أستاذ قانون دولي: تركيا تحاول خلق أزمة في شرق المتوسط

أستاذ قانون دولي: تركيا تحاول خلق أزمة في شرق المتوسط
أكد الدكتور محمد سامح عمرو رئيس قسم القانون الدولي بجامعة القاهرة، أن تركيا تحاول إلقاء حجر في المياه الراكدة لخلق أزمة في منطقة شرق البحر المتوسط، وتضع ضغوطا على الدول المعنية مثل مصر غير المتفقة معها سياسيًا، أو قبرص صاحبة الخلاف التاريخي معها، فتستغل مسألة ثروات المتوسط كنقطة لإرباك المشهد.
وشدد الدكتور سامح عمرو في كلمته خلال الحلقة النقاشية التي نظمها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية تحت عنوان "التحركات التركية في مجال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي بمنطقة شرق المتوسط"، على أن مصر لها مصالح مشتركة مع قبرص واليونان، ومن حقها الدفاع عن مصالحها وفق القانون الدولي، سواء في ثروات المتوسط أو في مسألة إرسال قوات إلى ليبيا.
وتوقع عمرو أن تفرض الضغوط الاقتصادية الموجودة في تركيا على القيادة السياسية التركية عدم الدخول في اشتباك عسكري، لأن الاقتصاد التركي رغم أنه يبدو قوي فأنه سينهار سريعا إذا قامت بتحرك عسكري، ومن المؤكد أنها تضع هذا في حسباتها.
ونوه عمرو بأن منطقة البحر المتوسط كانت بها مشكلات منذ الثمانينيات مثل مشكلة مالطا وليبيا، ومشكلة تونس وليبيا، مشيرا إلى أن محكمة العدل الدولية كان لها أحكام في هذا الشان.
وأضاف أن اتفاقية ترسيم الحدود كانت واضحة بأنه حينما تكون هناك شواطئ متقابلة على الدول الاشتراك في تعيين المناطق البحرية الخاصة بها، وإذا لم يمكن الوصول لاتفاق، يكون هناك معيار المناصفة عن طريق وضع خط أساس، وعلى أساسه تتم المناصفة، مبينًا أن البحرين المتوسط والأحمر من هذه الحالات التي لا تساعد من حيث المساحة على تحديد المناطق الاقتصادية الخالصة وفق اتفاق 1982.
وذكر عمرو أن البحار من أقدم الموضوعات التي تثير مشكلات في القانون الدولي، فهي كانت تستخدم قديمًا من قبل القوى العظمى في التنقل بين المناطق التي تحتلها، ودائمًا ما كانت مسألة ترسيم الحدود البحرية من الموضوعات الشائكة، وبدأ المجتمع الدولي في تقنين الوضع في قانون البحار عام 1958 ولكنها فشلت، فتم وضع اتفاقية عام 1982 التي وضعت تنظيم للمناطق البحرية وكيفية ترسيمها، وهذه الاتفاقية تقنن قواعد القانون العرفي الدولي التي استقرت لفترات طويلة، وبدأت تشكل عرف دولي جديد.
ولفت إلى أن إسرائيل وتركيا لم تنضما لهذه الاتفاقية، مشيرا إلى أنها دلالة على أن هذه الدول رافضة الأمتثال لهذه القواعد آملة في ألا تطبق، ولكن استقر الوضع منذ 1982 على تنفيذ هذه القواعد وباتت قواعد مستقرة في القانون الدولي.
وأوضح الدكتور سامح عمرو أن منطقة شرق المتوسط تشمل مصر وقطاع غزة وإسرائيل وتركيا ولبنان وسوريا واليونان وقبرص وإيطاليا، ولا تسمح المنطقة البحرية بانفراد كل دولة بالمنطقة الاقتصادية الخالصة الخاصة بها 200 ميل بحري، وهو ما يحتم التوصل لاتفاقات، وهو ما حدث بين مصر وقبرص.
وأكد أن الحدود البحرية الليبية تتوقف عند نهاية حدودها البحرية، مشددًا على أن المحاولة التركية الليبية للتوصل لاتفاق لتحديد المناطق البحرية بينهما، يتجاوز ما هو موجود في اتفاقية 1982 بشكل كامل، لأنه جرى تجاهل حقوق مصر وقبرص واليونان وإسرائيل وسوريا ولبنان وغزة.
