رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية: تنظيم الإخوان تلاشي في الشارع العربي

كتب: سلمان إسماعيل

رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية: تنظيم الإخوان تلاشي في الشارع العربي

رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية: تنظيم الإخوان تلاشي في الشارع العربي

قال رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية، الكاتب الصحفى، محمد الحمادى، إن تنظيم الإخوان الإرهابى فقد تأثيره القديم، ولم تعد مظلوميته ومشروع الخلافة الزائفة التى يتغذى عليها ينطليان على المواطنين، خاصة بعد إخفاق التنظيم فى ملفات عديدة حين وصل إلى السلطة فى مصر، ما دفع المصريين للخروج فى الميادين للمطالبة برحيله، وأضاف «الحمادى» فى حوار أجرته «الوطن» معه فى تونس العاصمة، على هامش ورشة عمل نظمتها مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة حول الفضاء المدنى وخطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعى، أن النظامين التركى والقطرى، راهنا على التنظيم باعتباره سيحقق أغراض الأول فى السلطنة، ومنح الثانى تأثيراً استثنائياً فى العالم العربى، لكن الرهان فشل.

كيف ترى الوزن الحالى لجماعة الإخوان الإرهابية فى المنطقة؟

- يجب أولاً الاتفاق على أن البيئة الخصبة والمثالية لتنظيم سرى مثل الإخوان المسلمين هى البيئة التى تكون محاربة فيها، وتعمل فى الظلام، ولا نشك أن هذا التنظيم ما زال فاعلاً فى الظلام، ويحاول ترتيب أوضاعه، لكن من المهم أن يدرك هذا التنظيم أنه خسر كثيراً على مستوى المنطقة العربية بعد أن سقط القناع عنه، وعرف الناس حقيقة أنه ليس تنظيماً دينياً كما كان يروج لنفسه، وليس تنظيماً وسطياً كما كان يتكلم، ولكنه يستغل الدين لتحقيق مكاسب سياسية.

فى تقديرك.. ما سبب خسارتهم الشارع العربى؟

- التنظيم يسعى لاستغلال الدين، واسم الله، ويريد أن يحكم الناس بذلك، مشروع الإخوان فى اعتقادى خسر كثيراً فى المنطقة، اليوم أصبحت هذه الجماعة منبوذة بشكل كبير من قبل الجمهور العام، على عكس السنوات الماضية التى كان العداء فيها مقتصراً على النخبة، كل من عرف وعاش تجربة الإخوان يدرك تماماً أن هذه الجماعة تعمل ضد الدولة ومصالحها، ولا تتحرك سوى لتحقيق أجندتها وأهدافها الأيديولوجية الضيقة، وبقاؤها على السطح يكون آنياً فقط، لكن بمجرد التعايش مع الأمر الواقع فإن الإخوانى يعادى المجتمع، وكل من يخالفه فى الرأى، ولذلك يرجع مرة أخرى للجحر، ويستخدم خطاب المظلومية والإقصاء.

وهل يختلف وضع الجماعة فى بلد عن غيره؟

- دعنى أقسم هذا الكلام لجزئيتين، من ناحية الشكل يختلفون، لكن فى المضمون هم شكل واحد، فالعقيدة الإخوانية واحدة، لا تختلف من مكان لمكان، فقط طريقة عمل الإخوان من دولة لدولة تختلف من حيث التركيبة السكانية والوضع الاقتصادى للبلد والوضع السياسى القائم فيها، لكن لديهم هدف واحد يروجون له، ويخاطبون به المشاعر، وهو عودة الخلافة الإسلامية، وطبعاً هذه الكذبة صارت مكشوفة للجميع، لكنهم يعملون من أجل هذا الأمر، ولديهم ولاء واحد، فقط للمرشد، وليس للوطن، ولا يعملون من أجل الأوطان والمواطنين، بل من أجل تحقيق مشروعهم وفقط.

