عبدالمنعم سعيد: خطة أمريكا قد تكون بداية جديدة لتشكيل الواقع القائم

كتب: انتصار الغيطانى

عبدالمنعم سعيد: خطة أمريكا قد تكون بداية جديدة لتشكيل الواقع القائم

عبدالمنعم سعيد: خطة أمريكا قد تكون بداية جديدة لتشكيل الواقع القائم

أكد الكاتب عبد المنعم سعيد، مدير المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة،  أن تعبير «صفقة القرن» لم يعد مفهوماً، عارضاً ما قاله مرشح للرئاسة الأمريكية، تعبيراً عن سخط وسخرية أحد الطامعين في الوصول للبيت الأبيض، بأن التعبير بات «مفهوماً» رسمياً تحت مسمى «خطة السلام الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط»، وبات أيضاً «فرصة القرن» على حد تعبير بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وأضاف عبد المنعم سعيد، خلال مقاله في جريدة الشرق الأوسط، أنه قد أصبح هناك مشروع أمريكي كامل، وصفه السفير الأمريكي الأسبق في إسرائيل مارتن إنديك في مقال نشره في دورية «السياسة الخارجية» بتاريخ 15 أكتوبر الماضي بأنه «كارثة في الصحراء، لماذا خطة ترمب للشرق الأوسط لن تنجح»، و لم يكن أحد حتى لحظة نشر المقال يعرف الكثير عن «الصفقة» التي كانت لها مقدماتها، ولها تسريباتها، ولها المتصنتون عليها الذين يجمعون جملة من هنا، وكلمة من هناك، لكي يبنوا قصراً على رمال، أو يُظهروا كارثة على الطريق.

وتابع سعيد، الحقيقة أن ما تولد عن المشروع في النهاية كان صدى لما كان موجوداً في الفضاء الافتراضي بكلماته وحروفه التي باتت لها تفاصيل كثيرة، وفي يوليو  2019 حضر جيسون غرينبلات مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترمب آنذاك للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية اجتماعاً فصلياً لمجلس الأمن الدولي حول الشرق الأوسط، وعند تقديمه معلومات محدثة عن تفكير إدارة ترمب في عملية السلام، قال بوضوح للجمهور المفاجأة أن الولايات المتحدة لم تعد تحترم «خيال» الإجماع الدولي حول القضية الإسرائيلية الفلسطينية.

ولم يذهب غرينبلات في طريقه لمهاجمة إجراء متطرف أو غامض فقط، لكن قرار مجلس الأمن رقم 242 وهو أساس نصف قرن من المفاوضات العربية الإسرائيلية، وكل اتفاق توصلت إليه إسرائيل داخلها، بما في ذلك معاهدتا السلام مع مصر والأردن، لقد انتقد صياغته الغامضة التي كانت تحمي إسرائيل لعقود من المطالب العربية بالانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة، باعتبارها «خطاباً متعباً يهدف إلى منع التقدم وتجاوز المفاوضات المباشرة»، وادَّعى أنها أضرت بفرص حقيقية للسلام في المنطقة، وبتوجيه من رئيسه جاريد كوشنر صهر الرئيس وكبير مستشاري الشرق الأوسط، كان غرينبلات يحاول تغيير المحادثة لبدء مناقشة واقعية جديدة للموضوع.

مشيرا، إلى أن قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والإجماع العالمي، كل هذا كان غير ذي صلة، من الآن فصاعداً لم تعد واشنطن تؤيد حل الدولتين للنزاع؛ حيث تعيش دولتان يهودية وفلسطينية مستقلتين جنباً إلى جنب بسلام وأمن، و كان عرض غرينبلات جزءاً من حملة أوسع نطاقاً قامت بها إدارة ترمب لكسر الماضي وإنشاء نظام شرق أوسطي جديد، لإرضاء رئيس يحب إجابات بسيطة وخالية من التكلفة.

وأضاف سعيد، أن خلاصة ما وصل إليه الرجل هو أن كلَّ الأسس التي قامت عليها عملية السلام العربية الإسرائيلية باتت جزءاً من التاريخ منذ نشأتها في القرار 242، وما جرى تفسيره بعد ذلك في كامب ديفيد المصرية 1978، ومؤتمر مدريد للسلام، حتى اتفاقات أوسلو المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قامت على حل الدولتين الذي بدا كما لو كان امتداداً لما جاء في قرار التقسيم لعام 1947 مع فارق نتائج الحروب العربية الإسرائيلية بعد ذلك.

 وتابع سعيد، ان الغضب العربي من «الصفقة» يمكن تفهمه، لأنه حتى داخل الولايات المتحدة نفسها، وداخل إسرائيل هناك من يرى أن الصفقة سوف تجعل السلام مؤجلاً، والحرب والعنف والراديكالية هي حصاد البيع والشراء في قضية شعب، كما أن المرشح الأمريكي واليهودي أيضاً بيرني سوندورز أعلن أن القضية هي أرض وشعب تحت الاحتلال، ولا تنفع معها صفقة ترامب، كما أن إليزابيث وارين المرشحة الديمقراطية الأخرى أعادت الذاكرة إلى حل الدولتين والقوانين ذات الصلة، وبقية مجتمع واشنطن في مراكز البحث الليبرالية والباقية على عدائها لترامب، ومعها الاتحاد الأوروبي، كانت لهم تعليقات مماثلة، لكن كل هؤلاء ليسوا رؤساء الولايات المتحدة، كما أنهم لا يملكون شيئاً في تفعيل القانون الأساسي للصراع العربي الإسرائيلي، وهو خلق الحقائق على الأرض، وللأسف، فإن إسرائيل نجحت في خلق كثير من الحقائق على الأرض من إقامة مجتمع ودولة وثقافة واقتصاد غني يقوم على تكنولوجيا متقدمة، ومؤخراً أصبحت إسرائيل فوق ذلك كله دولة نفطية، بما لديها من حقول غاز، ومن يعلم، ربما نفط أيضاً،  الحقيقة العربية الوحيدة على الأرض هي أن الفلسطينيين ما زالوا قائمين، وبعدد أكثر من 6 ملايين نسمة، يوجد منهم 1.7 مليون فلسطيني داخل ما كان يسمى في الماضي الخط الأخضر.

وأشار الكاتب، إلى أنه من الممكن أن نفكر في كيفية الاستفادة من الواقع العربي الوحيد، وهو البقاء على الأرض بمبادلة الصفقة بصفقة أخرى، ببساطة لا يجوز أن نتصرف بالطريقة التي يتوقعها الإسرائيليون، وفي الحقيقة اليمين الإسرائيلي والأمريكي، والصفقة الأمريكية إما أن نفكر فيها باعتبارها نهاية العالم، وإما أنها بداية جديدة لتشكيل الواقع القائم، بما فيه الحقائق الفلسطينية.


مواضيع متعلقة