الخلاف لا يفسد لتجديد الخطاب الديني قضية.. مبارزة علمية حول التراث والتجديد

الخلاف لا يفسد لتجديد الخطاب الديني قضية.. مبارزة علمية حول التراث والتجديد
- دار الإفتاء المصرية
- المؤتمر العالمي للأزهر
- مفتي الجمهورية
- تجديد الخطاب الديني
- أحمد الطيب
- محمد عثمان الخشت
- مؤتمر الأزهر
- رئيس جامعة القاهرة
- شيخ الازهر
- دار الإفتاء المصرية
- المؤتمر العالمي للأزهر
- مفتي الجمهورية
- تجديد الخطاب الديني
- أحمد الطيب
- محمد عثمان الخشت
- مؤتمر الأزهر
- رئيس جامعة القاهرة
- شيخ الازهر
شهد المؤتمر العالمي للأزهر حول "تجديد الفكر والعلوم الإسلامية" مبارزة علمية وفكرية دارت حول كيفية التعامل مع التراث الإسلامي وتجديد الخطاب الدعوي ودور المؤسسات الدينية، وتسلح الطرفين، الأزهر الشريف وعلمائه، وعلى رأسهم الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر، والدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، بمناهج البحث العلمي والأُسس العلمية في النقد.
وانتقد الدكتور أحمد الطيب، ما صرح به رئيس جامعة القاهرة، بخصوص فكر الأشعرية والتراث، في كلمته بمؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي، فيما أكد الدكتور الخشت، اعتزازه بالأزهر وبشيخه، مؤكدا أن الخلاف في وجهات النظر أمر منطقي وطبيعي في الأوساط العلمية، مشيرا إلى أن رؤيته لتأسيس خطاب ديني جديد جرى فهمها بطريقة غير متوقعة.
وقال الإمام الأكبر في مداخلته، عقب كلمة الخشت، إن إهمال التراث بأكمله ليس تجديدا وإنما إهمالا، مشيرا إلى أن الأشاعرة لا يقيمون منهجهم على أحاديث الآحاد، وأنهم يعتمدون على الأحاديث المتواترة.
وأشار إلى أن التراث حمله مجموعة من القبائل العربية القديمة الذين وضعوا أيديهم على مواطن القوة والتاريخ، مؤكدا أن العالم الإسلامي كانت تسيره تشاريع العلوم الإسلامية قبل الحملات الفرنسية.
وواصل مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي، اليوم، أعمال اليوم الثاني، والذي ينظمه الأزهر برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، بحضور نخبة من كبار القيادات والشخصيات السياسية والدينية البارزة على مستوى العالم، وممثلين من وزارات الأوقاف ودور الإفتاء والمجالس الإسلامية من 46 دولة حول العالم.
شيخ الأزهر: الفتنة التي نعيشها الآن سياسية وليست تراثية
وأضاف شيخ الأزهر، ردا على كلمة الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، والتي هاجم فيها مذهب الأشاعرة، أن توصيف التراث بأنه يورث الضعف والتراجع فهذا مزايدة على التراث، وأن "مقولة التجديد مقولة تراثية وليست حداثية".
وأوضح أن الفتنة التي نعيشها الآن هي فتنة سياسية وليست تراثية، مشيرا إلى أن السياسة تخطف الدين اختطافا حينما يريد أهلها أن يحققوا هدف مخالف للدين كما حصل في الحروب الصلبية وغيرها.
وتابع: "ما هي مبرات الكيان الصهيوني في أن يستعمروا دولا غير تابعة لهم إلا من خلال الاستناد إلى نصوص في التوراة لكي يحققوا أهدافا تخالف تعاليم الدين".
الخشت: لابد من تأسيس خطاب ديني جديد وليس تجديد الخطاب التقليدي
وفي الطرف المقابل، أكد الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، في تعقيبه على مداخلة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، اعتزازه بالأزهر وبشيخه باعتباره منارة علمية لايمكن التقليل من الجهود التي يبذلها الأزهر والإمام الأكبر على مختلف المستويات، وقال إن الخلاف في وجهات النظر أمر منطقي وطبيعي في الأوساط العلمية، وأنه يختلف ويتفق مع الأزهر ولكنه يقدره.