الإخوانى يعادى كل من يخالفه.. و"أردوغان وتميم" يراهنان على التنظيم رغم فشله

وما الفائدة التى تعود على تركيا من دعم هذه الجماعة؟

- تركيا لا تدعم الإخوان، ولكن أردوغان هو من يفعل، لماذا تعادى دولة إقليمية كبيرة مثل تركيا دول المنطقة، وتحديداً دولتين كبيرتين مثل مصر والسعودية، فضلاً عن الإمارات، ولماذا تتحكم الأيديولوجيا لهذه الدرجة فى فكر أردوغان بما يجعله يخسر دولاً كبيرة فى المنطقة، خلاصة القول إن السلطة فى تركيا أو حتى فى قطر، تدعمان الإخوان بسبب أطماع شخصية لدى القيادتين فى الدولتين، أردوغان يعتقد أنه مع الإخوان يمكن أن يكون له شأن، ويصبح سلطاناً أو خليفة للمسلمين، وفى قطر كذلك، حاكمها يعتقد أنه سيكون له دور أكبر وتأثير فى القرار العربى بدعمه هذه الجماعة، لكن الوهم الذى كان موجوداً وسقط بقوة هو تأثير الإخوان فى الشارع، لا شك أنهم منظمون، لكن فعلياً لم تعد لهم قاعدة شعبية قوية، خاصة حين يعلنون عن أنفسهم بشكل واضح، وسقوطهم فى مصر خير دليل على هذا الكلام.

وهل يعترف أردوغان أو تميم بانهيار هذا المشروع؟

- المشروع الإخوانى لم ينجح فى مصر، لأن الشعب المصرى اكتشف حقيقة ونوايا هذا التنظيم، النظامان التركى والقطرى استثمرا كثيراً فى مشروع الإخوان، ولا يعترفان بأن المشروع سقط وفشل، ويفعلان ما بوسعهما لإطالة أمد التنظيم، ورغم أنهما مقتنعان فى داخلهما أنه أصبح ضرباً من الماضى، إلا أن الدعم ما زال موجوداً، على الأقل لاستخدام التنظيم كورقة ضغط سياسية.

وكيف ترى تطور العلاقات الإماراتية السورية؟

- الإمارات لديها دائماً نظرة بعيدة فى علاقاتها مع الدول العربية، ومع الأوضاع داخل هذه الدول، وبلادنا ترى أن من مصلحة العرب عودة سوريا إلى الحضن القومى، وفى بداية الأزمة تأخرت أبوظبى كثيراً فى الوقوف بوجه النظام السورى، وهى مع الشعب فى كل الأحوال، ومؤخراً قررنا فتح السفارة فى دمشق على أمل عودة سوريا، وموقفنا وحديثنا لا يتعلق بشخص الرئيس السورى، ما يهمنا فى الأساس هو مصلحة السوريين.

ولكن إعادة فتح السفارة يتعارض مع المصالح الإيرانية فى سوريا؟

- بكل تأكيد، فطهران لا تريد أن يكون هناك علاقات عربية جيدة مع سوريا، لأن هذا الشىء يدمر مصالحها، لكن فى كل الأحوال سفارتنا مفتوحة، حتى وإن كانت لا تعمل بكامل طاقتها، الموضوع من الأساس كان يهدف لإعادة دول عربية أخرى فتح سفاراتها، أعتقد أن بلادنا كما كانت دائماً تتحمل مسئوليتها الأخلاقية تجاه العالم العربى، والكل يذكر دورنا إبان الغزو الأمريكى للعراق، قدمنا حينها الدعوة لصدام حسين، لكنه أضاع الفرصة ولو أنه قبل لكان العراق تجنب كثيراً من المشكلات التى يعيشها اليوم.

محمد الحمادى: إيران تفاخرت باحتلالها 4 عواصم عربية.. لكنها خسرت بغداد وبيروت وفى طريقها لخسارة صنعاء

ولماذا ترفض إيران إقامة علاقات طيبة مع جيرانها بدلاً من إثارة القلاقل فى المنطقة؟

