وصفه الزعيم بـ"العفريت".. حكايات لبيب معوض "محامي الفنانين"

وصفه الزعيم بـ"العفريت".. حكايات لبيب معوض "محامي الفنانين"
- لبيب معوض
- ذكري رحيل لبيب معوض
- نقابة المحامين
- مصر
- مصر اليوم
- لبيب معوض
- ذكري رحيل لبيب معوض
- نقابة المحامين
- مصر
- مصر اليوم
في مدخل إحدى عمارات وسط البلد القديمة، وتحديدا في ممر "بهلر" تجد لافتة كتب عليها "المحامي لبيب معوض"، الاسم الذي لمع في النصف الثاني مع القرن الماضي وأوائل الألفية الثالثة، اللافتة التي لا تزال قائمة في مكانها حتى بعد عام من رحيله، وعندما نصعد للطابق الثاني للقاء من بقوا على العهد، وأمنوا بأستاذهم حتى أنهم قرروا إحياء اسمه لآخر حياهم، ففتحوا أبواب مكتبه لموكليه رافعين اسمه ردَا للجميل.
مع حلول الذكرى الأولى لرحيل "معوض" المحامي رقم 8076 في نقابة المحامين ذهبت "الوطن" إلى المكتب الذي مر عليه مشاهير مصر، راصدة في كل ركن من أركانه حكاية متفردة، تحمل معها طابعا مهنيا وآخر شخصي والكثير من الأسرار، فيعود المحامي عادل يوسف مدير مكتبه لما قبل 35 عامًا، ويستحضر زميله رامي فؤاد حكايات قضايا المكتب القديمة من لسان أستاذه ليتحدث عاصم صبري ثالثهما عن ما تعلمه ومدى تأثره بأستاذه.
مدرسة أسسها معوض، فحصد ثمار تعليمه بعد مماته برجال باقون على العهد، "تعلمت المحاماة من مكتب لبيب معوض" يقول عادل يوسف مدير مكتبه والذي بدأ العمل معه منذ عام 1995 وكان مديرا لمكتبه خلال آخر 15 عاما، ورغم عمله في مكاتب أخرى لعشر سنوات قبل التحاقه بمكتب لبيب معوض إلا أنه يؤكد أنه تعلم كل شيء على يد أستاذه وأبرزها كتم أسرار الموكلين، مشيرا إلى أن الكثير من الناشرين عرضوا على لبيب كتابة مذكراته مع الفنانين لكنه كان يرفض دائما.
عادل يوسف: هنا عاصرنا قضية أول مسيحية تحصل على حكم خلع في التاريخ
يستدعي يوسف القضية قضية الفنانة هالة صدقي والتي استمرت في أورقة المحاكم لنحو العشر سنوات فيقول أنهم ظلوا في نزاع قضائي حتى صدر قانون الخلع، وهنا جاءت الفكرة لأستاذه الذي استغل القانون الجديد لصالح موكلته ليفوز، كما يذهب لكواليس قضية العبارة 98 والتي كان يترافع فيها عن رجل الأعمال محمود إسماعيل، ورغم إن القضية كانت تواجه الرأي العام والضغط إلا أنه استطاع الفوز بها لإيمانه ببراءة موكله كاشفا عن المتورطين الحقيقين في الحادث.
ويتابع يوسف الذي يسقط من حساباته القضايا الخاسرة لاعتياده الكسب، أن علاقته بمعوض ليست علاقة مهنية فقط، فبعد نحو 7 أو 8 سنوات مع عمله ترسخت علاقته به، ورغم مدى صعوبة شخصية المحامي الراحل و"عصبيته" إلا أنهم استطاعوا التعامل معه على المستويين العملي والإنساني، أصبح هو أبيهم الروحي في المهنة، بل وعلى المستوى الشخصي.
أما "الطوارئ" فهي الحالة التي تفرض على المكتب حال حضور شخصية مهمة أو رجل أعمال أو فنان، "فنكون حاضرين من الصباح، ونجلس لكتابة الملاحظات، وحينها نناقش القضية وكان يفكر بصوت عال ويسمع لآرائنا". ربما مشاركته لفريقه هو ما جعل مكتبه يحتفظ بنحو 90% من موكليه حتى بعد رحليه، ويوضح يوسف أن من وثق بالمكتب لا يزال يتردد عليه.
رامي فؤاد: عادل إمام وصفه "عفريت من عفاريت الزمن"
"عفريت من عفاريت الزمن" أغرب توصيف لمعوض تستحضره ذاكرة المحامي رامي فؤاد عند حديثه عن أستاذه ساردا مناسبته التي تعود لكواليس قضية "ازدراء الأديان" التي رفعت ضد الفنان عادل إمام، فحينها كان يعبر عن اطمئنانه خلال المحاكمة بأنه يودع قضيته لدى "عفريت من عفاريت الزمن"، لافتا إلى أن العلاقة المهنية بدأت بينهما وقت قضية فيلم "الأفوكاتوا" والتي انتهت باستقالة رئيس الدائرة والبراءة للزعيم.
