"كورونا" يكسو منازل الأقباط بالسواد في "أسبوع الآلام"

كتب: مصطفى رحومة

"كورونا" يكسو منازل الأقباط بالسواد في "أسبوع الآلام"

"كورونا" يكسو منازل الأقباط بالسواد في "أسبوع الآلام"

يحتفل الأقباط، اليوم، فى منازلهم، لأول مرة فى إطار إجراءات مواجهة تفشى فيروس كورونا، بـ«أحد السعف»، أو «أحد الشعانين»، وهو ذكرى دخول المسيح إلى القدس، فى الأحد الأخير قبل عيد القيامة، ويسمى «أحد السعف» أو الزيتونة، لأن أهالى القدس استقبلوا فيه المسيح بالسعف والزيتون المزين، واكتظت الشوارع المحيطة بالكنائس بباعة الصلبان وسعف النخيل الذى يقبل الأقباط على شرائه، ليتم تشكيله بأشكال جميلة ويحتفظ به المسيحيون للبركة ويحملونه بين أيديهم فى القداس.

وبحسب الطقس الكنسى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تستمر الاحتفالات بأحد السعف حتى الظهر، تعقبها إقامة صلوات طقس التجنيز العام الذى يرمز إلى بدء «أسبوع الآلام»، وهو الأسبوع الذى يحتفل فيه المسيحيون بدخول المسيح إلى القدس وإنشاء سر التناول، أحد أسرار الكنيسة السبعة، وصلب المسيح وموته ثم القيامة من الموت فى يوم أحد القيامة، حسب المعتقدات المسيحية، حيث تُغلق الكنائس ستر الهيكل بعد القداس بستائر سوداء، وتصلى صلوات التجنيز العام بنغمات حزينة، وتعلق الشارات السوداء على الكنائس حُزناً على صلب المسيح. ولهذا اليوم مكانة كبيرة لدى الأقباط، إذ كانوا يحرصون على حضور طقس التجنيز العام، لأنهم لا يصلون خلال هذا الأسبوع على الموتى، وكانت الكنائس تشدّد على حضورهم الطقس، لكون الأسبوع خاصاً بتذكر آلام المسيح وموته، كما أنه لا يُرفع بخور خلال أيام «البصخة المقدّسة» التى تبدأ غداً، وتستمر حتى الأربعاء المقبل.

البابا تواضروس يصلى مع الرهبان اليوم "أحد السعف" و"التجنيز العام" فى وادى النطرون

وبسبب الإجراءات المتخذة لمواجهة «كورونا»، يصلى البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، قداس أحد السعف والتجنيز العام بكنيسة التجلى فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، فيما تنقل القنوات الفضائية المسيحية الصلوات على الهواء مباشرة، فضلاً عن نقلها عبر صفحة المركز الإعلامى للكنيسة على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك».

ودعت الكنيسة الأقباط للمشاركة فى الصلوات من المنازل بتجهيز كتاب ترتيب أسبوع الآلام ومراجعة ترتيب الصلوات، وتجهيز صورة للصلبوت وكأنها المقصورة، وتزينها بأى قماش أسود ووضع شمعة متقدة أمامها. وفى ظل إجراءات غلق الكنائس وتعليق الصلوات والقداسات بها لجأ بعض الأساقفة لترؤس صلوات تلك المناسبات الكنسية فى الأديرة المغلقة على الرهبان فقط، أو الصلاة داخل مقار إقامتهم بالمطرانيات المختلفة وبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعى ومواقع الإيبارشيات على شبكة الإنترنت ليتابعها الأقباط فى منازلهم، ومن ضمن هؤلاء الأنبا بفنوتيوس، مطران سمالوط وتوابعها للأقباط الأرثوذكس، الذى أعلن ترؤس خدمة كافة هذه الصلوات بالاشتراك مع اثنين من الكهنة تم تحديدهما، بالإضافة إلى أربعة من الشمامسة تم إبلاغهم أيضاً ليقوموا بأداء الألحان المهمة الخاصة بهذا الأسبوع، على أن يلتزموا جميعاً بالإقامة الكاملة خلال هذه المدة باستراحات المطرانية وعدم مغادرتها.

