بعد فتوى كبار العلماء.. البحوث الإسلامية: وقف الصلوات في المساجد جائز

كتب: سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسي

بعد فتوى كبار العلماء.. البحوث الإسلامية: وقف الصلوات في المساجد جائز

بعد فتوى كبار العلماء.. البحوث الإسلامية: وقف الصلوات في المساجد جائز

أعلن مجمع البحوث الإسلامية تأييده لفتوى هيئة كبار العلماء، بجواز إيقاف صلوات الجُمع والجماعات حمايةً للناس من فيروس كورونا.

وقال الدكتور عبدالله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، لـ"الوطن"، إنّ أعضاء المجمع يباركون فتوى هيئة كبار العلماء، بأنّه يجوز للدولة إيقاف التجمع لصلاة الجمعة متى رأت الخطر، وأنّ إيقاف صلوات الجمع والجماعات حماية للناس، وذلك في إطار خطة الدولة الشاملة للتعامل مع أي تداعيات محتملة لفيروس كورونا المستجد.

وأصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، اليوم فتوى رسمية بجواز إيقاف صلوات الجماعة، لحماية المواطنين من فيروس كورونا، وفقا لبيان صادر عنها.

وجاء نص الفتوي كالتالي:

"في ضوء ما تسفر عنه التقارير الصحية المتتابعة من سرعة انتشار (فيروس كورونا- كوفيد 19) وتحوله إلى وباء عالمي، ومع تواتر المعلومات الطبية من أنّ الخطر الحقيقي للفيروس هو في سهولة وسرعة انتشاره، وأنّ المصاب به قد لا تظهر عليه أعراضه، ولا يعلم أنّه مصاب به، وهو بذلك ينشر العدوى في كل مكان ينتقل إليه.

ولما كان من أعظم مقاصد شريعة الإسلام حفظ النفوس وحمايتها ووقايتها من كل الأخطار والأضرار، فإن هيئة كبار العلماء - انطلاقا من مسؤوليتها الشرعية - تحيط المسؤولين في الأرجاء علما بأنّه يجوز شرعا إيقاف الجمع والجماعات في البلاد، خوفا من تفشي الفيروس وانتشاره والفتك بالبلاد والعباد.

كما يتعين وجوبا على المرضى وكبار السن البقاء في منازلهم، والالتزام بالإجراءات الاحترازية التي تعلن عنها السلطات المختصة في كل دولة، وعدم الخروج لصلاة الجمعة أو الجماعة، بعد ما تقرر طبيا، وثبت من الإحصاءات الرسمية انتشار هذا المرض وتسببه في وفيات الكثيرين في العالم، ويكفي في تقدير خطر هذا الوباء غلبة الظن والشواهد: كارتفاع نسبة المصابين، واحتمال العدوى، وتطور الفيروس.

هذا، ويجب على المسؤولين في كل دولة بذل كل الجهود الممكنة، واتخاذ الأساليب الاحترازية والوقائية لمنع انتشار الفيروس، فالمحققين من العلماء متفقون على أنّ المتوقع القريب كالواقع، وأنّ ما يقارب الشيء يأخذ حكمه، وأنّ صحة الأبدان من أعظم المقاصد والأهداف في الشريعة الإسلامية، والدليل على مشروعية تعطيل صلاة الجمعة والجماعات وإيقافهما؛ تلافيا لانتشار الوباء: ما روى في الصحيحين: "أن عبد الله بن عباس قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت: أشهد أن محمدا رسول الله، فلا تقل حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم، فكأن الناس استنكروا، قال: فعله من هو خير مني، إن الجمعة عزمة، وإني كرهت أن أحرجكم، فتمشون في الطين والدحض".

ودل الحديث على الأمر بترك الجماعات تفاديا للمشقة الحاصلة بسبب المطر، ولا شك أنّ خطر الفيروس أعظم من مشقة الذهاب للصلاة مع المطر، فالترخص بترك صلاة الجمعة في المساجد عند حلول الوباء، ووقوعه أمر شرعي ومسلم به عقلا وفقها، والبديل الشرعي عنها 4 ركعات ظهرا في البيوت، أو في أي مكان غير مزدحم.

وانتهى الفقهاء إلى أنّ الخوف على النفس أو المال أو الأهل أعذار تبيح ترك الجمعة أو الجماعة؛ لما رواه أبو داود عن ابن عباس من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه، عذر"، قالوا: وما العذر؟ قال: "خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى". وما أخرجه الشيخان في صحيحهما من حديث عبد الرحمن بن عوف أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه".

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم من له رائحة كريهة تؤذي الناس أن يصلي في المسجد، منعا للإضرار بالناس، فقد أخرج البخاري عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل ثوما أو بصلا، فليعتزلنا - أو قال: فليعتزل مسجدنا - وليقعد في بيته".

وما ورد في الحديث ضرر محدود، سرعان ما يزول بالفراغ من الصلاة، فما بالنا بوباء يسهل انتشاره، ويتسبب في حدوث كارثة قد تخرج عن حد السيطرة عليها، ونعوذ بالله من ذلك، والخوف الآن حاصل بسبب سرعة انتشار الفيروس، وقوة فتكه، وعدم الوصول إلى علاج ناجع له حتى الآن، ومن ثم فالمسلم معذور في التخلف عن الجمعة أو الجماعة. 

وعليه: فتنتهي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إلى القول إنّه يجوز شرعا للدولة متى رأت أنّ التجمع لأداء صلاة الجمعة أو الجماعة سيؤدي إلى انتشار الفيروس الخطير أن توقفهما مؤقتا.

وتذكر الهيئة هنا بـ3 أمور:

الأول: وجوب رفع الأذان لكل صلاة بالمساجد، في حالة إيقاف الجمعة والجماعات، ويجوز أن ينادي المؤذن مع كل أذان: (صلوا في بيوتكم).

الثاني: لأهل كل بيت يعيشون معا أداء الصلاة مع بعضهم بعضا في جماعة؛ إذ لا يلزم أن تكون الجماعة في مسجد حتى إعلان زوال حالة الخطر بإذن الله وفرجه.

الثالث: يجب شرعا على جميع المواطنين الالتزام بالتعليمات والإرشادات الصادرة عن الجهات الصحية للحد من انتشار الفيروس والقضاء عليه، واستقاء المعلومات من المصادر الرسمية المختصة، وتجنب ترويج الشائعات التي تروع الناس، وتوقعهم في بلبلة وحيرة من أمرهم.

وتدعو هيئة كبار العلماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى المحافظة على الصلاة والتضرع إلى الله -تعالى- بالدعاء، ودعم المرضى ومساعدتهم، والإكثار من أعمال البر والخير؛ من أجل أن يرفع الله البلاء عن العالم، وأن يحفظ بلادنا والناس جميعا من هذا الوباء، ومن جميع الأمراض والأسقام، إنه خير مسؤول، وأعظم مأمول فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين هيئة كبار العلماء". 


مواضيع متعلقة