ويرى "فؤاد" أستاذه المؤمن بقوة الكلمة متفردا في التعامل مع القضايا فيقول: كان يحول أوراق القضايا لعلاقة شخصية تجعله يدخل في تفاصيل القضية ما تكون لديه رؤية أغلب المحاميين لا يروها فيرى فالقاضي فكر جديد بعرض مبهر، وبلهجة لا تخلوا من الدهشة والإعجاب يتطرق فؤاد إلى طريقة أستاذه في المرافعة حين وقف أمام منصة القضاء للدفاع عن صحفي متهم بنشر أخبار كاذبة وتطرقه إلى معنى كلمة خبر في اللغة وهو ما يحمل الصواب او الخطأ، ودا كان مدخل القضية التي انتهت للبراءة وكان ذلك في عام 2011 وقضية تتعلق بالصحة والمصل واللقاح وعدم صلاحية مصل شلل الأطفال القضية التي حكم فيها على الصحفي غيابيًا بـ10 سنوات.
كتم أسرار وزير داخلية
ويتابع "فؤاد" في ثمانينات القرن الماضي، رُفعت قضية ضد وزير الداخلية آنذاك، حيث اُتهم في حكم قضائي وصدر بحقه حكما بالحبس والعزل من منصبه، وكانت هيئة قضايا الدولة تمثله لكن حينها أشار إليه مدير مكتبه توكيل لبيب معوض، وبالفعل ترافع عن وزير الداخلية وحصل على البراءة، وعندها شكره الوزير ولكن ليس على البراءة إنما على الكتمان لأنه لم يتحدث إلى الإعلام.
واقعة سقوط البنطال وسط المحاكمة
"سقوط البنطال" الواقعة التي تثير دهشة "فؤاد" لكنه يترجمها على طريقته، فيعدها دليلا على أنه "ينفرد بالدائرة والدائرة تنفرد به"، فكان يقف مندمجا بالمرافعة، في قضية وفاء مكي الشهيرة التي اتهمت فيها بتعذيب وحرق خادمتيها، إذ وخلال المرافعة سقط "البنطال"، وحينها تجمد الموقف لكن ببراعة المحامي الأصيل رفع البنطال وقال لهم يوجد علاقة بين ما حدث والموضوع وتحول الجمود إلى ود وتواصل يدل على أنه لا يهتم بشيء إلا عمله وتركيزه، ومدى امتلاكه أدواته وثقته من أدائه.
كواليس تدريب زبيدة ثروت
ويحكي "فؤاد" كان معوض محامي قضية ميمي شكيب، التي أثارت الرأي العام في منتصف السبعينات من القرن الماضي، القضية التي تحدث عنها وسائل الإعلام داخليا وخارجيا، ورغم حجم القضية ومدى تعقيد أبعادها حصلت على البراءة، الأمر الذي جعل أي محامي يحلم بالعمل في مكتب معوض وبالفعل تقدمت زبيدة ثروت التي تخرجت من كلية الحقوق في هذه الفترة تقريبا للعمل معه، وحينها نظرا لتردد الفنانين على المكتب بشكل مستمر التقطها أحد المنتجين وتوسم فيها النجومية، وحين بدأت في الانجذاب للفن بدأ تقصر في عملها وهو ما لا يرضي معوض فغادرت مكتبه متدربة.
عاصم صبري: سافر ليصالح عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش
ومن الانبهار بالكلمة للاندماج الإنساني يتحدث عاصم صبري المحامي بالاستئناف الذي عمل مع لبيب على مدار 20 سنة كاملة أنه كان بالنسبة لهم فيها الأب الروحي والمعلم الأول، كما لم يكن محامي الفنانين أمام المحاكم فقط بل بشكل شخصي أيضا، فيشير ما حكاه له أستاذه عن كواليس المشكلة التي وقعت بين فريد الأطرش وعبدالحليم، حيث أعتقد الأطرش أن الثاني يتهكم عليه ما أثار الجدل دخا الوسط الفني آنذاك ودعا معوض إلى السفر من القاهرة لعقد الصلح بين الطرفين بعيدًا عن المحاكم.
وتابع "صبري" عودنا أن القضايا تدار بناحية فكرية سليمة"، موضحا أنه كان ينظر للناحية الشكلية، ويحلل الدفوع قبل المحكمة.
ففي قضية ازدراء الأديان المرفوعة ضد عادل إمام عام 2012، كان المحامي ملتحي وكان ينتمي لـ"جماعة الإخوان" آنذاك، وحينها رفعت جنحتين الأولى في جنح العجوزة والثانية في محكمة الهرم، وخرج حكم البراءة من دائرة العجوزة في 10 صفحات، أما في محكمة الهرم، فحصل معوض على البراءة في الاستئناف، مشيرا إلى أن قبل رحيله رازة عادي إماما وهالة صدقي بعد تصوريهم مسلسل "عفاريت عدلي علام".
ويؤكد صبري مدى العلاقة الإنسانية التي جمعتهم بأستاذهم القائمة حتى الآن مع زوجته وأولا شقيقها، فهي علاقة أسرية ليست مجرد علاقة عمل، مشيرا إلى فترة مرضه التي سبقت وفاته بعامين بأنها كانت الأصعب لكنهم لم يتركوه وكانوا دائما مصاحبين له في العيادات ومعامل التحاليل، متطرقا إلى ما قبل عام حين رحل معوض وما مر على المكتب الذي كاد ينهار لولا التكاتف والإصرار على رد جميل الأستاذ الذي علمهم حب المحاماة، والذي عمل حتى في أقسى الظروف وأصعب الحالات الصحية.