كما أعلن الأنبا بولا، مطران طنطا وتوابعها للأقباط الأرثوذكس، بالغربية، ترؤسه صلوات الأسبوع المقدس الذى يشمل «أسبوع الآلام وعيد القيامة» داخل مقره بالمطرانية، على أن يتم بث الصلوات لأقباط الإيبارشية عبر مواقع التواصل الاجتماعى وموقع المطرانية. وقال الأنبا بولا، لـ«الوطن»، إن الإيبارشية اتخذت كافة الإجراءات الوقائية لمنع تفشى فيروس كورونا، وإنها ملتزمة بقرارات الكنيسة بإغلاق الكنائس وتعليق الصلوات للأقباط بها، بل وكانت من أوائل المؤسسات الكنسية التى أصدرت إجراءات احترازية لمواجهة الوباء. وأشار الأنبا بولا إلى أنه وضع جدولاً لمشاركة كهنة الإيبارشية معه فى الصلوات، حيث لن يحرم كاهن من الصلاة فى هذا الأسبوع الذى له أهمية خاصة فى الكنيسة ولدى الأقباط، على ألا يتعدى عدد المشاركين فى القداس الواحد أصابع اليد الواحدة، وأن الصلوات لن يشترك فيها أى علمانى، وسيتم اتباع الإجراءات الوقائية للمشاركين فيها من التعقيم والتطهير.

ونوهت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأن أجراس الكنائس ستُقرَع كالمعتاد فى المناسبات الكنسية الرئيسية وكما هو متبع، خلال الفترة المقبلة، وهى على النحو التالى: اعتباراً من اليوم «أحد الشعانين» وحتى يوم الجمعة المقبل «الجمعة العظيمة»، ستدق الأجراس فى السابعة صباحاً والخامسة مساءً، فيما تدق ليلة عيد القيامة، يوم السبت المقبل، خلال الساعة الثامنة مساءً والساعة ١٢ منتصف الليل. وقالت الكنيسة إن دق الناقوس فى الأيام المذكورة ليس لدعوة الأقباط للمجىء إلى الكنيسة، وانما للتذكير بمواعيد الصلاة المعتادة.

ولم يشارك البابا تواضروس، أمس السبت، فى قداس «سبت لعازر»، الذى أقيم بكنيسة التجلى فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، وترأسه الأنبا يوليوس، أسقف عام كنائس مصر القديمة والسكرتير المساعد للمجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

و«سبت لعازر» هو اليوم الذى شهد معجزة المسيح بإحياء «لعازر» من موته، وطبقاً للمراجع التاريخية الكنسية، فإن المسيح أقام «لعازر» قبل يوم السبت الذى يسبق أسبوع الآلام بعدة أيام، طبقاً لما ورد فى الإنجيل، ولكن الكنيسة تفضِّل الاحتفال به قبل أسبوع الآلام ويوم أحد الشعانين مباشرة، حيث إنه، بحسب الاعتقاد المسيحى، كانت إقامة «لعازر» السبب المباشر لاستقبال الجماهير الحافل للمسيح يوم الأحد، وكانت السبب المباشر لهياج رؤساء كهنة اليهود وإصرارهم على الإسراع بقتل المسيح بل وقتل «لعازر» أيضاً حتى لا يذهب الناس وراءه ويؤمنوا به.

وأقامت كنائس التقويم الغربى، أمس، قداسات عيد القيامة، حيث ترأس فى مصر المطران كريكور كوسا، مطران الأرمن الكاثوليك، قداس العيد، بعدد محدود من كهنة الكنيسة، فيما تم بث الصلوات عبر مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» و«يوتيوب»، إذ يوافق العيد بحسب التقويم الغريغورى اليوم الأحد. والتزاماً بقرار حظر حركة المواطنين وإجراءات الدولة المتخذة لمواجهة تفشى فيروس كورونا، ترأس المطران القداس، بكنيسة سانت تريز فى مصر الجديدة بالقاهرة، فى الثالثة ظهراً بدلاً من مساء أمس.


مواضيع متعلقة