محاولات نتنياهو لضم أجزاء من الضفة.. مكر ذو هدفين

كتب: آلاء عوض

محاولات نتنياهو لضم أجزاء من الضفة.. مكر ذو هدفين

محاولات نتنياهو لضم أجزاء من الضفة.. مكر ذو هدفين

يستمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في استغلال ما يمكن استخدامه لإنقاذ مستقبله الذي أصبح على المحك؛ ففي خضم جائحة "كورونا" التي تشغل العالم من شرقه إلى غربه، وفي ظل غياب المجتمع الدولي عن الساحة السياسية يسعى لتحقيق أطماعه الاستعمارية في الضفة الغربية، ومن ناحية أخرى يسرع في تنفيذ ذلك قبل انتهاء ولاية حليفه الأمريكي الذي دائما ما يعطيه الضوء الأخضر لاستباحة الأراضي المحتلة.

فبعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية بالتناوب بين نتنياهو ورئيس هيئة الأركان الأسبق بيني جانتس، يخشى الفلسطينيون أن تبدأ عمليات "الضم" في الضفة الغربية وتطبيق السيادة التي كان يدعو لها نتنياهو دائمًا، غير أن هناك تطورات لها علاقة بسياسة إسرائيل الداخلية وبأزمة "كورونا" أربكت هذه الأجندة، تلك التطورات التي حولت جانتس زعيم حزب "أزرق أبيض" من خصم شرس إلى حليف.ومن المنتظر أن تكون الستة أشهر القادمة فترة طوارئ في دولة الاحتلال، بعد استغلال نتنياهو أزمة "كورونا" التي هزت العالم لانتهاك الضفة الغربية في سبيل كسب حصانة تمكنه من الفرار من السجن الذي ينتظره جراء أفعاله إذا تجاوزت جرائمه المدى، في الوقت الذي يتفشي فيه الوباء بين الإسرائيليون بشكل مخيف وارتفاع الإصابات يوميًا، مما يلفت انتباه شعبه إلى أنه لا يفكر إلا في مصلحته الشخصية.

 قيادي بـ"فتح": قُدمت ملفات للمحكمة الدولية لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائم الاستيطان

وجدير بالذكر أنه في 20 أبريل، وفي أعقاب أطول أزمة انتخابية في تاريخ إسرائيل، وقّع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومنافسه زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني جانتس، اتفاقًا لتشكيل حكومة وحدة وفق مبدأ رئاسة الوزراء الدورية، وسيحتفظ نتنياهو بالسلطة خلال الأشهر الثمانية عشر الأولى، على الرغم من تورطه في قضايا فساد، على أن يتولى جانتس الدورة الثانية.

وعلى الرغم من التزام المسؤولين بالمساواة بين الكتلة اليمينية والكتلة المركزية للحكومة الجديدة، إلا أنه لا تزال هناك تساؤلات جادة حول ما إذا كنا هذا المبدأ سيستمر، بالنظر إلى التفاوت الكبير في مقاعدهما البرلمانية، وانقسم حزب جانتس بشأن قراره الانضمام إلى ائتلاف وحدة، مما حد مقاعد كتلته بـ19 مقعدًا في حين انتهى المطاف بحزب نتنياهو بما يصل إلى 59 مقعداً.

وفي ضوء ذلك، ذكرت مصادر إعلام عبرية أن الحكومة ستخضع لاختبار مبكر في الشهرين المقبلين، حيث ستقرر إسرائيل ما إذا كانت "ستطبق السيادة" على أجزاء من الضفة الغربية، وهو أمر يعتبره الكثير من المراقبين على أنه عملية ضمّ فعلي، ووفقاً للاتفاق المبرم بين الكتلتين، سيُسمح لنتنياهو بطرح هذه القضية للتصويت أمام البرلمان الإسرائيلي"الكنيسيت" في يوليو المقبل، على أن يتم الحصول على "موافقة تامة" من الولايات المتحدة وإجراء "استشارات" على الصعيد الدولي.

