يوميات ممرضة في عزل الدقهلية.. صدمات متتالية ورغبة في العودة للمستشفى

كتب: صالح رمضان

يوميات ممرضة في عزل الدقهلية.. صدمات متتالية ورغبة في العودة للمستشفى

يوميات ممرضة في عزل الدقهلية.. صدمات متتالية ورغبة في العودة للمستشفى

عاشت الممرضة "دينا السبيلي" أيام كالدهر، وصدمات متتالية لا تكاد تنتهي من صدمة حتى تتبعها أخرى، منذ أن تم اختيارها للعمل في أول فريق للعزل الصحي في تمي الأمديد، فمنذ الأول من أبريل حتى أول يوم في شهر رمضان، رأت ما لم تتخيله في حياتها، طوال 12 ساعة عمل يومية بالملابس الواقية، إلا أن لديها عزيمة أن تعود وتكرر التجربة من جديد بعد أن انتهت فترة عزلها.

تلقت "دينا" تدريب علي التعامل مع المصابين بفيروس كورونا، واستعدوا للعمل في مستشفي العزل، واستمروا أيام دون وصول أي حالة فاستبشروا خيرا، واعتبروا عزلهم مجرد نزهة ستنتهي قريبا، إلا أنه مع أول صافرة لدخول إسعاف بأول حالة مصابة بكورونا صرخوا خوفا، وشعروا أن المرض يقترب منهم، ولن يعودوا إلى بيوتهم أبدا، كانت لحظات صعبة علي الجميع، حتى تقدم الدكتور أسامة زاهر، مدير المستشفى، وثبتهم "كل شيء تمام المهم إلبسوا مستلزمات الوقاية وكل شيء سيكون تمام".

قالت دينا، مرت أول حالة، وبعد أن أخذنا تلك الصدمة أصبح التعامل مع المرضى بالنسبة لنا أمر طبيعي، لكن ما من لحظة تمر إلا ويأتي ما هو أشد منها، نجد أسرهم وأطفالهم معظمهم مصاب، ومرضى يأتون مع بعضهم وأحدهم يتوفى ويتعافى آخر، كلها حاجات إنسانية وصدمات لم نرها في حياتنا.

"كل هذا نراه ونحافظ على هدوءنا، فنحن نعلم أن العلاج النفسي يمثل 90% من علاج فيروس كورونا".. هكذا تؤكد دينا، وتقول "طول ما المريض نفسيته حلوة يقدر يعدي، والعلاج يجيب معاه نتيجة، أما لو كانت نفسيته سيئة فتتدهور حالته وننقله من القسم للعانية المركزة، وهذا يكون شبه منتهي.

تتذكر دينا أن أول حالة وفاة كانت في المستشفى لسيدة وكان وقت النوباتجية التي تعمل بها، فنقلوها في هدوء إلى المغسلة، وغسلوها الغسل الشرعي، وتجمع الأطباء وصلوا الجنازة عليها داخل المستشفى، كنا جميعا نشعر وكأن أحد من أسرتنا أو أقاربنا هو المتوفي.

"فضلنا 14 يوما، وبعدها خرجنا لنعزل نفسنا في بيوتنا مدة مماثلة لكن حدث في الطريق ما لم نتوقعه أبدا" تتذكر دينا يوم رجوعها من العزل وهي وزميلاتها الممرضات في أتوبيس ينقلهم لمحل إقامة كل منهن ، إلا أنهن فوجئوا بإحدى العزب ترفض دخول ممرضة إلي بيتها، فعرضت إحدى الممرضات استضافتها زميلة أخري في بيتها ثم تكرر الموقف حتى أصبحت 5 ممرضات يرفض الجيران دخولهم إلي بيوتهم خوفا من المرض.

وأوضحت أننا لم نترك زميلاتنا الممرضات بعد كل من استطاع تدبير مكان تم استضافتهم في بيوتنا، وأحدي الممرضات استعانت بالشرطة لتدخل بيتها، وبعهدها أبدي أهالي العزبة ندمهم، وعملوا لها لافتات اعتذار عما بدر منهم.

وذكرت الوضع معي كان مختلف تمام، فوجدت شباب قريتي أطلقوا علي أنفسهم " كلنا واحد – تمي الأمديد" يستقبلوني بالأغاني الوطنية ووقتها شعرت بقيمة ما فعلته، وشكرتهم عليه، إنهم يؤدون دور الشئون المعنوية في رفع معنوياتنا، ولم يكتفوا بهذا بل ذهبوا للاحتفال أمام بيت كل ممرضة قضت أسبوعين في المستشفى وهذا كان له أثر نفسي كبير علينا جميعا.

في كل لتك الأحداث تتذكر ابنتها "أمال" التي لم تبلغ من العمر إلا عام و8 أشهر، لقد اشتاقت لها كثيرا، وأول شيء فعلته بعد أن انتهت فترة عزلها أن ذهبت إلي بيت أمها فقد أرسلوا أمال هناك حتى تكون بعيدة عن أمها "قلبي كان هيتقطع عليها، لكن الحمد لله الآن يمكن أن أحضنها".

ويؤكد المدثر الغرباوي -أحد شباب مبادرة كلنا واحد بتمي الأمديد- إن أقل شيء يمكن أن نقوم به هو رفع الروح المعنوية للأطقم الطبية، ولذلك نقيم حفلات وطنية أما بيوتهم، ونذهب إلي المستشفى وتحيي المرضي الذين يخرجون لنا في البلكونات ويردون التحية، ونشعر أننا في حرب حقيقية.

وأضاف الغرباوي، لـ"الوطن" لقد وجدنا بطولات أخرى في قرية "كفر الأمير" والتي استضافت الممرضات التي رفضت قراهم استقبالهم بعد خروجهن من المستشفى، وذهبنا لهم ووجهنا لهم التحية أمام الجميع، ومستمرون في عملنا بشكل يومي.


مواضيع متعلقة