"ترامب": خطاب "الاتحاد" زاد "الانقسام"!

02/05/2020

عماد الدين أديب

كاتب صحفي

خطاب حالة الاتحاد الذى ألقاه دونالد ترامب مساء أمس هو أكثر خطاب أثار جدلاً منذ عهد الاستقلال الأمريكى ومنذ عهود 53 رئيساً أمريكياً على مر التاريخ!

كعادته الرجل مثير للجدل، غير قابل للسيطرة، يستحيل التنبؤ بأفعاله، غير منطقى أبداً فى ردود أفعاله!

نص خطاب ترامب المكتوب، الذى التزم به، هو من أفضل خطبه السياسية منذ أن تولى الحكم فى 20 يناير 2016، لكن المشكلة تكمن فى ما هو خارج النص.

بعد الخطاب يقوم الرئيس بروتوكولياً إلى رئيس مجلس النواب الجالس بعد نائب الرئيس فى طاولة فى الدرج الأعلى ويسلمه -كما جرت العادة- نص الخطاب ثم يصافحه.

فى حالة ترامب سلم نص الخطاب للسيدة «بيلوسى» رئيس مجلس النواب، وأحد أشد قيادات الحزب الديمقراطى المعارضة رفضاً لترامب، ومهندسة مشروع قرار طلب العزل ضده، ولكن حينما مدت يدها لمصافحته تجاهلها وتجاهل يدها وامتنع عن المصافحة.

ردت «بيلوسى» بعصبية بالغة على الإهانة بأن قامت على الفور بتمزيق نص خطابه على مرأى ومسمع من العالم!

أيضاً منح «ترامب» مناصره الإعلامى اليمينى المتشدد «راش ليمو» ميدالية رفيعة تمنح بمناسبة مقاومة العنصرية ضد السود بالرغم من أن الرجل معروف عنه تاريخه العدائى للسود والأقليات!

وجاء تبرير أنصار ترامب، أن «ليمو» مريض بالسرطان وفى حالة متأخرة وأن الرئيس أراد تكريمه.

تركزت استراتيجية خطاب ترامب على المزج بين حقائق وادعاءات كلها تهدف إلى توجيه رسالة جوهرية تمحور حولها كل ما جاء فيه وهى أن البلاد والعباد يعيشون أمجد أيامهم فى عهده بشكل غير مسبوق، وأنه جاء ليصحح كوارث وخطايا من سبقه من رؤساء ينتمون للحزب الديمقراطى.

ركز الخطاب على تحسن أداء الاقتصاد الكلى الأمريكى وأنه خلق 7 ملايين وظيفة فى 3 سنوات وهو ما لم يحدث فى نصف قرن.

وأكد أن فى عهده أصبحت أمريكا المصدر الأول للبترول فى العالم.

وأكد ترامب أن أحوال الأمريكيين من أصول لاتينية وأفريقية تحسنت بشكل غير مسبوق فى التاريخ الأمريكى.

وفى القاعة التى أجرى فيها النقاش حول احتمالات عزل الرئيس، امتنع نواب الحزب الديمقراطى عن التصفيق لكلمة ترامب.

الساعات المقبلة تبدو واعدة ومطمئنة لترامب بعدما يتأكد من رفض مجلس الشيوخ التصويت ضد عزله، وحينما تتأكد نتائج الانتخابات الداخلية فى ولاية «أيوا» لفوز المرشح الأوفر حظاً لتمثيل الحزب الديمقراطى أمامه.

رغم العواصف، والمصادمات السياسية، والإثارة غير المسبوقة، والارتباك فى النظام الأمريكى، والزلزال فى قواعد عمل المؤسسات السياسية فى عهده، سوف يظل دونالد ترامب قادراً بطريقة أو بأخرى على الإفلات بجنونه وحماقاته وجرأته المفرطة وتطرفه الجامح.