الأزهر يحدد 6 دروس لتحويل القبلة.. أهمها التضرع إلى الله

الأزهر يحدد 6 دروس لتحويل القبلة.. أهمها التضرع إلى الله
- الأزهر الشريف
- مشيخة الأزهر
- مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية
- تحويل القبلة
- الأزهر الشريف
- مشيخة الأزهر
- مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية
- تحويل القبلة
نشر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية تقريرا له حول تحويل القبلة، وقال المركز في تقريره المنشور عبر صفحته الرسمية على فيس بوك: "كان تحويل قبلة الصلاة من المسجد الأقصى إلى البيت الحرام بمكة حادثا فارقا في تاريخ المسلمين، ونقطة تحول في مسار الأمة الإسلامية، وقد تعددت الفوائد والدروس والعبر من هذه الواقعة، والتي يمكن أن نستفيد منها على المستويين الشخصي والمجتمعي".
وأوضح المركز أن من هذه الدروس ما يلي:
(1) ترسخ حادثة تحويل القبلة في المسلمين تعظيم ربهم سبحانه، فهو الغاية الكبرى وإن اختلفت الوجهة، قال تعالى: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم} [البقرة:115]، وقال أيضا: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [البقرة:124]، فلو حال الوباء دون قبلة المسجد هذه الأيام فليجعل كل منا بيته قبلة، وليتضرع إلى الحكيم الرحيم سبحانه أن يفرج الكرب، وألأ يحرمنا من متعة الصلاة في بيوته.
(2) تشجع الإنسان على تحويل حاله؛ طلبا لرضا الحق سبحانه؛ فتغيير علاقة العبد بربه للأفضل سبب لتغيير جميع أحواله؛ قال سبحانه: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [سورة الرعد: 11]
(3) كان تحويل القبلة بمثابة تمحيص واختبار لكافة الأطياف في المجتمع، وكان للمؤمنين إيمانا صادقا وهدي ونورا؛ فحينما تلقوا أمر الله تعالى بالتحول إلى البيت الحرام سارعوا إلى امتثال الأمر ولسان حالهم يقول: {سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} [سورة البقرة: 285].
أما المشركون فزادهم هذا الأمر كفرا على كفرهم، وعنادا على عنادهم، وقالوا: يوشك أن يرجع محمد -ﷺ- إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا؛ فخاب ظنهم، وكسد سعيهم، وباؤوا بغضب على غضب.
وأما اليهود فقالوا: لو كان محمد -ﷺ- نبيا حقا لم يخالف قبلة الأنبياء قبله، أما وإنه قد خالفها فليس بنبي.
وأما المنافقون -الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا خلافه- فتحيروا وترددوا وقالوا: لو كانت القبلة الأولى حقا فقد ترك الحق، وإن كانت القبلة الثانية هي الحق فقد كان على باطل.
وكثرت الأقاويل، وفتن أناس -لم يرسخ الإيمان في قلوبهم- عن الحق، وتكلم كل سفيه ضعيف العقل بما وافق هواه، وقد صور المولى سبحانه وتعالى هذه الأحوال، وهذه الأجواء في صورة بديعة، وسطرها في كتابه الكريم فقال: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [البقرة: 145]، فكل نجاح وفلاح في التسليم لأمر الله تعالى والانقياد، والهلاك والخسران في الاستكبار عن أمره والعناد.
(4) تأكيد عظم مكانة النبي ﷺ وعلو قدره عند ربه سبحانه وتعالى؛ فقد كان ﷺ يحب أن يتوجه في صلاته إلى البيت الحرام، وتهفو روحه إلى استقبال أشرف بقاع الدنيا؛ ليستعيد ذكريات الحنيفية الإبراهيمية؛ لكن أمر الله تعالى كان مقدما في نفسه على ما يحب ويهوى، فقابل الله تسليمه وتقديمه لأمره بتحقيق رغبته، فأمره بالتحول إلى الكعبة -شرفها الله وأدام حولها ذكره وعبادته-، يقول الإمام الواحدي في كتاب أسباب النزول (ص 64 ط. الكتب العلمية) في مناسبة نزول هذه الآية: «..وذلك أن النبي ﷺ قال لجبريل عليه السلام: وددت أن الله تعالى صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها -وكان يريد الكعبة لأنها قبلة إبراهيم- فقال له جبريل: إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئا، فسل ربك أن يحولك عنها إلى قبلة إبراهيم. ثم ارتفع جبريل وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بما سأله. فأنزل الله تعالى هذه الآية» اه.
ويخبر ربنا سبحانه وتعالى عن هذا المعنى بأسلوب رائق رائع يصور مشاعر رسوله ﷺ تجاه البيت الحرام، ويصور عطف المولى سبحانه على حبيبه ﷺ فيقول تعالى: { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره..} [سورة البقرة: 144]، فلنعرف لنبينا ﷺ قدره، ولنعظم في أنفسنا شأنه؛ فالخير كل الخير في اتباعه، واقتدائه، وتوقيره.
(5) تأكيد العلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى؛ فالمسجد الحرام هو أول بيت وضع في الأرض لعبادة الله تعالى، وثانيها هو المسجد الأقصى المبارك كما جاء في حديث سيدنا رسول الله ﷺ الذي أخرجه الإمام البخاري رحمه الله عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: أي مسجد وضع أول؟ قال: «المسجد الحرام»، قلت: ثم أي؟ قال: «ثم المسجد الأقصى»، قلت: كم كان بينهما؟ قال: «أربعون»، ثم قال: «حيثما أدركتك الصلاة فصل، والأرض لك مسجد».
فقرن ﷺ بين المسجدين ليثبت القدسية لكليهما؛ وليعرف المسلم قيمة المسجد الأقصى، وأنه لا يقل مكانة عن المسجد الحرام، وأن التفريط في أحدهما أو التهاون في حقه يعد تهاونا وتفريطا في حق الآخر.
(6) تأكيد وسطية الأمة المحمدية في فكرها وتطبيقاتها؛ فلا انحراف ولا انجراف، ولا إفراط ولا تفريط، قال الإمام الماوردي في تفسيره (1/199 ط الكتب العلمية): «الوسط من التوسط في الأمور؛ لأن المسلمين توسطوا في الدين، فلا هم أهل غلو فيه، ولا هم أهل تقصير فيه».
فينبغي علينا سلوك هذا الطريق الوسط العدل الذي يحقق السلام النفسي والمجتمعي.