سيد صادق: بحمد ربنا إنى امتهنت مهنة غير الفن حتى لا أضطر لجمع التبرعات

سيد صادق: بحمد ربنا إنى امتهنت مهنة غير الفن حتى لا أضطر لجمع التبرعات
سيد صادق، واحد من الفنانين الذين اشتهروا فى أدوار الشر أو رجال الأعمال الخارجين عن القانون، رغم عدم ظهوره فى مساحات طويلة فى الأعمال الفنية، لكنه نجح فى الاحتفاظ بجزء ولو قليلاً فى ذاكرة الجمهور، فأرشيفه الفنى مُمتد منذ نهاية السبعينات، لكنه تغّيب عن الساحة منذ 5 أعوام تقريباً، ولم يظهر منذ ذلك الحين.
يتحدث سيد صادق، فى حواره مع «الوطن»، عن أسباب غيابه عن الساحة الفنية فى السنوات الأخيرة، وحقيقة اعتزاله واتجاهه للتجارة، وكذلك اعتداء عادل إمام عليه فى كواليس أحد الأفلام، ورسالته للمخرجين الشباب، وغيرها من التفاصيل.
سيد صادق لم يخطُ بقدمه بلاتوه التصوير منذ 5 أعوام تقريباً، بعد آخر مُشاركة له مع الفنان عادل إمام فى مسلسل «أستاذ ورئيس قسم» عام 2015، إذ يقول إن الاختفاء عن الساحة الفنية، أمر خارج عن إرادته، وذلك بعد رحلة عطاء فنى دامت لنحو 50 عاماً: «أنا حى أرزق، وبصحة جيدة، ورغم أنّ سُنة الحياة هى جيلاً يُسلم جيل، وإدراكى التام بأن جيلى قد اندثر بشكلٍ كبير، سواء مُمثلين أو مُخرجين ومؤلفين، لكن أتمنى أن أعود وأمارس الحياة الفنية مُجدداً، فما زلت أسدد رسوم اشتراك عضوية نقابة المُمثلين بشكل سنوى على أمل المُشاركة فى أى دور مُناسب».
ويرى «صادق» أنه لا يُجيد مهارة طرق الأبواب على المُخرجين والمُنتجين، الأمر الذى أسهم فى ابتعاده عن الساحة طوال هذه الفترة: «لا يصح بعد هذه الرحلة الفنية أن أطرق الباب، وأقول له أنا سيد صادق وعاوز أشتغل، لا يصح ذلك تماماً، وأعتقد أنه فى حال حدوث ذلك لن يكون لى كيان داخل البلاتوه، لكن فى حال ترشيحى من قِبل مُخرج أو منتج سأكون مُتاحاً فى الحال»، موضحاً أن ابتعاده عن الفن، خلال السنوات الأخيرة، ساعده فى الانتباه لتجارته التى بدأها منذ عام 1963 تقريباً: «كرّست مجهودى داخل المحل الخاص بى، لا سيما أنها مصدر الرزق الوحيد لى ولأسرتى، لذلك أحمد الله تعالى بأننى امتهنت مهنة غير الفن، حتى لا أصل لمرحلة أن يُجمع لى تبرعات فى يومٍ ما، فالحمد لله حالتى ميسورة».
ويصف سيد صادق تجارته بـ«كارت أمان» بالنسبة له: «أعتقد أن الجيل الجديد من الفنانين صار يلجأ إلى الاستثمار فى المجالات المُختلفة، دون الاعتماد على الفن فقط، كونه غداراً، إذ أخذوا عِبرة من بعض الفنانين القُدامى، الذين عانوا فى مرضهم وآخر أيام حياتهم، ولا يملكون ثمن الدواء»، موضحاً أنه يعمل فى التجارة قبل دخوله مجال التمثيل: «عملت كموظف عند أحد التجار منذ عام 1963 ولمدة 5 أعوام، حتى باتت أوضاعى المادية تشهد تحسناً إلى حدٍّ ما، فقررت العودة إلى حب حياتى وهو التمثيل، فقد كنت مُحباً له منذ المدرسة، كما أننى قدّمت فى معهد التمثيل، لكن تخلفت عن حضور الاختبارات لعدم مقدرتى على الدراسة وقتها وانشغالى بالتجارة، فحياتى المادية لم تكن مستقرة آنذاك، وكان من الضرورى أن أكوّن نفسى، وبالرغم من ذلك كنت معروفاً بين طلاب الدفعة، منهم نور الشريف وسعيد طرابيك».
سيد صادق لم يصل إلى مرحلة النجومية وأن يُسند له دور البطولة، عكس بعض زملائه فى المعهد، لعل أبرزهم نور الشريف، لكنه برر ذلك لنفسه: «هؤلاء النجوم كانوا حريصين على التركيز فى التمثيل فحسب، لكن كان تركيزى ينصب على ضرورة تأمين حياتى مادياً قبل أى شىء، فلم تكن لدىَّ المقدرة لممارسة التمثيل وأنا فى حاجة إلى المال، لذلك بعدما نجحت فى تأمين حياتى وكوّنت أسرة وامتلكت سيارة، عُدّت إلى التمثيل عام 1979»، مؤكداً أنه لم يندم يوماً كون التجارة تسببت فى تأخر نجوميته: «لم أندم قط، أندم فقط عندما أكون عاجزاً، أندم عندما أطلب من شخص أن يُسدد عنى إيجاراً أو أقساطاً، فأنا أحب الاعتماد على النفس دوماً، لذلك أنا راض عما وصلت له فى الفن، فهذا ما أستحقه».