يترقب الجميع ما سيحدث في الشهور القليلة القادمة باعتبارها حاسمة وشائكة في ملف القضية الفلسطينية، على الرغم من أن السيناريو الإسرائيلي الأمريكي معروف، فواشنطن لن تنصف الشعب الفلسطيني على حساب تل أبيب، وخصوصًا في ظل ولاية الديكتاتور الأمريكي ترامب الذي يدعم الاحتلال ويسانده في انتهاك أراضي الغير، فلم يمر وقت طويل على اعتراف الولايات المتحدة رسميًا بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل.

قيادي في حركة "فتح": المشكلة الأساسية ليست فيما سيقدم عليه نتنياهو.. بل ماذا نستطيع أن نفعل نحن الفلسطينيين؟

وعن المساعي الإسرائيلية لتطبيق السيادة في الضفة الغربية، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، والقيادي في حركة "فتح" الفلسطينية في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، "إن نتنياهو يريد استغلال الأشهر المتبقية من حكم ترامب لتنفيذ خطته وضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية، ومن المتوقع البدء في ذلك خلال شهر يوليو القادم بحد أقصى".

وأضاف "الرقب" أن ديباجية الإتفاق بين نتنياهو وجانتس على تشكيل حكومة طوارئ وطنية من ضمن مهامها تنفيذ رؤية ترامب تجاه الحل السياسي وتنفيذ الخرائط الحدودية التي سيسلمها الطاقم الأمريكي الإسرائيلي للحكومة الإسرائيلية، فالمشكلة الاساسية ليست فيما سيقدم عليه نتنياهو وحكومته، المشكلة الحقيقية هي "ماذا نستطيع أن نفعل نحن الفلسطينيين؟".

أيمن الرقب: الاتفاق الأخير سيشكل حكومة قوية تمكن نتنياهو من فعل ما يحلو له دون رادع

وأوضح الرقب أن هذا الاتفاق سيشكل أقوى حكومة منذ سنوات عديدة، فإذا تم تمرير الحكومة في الكنيست وتم تغيير بعض القوانيين حسب الاتفاق ستكون حكومة مستقرة بدعم أكثر من 75 عضوا من أصل 120، وهذا العدد كفيل بأن تفعل الحكومة ما تريد خاصة ان الجميع معتمد على الرؤية الأمريكية، كما أن نتنياهو سيستغل هذا الاتفاق للحصول على قانون من الكنيست يعطيه حصانة من القضاء طالما يشغل موقع رئيس الوزراء، مشيرًا أنه قد يذهب لأبعد من ذلك ويشرع قانون حصانة من القضاء لأي عضو كنيست.

الحرازين: نتنياهو ما زال يعمل لفرض السيطرة على الأراضى الفلسطينية ضاربا بعرض الحائط كل الاتفاقيات

وفي نفس السياق، قال الدكتور جهاد الحرازين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي بحركة فتح "إن نتنياهو ما زال يعمل من أجل فرض السيطرة على الأراضى الفلسطينية، ضاربا بعرض الحائط كافة الاتفاقيات والأعراف والمواثيق الدولية وكذلك قرارات الشرعية الدولية، فهو لم يتوقف لحظة عن مواصلة الإستيطان والتهويد والاعتداءات والقرصنة على الأموال الفلسطينية لإرضاء اليمين الإسرائيلي والمتطرفين الصهاينة".

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس: نتنياهو يسابق الزمن في مسألة الضم لأنه يعلم أن إدارة ترامب لن تتكرر مرة أخرى

وأفاد "الحرازين" بأن نتنياهو استغل حالة الدعم اللامحدود من قبل الإدارة الأمريكية والتى قدمت لإسرائيل ونتنياهو ما لم يكن يحلم به حتى أن ترامب قال إنه لو ترشح للانتخابات الاسرائيلية سيفوز بها، ولذلك يعمل نتنياهو بهذه الغطرسة مستغلا حالة الانشغال العالمى بمواجهة جائحة "كورونا"، للقيام بفرض أمر واقع جديد على الأرض غير آبه بما يشكل وباء كورونا منخطرعلى البشرية جمعاء، ولذلك هو يسابق الزمن بعمليات الضم والتهويد لإدراكه أن إدارة ترامب لن تتكرر مرة أخرى فى ولاءها وانحيازها لإسرائيل، وفى محاولة منه لكسب المزيد من رضاء اليمين والشارع الاسرائيلى عليه، وخاصة أن المجتمع الإسرائيلى أصبح يميل للتطرف واليمينية أكثر من أى وقت مضى .

