جواز نقل زكاة المال من المصريين الموجودين في أوروبا إلى الفقراء الموجودين في مصر.
وأضاف أنّ الصحابي الجليل معاذ بن جبل نقل زكاة الفطر من اليمن للمدينة المنورة، لافتًا إلى أنّ الحنفية أفتوا بذلك ونقل عنهم الجصاص وأفتى بذلك أيضًا المالكية ونقل عنهم القرافي.
وأوضح عبدالرازق أنّ بعض الحنابلة أفتوا بذلك، مشددًا على جواز نقل زكاة المال وزكاة الفطر، وقال: "يعني لو انت في أوروبا، وعايز تبعت زكاة مالك لأهلك في مصر يجوز، ونص على ذلك الأئمة الأربعة".
من ناحية أخرى، أكدت دار الإفتاء أنّه "من المستقَرُّ عليه فى فتوي الدار منذ عهد الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية عام 1946م، وحتى يومنا هذا أنّه يجوز نقل الزكاة إلى مصارفها الشرعية في غير بلدها عند الحاجة وللمصلحة".
وذكرت الفتوى، أنّه عملًا بالمقاصد الشرعية والمصالح المرعية، يجوز إرسال المصريين المقيمين خارج مصر بزكاة مالهم وفطرهم إليها، بل ونرى أفضلية ذلك وأولويته في هذه المرحلة التي تحتاج البلاد فيها حاجة أكيدة إلى الإنفاق على مصارف الزكاة فيها، وكفاية المحتاجين وسد حاجة المُعوِزين؛ فمصر وأهلها أولَى بمساعدة مواطنيها وأبنائها.
وأوضحت الفتوى، أنّ القرآن الكريم حدد مصارف الزكاة على العموم من غير أن يُحدِّدَ لها مكانًا أو زمانًا؛ وأنّ الفقهاء متفقون على مشروعية نقلها - بل ووجوبه - إذا زادت عن حاجة البلد، وأكثرهم على إجزائها إذا أُعطِيَت لمستحقيها ولو بغير بلدها، وحُكِيَ فيه الاتفاق والإجماع.
وقالت الفتوى، إنّ الشريعة راعت في الزكاة مصالح أخرى راجحة؛ كاشتداد الحاجة، وإغاثة المنكوبين، وأولوية قرابة المزكي وعصبته، وانتمائه لوطنه، تحقيقًا لمعنى التكافل الاجتماعي والترابط القومي، ونقلها من بلاد غير المسلمين إلى بلاد الإسلام، وراعت أيضًا ازدياد أهمية جهة معينة من مصارف الزكاة على غيرها؛ تحقيقًا لمقاصدها الشرعية ومصالحها المرعية على الوجه الأتم".
وأشارت، إلى أنّ المتأمل في نصوص الشريعة وفعل السلف الصالح ونصوص فقهاء المذاهب الفقهية يلحظ أن هذا المقصد أعمُّ من أن يكون مقصدًا مكانيًّا بحتًا، بقدر ما هو مقصدٌ انتمائيٌّ تكافليٌّ اجتماعيٌّ، يدور في فلك تقوية الانتماء في نفوس المسلمين؛ دينيًّا كان هذا الانتماء، أو وطنيًّا، أو قبليًّا، أو عائليًّا، أو ولائيًّا.
وذكرت الفتوى، أنّ الشريعة أجازت نقل الزكاة عند اشتداد الحاجة في البلد المراد نقلُ الزكاة إليها؛ على مستوى الأفراد أو الجماعات، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يأتيه المحتاجون فيُنظِرُهم حتى تأتيَه الزكاة من خارج المدينة ليُعطيَهم منها.
وذكرت الفتوى، أنّ عُمّال النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يرسلون إلى المدينة بجزء من الزكاة، فكان معاذ بن جبل رضي الله عنه ينقل مِن زكاة أهل اليمن إلى المهاجرين والأنصار بالمدينة لحاجتهم وفقرهم، ونقل عدي بن حاتم رضي الله عنه زكاةَ قومه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة، ونقل هو والزبرقان بن بدر رضي الله عنهما زكاةَ قومهما إلى أبى بكر الصديق رضي الله عنه.