فريدة الشوباشي: هربت من عائلتي الصعيدية وأنا قاصر لأتزوج فقاطعوني

كتب: محمد حسن عامر

فريدة الشوباشي: هربت من عائلتي الصعيدية وأنا قاصر لأتزوج فقاطعوني

فريدة الشوباشي: هربت من عائلتي الصعيدية وأنا قاصر لأتزوج فقاطعوني

لم يكن دخولهم عالم السياسة والحياة العامة من قبيل الصدفة، وإنما بدأت إرهاصاته معهم منذ الطفولة، بعضهم نشأ فى أُسر سياسية، وآخرون هربوا إليها عامدين متعمدين، ومدفوعين بأفكارهم ورؤاهم وتطلعاتهم، فحولوا دفة مستقبلهم 180 درجة. بكثير من الذكريات والمواقف الإنسانية والاجتماعية والسياسية التى عاشوها، وكانوا طرفاً فيها أو شاهدين عليها، أو متابعين لها..

«الوطن» تجرى سلسلة من الحوارات مع سياسيين وشخصيات عامة، منهم من عاصر الملك فاروق، وكان شاهداً على أحداث ثورة 23 يوليو والضباط الأحرار، ومن كان رفضه فى طفولته لممارسات الإنجليز دافعاً لالتحاقه بالعسكرية المصرية. تعاطف بعضهم مع الرئيس جمال عبدالناصر حتى فى النكسة، فيما رفض آخرون الرئيس أنور السادات وقراراته وطُردوا من مجلس الشعب لاعتراضهم على كامب ديفيد. وكان نزول الإخوان إلى منصة التحرير نقطة تحول بالنسبة لهم فى مسار ثورة يناير ضد الرئيس الأسبق حسنى مبارك. بعيداً عن السياسة وواقعها ووقائعها، كانت حياتهم الاجتماعية عامرة بالأحداث والمفارقات، فمنهم من درس الطب ولم يشتغل به، ومن هربت من أسرتها فى الصعيد للزواج من حبيبها فى المنصورة، ومن كان مرافقاً لدنجوان السينما المتمرد رشدى أباظة.

الكاتبة الصحفية: من يقول لى "أردوغان خليفة" أقول له "إخص عليك وعلى اللى ربوك"

على شاشات التليفزيون نجد صوتها مدوياً يدافع عن قضايا وطنها، وكلمات قلمها أيضاً كفيلة بالأمر، هناك من يقتنع بكل ما تقوله وتكتبه، وهناك أيضاً من يرفضه حتى الهجوم الشديد، لكنها تؤكد دائماً أنها تدافع عما تقتنع به، بصرف النظر عن مواقف المؤيدين والمعارضين، خصوصاً فى مواجهة ما يسمى «تيار الإسلام السياسى»، إنها الكاتبة الصحفية والإعلامية فريدة الشوباشى، التى عادة ما تثير الجدل ببعض تصريحاتها، التقتها «الوطن» لتنبش فيما بداخلها، وقد عاشت حقباً زمنية مختلفة، نحاول أن نعرف أكثر عن حياتها التى تجهلها الكاميرات، فروت لنا قصة هروبها مع حبيبها وهى قاصر لتتزوجه، وكيف اعتنقت الإسلام وهى المنحدرة من عائلة صعيدية مسيحية، لكنها تؤكد فى الوقت ذاته أن المصريين عنصر واحد، ومن يتحدث عن مسلم ومسيحى يريد تفتيت هذا المجتمع، وهو ما تريده إسرائيل.. وإلى نص الحوار:

لا أصطدم بالإسلاميين وإنما بـ"المتأسلمين"

فريدة الشوباشى فى صدام دائم مع من يوصفون بـ«الإسلاميين»، لماذا؟

- أنا مصرية عادية وبلغت سن الشيخوخة منذ زمن وعشت «حقباً حلوة» فى مصر، ومن أهمها كانت حقبة الستينات بالنسبة لجيلى، ففيها لم يكن بيننا من يسأل عن دين الآخر، ولا عن أسباب ارتداء زى معين، لأن اهتمامنا كان بالجوهر وليس بالمظهر، ما كان يهمنا فى أى إنسان أن يكون مستقيماً محترماً يراعى الله ويراعى القوانين ولا يقوم بشىء ضد القيم الإنسانية، هذا هو ما كان يهمنا وقتها.

