أثر «سليمانى» على ليبيا
ما أثر اغتيال الفريق قاسم سليمانى على معادلة الصراع الحالى فى ليبيا؟
معادلة الصراع الإقليمى بين الولايات المتحدة وحلفائها وبين إيران وحلفائها قبل «سليمانى» اختلفت تماماً بعد حادثة إطلاق «الصواريخ المسرحية» على قاعدة عين الأسد.
قبل اغتيال سليمانى بساعة كنا نتحدث عن صراع يهدف إلى كسر كل طرف لإرادة الآخر، وبعد حادثة «عين الأسد» نحن أمام طرفين كل منهما يبحث عن تعديل شروط التفاوض فى قاعة محادثات وليس على مسرح عمليات عسكرية.
هذا الانكشاف الذى بدأت بوادره منذ لقاءات سرية فى «مسقط» بين الجانبين الإيرانى والأمريكى، بوساطات يابانية وسويسرية وفرنسية، يغير قواعد المعادلة.
من هنا يصبح على أطراف الصراع فى شرق البحر المتوسط أن يعيدوا تقييم الموقف بعد الذى يحدث فى منطقة الخليج والعراق.
هنا تبرز الأسئلة الجديدة:
1 - هل رغبة واشنطن وطهران فى تسوية ما فى الخليج ستجعل الرئيس الأمريكى أكثر حرصاً على عدم التصعيد مع «أنقرة»؟ أم سيكون أكثر تفرغاً للضغوط عليها بعدما خالفته فى صفقة الصواريخ «إس 400» وغزو شمال شرق الفرات؟
2 - هل شكل التسوية أو المهادنة المقبلة سيكون على حساب دول الخليج الحليفة أى الرياض وأبوظبى والمنامنة، أم سيكون بتقليم أظافر الامتدادات الإيرانية؟
3 - كيف يمكن تصور دور روسيا بعد انكشاف حدود العلاقة بين واشنطن وطهران؟ هل ستكون أكثر تقارباً مع محور أنقرة وطهران، أم ستطالب بحصتها فى مغانم الغاز والنفط وإعادة الإعمار فى ليبيا؟
4 - المبادرة الروسية - التركية التى انطلقت أمس الأول من بوتين وأردوغان حول ليبيا هل تعنى -الآن- رغبة الطرف التركى فى تخفيف وقع تدخله فى ليبيا، أم تعنى تغاضى الروسى عن اتفاق أردوغان - السراج؟
5 - هل غموض العلاقة الإيرانية - الأمريكية الحالية والمقبلة سيدفع دول الخليج إلى مزيد من المواجهة مع أنقرة بعد شعورها بالاطمئنان لجهة إيران، أم سيجعلها أكثر حرصاً وقلقاً وتحفظاً بشأن الدخول كطرف فى صراع شرق البحر المتوسط؟
المؤكد أن ما حدث بين إيران والولايات المتحدة منذ أيام يطرح الآن أسئلة صعبة أكثر مما يطرح إجابات واضحة ومريحة.
والمؤكد أيضاً أن هذا الوضع يدفع بجميع أطراف الصراع فى ليبيا وشرق البحر المتوسط، وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، إلى إعادة التقييم الكامل والعودة إلى المربع رقم واحد فى قواعد الصراع وأبعاده الممكنة فى ظل عالم مرتبك، مضطرب، فى حالة سيولة شديدة تفتح الباب بقوة أمام كل الاحتمالات، بمعنى إمكانية كل احتمال وإمكانية نقيضه الكامل فى ذات الوقت. إذا كان الصراع فى ليبيا يبدو -للوهلة الأولى- محلياً إلا أنه إقليمى عربى، شمال أفريقى، تدخل فيه دول الساحل الأفريقى، ودول شرق المتوسط، وجنوب أوروبا فى آن واحد!!