أصحاب المخابز في مواجهة كورونا: بنحصن نفسنا وبنقول يارب

كتب: أحمد عصر

أصحاب المخابز في مواجهة كورونا: بنحصن نفسنا وبنقول يارب

أصحاب المخابز في مواجهة كورونا: بنحصن نفسنا وبنقول يارب

 حالة من الحيطة والحذر والخوف، يعيش فيها العاملون في مخابز العيش البلدي منذ بداية أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، فهم ضمن الفئات الأكثر احتكاكًا بالمواطنين على مدار اليوم، ما يجعلهم عرضة لاستقبال الفيروس بكل سهولة، فالتعامل مع الجمهور أمر لا مفر منه بالنسبة لهم، بالإضافة إلى صعوبات أخرى في العمل زادت عليهم في ظل ظروف حظر التجوال.

في البداية يقول الثلاثيني عمر فتحي، صاحب مخبز عيش بلدي في منطقة التبين بمحافظة القاهرة، إن مواعيد العمل بشكل عام في مخابز العيش البلدي تبدأ من الخامسة فجرًا وتنتهي عند الخامسة مساءً، وهو الأمر الذي يشكل لهم أزمة منذ فرض حظر التجوال، معبرًا بقوله: "الحظر بيفك الساعة 6 الصبح، فأنت كده عندك ساعة فرق، والساعة دي بتعمل لنا مشكلة كبيرة، يعني مثلا الناس اللي شغالين فيه منهم اللي ساكن بعيد وفيه منهم اللي ساكن قريب من الفرن، فاللي ساكن بعيد بيضطر يجي متأخر بعد مواعيد الحظر، واللي ساكن قريب من الفرن بيجي بعجلة".

تزاحم المواطنين على شراء الخبز ازداد مع الأزمة، وخاصة مع بداية فرض حظر الجوال، على حد تعبير "عمر"، ما زاد من صعوبة الأمر بالنسبة لهم: "الزحمة بقت موجودة كتير جدا، والفرن بيقف عليها 50 أو 60 واحد، وده لأن الحظر مخلي الناس قاعدة في البيت وخايفين ما يبقاش فيه عيش فتلاقيهم كلهم بيجروا على الأفران يجيبوا بالكميات".

بعض محاولات يحاول بها "عمر" كل يوم تخفيف الزحام أمام المخبز، من خلال تنظيم الصفوف بطريقة آمنة، بالإضافة إلى بعض الاحتياطات المحاذير التي يتبعها هو شخصيًا نظرًا لتعامله المباشر مع الجمهور: "أنا في الفرن اللي بتعامل مع الجمهور أغلب الوقت، باخد منهم الفلوس والبطايق، فطبعا بتعامل مع كله، وسواء البطاقة أو الفلوس الاتنين ممكن يكونوا حاملين للمرض، فدايما ببقى حريص إني البس جوانتي ومعايا الكحول بتاعي وطهرنا الفرن طبعا أكتر من مرة".

ويضيف "عمر": "بعد ما باخلص يومي كنت ببقى خايف جدا على أسرتي لما برجع سواء زوجتي أو بنتي الصغيرة، وفي العادي قبل كورونا أنا كنت بزور والدي ووالدتي كل يوم تقريبًا، دلوقتي قللت زيارات ليهم جدا".

ويقول سيد حمدي، 37 عاما، وصاحب مخبز في منطقة حدائق حلوان، إن ثقافة المواطنين في التعامل مع الأمر هي أكثر ما يؤرقه خلال هذه الأيام، فرغم ما يراه ويسمعه الكثيرون من اتساع رقعة انتشار الفيروس يومًا بعد آخر، إلا أن الزحام على مخابز العيش ما زال قائمًا بنفس الطريقة التي كان عليها قبل الأزمة، معبرًا عن ذلك بقوله: "إحنا متضررين من كل النواحي، وبنحذر الناس بالكلام وبنحط لهم يافطة على الفرن نطلب منهم إنها ميتزاحموش وبرضه مفيش فايدة، ثقافة الناس نفسها صعبة شوية ومش مدركين لحجم المشكلة ومش خايفين".

لا يترك "سيد" زجاجة الكحول من يديه طيلة اليوم، محاولا تخفيف آثار الاحتكاك بالمواطنين قدر الإمكان، فهو لا يخاف على نفسه فقط، وإنما يخاف على كل من حوله: "الاحتكاك بالناس برضه مفيش مفر منه وغصب عني، ولو لا قدر الله حصل حاجة الواحد هيضر ناس كتير"، مضيفًا: "كل ما أطلع بيتي أدخل الحمام أطهر نفسي قبل ما احتك بأي حد من عيالي، وطبعا مقلل زيارات لأي حد كل فين وفين".

ويقول السيد عبد المغني، صاحب مخبز بمدينة ميت غمر محافظة الدقهلية، ومرشح لعضوية الشعبة العامة للمخابز، إن المخابز وما تنتجه من خبز للمواطنين المصريين تعتبر أمن قومي للشعب المصري، ومن ثم فهي مستمرة رغم كل المخاطر التي تحيط بالعاملين بها، مرجعًا ذلك إلى حساسية هذه المهنة وما تمثلة من أهمية، ليعبر عن ذلك قائلا: "إحنا مستعدين إننا نضحي بالغالي والنفيس من أجل أمن وأمان بلدنا".

يتعامل "السيد" في مخبزه مع الجمهور منذ بداية الأزمة، نظرًا لتخوف العمال من ذلك ورفضهم التعامل مع الجمهور والاكتفاء بالأعمال الداخلية من إنتاج الخبز: "صاحب المخبز هو اللي بيضحي بنفسه، والعمال شغالين في العجين والدقيق بس، وأدينا بندعي ربنا إنه يحفظنا ويعدي الأزمة على خير، وبنحاول بقدر الإمكان إننا نحصن نفسنا بالكمامات والجوانتيات".

بعض مشكلات تؤرق أصحاب المخابز على حد قول "السيد" بعضها سبق أزمة كورونا ممثلة في ارتفاع تكلفة الانتاج عليهم خلال السنوات الثلاثة الأخيرة دون النظر في ذلك من قبل وزارة التموين، والبعض الآخر ارتبط بالأزمة الحالية وكان آخرها تعديل مواعيد العمل في شهر رمضان لتصبح من الثامنة صباحًا وحتى الخامسة مساءً: "هو استقطع من وقتنا 3 ساعات ودول ممكن يتسببوا لينا في خساير كتيرة جدا، إحنا محتاجين تصحيح أوضاع والرحمة والرأفة من قبل وزير التموين الدكتور علي مصيلحي".


مواضيع متعلقة