سُميت على اسم الملكة فريدة

أنا لا أصطدم بالإسلاميين وإنما بـ«المتأسلمين»، لم أسمع لمرة واحدة فى الستينات أن سأل أحد عن دين الآخر، بدليل أننى عندما كنت فى مدرسة العائلة المقدسة فى حلوان فى الأربعينات وبداية الخمسينات، كنا 3 نحمل اسم فريدة، لأنه مع قدوم الملكة فريدة سنة 1938 تقريباً اسم فريدة كان مشاعاً لكل البنات، كنا نحن الثلاث نحمل اسم فريدة وكانت واحدة مسيحية وواحدة مسلمة وواحدة يهودية، وكنا الوحيدات اللواتى ينادَين باسمهن الثنائى فريدة عبدالله وفريدة ليشع وفريدة جورج.

والإسلام بالنسبة لى شىء كبير جداً، نشأت فى أسرة مسيحية وكانت محترمة جداً رغم تواضع حالنا المالى، ووالدى كان مثالاً لى، وأول درس فى الوطنية تعلمته منه، ففى سنة 1956 كان لى شقيق يصغرنى بعامين ونصف وكان عمرى وقتها 18 سنة، وفجأة اختفى، ووالدتى طلبت من والدى أن يبحث عنه، بحث عنه فى حلوان، وكانت وقتها يمكنك التجول فيها فى ربع ساعة، حتى وجده فى مدرسة حلوان الثانوية، ذهب ليتطوع مع الجيش المصرى وكذب عليهم وقال لهم إن عمره 18 سنة ليتطوع، وكانت هذه هى السن الأساسية للتطوع، ووالدتى فزعت وقالت له: «ده ممكن يموت»، فرد عليها والدى وقال لها: «مايموت يعنى هو أحسن من اللى بيموتوا فى سينا»، هذا كان أول وعى وطنى أخذته عن والدى، كانت أسماؤنا كلها أسماء عربية مصرية، شقيقى الذى تطوع كان اسمه فريد وجدتى كان اسمها شفيقة ووالدتى اسمها أنيسة وكان لى خالة واحدة اسمها فردوس ولى خالان إبراهيم ومراد، لم نكن نعرف الأسماء الحالية التى جاءت مع ما سُمى جهلاً أو تزويراً «الصحوة الإسلامية».

من يقول عن المصريين "مسلم ومسيحى" يفتت المجتمع وهذا ما يريده الصهاينة.. وإسرائيل لو ضربتنا لن تفرق بيننا على أساس الدين

لكنها أسماء غير دينية؟

- طبعاً، هى أسماء عربية، ووالدتى وُلدت فى 1922 تقريباً وسُميت باسم عربى عادى «أنيسة»، إنما فى الوقت الحالى للأسف لا بد أن تحمل اسماً يدل على ديانتك، وأنا ضد ذلك، ودائماً أضرب مثلاً، لو إسرائيل أتت لحربنا وعلى الجبهة حين ستضرب هل ستقول أين المسلم وأين المسيحى؟ لا طبعاً ستضربنا جميعاً كمصريين، حكاية أن شخصاً يقول لى لا تهنئى المسيحى بعيده فهو فى وجهة نظرى يقوم بما يريد الصهاينة أن يفعلوه بنا وهو تفتيت المجتمع المصرى.

وهل لهذا يكرهك من يسمون بـ«الإسلاميين»؟

- من يقول لى «أردوغان» خليفة أقول له «إخص عليك وعلى اللى ربوك»، «أردوغان» هذا لا يستطيع أن يقرأ القرآن باللغة العربية، ومن ناحية ثانية، لماذا آتى بشخص يستعبدنى؟

نعود إلى قصة إسلامك والموضوع بالنسبة لنا لا يحمل أى بعد طائفى لكنه جانب مهم فى حياتك!

