المسحراتي طقس رمضاني بدأه الصحابة ومارسه حكام.. باشا: يحتاجون من يوقظهم

كتب: أحمد البهنساوى

المسحراتي طقس رمضاني بدأه الصحابة ومارسه حكام.. باشا: يحتاجون من يوقظهم

المسحراتي طقس رمضاني بدأه الصحابة ومارسه حكام.. باشا: يحتاجون من يوقظهم

"اصحى يانايم وحد الدايم.. رمضان كريم"، جملة محفوة في وجدان كل مسلم تحمل عبق روحانيات شهر رمضان، يرددها شخص يسمى "المسحراتي" وفي بلاد المغرب يسمى النفار، وهو الشخص الذي يأخذ على عاتقه إيقاظ المسلمين في ليالي شهر رمضان لتناول وجبة السحور باستخدام الطبل مصحوبا ببعض التهليلات أو الأناشيد الدينية.

وترجع هذه العادة إلى عصر الصحابة، فقد كان بلال بن رباح أول مؤذّن في الإسلام وابن أم مكتوم يقومان بمهمّة إيقاظ النّاس للسّحور، الأول يؤذّن فيتناول النّاس السّحور، والثّاني يمتنع بعد ذلك فيمتنع النّاس عن تناول الطّعام، والآن مع تقدم الزمن وتطور المجتمع والتكنولوجيا، بدأت هذه المهنة بالانقراض، واختفى المسحراتي من معظم الحارات والأحياء، بعدما كانت مشهورة ومتزاولة بقوة في معظم الدول العربية.

وفي مصر كان "المسحراتية" يطوفون في شوارع المدينة أو القرية، يرددون الأناشيد الدينية وينادون الناس ليستيقظوا طالبين منهم أن يوحدوا الله، ويضربون على طار ضربات متوالية حتى يسمعهم النائمون فيهبوا من نومهم لتناول السحور.

يذكر أن أول من نادي بالتسحير عنبسة ابن إسحاق سنة 228 هـ وكان يذهب ماشيا من مدينة العسكر في الفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص وينادي النّاس بالسحور، وأول من أيقظ النّاس على الطّبلة هم أهل مصر، أما أهل بعض البلاد العربيّة كاليمن والمغرب، فقد كانوا يدقّون الأبواب بالنبابيت، وأهل الشّام كانوا يطوفون على البيوت ويعزفون على العيدان والطّنابير وينشدون أناشيد خاصّة برمضان.

وذكر أيضا أن والي مصر إسحق بن عقبة أول من طاف على ديار مصر لإيقاذ أهلها للسحور، وفي عهد الدولة الفاطمية كانت الجنود تتولى الأمر.

وبعدها عينوا رجلا أصبح يعرف بالمسحراتي، كان يدق الأبواب بعصا يحملها قائلا "يا أهل الله قوموا تسحروا"، ولاحقا أصبح يقول عبارات من قبيل: "اصحي يا نايم وحد الدايم.. وقول نويت بكرة إن حييت.. الشهر صايم والفجر قايم.. ورمضان كريم"، "السحور يا عباد الله"، "يا نايم اذكر الله.. يا نايم وحّد الله"، مديح نبوي.

وفي المغرب كان النفار شخصية يستعمل مزماره الطويل في إيقاظ الناس لتناول السحور، كما أنه كان يحفظ أناشيد دينية، وفي فلسطين من عبارات المسحراتي بالطبل: "يا عباد الله وحدّوا الإله، واذكروا الإله يا عباد الله، وحدّوا الله، سحورك يا صايم، قوم وحد الدايم".

وقديما كان المسحّراتي لا يأخذ أجره، وكان ينتظر حتى أول أيام العيد فيمر بالمنازل منزلا منزلا ومعه طبلته المعهودة، فيوالي الضّرب على طبلته نهار العيد لعهده بالأمس في ليالي رمضان، فيهب له النّاس بالمال والهدايا والحلويّات ويبادلونه عبارات التّهنئة بالعيد السّعيد.

ويقول الدكتور عبد المقصود باشا، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الناس كانوا قديما يصلون العشاء ثم ينامون لأن الشعب المصري كان يستيقظ مبكرا جدا مع الفجر، يبدأ يومه مع الصباح وينتهي مع غروب الشمس.

وتابع أستاذ التاريخ في تصريح خاص لـ"الوطن" قائلا: "نظرا لمجهودات الناس في أعمالهم اليومية كان الناس ينامون مبكرا جدا فكانوا يحتاجون إلى من يوقظهم حتى أن بعض الولاة في العصر الإسلامي الأول، كانوا يحرصون على التسحير فالحاكم العام للدولة كان يطرق بنفسه على أبواب المسلمين لإيقاظهم لتناول طعام السحور".

وواصل: "وكانوا يكلفون في البلاد من يقوم بتسحير الناس، ثم أصبحت عادة بعد ذلك ينفذها البعض نظير هبة معينة في نهاية شهر رمضان، ومع صباح العيد يمر المسحراتي لياخذ ما يهبه الناس لهم طواعية وظل الحال على هذا حتى في أيامنا هذه".


مواضيع متعلقة