وكان الدكتور الخشت قد رفض، في كلمته أمام المؤتمر محاولة "إحياء علوم الدين"، ودعا إلى ضرورة "تطوير علوم الدين"، موضحًا أن العلوم التي نشأت حول الدين علوم إنسانية، تقصد إلى فهم الوحي الإلهي، وأن علوم التفسير والفقه وأصول الدين وعلوم مصطلح الحديث وعلم الرجال أو علم الجرح والتعديل، هي علوم إنسانية أنشأها بشر، وكل ما جاء بها اجتهادات بشرية، ومن ثم فهي قابلة للتطوير والتطور.
وقال الدكتور عثمان الخشت، إنه بات من الضروري تفكيك الخطاب التقليدي، والبنية العقلية التي تقف وراءه. وأن تأسيس خطاب ديني جديد، أصبح يمثل حاجة ملحة. ويجب أن نعيد تفكيك هذا النص البشري لكي نعيد بناء العلوم، وأنه لابد من تأسيس خطاب ديني جديد، وليس تجديد الخطاب الديني التقليدي، وأنه لا يمكن تأسيس خطاب ديني جديد بدون تكوين عقل ديني جديد، لافتًا إلى أن تطوير العقل الديني، غير ممكن بدون تفكيكه وبيان الجانب البشري فيه، موضحًا أن من أهم الشروط لتكوين عقل ديني جديد، إصلاح طريقة التفكير، وفتح العقول المغلقة وتغيير طريقة المتعصبين في التفكير، والعمل على تغيير رؤية العالم وتجديد فهم العقائد في الأديان ونقد العقائد الأشعرية والاعتزالية وغيرها من عقائد المذاهب القديمة، قائلًا: نحن مسلمون قرآنًا وسنة، ولسنا من أتباع المذاهب.
رئيس جامعة القاهرة: رؤيتي فُهمت بطريقة خاطئة.. وما أطرحه مجال للحوار وليس للحجاج
وأوضح الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، أن رؤيته لتأسيس خطاب ديني جديد جرى فهمها بطريقة غير متوقعة وأنه جرى قياس كلامه على تيار آخر وتحميله معاني تيار يهاجم الأزهر بإطلاق، مؤكدًا أن هذا ليس حقيقيًا، وأنه يعني ما يقوله وبدقة. مشيرًا إلى أن مؤلفاته درست منذ عام 1986 في الجامعات العربية.
وأكد الدكتور الخشت أنه جاء إلى مؤتمر الأزهر ولديه رؤية يطرحها في مجال تجديد الفكر الإسلامي، وان ما يطرحه مجال للحوار وليس للحجاج، موضحًا أن هناك فرقا بين طريقة التفكير بالإختيار بين أمرين (إما أو)، إما معنا أو ضدنا، وأن هذا التفكير الأرسطي خاطيء لأنه قائم على الفصل الابستمولوجي والإسلام لا يقوم على هذا الفصل، مستشهدًا بالآية الكريمة "وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ".
وأوضح الدكتور الخشت، أن تجاوز التراث ليس كما فهم نفيًا او إلغاء، ولكن استيعاب التراث في مركب جديد، مؤكدًا رفضه لتهوين التراث أو تهويله، مضيفًا أن من التراث ماهو حي وماهو ميت، ومنه الصواب ومنه الخطأ، وأن الأزهر مثله مثل المؤسسات الأخرى قد يصيب وقد يخطئ.
وأشار الدكتور الخشت في تعقيبه، إلى أن العقل الديني الذي قصده ليس المقصود به القرآن، ولكن المقصود به طريقتنا في التفكير في أمور الدين، واقترح ان يدرس كتاب عبد الله دراز "دستور الأخلاق في القران"، وكتاب الشيخ محمود شلتوت "الإسلام عقيدة وشريعة"، مؤكدًا أنه ليس ضد الأزهر وأنه يحترم الدولة الوطنية ذات المؤسسات والتي لابد أن نصل فيها إلى أرضية مشتركة.
ودعا الدكتور الخشت إلى ضرورة توظيف النظريات القانونية الحديثة في تطوير أحكام الشريعة، مثل توثيق الطلاق على غرار توثيق الزواج طبقًا لنظرية الأشكال القانونية المتوازية، مشيرًا إلى أن انعقاد الطلاق عن طريق توثيقه منطقي في ضوء نظرية "الأشكال القانونية المتوازية"، فما يتم وفق شكل وإجراء لابد ان يتم بالشكل والإجراء نفسه.
