مستقبل الإعلام فى عصر الإنترنت فائق السرعة

مصطفى عمار

مصطفى عمار

كاتب صحفي

أكد آخر تقرير صادر عن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات «ارتفاع عدد مشتركى الإنترنت فائق السرعة الـADSL إلى 7.17 مليون اشتراك، وذلك فى أحدث تقرير لها، حيث وصلت نسبة مستخدمى الإنترنت عن طريق المحمول من إجمالى مشتركى المحمول إلى 40.60% بنهاية أكتوبر 2019، ووصل عدد مستخدمى الإنترنت عن طريق المحمول إلى نحو 38.67 مليون، وبلغ عدد مستخدمى «اليو إس بى مودم» إلى نحو 3.58 مليون شخص فى نفس الفترة».

هذه المعلومات الخاصة بعدد مستخدمى الإنترنت فى مصر تمنحنا مقدمات عن شكل الإعلام المستقبلى الذى يسير العالم نحوه بسرعة شديدة، جعلت أغلب الصحف العالمية تقلل من إصداراتها المطبوعة مع الاهتمام بمواقعها الصحفية الإلكترونية، لأن المستقبل فى طريقه لإعلان نهاية الصحافة الورقية بشكل أو بآخر، وربما يكون للصحافة الأسبوعية أمل ضئيل جداً للاستمرار وسط التطور الهائل والسريع فى أعداد مستخدمى الإنترنت بالإضافة للسرعات الجديدة له والتى تسير مصر فيها على طريق الدول الكبرى.

وبعيداً عن الصحافة الورقية وتراجعها بشدة أمام المواقع الإخبارية، يأتى المستقبل ليحمل لنا تصوراً جديداً عن الإعلام المرئى الذى تعودنا عليه لعقود طويلة من الزمن، لم يعد مقبولاً الآن أن تشاهد محتوى قيماً ومختلفاً دون أن تدفع مقابلاً له، وهو ما انعكس بشكل واضح على ارتفاع نسب المشتركين فى تطبيقات مثل «نيت فليكس» و«شاهد». وربما كانت خطوة ناجحة من شركة المتحدة أن تطلق تطبيق «watch It» كأول تطبيق مصرى من نوعه يختص بعرض المحتوى الترفيهى، والذى من المنتظر أن يكون له دور مؤثر فى صناعة الإعلام خلال الفترة القادمة.

وبات من الضرورى معرفة متطلبات المرحلة الجديدة من المنافسة لضمان الاستمرارية داخل سوق كبيرة أصبحت المنافسة فيها شرسة وغير قابلة لتقديم أى شىء مجانى، وهو ما يجعل من الضرورى الانتباه لشكل المحتوى المصرى المقدم ليستطيع المنافسة والوقوف فى وجه المحتوى الخارجى المميز. وربما يكون الشكل الجديد الذى خرج عليه برنامج «زى الكتاب ما بيقول» وبرنامج «الكمين» وسلسلة الأفلام الوثائقية التى أنتجتها قناة «دى إم سى»، الأقرب للمحتوى الذى يتطلبه الإعلام المستقبلى، مع التركيز على المحتوى الذى يتم إنتاجه خصيصاً لمنصات «السوشيال ميديا» مع الانتشار الكبير لمستخدمى الإنترنت فى مصر، باعتبار أن المشاهد المصرى لم يتعود بعد على دفع مقابل لمشاهدة محتوى ترفيهى، وهو ما تلعب عليه الدول المعادية لمصر لجذب رواد مواقع «السوشيال ميديا» بمحتوى مختلف ومتنوع يسىء إلى ويشوه كل ما هو مصرى لغسيل العقول ونشر الأكاذيب.

ولعل آخر المشروعات المفخخة التى أطلقتها دويلة قطر مؤخراً هو مشروع «الجزيرة o2» لإنتاج محتوى ترفيهى تحتل به منصات «السوشيال ميديا»، وبالطبع لا يخفى على أحد نوعية المحتوى الموجه ضد مصر والذى كان الهدف الأول من إطلاق هذا المشروع المسموم، وهو ما يستدعى منا الانتباه والتركيز فى صناعة محتوى مخصص لمنصات «السوشيال ميديا» لمقاومة المواد المسممة التى تطلقها الجزيرة لحصد عقول مستخدمى هذه المنصات، فالإعلام لم يعد كما كان، لم تعد برامج التوك شو هى المسيطرة، ولم تعد لقاءات النجوم داخل الاستوديو هى صاحبة اليد العليا فى نسب المشاهدة وجذب المشاهدين. القوانين تغيرت، وعوامل المنافسة أصبح يحكمها قانون جديد، قانون أول شروطه أن الجمهور يشاهدك من خلف شاشة صغيرة لا يحكمها عقل أو ضمير مهنى أو حتى وازع أخلاقى.. فهل نحن مستعدون!