- كنت طفلة وسألت راهبة فى المدرسة وقتها سؤالاً دينياً بريئاً، وتعرضت لموقف نُهرت فيه، ولم يكن لدىّ ما يجعلنى أغير عقيدتى، حتى جاءت قصة حبى لزوجى على الشوباشى. وهو طبعاً مسلم، وحدثت بيننا قصة حب، وكان إحساسى الفطرى يقول لى أن أتزوج على، وكانت حجتى أمامهم أننى أحبه، وكانوا يعتقدون أن الأمر بالنسبة لى أننى أريد الزواج من أجل الزواج فقط، لكننى قلت لهم: «أنا مش هسمح لأى حد يلمسنى، أنا بحب على»، وأمام رفض أهلى هربت منهم وذهبت مع «على» إلى المنصورة، لأنه كان هناك محامون سيقومون بكتابة عقد مدنى كى نتزوج لأنى وقتها كنت قاصراً ولم أكن بلغت حتى 20 سنة.

ما الموقف بالنسبة لديانتك عندما اتفقتما على الزواج؟

- اتفقنا أنا وهو أن يكون هناك احترام لعقيدة كل طرف منا، لا أتدخل فى عقيدته ولا هو يتدخل فى عقيدتى، واحترمنا هذا طوال حياتنا الزوجية. لكن قبل أن نُتم عاماً من زواجنا اعتُقل «على» فى فترة اعتقالات اليسار والشيوعيين، فكنت أرسل له «الجوابات» بالفرنساوى لأنى لم أكن أعرف الكتابة باللغة العربية، فطلب منى تعلم اللغة العربية، وأُجبرت على تعلم اللغة العربية لهذا الظرف، حتى دخلت كلية الحقوق ودرست هناك الشريعة الإسلامية، كان هناك كتاب عن الشريعة الإسلامية شعرت أن «حد طلع من الكتاب وقال لى تعالى انتى معايا».

ومن يكون هو؟

- سيدنا عمر بن الخطاب، وأكثر ما أثر فىّ من عمر إحساسه بالعدالة، وكتجربتى كمنتمية لأسرة مسيحية وعاشت حتى سن 14 سنة فى عهد الملكية، أجد أن النموذج الحديث لعمر بن الخطاب هو جمال عبدالناصر، ورأينا الملايين التى كانت تخرج فى أى لقاء لجمال عبدالناصر وخرجت فى رحيله. شخصية سيدنا عمر جعلتنى أقرأ عن الشريعة الإسلامية وفى الإسلام، وأرسلت لزوجى وقلت له إنى قررت دخول الإسلام سنة 1963 أى بعد 5 سنوات من زواجى لأنى تزوجت سنة 1958.

ماذا قال لك وكيف كان رد فعله؟

- سألنى إذا كنت تعرضت لضغط من أحد، فأجبت بالنفى.

خرجت إلى الشارع فى 1956 لرفض العدوان الثلاثى وأنا صبية مسيحية.. وعدت للتظاهر فى نكسة 1967 وأنا مسلمة لأرفض الهزيمة

ماذا كان موقف أسرتك من مسألة هروبك وزواجك؟

- قاطعتنى عندما تزوجت، لكن لم يعلم أحد قصة اعتناقى الإسلام إلا عندما خرج مبارك عام 2010 بعد حادثة شهيرة عندما قال إنه حريص على عنصرَى الأمة، وقتها كتبت مقالاً نُشر فى «المصرى اليوم» بعنوان: «بل عنصر واحد»، وقلت له إن سيدنا عمرو بن العاص عندما قدم إلى مصر لم يأتِ معه بشعب، وإنما الشعب المصرى الذى كان مسيحياً ويهودياً هو هؤلاء الذين اعتنقوا الإسلام، كلنا واحد وجيناتنا واحدة، أنا على سبيل المثال نزلت إلى الشارع عام 1956 أتظاهر ضد العدوان الثلاثى على مصر وكنت وقتها صبية مصرية قبطية، وفى 1967 نزلت إلى الشارع لأعبّر عن رفضى للعدوان الإسرائيلى وأنا شابة مصرية مسلمة، وقلت له: هل أنا فى الحالتين تغيرت جيناتى؟ لا، نحن شعب واحد، بدليل أننى دوماً أطلق تحدياً، مثلاً أن تأتى باثنين من كل محافظة مصرية أحدهما قبطى والآخر مسلم، وأحضر أكبر عالم أجناس فى العالم واسأله له من فيهم قبطى ومن فيهم مسلم؟ لن يجيب، لأننا نفس الجينات والملامح. هم الآن يعملون على تفتيتنا، بريطانيا عندما جاءت اتبعت مبدأ «فرق تسد»، لكنها فشلت فى ذلك لأنه لم يكن أحد يعلم من المسلم ومن القبطى إلا عندما يدخل هذا المسجد والآخر الكنيسة، فاخترعوا لنا المظهر. أنا لا أريد أن أجرح أحداً لكنى لا أحب أولئك الذين يذهبون إلى العمرة أو الحج ويلتقطون الصور أمام المشاعر المقدسة، أمر غريب جداً وليس مفهوماً ماذا يريدون. وبالمناسبة أقول لك إننى قمت بعمرة.