وأوضح الدكتور الخشت، أنه يطرح هذا الرأي في مقابل باقي الآراء وأن الأمر في نهايته يحتاج الى حوار مجتمعي جديد حتى الوصول إلى اتفاق جمعي في التشريع بواسطة مجلس النواب.
جماعات التطرف والإرهاب تعاملت مع التراث تعاملا حرفيا جامدا كأنه مقدس
بدوره، أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، أن قضية تجديد الفكر والخطاب الدعوي قضية شديدة الأهمية وعظيمة الخطر، وهي دور المؤسسات الدينية، على رأسها الأزهر الشريف "تلك المؤسسة العريقة الكبيرة، التي نفخر بالتخرج فيها، ونعتز غاية الاعتزاز بالانتماء إليها، فالأزهر الشريف منارة العلم، وحصن الإسلام، ومنبع الوطنية والفداء، وقاعدة الاعتدال والوسطية، وحامل لواء التجديد والإصلاح، وحامي الأمة من التطرف والإرهاب، وناشر العلم النافع والعمل الصالح في مشارق الأرض ومغاربها".
وأوضح في كلمته التي ألقاها بالمؤتمر العالمي للأزهر حول "تجديد الفكر والعلوم الإسلامية" أن أهم ما نحتاج إليه في تحرير معنى التجديد والاتفاق عليه في هذا الإطار، منهجية التجديد التي تنتهجها المؤسسات الدينية لتجديد الخطاب الفكري والدعوي، وموقفنا من قضايا التراث، وكيفية الموازنة الدقيقة بين الثابت والمتغير.
وقال علام: "نحن نحتاج إلى استعادة المنهج العلمي الصحيح، الذي حاد عنه طرفا النقيض: دعاة التطرف والجمود من ناحية، ودعاة الانفلات والتغريب من ناحية أخرى، أما جماعات التطرف والإرهاب، فقد تعاملت مع التراث تعاملا حرفيا جامدا كأنه مقدس، واستدعت خطابا وأحكاما اجتهادية قد استنبطت لواقع يغاير واقعنا، فاختلقوا صداما لا معنى له بين التراث والمعاصرة، وما كان لهذا الصدام أن يقع لولا القراءة الخاطئة الجامدة للتراث، ولولا الخلط المنهجي الذي دأبت عليه هذه الجماعات قديما وحديثا".
وأضاف مفتي الجمهورية أنه "إذا جئنا للطرف الآخر نجدهم يستقون أفكارهم من نماذج معرفية غريبة عن الإسلام، لا تمت إلى النموذج المعرفي الإسلامي الوسطي الأصيل بصلة، والتجديد عندهم لا يتجاوز معنى التجريد، أي تجريد الإسلام من ثوابته التي تعرف عندنا بالمعلوم من الدين بالضرورة، تلك الثوابت التي تحفظ الدين ولا تتغير بتغير الزمان ولا المكان، وهي تمثل الصورة الصحيحة للدين التي تنتقل عبر الأجيال بالتواتر العملي والنقلي، بحيث إذا قلنا إنها تمثل عصب الدين ولحمته وسداه فلن نكون مبالغين بأي حال من الأحوال، فلسنا في متسع لأن نسمح لهذا العبث الحداثي أن يمارس تهوره باسم الاجتهاد والتجديد".
رئيس جامعة الأزهر: تجديد الفكر ضرورة إسلامية ولازمة من لوازم الشريعة
ومن جانبه، قال الدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر، إن تجديد الفكر ضرورة إسلامية، ولازمة من لوازم الشريعة، وقد ورد في الحديث النبوي الشريف: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"، موضحا أن التجديد لابد أن يأتي من العلماء والمتخصصين في التجديد، فلا يجوز لأي أحد غير متخصص أن يقتحم حقل التجديد وإلا صار تبديدا.
وأكد الدكتور المحرصاوي، خلال كلمته بالجلسة الثانية بمؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الديني، والتي جاءت بعنوان "التجديد: أطر مفاهيمية"، أن الأزهر الشريف وجامعته العريقة قاما بالعديد من الأعمال التي تبث التجديد في الفكر الإسلامي، مشيدا بتدشين الأزهر لمركز التجديد والتراث بالأزهر، والذي سيضم علماء ومتخصصين في مجالات شتى لمناقشة كل ما يستجد من قضايا وأمور دينية وحياتية وإنزال النصوص الدينية عليها بما يخدم مقاصد الدين وينفع الناس.