"كيف نواجه الشدائد والمخاوف".. كتاب يعرضه "الأزهر للفتوى"

"كيف نواجه الشدائد والمخاوف".. كتاب يعرضه "الأزهر للفتوى"
عرض مركز الأزهر العالمي للفتوى على حسابه بفيس بوك كتاب، "كيف نواجه الشدائد والمخاوف في ضوء الكتاب والسنة" للمستشار الدكتور محمد شوقي الفنجري (1926م – 2010م)، في إطار مشروعه التثقيفي "حكاية كتاب" ويعد هذا الكتاب السادس الذي يقوم المركز بعرضه.
واكد المركز خلال العرض إن تجاوز الأزمات مهارة، ووعي دروس المحن توفيق، لا يصل إليه إلا من نظر للشدة بعين بصيرته، ورأى المنة في محنته، وأخذ بأسباب نجاته، ثم لم يرجع بعد انجلائها إلى سابق عهده دون فوائد أو عظات. وأوضح لقد طرق الكتاب العديد من المعاني الإيمانية المتعلقة باليقين والإيمان، والابتلاء والامتحان، والقضاء والقدر، والخير والشر، ووصف ردات فعل العباد إذا أظلتهم الأزمات، وحدد تعاملهم الأمثل حين وقوع البلاءات.
بين المؤلف في كتابه أن وجود الشدائد سنة حياتية حتمية، لم يخل عنها زمان، ولم يسلم منها إنسان؛ بيد أنها تكون بالخير تارة، وبالشر أخرى، بالعطاء أوقاتا، وبالحرمان أخرى، قال سبحانه: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون} [سورة الأنبياء: 35].
وأن سنة الله سبحانه في الابتلاء أن جعله اختبارا وتمحيصا؛ ليرى صدق إيمان المؤمنين وصبرهم وشكرهم، وليظهر الساخط عند البلاء، الجاحد عند النعماء؛ كي يتفاضل الناس ويتمايزوا، ثم يوفى كل جزاءه في دنياه وأخراه؛ قال سبحانه: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم} [سورة محمد: 31].
ثم بين أن الناس في مواجهة الشدائد صنفان:الأول: صابر مثاب، وأهل هذا الصنف هم أصحاب العقيدة الراسخة، والإيمان الخالص ممن عناهم الله تعالى بقوله: {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [سورة البقرة: 156، 157].
والصنف الثاني: ساخط ملام، وأهله هم ضعاف العقيدة، قليلو الإيمان ممن عناهم الله تعالى بقوله: {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين} [سورة الحج: 11]
وأكد المؤلف العديد من المعاني التي نجملها في النقاط الآتية باختصار:
• الأخذ بالأسباب المادية والروحية أهم أدوات مواجهة البلاء.
• منهج الإسلام في التعامل مع الشدائد والمخاوف منهج وسط؛ بعيد عن اليأس والتواكل، خال من الإفراط والتفريط.
• واجه الإسلام الشدائد بالإعداد النفسي لموجهتها، وتصويب المفاهيم الخاطئة حيالها، وبيان حقيقتها وطبيعة النفس البشرية إزاءها، ومعالجة هذه الطبيعة بما يقي المسلم شر البلاء، وبما يجعله مقبلا على الحياة، راضيا عن الله، مستبشرا بالفرج القريب، دون أن تحبطه المصائب أو تنغصه الشدائد.
• لا يخلو ابتلاء من دروس وعظات؛ فالابتلاء يضع الإنسان أمام العديد من حقائق الحياة والناس، ويرى به حقيقة نفسه، ومواطن ضعفها فيقويها، ومواطن قوته فينميها، ويذكره بنعم الله عليه؛ ليستنطقه بالحمد.
• البلاء يرفع المؤمن درجات، ويكفر عنه الخطايا والسيئات.
• الأجر على البلاء يكون بأربعة أمور: بالرضا والتسليم، والصبر والاحتساب.
• سنة الله سبحانه في ابتلاء عباده أن يكون البلاء على قدر احتمالهم وطاقتهم؛ فالله سبحانه {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [سوة البقرة: 286].
• أكثر ما يخافه الناس من أنواع البلاء ثلاثة: (الموت، والجوع، والمرض) وكلها بيد الله، وليس للإنسان فيها حيلة إلا الكسب من تداو عند المرض، وسعي في طلب الرزق عند الجوع، واستعداد في كل الأوقات لاستقبال الموت.
• خلص الكاتب إلى أن مشكلات العالم؛ بل مشكلات الحياة الدنيا وأزماتها ومآسيها المستمرة والمتلاحقة ترجع إلى سبب رئيس هو طغيان المادة، ورغبة بعض الأفراد وبعض الدول في السيطرة والتحكم والاستئثار بخيرات المجتمع والعالم دون وازع، أو ضمير؛ لافتا النظر إلى أن الإيمان وحده هو الذي يحرر الإنسان من أسر الخوف والقلق.
ثم وجه المؤلف في ختام دراسته إلى فضيلة الإنفاق في سبيل الله، ومساعدة الآخرين حين نزول البلاء، ومد يد العون لهم؛ لما للإنفاق والمساعدة والتراحم من فضائل؛ إذ هي حصن الإنسان من مختلف الشدائد، وبها ينال رضا الله سبحانه، ويدفع الضر، وتنقضي حاجات الدنيا والآخرة، فهي الاستثمار الأمثل للفرد والمجتمع دنيويا وأخرويا.
ورغم كل المحاسن التي حوتها صفحات الكتاب؛ إلا أنه كطبيعة أي عمل بشري؛ -مهما بذل فيه من جهود- لا يصل إلى درجة الكمال؛ ولا يخلو من انتقادات.
ومن بين هذه الانتقادات أن بعض الشواهد من الآيات والأحاديث ليست في مواطنها، وأن بعضها يشير إشارة بعيدة إلى الشاهد محل الكلام.
ومن المآخذ أيضا أن المؤلف لم يعز بعض الأقوال إلى قائليها، فضلا عن ذكر مصادرها، بالإضافة إلى عدم التزامه طريقة واحدة في عزو الأحاديث؛ فتارة يذكره مباشرة، وتارة يشير إليه في الهامش.
هذا بعض ما للكتاب من حسنات، وما عليه من انتقادات، وبالطبع لم نقصد في هذه البطاقة تتبع جميع ما له أو عليه؛ وإنما قصدنا إعطاء القارئ تصورا عاما عن الكتاب ومؤلفه، يدعوه إلى قراءته، ويعينه على فهم الكتاب وأسلوب كاتبه.