 

وأوضح القيادي بحركة "فتح" الفلسطينية، أن مثل هذه الخطوة سيكون لها أثر كبير وبالغ، حيث أنها ستؤدى الى قتل وإنهاء حل الدولتين وإفشال أية جهود لأى عملية تسوية قادمة أو مفاوضات مقبلة، الأمر الذى سيواجه من قبل الشعب الفلسطينى وقيادته بمجموعة من الإجراءات الحاسمة، والتى سيكون لها اثرًا كبيرًا على توتر الأوضاع بالمنطقة خاصة أن هناك حالة من الضغط الكبير والرفض المطلق لسياسات الاحتلال.

القيادي بفتح: هناك شبه اجماع دولي برفض المساعي الإسرائيلية لأنها تشكل انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية وجريمة يعاقب عليها القانون

وتابع "الحرازين": سيكون هناك موقف عربي وإسلامي ودولي، خاصة أن هناك اجتماعًا افتراضيًا لوزراء الخارجية العرب خلال الأيام المقبلة لمناقشة قضية الضم التى أعلن عنها نتنياهو وجانتس وخطوات جرى التحرك عليها مع المجتمع الدولى فى اكثر من إتصال، لافتًا إلى أن الاتحاد الأوروبى أصدر بيانًا برفض أى خطوة للضم، وعدم الاعتراف بأية اجراءات فى هذا السياق أى أن هناك شبه إجماع دولى برفض الخطوات الاسرائيلية التى تقوم بها حكومة نتنياهو لأنها تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي بل وجريمة يعاقب عليها القانون.

وأكد أن هناك ملفات قدمت للمحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة قادة الاحتلال على تلك الجرائم، ومن ضمن هذه الملفات ملف يتعلق بجريمة الإستيطان، وتسعى القيادة لايجاد اتحاد دولى يضم دول العالم لمواجهة الغطرسة الاسرائيلية والبلطجة الأمريكية على القانون الدولى ومؤسسات المجتمع الدولى. ويوضح الدكتور جهاد أن نتنياهو يسعى للإفلات من قضايا الفساد التى الموجهة ضده و تسخير كل الوسائل لإنقاذ نفسه تحت اية مسميات، بهدف عدم الوصول للمحاكمة والخروج الآمن بمكافئته وليس محاكمته، مشيرًا إلى أنه تدل في شؤون تعيين القضاة، الأمر الذى كاد يفشل المفاوضات التى جرت بين نتنياهو وغريمه الذي صار حليفًا، لأنه يسعى لتعيين قضاة من المؤيدين له ليضمن لنفسه عدم المحاكمة.

من جهته، كتب المحلل السياسي في صحيفة “معاريف” بن كسبيت، أن “حلم نتنياهو يتحقق، كما يبدو، وهذه ليست حكومة طوارئللتصدي لأزمة "كورونا" فقط، ولكنها حكومة إنقاذ نتنياهو أيضا، والتفويض بتشكيل الحكومة لن ينتقل إلى جانتس، ولن تتم الإطاحة برئيس الكنيست، مؤكدًا أن "مايفعله نتنياهو سينقلب ضده"، بالإضافة إلى أن قيادة "كاحول لافان" ستواجه معضلة صارمة فيما بعد، فالوباء أزال الحلم والتعهد بتغيير نتنياهو وهم غير مقتنعين بالحاجة إلى شل الدولة للسيطرة على الفيروس، وهذه خطوة يسعى نتنياهو إليها وسيتعين عليهم اتخاذ قرارات صعبة للغاية في الأيام القريبة".


مواضيع متعلقة