بين التصعيد والتهدئة.. الخسائر البشرية تحسم الأزمة الأمريكية الإيرانية

كتب: محمد مجدي

بين التصعيد والتهدئة.. الخسائر البشرية تحسم الأزمة الأمريكية الإيرانية

بين التصعيد والتهدئة.. الخسائر البشرية تحسم الأزمة الأمريكية الإيرانية

يلقى شبح "أزمة 1979" بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، بأسهمه في الأزمة الراهنة بين الجانبين، إثر هجوم صاروخي نفذته طهران صباح اليوم، ضد قواعد أمريكية عسكرية في العراق، وصفته بـ"رد فعل" على اغتيال الولايات المتحدة لقاسم سليماني، أحد القيادات البارزة بالحرس الثوري الإيراني، إذ يعتبر تضرر أمريكيين من قوى خارجية قبيل "السباق الرئاسي"، عامل حسم في فوز مرشح رئاسي أو سقوطه، ومؤشرا لـ"ضعف الرئيس المنتهية ولايته".

ترامب يضع أمام عينه "أزمة 1979" التي أسقطت كارتر

وفشل الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في الفوز في السباق الرئاسي أمام منافسه رونالد ريجان في أوائل الثمانينيات، ووّصف بـ"الرئيس الضعيف" في أعقاب "أزمة 1979" مع إيران أيضا، ما يُمثل صداعا في رأس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحسب تصريحات اللواء دكتور نصر سالم أستاذ العلوم العسكرية والاستراتيجية، لـ"الوطن".

وفي "أزمة 1979"، احتجزت إيران 52 أمريكيا من العاملين في سفارة واشنطن لدى طهران لمدة 444 يوما في أعقاب "الثورة الإيرانية"، وطالب إيران، أمريكا بتسليم الشاه محمد رضا بهلوي لهم، والإفراج عن الأصول الامريكية، ما عزّاه أغلب المؤرخين في أنّه سبب خسارة كارتر في الانتخابات الرئاسية التالية لها، إذ وصف موقفه بـ"الضعف" للقوة العظمى.

ورغم وجود أزمات متتالية في فترة رئاسة كارتر، إلا أنّ "أزمة الرهائن" ما تزال تلقي بالضوء حول كونها أبرز مسببات هزيمة الرئيس الأمريكي أمام المرشح الجمهوري رونالد ريجان أوائل عام 1987، إذ وصف بـ"الرئيس المتوسط"، مثلما انتهت استطلاعات رأي جماهيرية حينها.

"الخسائر البشرية ستحسم الموقف".. بتلك الكلمات لخّص اللواء دكتور نصر سالم أستاذ العلوم العسكرية والاستراتيجية، الموقف، حين قال إنّ "أزمة 1979" ستطل برأسها في ذهن ترامب، مع مخاوف من هزيمته على طريقة كارتر، حين فشل في تحرير الرهائن الأمريكان لأكثر من عام وتضرر الأمريكيين، الذين اتخذوا قرارا بسقوطه في الانتخابات الرئاسية التالية، وتصعيد مرشح لعب على وتر قوته، وعدم اتخاذ منافسه "موقف رادع" أمام الأزمة الإيرانية.

ويرى سالم، أنّ الموقف لم تتضح ملامحه المستقبلية حتى الآن، إذ يلتزم الجانب الأمريكي الصمت حتى الآن، مع تسريبات عسكرية لـ"سي إن إن" الأمريكية، تُفيد بأنّ القوات الأمريكية تلقت تحذيرا بشأن الصواريخ الإيرانية قبل استهدافها بوقت كاف لنزول عناصرها إلى غرف مُحصنة تحت الأرض، في حين تؤكد إيران أنّ الهجمات أسفرت عن قتلى وجرحي في القوات الأمريكية قدرتها بنحو 80 مقاتلا، بحسب وسائل الإعلام الإيرانية.

سالم: أمريكا لا يمكنها نبأ سقوط قتلى وجرحى بين صفوف جنودها

ويوضح أستاذ العلوم العسكرية والاستراتيجية، في تصريح لـ"الوطن"، أنّ الجانب الأمريكي لا يمكنه إخفاء وقوع قتلى أو إصابات في صفوف جنوده حال حدوثها، وأنّ حديث مرتقب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أو مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية سيحسم هذا اللغط.

"لو كانت الخسائر في طائرات أو أسلحة فقط، فالجانب الأمريكي لديه الكثير منها، ولن يتضرر (ترامب) منها بشدة في سباقه الرئاسي المقبل، ومن ثم سيتم احتواء الأمر".. بتلك الكلمات استكمل سالم تصريحاته، لـ"الوطن"، مشيرا إلى أنّ الساعات المقبلة ستحمل الخبر اليقين سواء بـ"التصعيد"، أو بالاكتفاء بأن يكون الأمر "تراشق إعلامي"، بحيث يظهر كلا الجانبين بموقف القوة أمام شعبه.

خبير عسكري: ترامب سيرد بـ"عمل قوي" حال وقوع خسائر بشرية ليؤكد للأمريكيين أنّه ليس ضعيفا

ولفت إلى أنّه حال وقوع خسائر بشرية، فإنّ ترامب سيرد بعمل قوي حتى يؤكد لشعبه أنّه ليس ضعيفا، خاصة بعد الشعبية التي اكتسبها مؤخرا بقتل الإرهابي أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي.

ويشير سالم إلى أنّ هناك وجود أمريكي قوي قرب الجانب الإيراني، وحال مواصلة التصعيد ستقع خسائر بشرية بالضرورة بين الجانبين، وهنا يكون موقف ترامب ضعيفا في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما لا يريده، لذا فالأقرب هو التهدئة حال عدم وجود خسائر بشرية في الأزمة الحالية، أو سيكون مضطرا لـ"الردع"، لضمان عدم تكرار الاستهداف مرة أخرى.

وعن أي جهود دبلوماسية متوقعة لاحتواء الأزمة، قال: "من يملك أن يفرض على قوة عظمى مثل أمريكا أن تتخذ موقفا بعينه، لكن بالتأكيد حلفاء الجانبين لا يريدون تصعيد الأمر، كما أنّ كلا الجانبين سيعمل على استقراره بما يحفظ ماء وجه الدولتين، ليظهرا في موقف الإدارات القوية، لكن بالتأكيد لا يريدان الحرب".


مواضيع متعلقة