أستاذ بـ"بحوث البساتين": قطع الغابات أحد أسباب انتشار الفيروسات

أستاذ بـ"بحوث البساتين": قطع الغابات أحد أسباب انتشار الفيروسات
اعتبر الدكتور محمد هشام خميس، رئيس بحوث الأشجار والغابات المتفرغ بمعهد بحوث البساتين، أن قطع الغابات وتدمير البيئة خلال العقود والسنوات الأخيرة، يعتبر أحد أسباب انتشار الفيروسات المستحدثة، ومنها فيروسات كورونا، بالطريقة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة، حيث أدى ذلك لاقتراب الحيوانات والطيور البرية التي كانت تعيش في هذه الغابات من البشر وتجمعاتهم السكنية، ومن ثم انتقال هذه الفيروسات منهم إلى البشر.
وقال "خميس": "الأمراض الحيوانية المنشأ التي ظهرت أو عادت للظهور مؤخرًا مثل الإيبولا وإنفلونزا الطيور ومتلازمة الجهاز التنفسي في الشرق الأوسط ميرس (MERS) وفيروس نيباه Nipah وحمى الوادي المتصدع والمتلازمة التنفسية الحادة المفاجئة (سارس) وفيروس غرب النيل ومرض فيروس زيكا، والآن فيروس كورونا coronavirus، كلها مرتبطة بالنشاط البشري المدمر للبيئة، حيث كان تفشي فيروس إيبولا، في غرب أفريقيا نتيجة لفقدان الغابات وهو الأمر الذي أدى إلى اتصال وثيق بين الحياة البرية والتجمعات البشرية".
وأضاف: "عوامل ظهور الأمراض الحيوانية المنشأ تحدث نتيجة لتغيرات في البيئة عادة ما تكون نتيجة للأنشطة البشرية تتراوح ما بين تغير استخدام الأراضي إلى تغير المناخ، وكذلك تغير في الحيوانات أو العوائل البشرية والتغير في مسببات الأمراض، والتي تتطور دائمًا لاستغلال عوائل جديدة، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال ظهرت الفيروسات المرتبطة بالخفافيش بسبب فقدان موطن الخفافيش نتيجة لإزالة الغابات".
واستطرد موضحا: "الخفاش كان وضعه مستقرا في الغابات ويأكل الحشرات، وعلى جسمه كائنات مُمرضة معينة يقاومها، والوضع كان مستقرا على هذا النحو، لكن عندما تم قطع الغابة اقترب الخفاش من الإنسان داخل المدينة، ومعه الفيروسات التي كانت تعيش عليه، وربما وجد عائلا وسيطا آخر مثل آكل النمل الحرشفي المتهم أيضا بنقل فيروس كورونا للإنسان، وهنا فإنه يمكن للفيروس أن يجد عائلا أفضل من حيث ظروف معيشته، ولو العائل الجديد غير مقاوم فإنه سيصاب بسهولة، وهناك يصبح مُعديا ويمكن أن تنتقل العدوى منه لكائنات أخرى".
وأكد الأستاذ بمعهد بحوث البساتين أن تفاعل الانسان أو الثروة الحيوانية الداجنة مع الحياة البرية يعرضها لخطر انتشار مسببات الأمراض المحتملة ذات المنشأ الحيواني، حيث يمكن أن تعمل الماشية كجسر وبائي بين الحياة البرية والبشر. وفي المقابل فإن سلامة النظام البيئي تؤكد على صحة الإنسان والتنمية، وأن التغيرات البيئية التي يتسبب فيها الإنسان من الصيد الجائر للحيوانات والطيور البرية، وقطع الأشجار التي تعتبر مكان عيش هذه الحيوانات والطيور، تغير من تركيبة الأحياء البرية وتقلل من التنوع البيولوجي، ما يؤدي إلى ظروف بيئية جديدة ينتج عنها عوائل أو ناقلات أو مسببات للأمراض جديدة، وبالتالي فإن سلامة النظام البيئي يمكن أن تساعد في تنظيم الأمراض من خلال دعم تنوع الأنواع بحيث يكون من الصعب على أحد الممرضات أن تنتشر أو تهيمن على الكرة الأرضية، كما حدث مع فيروس كورونا.
وأضاف خميس: "من المستحيل التنبؤ من أين ستأتي الجائحة القادمة أو متى ستحدث، نتيجة لأن التنوع البيئي قل والغابات قلت والمساحات الخضراء عموما، وتشير الدلائل المتزايدة إلى أن الجائحات أو الأمراض الوبائية قد تصبح أكثر تواتراً مع استمرار تغير المناخ".
وتأكيدا لصحة كلامه، استشهد أستاذ بحوث الأشجار والغابات بما قاله مؤخرا المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنجر أندرسن، عن أنه "لم يسبق أن كانت هناك فرص كثيرة لانتقال مسببات الأمراض من الحيوانات البرية والداجنة إلى البشر.. لقد أدى تقليصنا المستمر في المساحات الطبيعية والغابات إلى تقاربنا بشكل غير مريح من الحيوانات والنباتات التي تأوي الأمراض التي يمكن أن تنتقل إلى البشر".
ويضيف أندرسن: "الطبيعة في أزمة، فهى مهددة بفقدان التنوع البيولوجي والموائل وزيادة الاحترار العالمي والتلوث القاتل، والفشل في اتخاذ القرارات المناسبة هو بالضرورة فقدان للبشرية. يتطلب التصدي لوباء فيروس كورونا الجديد (COVID-19) وحماية أنفسنا من التهديدات العالمية المستقبلية إدارة سليمة للنفايات الطبية والكيميائية الخطرة؛ وإدارة جادة وصارمة وعالمية للطبيعة والتنوع البيولوجي والتزام واضح بإعادة البناء بشكل أفضل، وخلق وظائف خضراء وتسهيل الانتقال إلى اقتصادات لا تفرز مزيدا من الكربون، الذي يؤدي لمزيد من التغيرات المناخية."
وتشير منظمة الصحة العالمية على موقعها االرسمي، إلى أن "فيروسات كورونا هي فصيلة كبيرة من الفيروسات الشائعة بين الخفافيش والحيوانات. ويصاب الأشخاص في حالات نادرة بعدوى هذه الفيروسات التي ينقلونها بعد ذلك إلى الآخرين. ومن الأمثلة على ذلك أن فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (سارس) الذي ارتبط بقطط الزباد، وفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الذي انتقل طريق الإبل."
وفي المقابل، يؤكد الدكتور محمد أحمد علي، أستاذ الفيروسات بالمركز القومي للبحوث، أن فيروسات كورونا وإن كانت انتقلت وتنتقل من الحيوان إلى الإنسان بالفعل، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن لذلك علاقة بقطع الغابات، حيث أنه يمكن أيضا للإنسان أن يذهب للغابات ويصطاد هذه الحيوانات ويأكلها، كما هو الحال في حالة الصين مثلا.
وإذا كان العالم لايزال يجتهد بحثا عن إجابات قاطعة حول أسباب ظهور فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وما إذا كان قد تطور بشكل طبيعي أو تم تطويره في مختبر أو خرج عن طريق الخطأ من أحد المختبرات، أو تم نشره بشكل عمدي في إطار نظرية المؤامرة ثم خرج عن السيطرة، يبقى اجتهاد الدكتور محمد هشام خميس عن وجود ارتباط ما بين قطع الغابات وتدمير البيئة وبين انتشار الأمراض الفيروسية، أحد هذه الاجتهادات.