- مشكلة إيران الرئيسية أنها دولة توسعية، وأنا هنا أتكلم عن النظام السياسى فى طهران، وما زالت تعيش بعقلية الثورة وليس بعقلية الدولة، ورغم مرور نحو أربعين سنة على الثورة، فالنظام يتعامل من هذا المبدأ، وهذا فى تقديرى فشل سياسى للنظام، لأنه لم يستطع أن يخرج من عباءة الثورة، وهو فشل للقادة السياسيين تحديداً، فهم يعتقدون أنهم سينتهون إذا تحولوا لدولة قانون، هناك من يحكم باسم الثورة، وهناك من يحكم باسم الدين، وإيران لديها العقدة الفارسية، ومسألة السنة والشيعة كذبة كبيرة اكتشفها العرب متأخراً، سواء فى لبنان أو العراق على وجه التحديد، نظامها يدعى حماية الشيعة وقضاياهم، لكنه لا يتسبب إلا فى مزيد من المشكلات.

لكن النفوذ الإيرانى يتزايد فى المنطقة.

- لا، أعتقد أن إيران كانت تتكلم عن أنها تحتل أربع عواصم عربية، لكنها اليوم خسرت عاصمتين، هما بيروت وبغداد، وخسارتها لصنعاء قريبة، أما دمشق فستحتاج لبعض الوقت، والنظام الذى يحكم إيران مكتوب عليه الفشل، لأنه فشل فى التعامل مع دول المنطقة، ومع المجتمع الدولى، والدول العظمى، وقبل كل ذلك فشل فى التعامل مع الشعب الإيرانى.

بمناسبة صنعاء.. ألا ترى أن الحرب قد طالت فى اليمن؟

- دعنا نكن واقعيين، المنطقة حتى هذا اليوم لم تواجه إيران مواجهة عملية، سواء السعودية أو مصر أو كل الدول العربية، كلما تحركت طهران نحن نواصل المسيرة، والمواجهة الحقيقية التى تمت كانت فى اليمن، وفى مواجهة دعم طهران للحوثيين كان لا بد من التحرك، صحيح أن الحرب أخذت وقتاً طويلاً، ربما كانت هناك طريقة أفضل للحرب نحن لا نعرفها يعرفها العسكريون جيداً، لكن المهم أنه عندما أراد العرب أن يوقفوا إيران استطاعوا بالفعل أن يوقفوها، التكلفة عالية، والوقت كبير، لكن المشروع الإيرانى فى اليمن توقف، وأحجار الدومينو سقطت. الهدف من الحرب فى اليمن لم يكن دعم الحوثيين فحسب، ولكن الزحف نحو مكة، وهذا معلن من جانبهم، وأحبطناهم فى اليمن، يجب ألا نضخم الخطر الإيرانى حين نتحدث عن هذا البلد الذى يعانى أزمات سياسية واقتصادية طاحنة.

الصحافة الورقية تواجه تحدياً كبيراً.. وصحافة الإمارات ستعانى فى المستقبل.. وعلى الصحفيين أن يطوروا أنفسهم للتماشى مع العصر الرقمى

من السياسة إلى الصحافة.. هل تعتقد أن الصحافة الورقية انتهت أو فى طريقها للاندثار كما يروج هذه الأيام؟

- لا شك أن الصحافة الورقية تواجه تحديات كبيرة، خاصة فى هذا المناخ التنافسى الشديد مع التكنولوجيا، أعتقد أن الصحافة الورقية ستبقى كشكل، ولكن كتأثير وكحضور ستتراجع كثيراً، بمعنى أن كثيراً من الصحف الورقية ستتحول مع الوقت إلى صحف إلكترونية، وستبقى بعض الصحف القوية فقط، وبالتالى فإن على الصحف الورقية التى تأخرت إلى اليوم ولم تقم بأى عمل لأجل استكمال مسيرتها الرقمية أن تحاول اللحاق بالركب، لأن تحدى الصحافة الرقمية قوى وقادم بشكل لا محالة.