وأبدى رفضه التام لمقولة «التجارة خطفتنى من التمثيل»، إذ يرى أن العكس هو الصحيح: «فى بعض الفترات كنت مطلوباً بشكل كبير فى الأفلام والمسلسلات، فقد كان هناك عائد جيد من التمثيل، لكن التجارة هى مأمنى فى الحياة، فلم أغلق المحل يوماً منذ 53 عاماً»، مؤكداً أنه لم يواجه أى صعوبات كونه بعيداً عن الساحة الفنية طوال السنوات الأخيرة: «طالما لم أتعرض للإحراج، فلم أواجه صعوبة، فأنا ما زلت مُحتفظاً بشكلى ووضعى وكيانى ووجودى أمام نفسى وأسرتى وأحفادى»، متابعاً: «حياتى قد تُشبه قليلاً الشخصية الدرامية الشهيرة عبدالغفور البرعى.. من منّا لم يبدأ حياته من الصفر؟ النجوم الموجودة حالياً إلا من رحم ربى.. بدأوا حياتهم من الصفر».
ويقول إنه لا يسأل عنه حالياً أحد، باستثناء عدد قليل من زملائه بالوسط الفنى، مُبرراً ذلك بأن كل شخص مشغول فى حياته، إذ إنه لا يوجه لوماً أو عتاباً لأحد: «يسأل عنى دوماً الفنان عبدالعزيز مخيون، فصداقتنا مُمتدة منذ عام 1964، وكذلك المخرج مجدى أبوعميرة، ويسرى الجندى، والمنتج محمد فوزى»، لافتاً إلى أن غيابه التام عن الأضواء، حتى المناسبات الفنية، يرجع إلى كونه شخصاً غير اجتماعى: «طالما لست مدعواً فى حفل، فلا أحب الظهور، وأعتقد أن انحسار علاقاتى أثر سلباً على استمراريتى فى الساحة الفنية مؤخراً».
تسببت فى إصابة نور الشريف بنزيف شديد وعادل إمام اعتذر لى بسبب "خلى بالك من عقلك"
ويُعتبر الفنان عادل إمام من أبرز الفنانين الذين تعاون معهم سيد صادق، وشارك معه فى أعمال عدّة، إذ كشف أبرز المواقف التى جمعتهما: «فى فيلم خلى بالك من عقلك، كان عادل إمام يعمل معى فى البار، وكانت بيننا اشتباكات بالأيدى، لكنه اعتدى عليّا بشكل حقيقى، دون قصد طبعاً، فانتفض سريعاً ليطمئن عليّا، إذ اعتقد أن الاعتداء تسبب فى حدوث مضاعفات لى أو ما شابه، لكن أخبرته بأن الوضع على ما يرام»، مشيراً إلى أنه اعتدى هو الآخر على الفنان نور الشريف، عن غير قصد، فى فيلم «الفتى الشرير»، قائلاً: «اللكمة لم تكن مقصودة تماماً، لكنه تعرض لنزيف من الأنف، واعتذرت له سريعاً، فلم يغضب وتفهم الأمر».
وأوضح سيد صادق أن ملامحه ساعدت فى حصره بأدوار الشر: «لم تكن لدىّ إمكانية الاختيار، وأعتقد أنه لم تكن لدىّ الإمكانية فى الوقت الحالى أيضاً»، لافتاً إلى أن أدواره تظل عالقة فى ذاكرة الجمهور، رغم ظهوره بمشاهد معدودة فى الأعمال».
وأشار إلى أن أبناءه ليس لهم علاقة بالوسط الفنى، باستثناء نجله المؤلف لؤى سيد: «حرصت على دخوله فى مجال التجارة، رغم نشاطه الفنى الكبير، وفتحت له محلاً كبيراً حتى تكون التجارة هى الظهر الذى يتكئ عليه، وأن يعيش فى أمان، وألا يطرق الباب على أى شخص»، لافتاً إلى شغف ابنه بمجال التأليف منذ وقت كبير: «فوجئت بأنه أصبح مؤلفاً وله أفلام وبرامج، أتذكر أننا عندما كنا نسافر سوياً كان يصطحب معه كتب التأليف ويظل يقرأها لساعاتٍ طويلة، حتى صار واحداً منهم، وهو يتعاون مع رامز جلال فى فيلم جديد حالياً بجانب كتابته لبرنامج المقالب الخاص به، وبالتأكيد لا أتدخل فى عمله إطلاقاً».
تخلفت عن حضور امتحانات المعهد لأنى كنت مشغولاً بتأمين حياتى.. وأقول للمخرجين الشباب "افتكرونى وهشرّفكم"
وأكد سيد صادق فى حديثه لـ«الوطن» أنه لا يُفكر فى قرار الاعتزال إطلاقاً: «التمثيل ليس عيباً، لكن العيب هو أن أطرق الباب على مُنتج أو مُخرج، وأن يصده أحد فى وجهى، لكن من يرغب فى تعاونى معه سأشرفه فى التمثيل بالتأكيد، فلدىّ مواهب لم تظهر على الشاشة بعد»، موجهاً رسالة إلى المُخرجين الشباب: «افتكرونى.. أنا حىٌ أرزق.. من يطلبنى فى دور سأشرفه ولن أعرضه للحرج.. الجمهور مشتاق لرؤيتى.. سأظهر بكامل قوتى وبشكلٍ مختلف».