الأمير سلطان بن عبدالعزيز منحنى تأشيرة دخول للسعودية عام 1987 كضيفة على أسرته لأتمكن من أداء العمرة لأننى لم يكن لدىّ "محرم" بعد وفاة زوجى

هل كان لها تفاصيل معينة؟

- سنة 1987 ولدىّ التذكرة درجة أولى التى لم أستخدمها، أرسلها لى الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمة الله عليه، كنت أعمل فى إذاعة «مونت كارلو» الفرنسية وأجريت معه حواراً، وأبلغته أننى ليس لدىّ محرم، زوجى توفى وابنى صغير، ومعى تأشيرة الدخول مكتوب عليها أحل ضيفة على أسرة الأمير لتجنب مسألة المحرم.

فصلونى من الإذاعة الفرنسية بعدما رفضت عمل لقاء مع شيمون بيريز وقلت: "لا يمكن حتى لو هامسح البلاط ماحطش إيدى فى إيد سفاح"

لماذا؟ وما الذى تودين ذكره بخصوص خروجك من إذاعة «مونت كارلو»؟

- حاولوا أن أكون معهم وأنا أرفض ذلك، لأن الوطن العربى كله وطنى من المحيط إلى الخليج، شنوا ضدى حملة شرسة، لدىّ أصدقاء فى الإذاعة من بينهم لبنانيون كانوا يعتبروننى مجنونة لرفضى إجراء مقابلة مع شيمون بيريز، وقلت لهم: «لو همسح بلاط ماحطش إيدى فى إيد شيمون بيريز»، والذى بالمناسبة كتب محمد مرسى يقول له «صديقى العزيز» ورددت عليه بمقال فى جريدة «الوطن» قلت له: «بيريز يا راجل؟». سبب الحملة التى شُنت ضدى كان رفضى اللقاء مع «بيريز»، وكنت أعمل فى الإذاعة لأكثر من 20 سنة والبعض حذرنى من أن يتم البحث ورائى فيجدوا شيئاً ما يديننى أو ضدى، قلت لا أبداً، لأنه ببساطة «أمى قالت لى امشى عدل يحتار عدوك فيك»، لم يجدوا لى هفوة.

لست نادمة لأن زوجى كان من أنبل الناس.. وظللت بارّة بأبى وبوالدتى حتى وفاتهما

دعينا نعُد مرة أخرى لعلاقتك بأسرتك، هم قاطعوك بعد الزواج هل لا يزال الأمر كذلك؟

- بعد الزواج قاطعونى، وبعد فترة عادت العلاقات بينى وبين عائلتى ولكن ليست كما كانت عليه، لكنى كنت بارّة بأمى ووالدى حتى آخر يوم فى حياتهما، ولأن زوجى كان من أنبل النماذج البشرية فكان يشجعنى على ذلك.

هل تحدّث أحد من أسرتك معك بخصوص تغيير ديانتك أم لم يعلموا بذلك؟

- لم يعلموا، وعندما عُرف الأمر ظللت محافظة على رباطى الأسرى معهم لكن هناك من رفض ذلك، وأنا عندما أقتنع بشىء أدافع عنه حتى لو بحياتى.

