"ميليشيات أردوغانية".. أين ذهبت المراوحة بين العلمنة والأسلمة في تركيا؟

"ميليشيات أردوغانية".. أين ذهبت المراوحة بين العلمنة والأسلمة في تركيا؟
أعد الكاتب الصحفي سيد عبدالمجيد، مدير مكتب الأهرام في أنقرة، كراسة استراتيجية أصدرها مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بعنوان "المعضلة التركية.. المراوحة بين العلمنة والأسلمة"، موضحا خلالها، كيف أصبح الدين مرادفا للسياسة، وجرى العمل على توظيفه بإلحاح، لصالح القصر الرئاسي في أنقرة.
ونوهت الكراسة، بأنه لم يجر هذا الأمر دفعة واحدة، إذ سبقته فترات طويلة من الإعداد والتدرج، إلى أن جاءت بثمارها، التي تجلت أثناء المحاولة الانقلابية الفاشلة، ضد أردوغان، مؤكدة أن الذين تمكنوا من دحرها، كان في مقدمتهم أئمة المساجد، الذين صاروا أشبه بـ"ميليشيات أردوغانية"، بيد أنه لم يكن قد مضى سوى ساعة، وربما أقل، على تحرك بعض وحدات الجيش بإسطنبول، منتصف ليل الجمعة 15 يوليو 2016.
ودوت نداءاتهم من مكبرات الصوت بالجوامع، التي هرعوا اليها في التو واللحظة، يصرخون في الناس، داعين إياهم بالنزول للشوارع، لإنقاذ الأمة وقائدها باسم الله والدين، ولم يكتفوا بذلك، بل راحو يبثون صيحات أردوغان "المساجد ثكناتنا، والقباب خوذنا، والمآذن حرابنا، والمؤمنون جنودنا".
لكل هذا، لم يعد يخف على القاصي والداني، بأن تركيا تتجه للأسلمة، في مقابل إضعاف العلمنة، بشكل ممنهج، والشواهد على ذلك، تتسع داخليا، وأيضا باتت تطبع سياستها الخارجية.
الميديا الغربية: تركيا تسعى نحو الانتشار الإسلامي وبناء المساجد قوة ناعمة تأمل من خلالها توسيع نفوذها
قبل شهور قليلة، أثناء زيارته لجمهورية قيرغستان، افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مسجدا بالعاصمة بيشكك، في خطوة باتت مألوفة منه في زياراته حول العالم، كان أخرها الشهر الماضي للولايات المتحدة الأمريكية، في 13 نوفمبر، وزيارته لجامع بميرلاند شيدته حكومته.
وبطبيعة الحال، أثار هذا النهج، فضول الميديا الغربية، التي لم تعتد على مثل هذه الممارسات، من الجمهورية الكمالية "نسبة لمؤسسها كمال أتاتورك"، ومنها من رأت في توجه تركيا نحو الانتشار الإسلامي، وبناء المساجد، بأنه قوة ناعمة، تأمل من خلالها، توسيع نفوذها، ولعب دورا قياديا لدى المسلمين حول العالم.
وسبق لمدير برنامج بناء السلام والحقوق في جامعة كولومبيا، والمستشار الأول السابق بالخارجية الأمريكية "ديفيد إل فيليبس"، أن عبر عن اعتقاده، بأن المساجد الممولة من أنقرة، تنشر الإسلام السياسي، وليست أماكن عبادة حقيقية، بل هي أماكن للراديكالية والتعبئة، وأنها مصدر للانقسام والخلاف، ومن ثم ينبغي حظرها.