المرأة المصرية.. التعليم والعمل

حمدى السيد

حمدى السيد

كاتب صحفي

أذكر فى صباى أننى مستقبلاً سأتزوج ابنة خالى، التى كان والدها يعمل أستاذاً فى جامعة الأزهر، بينما صممت أمى، التى لا تكتب ولا تقرأ، على تعليم أولادها «بنين وبنات»، حيث التحق الابن الأكبر بالمدرسة الأولية بالقرية، وبعد ثلاث سنوات انتقل إلى المدرسة الابتدائية بالمركز، ليستكمل سلسلة التعليم من الحلقة الابتدائية للثانوية، ثم للجامعة للتخصص.

عندما علم شقيق والدتى، العالم الأزهرى، ثار وعبس ورفض التعليم بالنسبة للمرأة، وأعلن أنه يكفى التعليم الأوّلى فقط، لكن أمى ذات الشخصية القيادية أصرت على موقفها، وبعثت بأكبر بناتها لاستكمال التعليم الابتدائى، ثم بدأت فى التعليم الثانوى بعد نجاحها فى الشهادة الابتدائية.

وبعد انتهاء التعليم الابتدائى، الانتقال إلى المدرسة الثانوية فى عاصمة الإقليم، ويلى ذلك سلسلة من الأولاد والبنات، ليستمروا فى التعليم، ويرأس السلسلة واحدة من البنات، دخلت الجامعة، حيث كانت فى المقدمة، بمجموع 97%، وهى قصة كفاح ومعاناة، وتشجيع من الأسرة، ومقاطعة من الخال، العالم الأزهرى، الذى كان مستمراً فى الإصرار على موقفه، وقاطع أسرة شقيقته إلى نهاية المطاف، وكانت المفاجأة بأن يكون ترتيب الشقيقة الكبرى الثانية على الدفعة، وكان مجموع درجاتها يرشحها إلى منصب نائبة بالقسم، للإعداد للتخصص فى الجامعة، فى قسم أمراض النساء والولادة بالجامعة، ورفض زملاؤها الأفاضل بالقسم، لأنها طبيبة، وعُرض عليها أحد الأقسام الرئيسية بالكلية، مثل الكيمياء الحيوية، فقبلت إلى حين، ثم أُعلن عن وظيفة معيد فى قسم أمراض النساء والتوليد بكلية طب الأزهر.

(لا يجوز أن تعملى فى إنجلترا وأنت حرم دبلوماسى مصرى، ويجب من أجل أن تعطَى هذه الفرصة أن تتنازلى عن توصيفك فى الدبلوماسية المصرية، حتى يمكن للجامعة فى لندن قبولك لاستكمال التدريب وشهادة الأخصائى).

وكان شقيقها الأكبر قد حصل على شهادة متميزة فى قسم متميز ونادر بالكلية، وتربطه علاقة جيدة بالعميد ووزير الخارجية، وتقدم وطلب شرحاً لظروف هذه الطبيبة المناضلة التى لا يقف فى طريقها عقبة، فحصل على موافقة عين شمس والأزهر، وشق طريقه بوظيفة أستاذ مساعد فى جامعة عين شمس، وتقبلت وظيفة معيد فى جامعة الأزهر وتقدمت لشهادة الدكتوراه ومدرس فى الأزهر، وأن تعمل وتدرب، وأن تحصل على الشهادة العليا فى التخصص.

كانت هناك معركة أخرى تستحق الإشادة والتقدير، حيث حصلت بطلتها على الشهادة المذكورة بتقدير جيد جداً، وتم تعيينها فى وظيفة أستاذ مساعد بكلية طب بنات الأزهر، ودعوات الأهل والأصدقاء تحيط بها، وتساعدها، ثم أستاذ بعد ذلك، وصاحبة عيادة، وكانت السيدات الحوامل فى بعض القطاعات يفضلن أستاذة أمراض نساء وتوليد للعناية بالسيدات اللاتى يشكون من مشكلات نسائية أو يحتجن للرعاية أثناء الحمل والولادة.

يا نساء مصر..

أهنئكن بالإنجاز الذى تضمن به جميع المجالات عندما تتاح، لكن الفرصة متاحة على يد قائد متفتح، يعطى الفرصة كاملة للبنات والسيدات والعاملات، ويوفر لهن فرص المنافسة المتكافئة دون قيود أو إعاقة، وفى جميع بلاد العالم المتحضر، الذى نحن منه، تُعطى المرأة بعض التسهيلات فى العمل، مثل إجازة حمل وإجازة رعاية طفل، بل والموافقة على حضانات فى المصانع والمنشآت الحكومية التى بها نسبة معينة من العاملات المتزوجات.

حفظ الله مصر وسيداتها، ووفقنا إلى ما يحبه ويرضاه.