خطاب المتأسلمين بات منحصراً فى النكاح.. و"برهامى" قال إنه يجوز الزواج من بنت عمرها 3 سنوات

فى فترة الستينات، كيف كانت المواقف بينك وبين زوجك مقارنة بأعياد الحب حالياً؟

- أنا أعتبر نفسى غريبة، فى أوقات أشعر بغربة لدرجة البكاء مما أراه، ويشهد على ذلك اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق، كنت فى ضيافة الكاتب الساخر محمود السعدنى مع زوجى، وكان عنده جمع كبير من الناس، وسألنى أحدهم لماذا لم أتحدث، وكنت قادمة من «باريس» منذ فترة قصيرة، فقلت لهم إننى لا أشعر أن هذه بلدى، أشعر أنى فى بلد آخر، الفرز الطائفى فى مصر أصبح فى الشارع، فانزعج البعض من حديثى، فردّ اللواء فؤاد علام وقال: «فريدة عندها حق».

هناك من ترتدى الحجاب وتضع "مكياج" يساوى ما وضعتُه فى 80 سنة

عندما تقوم امرأة بوضع غطاء على رأسها ويسمونه «حجاب»، وتناقشت مع شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوى فى ذلك، هذا الغطاء يتزحزح من مكانه ويظهر جزء من شعرها، أو تضع «مكياج» على وجهها ربما يكون «قد المكياج اللى أنا استخدمته خلال 80 سنة»، إذن هذا مجرد نوع من الفرز الدينى والطائفى، عشت فى فترة كنا نرتدى القصير وبدون أكمام ولم أسمع لمرة واحدة عن لفظة تحرش إلا فى العصر الذى سُمى بـ«الصحوة الإسلامية».

ربنا قال: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون»، أتمنى أن أرى ولو مرة واحدة من «المتأسلمين» من يتحدث عن الاقتصاد فى المياه، بل إن خطابهم بات منحصراً فى إطار الحديث عن النصف الأسفل من الإنسان، فقط الحديث عن النكاح وعمر النكاح، حتى ياسر برهامى قال فى أحد البرامج إن البنت تتزوج وعمرها 3 سنوات، كيف يكون هناك شخص ينتمى للجنس البشرى ويضاجع طفلة عمرها 3 سنوات؟

والد زوجى كان أكبر ناقد فى مصر وقتها وكان روائياً وشاعراً.. ووالدته درست فى "المارديديو"

نعود مرة أخرى لعلاقتك مع «على» زوجك..

- حتى رحيله لم يكن لنا حسابات مختلفة فى البنك، كان حسابنا مشتركاً فى فرنسا واستمر هكذا، لم يكن أبداً فى يوم من الأيام حاجة وأنا حاجة ثانية، كان يحترم جداً جداً الرأى الآخر، لم تكن لدىّ ثقافته وهو فى نشأته مختلف عنى، والده كان أكبر ناقد فى مصر وقتها محمد مفيد الشوباشى روائى وشاعر ووالدته درست فى «المارديديو»، ووالدتى ووالدى لم يكونا من أصحاب الشهادات.. كانوا «ناس بسيطة»، لم أكن أعرف كيف كنت أتفوق فى الدراسة.

والداى لم يكونا من أصحاب الشهادات

والدك ووالدتك لم يكونا من أصحاب الشهادات، هل كانا أميين؟

- لا، كانا مثلهما مثل كل المصريين وقتها، والدتى كانت تقرأ وتكتب وفى منتهى الذكاء، ووالدى كذلك لكن لم يكن لديهما شهادات.

نمت على "الحصيرة" فى صغرى

لكن كيف التحقتِ بمدارس فرنسية؟

- والدى كان لديه أسطول سيارات يعمل لحسابه، وفى ذات مرة كان هناك سائق بدون رخصة عمل حادثة وكان على متن السيارة تقريباً حوالى 11 شخصاً وأقل إصابة فيهم كانت عاهة مستديمة، اضطر والدى إلى أن يبيع كل شىء حتى يعوّض هؤلاء، وأصبحنا بعد أن كنا ننام على الأسرّة ننام على «حصيرة على الأرض»، جدى لوالدتى من أعيان قرية تسمى «التبين» هو الذى أنفق على تعليمى، والدى قرر أن يُخرجنى من مدرستى وأن يتم الاكتفاء بتعليم الأولاد، فذهبت والدتى إلى والدها أو جدى وحكت له ما حدث، فرفض ذلك وقال لها: «دى هى اللى فيهم»، فتولى جدى تعليمى حتى أنهيت الابتدائية ثم أكملت 3 سنوات ثانوى فى المعادى، الظروف أحياناً تلعب دوراً كبيراً.