مناهج تدريس الإعلام فى الجامعات العربية تحتاج للتحديث.. والجيل الجديد يعانى إشكالية المعرفة

إذا كان هذا دور المؤسسات فماذا عن الصحفيين؟

- على الصحفيين المحترفين الذين يعملون فى الصحف الورقية أن يتماشوا مع التطورات التكنولوجية، ولا يقاوموها، لأن من يقاوم التطور سيكون هو الخاسر، كل الاستثمارات المستقبلية فى هذا المجال يجب أن تتوجه للعالم الرقمى. وأعتقد أن الموضوع يختلف من دولة لدولة، ومن منطقة لمنطقة، ومن جمهور لجمهور، والصحافة الورقية تواجه تحدى المحافظة على جمهورها الموجود، والسعى لكسب جمهور جديد، ولن تنجح وحدها فى ذلك، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من الجمهور الحالى تسرب إلى الصحافة الإلكترونية.

لكن هناك رأياً يقول إن قارئ الأونلاين يبحث عن الأخبار السريعة وأن الصحافة الورقية تقدم محتوى أكثر تعمقاً؟

- تقديم محتوى متميز ومضمون تحليلى معمق وتحقيقات استقصائية أمور جيدة، لكنها لا تضمن استمرارية لكل الصحف، خصوصاً أن المعلن اليوم وهو جزء من التحدى الذى نعيشه، أصبح يتوجه نحو الصحافة والمحتوى الرقمى، ولم يعد يتقبل الورقية كما كان فى الماضى، وفى الدول الكبرى صاحبة الصحافة العريقة والجمهور الكبير مثل الولايات المتحدة ومصر واليابان والهند، أعتقد أن الإصدارات الورقية ستصمد.

ماذا عن الإمارات؟

- فى الإمارات الصحافة الورقية ستعانى أكثر فى السنوات المقبلة، لأن الجمهور العام يتوجه نحو الإعلام الرقمى، والصحافة اليوم يجب أن تركز على المحتوى وننسى القالب، لأنه يتغير، سواء كان ورقياً أو أونلاين، ودعنى أشر إلى نقطة مهمة، وهى أن الصحافة الورقية ما زالت تحافظ على مصداقية لدى الجمهور، لكن هذه المصداقية لم تعد الشاغل الأكبر للجمهور العام الذى يريد أن يعرف الخبر بسرعة، وما دام الموقع الإخبارى تابعاً لمؤسسة ذات مصداقية فإن هذا سينسحب عليه.

هل ترى فرقاً بين الدراسة الأكاديمية للإعلام والممارسة العملية له؟

- بلا شك، اليوم هناك فجوة كبيرة بين ما يتم تدريسه فى الجامعات العربية والممارسة، تجد الخريج حين خروجه لسوق العمل يكتشف واقعاً جديداً، ولا يستفيد مما تعلمه فى الجامعة سوى بـ20 فى المائة على أقصى تقدير، لذلك يفترض أن تعتمد المناهج الدراسية فى الجامعات، خاصة الكليات المعنية بالإعلام، على التحديث بشكل مستمر، كل عام دراسى، فالجامعات الكبيرة التى يقبل عليها الدارسون هى من تحدث مناهجها أولاً بأول، وتواكب التطور التكنولوجى، ويجب ألا ننسى أن الإعلام اليوم قطاع من القطاعات التى تتطور بشكل مستمر.

وكيف ترى الجيل الجديد من الصحفيين العرب؟

- أعتقد أن الجيل الحالى يمتلك حماساً كبيراً، ومتخلص من كثير من العقد والقيود، لكنه يعانى إشكالية المعرفة المعمقة، أنت اليوم كإعلامى يجب أن تكون شخصاً قارئاً ومثقفاً، ولديك خبرات كثيرة فى الحياة، لا أتكلم عن البدايات، لكن يجب على الأقل أن يكون لديك معرفة مقبولة، وهذا ما يميز شخصاً عن غيره، ومع مرور الوقت، يجب أن تكون معرفتك عميقة، وأن تكون ملماً بما يدور حولك، الشباب مستعجل ويريد الشهرة التى أصبحت موجودة بفعل مواقع التواصل الاجتماعى، فى النهاية لا أريد أن أبخس الشباب حقه، لأنى جربت مجموعة من الشباب لديهم الحماس والرغبة، ويحتاجون التوجيه، وهذه مهمتنا كجيل سبقهم، ويجب علينا نقل خبراتنا لهم، ونصحح مسارهم ونساعدهم كى يكونوا مهنيين.


مواضيع متعلقة