"الوطن" داخل غرفة الخط الساخن "105".. لا صوت يعلو فوق كورونا

كتب: شيماء عادل

"الوطن" داخل غرفة الخط الساخن "105".. لا صوت يعلو فوق كورونا

"الوطن" داخل غرفة الخط الساخن "105".. لا صوت يعلو فوق كورونا

قبل 3 أشهر كان العمل يتم بهدوء داخل مقر الخط الساخن 105 بمقر وزارة الصحة والسكان، وهو الخط الذي كانت تخصصه الوزارة للرد على استفسارات المواطنيين بخصوص الشكاوى وأخبار التطعيمات والمبادرات الرئاسية وأيضاً التبليغ عن حالات عقر الكلاب والتسمم الغذائي، ليأتي فيروس كورونا المستجد، وظهور أول حالة لحامل المرض الصيني قبل 5 أسابيع، لتُضاف خدمة جديدة إلى الخط الساخن وهي الاستفسار عن كل ما يتعلق بهذا الوباء العالمي.

بمجرد أن تتصل بالرقم "105" يأتيك صوت مسجل على الجانب الآخر من الهاتف، ويعدد لك الخدمات التي يقدمها الخط، ويأتي في المقدمة الاستفسار عن فيروس كورونا، وبمجرد اختيار الرقم واحد، تبدأ رسالة مسجلة حول الفيروس وطرق الوقاية منه، وتعليمات إرشادية ووقائية بخصوص الفيروس من اتباع طرق النظافة الشخصية وتنظيف الأيدي وتجنب الأماكن المزدحمة، وبعد الانتهاء من التعليمات وفي حال وجود أي استفسارات، يحولك الخط الساخن إلى متحدث ليستقبل استفسارك أو بلاغك حول حالات اشتباه.

رانيا قدري، فتاة ثلاثينية، واحدة من بين مجموعة من الشباب، العاملين بالخط الساخن، تجلس خلف جهاز كمبيوتر وتليفون أرضي، لاستقبال بلاغات واستفسارات المواطنين حول فيروس كورونا، تستقبل "قدري" الاتصال وتقوم بتدوين مجموعة من البيانات على "السيستم" الخاص بالخط الساخن، والمكون من مجموعة من الخانات الرقمية التي تضم تاريخ استقبال الشكوى ووقتها واسم المبلغ ورقم هاتفه الشخصي ومحافظته ونص الشكوى.

داليا: أكثر الاستفسارات تكون من جانب الأمهات.. ونواجه الشائعات بطرق الوقاية من الفيروس

تقول "قدري" إن أغلب الاستفسارات التي تأتي إليها بخصوص مرض كورونا وأعراضه وعن أقرب المستشفيات التي يجب التوجه إليها للفحص في حال تخوف المواطنين أن يكون لديهم المرض، لافتة إلى أنها خضعت إلى دورة تدريبية مكثفة، تعلمت خلالها كل ما يتعلق بالفيروس من أعراض وطرق وقاية، وكذلك طريقة إلقاء تلك المعلومات بشكل مبسط وإيصالها للجمهور بوضوح، وخاصة أنهم يتلقون استفسارات من فئات عمرية وتعليمية مختلفة: "لازم أقدر أقول المعلومة بشكل مبسط عشان تقدر توصل للناس كلها دون التباس"، لافتة إلى ضرورة وجود طبيب مختص من قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة والسكان حتى يتم الرجوع إليه في الحالات الحرجة أو التي تحتاج إلى رأي طبي قاطع.

تضيف "قدري" أن عملهم لا يتوقف فقط على تلقي الشكاوى والاستفسارات، فهم أيضاً يتابعون الأشخاص القادمين من أماكن موبوءة وقاموا بتعبئة كروت المتابعة بالحجر الصحي في مطار القاهرة، حيث يتابعونهم تليفونيا، للتأكد من عدم ظهور أعراض خاصة بفيروس كورونا المستجد من ارتفاع في درجات الحرارة ووجود سعال وضيق في التنفس، وأنه في حال وجود أعراض يتم توجيهم لأقرب مستشفى حميات، لافتة إلى أن هناك حالات استفسار بخصوص القادمين من الخارج، وكيفية التعامل معهم، وطريقة العزل المنزلي لمدة 14 يوما.

على مقربة من الفتاة الثلاثينية، يجلس عصام رسمي أحمد، رجل في أواخر العقد الثالث، تم انتدابه من إدارة الاستعلامات بوزارة الصحة للعمل بالخط الساخن، ليتلاقى شكاوى واستفسارات المواطنين، موضحاً أنه بمجرد ظهور أول حالة حاملة لفيروس كورونا في مصر، قام قطاع الطب الوقائي بتدريب جميع العاملين بالخط الساخن، على كل ما يتعلق بالمرض مردداً: "أول ما ظهر فيروس كورونا قام الدكتور ناصر حامد مدير إدارة الأوبئة بالوزارة بالجلوس معنا وتدريبنا على كل ما يتعلق بالفيروس".