هل تتذكرين أول موقف لك مع زوجك؟

- كان يوم 22 يونيو سنة 1957، كنت عائدة إلى منزلى وجاء ليقول لى إن هناك صديقاً مشتركاً يريد الزواج منى، قلت له لا ورفضت، قال لى لماذا أرفضه وهو شاب وسيم ولديه 50 فداناً وغيره، قلت له: افرض أنه يوجد فى مصر مليون شاب وعند كل شاب 50 فداناً، هل سأتزوج المليون شاب؟! الأمر على حسب إحساسى، فقال لى: «انتى عارفة إنى أنا معجب بكى أوى»، هو كان يريد أن يقول لى إنه يحبنى لكن كانت لديه أمانة من صديقه الذى كان يريد الزواج منى.

أبى كان يخشى زواجى من مسلم بسبب عائلتى الصعيدية بغضّ النظر عن اختلاف الديانة

ماذا كان ردك عليه؟

- هو كان فى منتهى الأمانة، كان أصدقاؤه حتى فى السجن يقولون إنه قوى وصلب ولديه إيمان بالمبدأ، فلما قال لى إنه معجب بى قلت له: «وانا كمان». سألنى إذا كان هذا الإعجاب يمكن أن يتطور إلى حب، عملت له صوت يعنى نعم، فقال لى إنه يحبنى قلت له: «وانا كمان». فى هذا اليوم بدأت القصة مع أهلى، أننى أحب هذا، والحقيقة أن والدى قال لى إنه يخاف عائلته بغض النظر عن الديانة، لأنى صعيدية والدى من أسيوط، فكان الأمر بالنسبة له أمراً كبيراً فى مواجهة عائلته، وقاطعونى هم أيضاً، لكنى «مش ندمانة على حاجة»، أنا أطالب نفسى دوماً بأن أفعل ما أنا مقتنعة به، وقت الرئيس السادات بعد «كامب ديفيد» لم أكن أطيقه، وعارضت «مبارك» لما وجدته على الكرسى دون تغيير، ومواقفى تعرفونها مع الإخوان، حتى قدوم الرئيس عبدالفتاح السيسى وأول عبارة قالها إن الإرادة المصرية لن تعلو عليها إرادة «جننتنى» هذه العبارة، واعتبرت أنه لذلك قال السيناتور الأمريكى الراحل جون ماكين لن نسمح بـ«عبدالناصر» مرة أخرى، ولما قال الرئيس السيسى ذلك كتبت على الفور مقالاً قلت فيه «نعم.. السيسى رئيسى»، وأعتبر إن ربنا أكرمنى بأن أعيش حتى أرى مصر تتصرف بندية مع أى قوة مهما عظمت فى العالم.

أذهب إلى "الكوافير" قبل كل برنامج وأقول له: "عايزة أبقى مزة"

عندما تذهبين إلى الكوافير، ماذا تقولين له؟

- حريصة دائماً أن يكون شعرى فى شكل جيد، وعندما أذهب إلى الكوافير قبل أى برنامج أقول له «عايزة أبقى مزة»، فيضحك ضحكاً شديداً.

بعد عمر طويل، ما الذى يمكن أن تقولى إنك تركته خلفك أو أن يقال هذا ما تركته فريدة الشوباشى؟

- أنا كل ما أقوله إننى أعيش فى سلام مع نفسى لأننى لم أتخذ أبداً موقفاً عن غير قناعة، ومثال على ذلك موقفى من شيمون بيريز، وأقول ما قالته أمى: «امشى عدل يحتار عدوك فيك».

اقرأ أيضًا:

محمود أباظة: عائلتي سمحت لأبنائها بالانضمام للوفد بشرط عدم تنافسهم مع بعضهم في الانتخابات


مواضيع متعلقة