«الآخر الذى هو أنت»: الأقباط.. من أهل ذمة إلى شركاء الحياة والأرض والمصير

«الآخر الذى هو أنت»: الأقباط.. من أهل ذمة إلى شركاء الحياة والأرض والمصير
- تجديد الخطاب الديني
- الخطاب الديني
- الأوقاف
- الأزهر
- هدم الكنائس
- المواطنة
- وثيقة المواطنة والعيش المشترك
- تجديد الخطاب الديني
- الخطاب الديني
- الأوقاف
- الأزهر
- هدم الكنائس
- المواطنة
- وثيقة المواطنة والعيش المشترك
كان غير المسلمين أكبر ضحايا فكر الإسلام السياسى، فقد ذاق المسيحيون فى مصر والشرق الأوسط الأمرين من نظرات الإسلاميين لهم، فما بين معاهدين وأهل الذمة والفئة الأدنى بالمجتمع، إلى المطالبة بالجزية، وحرمة تهنئتهم بأعيادهم، أو التودد إليهم، والدعوة لهدم كنائسهم والمطالبة بفرض أحكام الإسلام عليهم، عاش غير المسلمين.
علماء: المواطنة تُسقط الجزية.. وتراث "هدم الكنائس" ليس حجة على الإسلام
وقد تغيرت هذه النظرة بشكل كلى وشامل، خلال السنوات الأخيرة وأصبحت المواطنة الكاملة عنوان المرحلة، والتهانى والمودة أمراً ضرورياً بفتاوى عدة، وكان إعلان الأزهر للمواطنة أبرز مكاسب التجديد التى عاشها غير المسلمين، كذلك صدور وثيقة القاهرة للمواطنة بحضور 300 وفد دولى، ثم وثيقة الأخوة الإنسانية بين أقطاب المؤسسات الدينية لتشكل دستوراً إنسانياً للتعايش.
ولمواجهة الأفكار الظلامية دشن الأزهر والكنيسة، بيت العائلة المصرية لترسيخ قيم المواطنة والوحدة الوطنية فى يناير 2011، إلا أنه جرى تفعيل عمله بشكل كبير بعد عام 2014، ويترأس بيت العائلة شيخ الأزهر، وبابا الكنيسة الأرثوذكسية، مقره الرئيسى مشيخة الأزهر، ويجتمع فيه ممثلو الطوائف المسيحية وعلماء الأزهر والمؤسسات الدينية وعدد من الخبراء والمتخصصين، ويعين لبيت العائلة أمين عام وأمين عام مساعد، وحالياً الأمين العام هو الدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف الأسبق، والأمين العام المساعد الأنبا أرميا.
3 وثائق لتحديد أطر المواطنة.. ولأول مرة قانون لـ"بناء الكنائس"
وفى 2017 أصدر الأزهر «وثيقة المواطنة والعيش المشترك»، أكد فيها أن المواطنة مصطلح إسلامى أصيل ولد من رحم دستور المدينة وما تلاه من كتب وعهود لنبى الله، يحدد فيها علاقة المسلمين بغير المسلمين، فلا تفرقة أو إقصاء لأى فئة من فئات المجتمع، والدولة قائمة على التعددية الدينية والعرقية والاجتماعية.
وفى 2018 وقع الإمام الأكبر وثيقة الأخوة الإنسانية مع البابا فرنسيس بابا الفاتيكان لتكون دستور التعامل الإنسانى، حيث أكد القطبان الكبيران أن الحرية حق لكل إنسان، اعتقاداً وفكراً وتعبيراً وممارسة، والتعددية والاختلاف فى الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها. وشددت الوثيقة على حماية دور العبادة، وفى 2019 أصدر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بحضور 300 عالم من مختلف دول العالم فى المؤتمر الدولى الثلاثين له «وثيقة القاهرة للمواطنة»، أكد فيها على احترام عقد المواطنة بين المواطن والدولة، سواء أكان المسلم فى دولة ذات أغلبية مسلمة أم فى دولة ذات أغلبية غير مسلمة.
ونشر الأزهر، عبر موقعه الرسمى، رسالة إلى طلابه لوضع أطر التعامل مع الآخر والتعايش، دعاهم خلالها للتصدى لفتاوى الجماعات المتطرفة حول العلاقة بين المسلم والمسيحى وتحريم التهانى مخالفة لهدى النبى.
"الأزهر": علاقتنا بالآخر للتعارف وليس الصراع
وأوضح الأزهر أن العلاقة بيننا وبين غيرنا هى علاقة التعارف والتعاون، وليست أبداً علاقة الصراع، أو حمل الناس على الإسلام بالقوة، أو الإساءة إلى أديانهم وعقائدهم.
كما قامت دار الإفتاء بالعديد من الإصدارات الخاصة بالتعامل مع الآخر، ومنها فيديوهات بخاصية «موشن جرافيك» أكدت فيها أن ما يوجد فى التراث الفقهى الإسلامى من بعض الأقوال بهدم الكنائس ليس حجة على سنة الرسول وخلفائه الراشدين من بعده بل كان له سياق تاريخى مغاير.
وحول مفهوم الجزية، أكد د. أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، لـ«الوطن» أننا فى الجزية كانت حكماً شرعياً أمرت به الشريعة باعتباره حقاً فرضه الله على أهل الكتاب مقابل ما يقوم به الجيش المسلم من حماية للبلاد والعباد، أما وإن الخلافة لم تعد موجودة، وحل محلها الدولة بمفهومها الحالى، وصار لكل دولة جيش، وفى هذا الجيش يخدم المسلمون والمسيحيون وغيرهم بعد تطبيق مفهوم المواطنة فقد تغير السياق التاريخى تماماً».
من جانبه قال الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، لـ«الوطن» إن الإسلام لم يأمرنا بالتمييز والانفصال، بل بالعيش المشترك والمواطنة، ونؤمن أن المسلم والمسيحى إخوة فى الإنسانية، ونحن شركاء فى وطن واحد، مشيراً إلى أن هناك قوانين تسمح لأصحاب الديانات بالاحتكام إلى شرائعهم سواء فى بناء الكنائس، أو قانون الأحوال الشخصية الموحد.
فيما أكد الدكتور أشرف فهمى، مدير أكاديمية الأوقاف للتدريب، لـ«الوطن» أن الإسلام أقر لأهل الكتاب على أديانهم وممارسة شعائرهم، ولا يوجد مانع شرعى من بناء الكنائس، وما قاله بعض الفقهاء بمنع إحداث الكنائس فى بلاد المسلمين، يعبر عن سياق تاريخى وظروف اجتماعية وقتية، وتغير الواقع يقتضى تغير الفتوى المبنية عليه، والقوانين المصرية اليوم هى من تحكم تلك الممارسات، والتشريع الإسلامى ضمن سلامة الكنائس والمعابد.