بلاغات كثيرة يتلقاها "عصام" للاستفسار عن المرض وأعراضه، لكن أكثر مكالمة ما زالت عالقة بذهنه، هي مكالمة من طفل في المرحلة الإعدادية، كان يسأل عن معنى الأمراض المعدية، وكيف له أن يحافظ على نفسه من فيروس كورونا المستجد، قائلا ً: "مكنتش أتخيل إن طفل يكون مهتم ويتصل ويسأل عن إيه هي الأمراض المعدية وإزاي يقدر يحمي نفسه من الأمراض دي"، مشيراً إلى أن هذا الطفل ذكره بابنه "زياد" الذي حرص أيضا على توعيته بأعراض المرض وطرق الوقاية بل وأمده بمجموعة من الملصقات التي تضمن طرق الوقاية من فيروس كورونا ليقوم بتوعية أصدقائه في المدرسة.

"عصام" يتلقى استفسارا من طالب بالإعدادية عن معنى الأمراض المعدية.. وأغرب استفسار عن مدى خضوع فلاتر المياه القادمة من الصين للفحص

وحول أغرب الأسئلة التي تلقاها "عصام" خلال فترة عمله في "الخط الساخن" كان اتصالاً من أحد المستوردين يسأله حول خضوع فلاتر المياه التي يستوردها من الصين إلى الكشف الطبي ليتأكد من خلوها من فيروس كورونا المستجد، وهو أمر لم يتوقعه "عصام" وقتها، ليرد عليه بالإجراءات الوقائية التي يجب أن يتبعها هو كشخص لوقاية نفسه من فيروس كورونا بالإضافة إلى أن موضوع استيراد تلك الشحنات يخضع لإجراءات أخرى من جهات مختلفة.

في الوقت الذي يتلقى فيه العاملون في الغرفة، الاستفسارات الخاصة بفيروس كورونا المستجد، تقف الدكتورة داليا نبيل، مسؤول الغرفة الوقائية والخط الساخن 105 بوزارة الصحة والسكان، لمتابعة سير العمل، والتدخل للإجابة عن أي أسئلة أو استفسار طبي متخصص، موضحة أن الخط الساخن 105 يتلقى ما يتراوح بين 1050 و1200 استفسار يوميا من قبل المواطنين، لافتة إلى أنه بعد زيادة الاستفسارات قامت الوزارة بالتعاقد مع شركة مختصة لتقوم بتلقى الاستفسارات والشكاوى أولاً بأول على مدار الـ 24 ساعة إلى جانب عمل الغرفة بمقر وزارة الصحة والسكان.

تقول مسؤول الغرفة الوقائية والخط الساخن" 105"، إن هذا الخط تم إنشاؤه قبل 10 سنوات، وتزامن مع ظهور فترة إنفلونزا الطيور والخنازير في مصر، وأن العاملين به لديهم خبرة في تلقى الشكاوى والاستفسارات، لافتة إلى أن الخط يتلقى شكاوى أخرى متعلقة بالشكاوى الغذائية والتبليغ عن حالات عقر الكلاب والتسمم الغذائي والتطعيمات والمبادرات الرئاسية، لافتة إلى أن الخط الساخن يتلقى نوعين من الاستفسارات وهي الاستفسار عن كيفية الوقاية من فيروس كورونا، ويتم الرد على هذا الاستفسار وفقا لآخر الإرشادات الوقائية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، أما الاستفسار الثاني يكون متعلقا بالإبلاغ عن حالات اشتباه بمرض كورونا ويكون الرد أن حالات الاشتباه تكون إما لشخص مخالط لحالة مصابة بكورونا أو شخص قادم من منطقة موبوءة بكورونا أو شخص مقدم لرعاية صحية، وفي هذه الحالة يتم توجيه سيارة إسعاف للحالة المشتبه بها وتحويلها إلى أقرب مستشفى حميات لأخذ عينات والتأكد من إصابة الحالة من عدمها، ويقوم بها بتطهير سيارة الاسعاف، موضحة أن هذا الإجراء يتم في جميع المحافظات على مستوى الجمهورية.

وتضيف "داليا" أنه يتم التواصل والتنسيق مع غرفة إدارة الأزمات التي شكلتها الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، لمواجهة كورونا، وأنه يتم توجيه البلاغات إليهم في حال وجود حالة اشتباه، لافتة إلى أن العمل بالخط الساخن يتم على 3 مناوبات على مدار اليوم وكل مناوبة يعمل بها حوالي 40 موظفا، تم تدريبهم على أعلى مستوى بكل ما يتعلق بفيروس كورونا المستجد ويرأسهم طبيب من قطاع الطب الوقائي.

وحول أكثر الفئات التي تتواصل مع الخط الساخن، تقول "داليا": "إن أكثر الاتصالات تكون من الأمهات اللاتي يستفسرن بخصوص ما يتردد من شائعات حول وجود حالات إصابة ووفيات في المدارس بكورونا وفي هذه الحالة نقوم بطمأنة الأمهات وننصحهن بالطرق الوقائية اللازمة لمواجهة كورونا وكيفية حماية أطفالهن".


مواضيع متعلقة