بين الصحافة ومواقع التواصل.. كيف كبل أردوغان الحريات في تركيا؟

كتب: دينا عبدالخالق

بين الصحافة ومواقع التواصل.. كيف كبل أردوغان الحريات في تركيا؟

بين الصحافة ومواقع التواصل.. كيف كبل أردوغان الحريات في تركيا؟

رغم ادعاءاته المتكررة بضرورة حماية الإسلام وأهمية حرية الرأي والتعبير، إلا أن أفعاله تختلف تماما عن تصريحاته، حيث يقيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جميع الحريات ويلقي معارضيه بالسجون، ويسيطر على جميع مفاصل الدولة لأجل أغراضه ومصالحه الخاصة.

وتعاني تركيا من تراجع فادح بحريات الرأي والتعبير، خاصة في الصحافة، لذلك تحتل موقع متقدم عالميا في معدلات سجن الصحفيين، والمرتبة 157 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة لعام 2019.

وأوردت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية، في قائمتها بشأن أعداد الصحفيين المعتقلين، خلال العام الماضي، أن تركيا جاءت ضمن الدول العشر الأولى الأعلى في عدد الصحفيين المعتقلين داخل السجون اعتبارًا من الأول من ديسمبر عام 2019.

وأضافت أن شهر نوفمبر 2019 شهد حبس 4 صحفيين في تركيا واعتقال 11 آخرين والاعتداء على صحفيين، وبلغ إجمالي أحكام السجن الصادرة ضد الصحفيين 80 عاما، كما ألغت السلطات تصاريح ما يقرب من 682 صحفيا في تركيا خلال الفترة ما بين نوفمبر 2018 ومارس 2019، بينما ذكر موقع "بي بي سي" البريطاني، أن 90% من وسائل الإعلام التركية باتت تابعة للحكومة.

أرقام مخيفة في أعداد الصحفيين المعتقلين

وفي تقرير أصدره مركز "نسمات" للدراسات الاجتماعية فى تركيا، ونشره موقع "زمان"، أكد ارتفاع انتهاكات وجرائم النظام التركي في إسطنبول، فضلا عن تعرض المعتقلين الصحفيين لأنواع متعددة من التنكيل والإساءة والتعذيب والانتهاك البدني والنفسي والتحرش الجنسي، وتعرضهم لإهانات ضخمة في مراكز الأمن من طول فترة الحبس الاحتياطي، والحبس الانفرادي، وعدم المراعاة الطبية لذوي الاحتياج من المرضى، وعدم توجيه تهم إليهم.

وأضاف أنه تم إغلاق 189 وسيلة إعلامية مختلفة، منها: 5 وكالات أنباء، 62 جريدة، 19 مجلة، 14 راديو، 29 قناة تليفزيونية، 29 دارا للنشر، بالإضافة لكثير من القنوات والإذاعات الكردية واليسارية والعلوية المستقلة.

وأشار إلى أن تركيا تحتل المرتبة الأولى عالميا فى سجن الصحفيين، حيث بلغ عدد الصحفيين المحبوسين عام 2019 أكثر من 600 صحفي، حيث أدين منهم 77 بعقوبات بالسجن والغرامة تتعدى مدة السجن فيها الـ10 أعوام.

وفي تقرير مركز "ستوكهولم" للحريات، أكد أن عام 2018 شهد تغييرات وانتهاكات ضخمة بمجال الصحافة التركية، وأنه الأسوأ فيها، نظرا لانتشار القمع ومنع وحجب وإغلاق بنسبة مرتفعة بين الصحف، موضحا أن عدد المقالات التي حذفتها السلطات التركية من الإنترنت وصل إلى 2950 وحظر 77 تغريدة، فضلا عن إغلاق، و10 مواقع إلكترونية ومكاتب 5 وكالات أنباء و62 صحيفة و19 مجلة و34 إذاعة راديو و29 قناة تلفزيونية و29 بيت نشر وتوزيع، وإلغاء 620 بطاقة صحفية، فضلا عن محاكمة 521 صحفيا. 

وفي دراسة لوكالة "رويترز"، عام 2018، ورد أن حوالي نصف سكان تركيا، أكدوا أنهم واجهوا أخبارا مزيفة، بالإضافة إلى أن قطاعا كبيرا من الأتراك يعتبرون أن العديد من العاملين في مجال التلفزيون هم "جواسيس"، لانتشار في أنقرة ما يسمى بـ"نظرية المؤامرة"، التي سبق أن أعلنها صراحة أحد مستشاري أردوغان، قائلا إن "هناك مؤامرة من أعداء الرئيس لاغتياله باستخدام الطاقة الذهنية عن بعد".

وطالت الممارسات القمعية التى تُمارسها السلطات التركية عددا من الكتاب والأكاديميين والأصوات الناقدة والمعارضة، حيث شملت القائمة 80 كاتبا، و16 أكاديميا خضعوا للتحقيقات والملاحقات القضائية، وفى ظل حالة الطوارئ، أُغلقت 200 من وسائل الإعلام ومنظمات النشر، بما فى ذلك وكالات الأنباء والصحف والدوريات والراديو والتلفزيون وشركات التوزيع، وتم إلغاء 25 قرارا فقط من قرارات الإغلاق فى وقتٍ لاحق، حيث إنه اعتباراً من 31 ديسمبر 2017، هناك 175 منظمة نشر ما زالت مغلقة.

 

مواقع التواصل الاجتماعي لم تفلت من أردوغان

وارتفعت وتيرة تلك الانتهاكات منذ الانقلاب الفاشل في 2016، ليتجه أردوغان أيضا للتضييق على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كشف تقرير نشره موقع "نورديك مونيتور" السويدي عن سعي أردوغان إلى إحكام قبضته على كل الوسائل التي تنتقد حكومته، ومنها مواقع التواصل، إذ تحاول أنقرة بكل ما أوتيت من قوة، لتحويلها إلى "أدوات تجسس".

وأشار الموقع إلى أن الشرطة التركية تشعر بالإحباط لعجزها عن تحديد منتقدي حكومة الرئيس أردوغان، لعدم امتلاك الشركات الأمريكية العاملة في مجال التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك وتويتر وإنستجرام وجوجل"، لمكاتب في تركيا، وهو ما يجعلها تصر على رفض مشاركة البيانات مع الحكومة، لذلك تم إغلاق موقع "ويكيبديا".

وحصل الموقع السويدي على وثيقة، ترجع إلى 30 يوليو 2018، أرسلت للمحكمة الجنائية العليا، تتضمن فشل الشرطة في الوصول لأحد منتقدي الحكومة، وتلقي باللوم على منصات التواصل الاجتماعي لعدم تعاونها مع السلطات التركية، التي جاءت بعد طلب قدم لمحكمة إسطنبول في 14 فبراير 2018 للتحقيق في حسابات مواقع التواصل الخاصة بسافاش كهرمان، الذي كان يحاكم في قضية "كايناك القابضة"، وهي مجموعة ضخمة وأكبر ناشر في تركيا، استولت عليها حكومة أردوغان بصورة غير قانونية عام 2015، بتهم يقول الموقع إنها ملفقة.


مواضيع متعلقة