عمرو: هناك قضايا كثيرة عرضت على محكمة العدل الدولية تخص مسألة البحار
وأضاف أنه لا يجوز لدولتين أن يتفقوا ويتجاهلوا مصالح الدول الآخرى، وإذا كان على تركيا وليبيا تنفيذ اتفاقهما فسيجوران على حقوق الدول الآخرى التي يمكن أن تستخدم الطرق الدبلوماسية أو غير الدبلوماسية في تسوية هذا النزاع، ولفت إلى أن منطقة المياه الإقليمية تكون جزء من سيادة الدولة، ولكن ليس لأي دولة سيادة على منطقتها المتاخمة أو منطقتها الاقتصادية الخالصة، وإنما يجيز لها القانون الاستفادة وحدها بكل الثروات الموجودة في هذه المناطق، مع السماح بحرية الملاحة وغير ذلك من الأمور التي قننتها اتفاقية 1982، وإذا خالفت دولة ما هذه القواعد يتم حل الأمر إما باتباع الطرق الدبلوماسية أو القضائية عبر اللجوء لمحكمة العدل الدولية، أو محكمة قانون البحار الموجودة في مدينة هامبورج الألمانية، وهي جزء من الآلية الموجودة في اتفاقية 1982 لتسوية المنازعات.
وأوضح أن هناك قضايا كثيرة عرضت على محكمة العدل الدولية تخص مسألة البحار، وبالتالي هناك مبادئ استقرت لديها من الأحكام التي أصدرتها يمكن الاحتكام لها، موضحًا أن وجود دول معنية من أوروبا مثل قبرص واليونان جزء من المعادلة، نظرا لأن أوروبا لن تسمح لتركيا بالتلاعب بمبادئ القانون الدولي في هذه المسألة، ورغم وجود العديد من القضايا المتشابكة في العلاقات الأوروبية التركية مثل مسألة اللاجئين بين ألمانيا وتركيا فإنها لن تأتي على حساب المصلحة العامة لأوروبا.
وكان المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية قد نظم مساء أمس الأحد، حلقة نقاشية لإلقاء الضوء على محاولات تركيا للهيمنة الإقليمية وحاجتها إلى زيارة واردتها السنوية البترولية لكونها دولة غير منتجة للغاز فوجدت اكتشافات الغاز في شرق المتوسط حلا ممكنا لمشكلتها بغض النظر عن مدى مشروعية أهدافها او استحقاقها.
الدكتور عبدالمنعم سعيد يشيد بطريقة إدارة القيادة المصرية للأزمة والتعامل مع تركيا
وأشاد الدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، خلال كلمته بطريقة إدارة القيادة المصرية للأزمة والتعامل مع تركيا، لافتًا إلى أن أسباب المواجهة كثيرة، مثل وجود الإخوان في تركيا، وأحاديث الرئيس التركي بصورة سيئة عن مصر.
وأضاف: "رغم ذلك.. فإن التحرك المصري كان عن طريق الدبلوماسية وهو النهج الذي أدى إلى حصول مصر على مكسب كبير في مؤتمر برلين وعدم حدوث الغزو التركي لليبيا، وذلك رغم أن تركيا ذهبت إلى برلين وهي مدعومة بتوافقاتها مع عدد من القوى ومنها روسيا".
وأوضح أن هناك جزءا تعاونيا مع تركيا وهو التجارة، إذ تعد تركيا الشريك التجاري الرابع لمصر، ومنذ أيام أعفت مصر كل السيارات المصنعة في تركيا من الجمارك، ضمن قرار إعفاء كل السيارات الأوروبية من الجمارك الذي بدأ تطبيقه في يناير الماضي، ولكنه لم يطبق على تركيا إلا مؤخرًا، وبالتالي فالسياسة المصرية في إدارة الأزمة بداخلها أشياء متداخلة، أشياء بها روح التعاون، وأشياء أخرى بها مواجهة، مثل القبض على خلية الأناضول، ولم يخرج من مصر أي شيء مسيئ لتركيا.
وحول التعامل في المرحلة المقبلة، أشار عبدالمنعم إلى أن الأساس في التعامل بالمرحلة المقبلة هو الاستمرار على نفس النهج، فمصر تسير على طريق التنمية، وفي الوقت ذاته المسار العسكري الردعي، وكذلك الدخول في شراكات قوية مع الدول الأوروبية مثل اليونان وقبرص اللتين تنتميان إلى أوروبا أكثر بكثير من تركيا تاريخيًا.
ولفت إلى أنه بالتزامن مع الاستمرار في نفس المسار في التعامل، فتقوم مصر بتعميق القوة الاقتصادية والمسار الأمني، والاستمرار في عملية ترسيم الحدود البحرية، موضحًا أن ما فعلته مصر في البحرين المتوسط والأحمر من ترسيم لحدودها البحرية مع السعودية وقبرص إضافة جديدة للسياسة الخارجية