أطباء: الأمراض النفسية تعوق أبناء دور الأيتام عن مواصلة التفوق وتعزلهم عن المجتمع

أطباء: الأمراض النفسية تعوق أبناء دور الأيتام عن مواصلة التفوق وتعزلهم عن المجتمع
- تعليم أبناء دور الأيتام
- دور رعاية الأيتام
- رعاية الأيتام
- دور الرعاية
- تعليم أبناء الأيتام
- تعليم أبناء دور الأيتام
- دور رعاية الأيتام
- رعاية الأيتام
- دور الرعاية
- تعليم أبناء الأيتام
كراهية شديد للمدرسة وانعزال عن باقى الأقران، ومستوى تعليم متراجع، يشهده أطفال دور الرعاية خلال مسيرتهم التعليمية، نتيجة اضطرابات نفسية بالجملة، وأمراض اكتئاب تحاصرهم منذ نعومة أظافرهم، وأفكار الانتحار تسيطر عليهم كى يهربوا من الوصمة التى تلاحقهم، مشكلات عديدة تعوق عملية التعليم بالنسبة لهم، خاصة فئة المراهقين، الذين تزيد نسبة إصابتهم بالأمراض النفسية المختلفة نتيجة الظروف القاسية التى مرت أمام أعينهم، فمنهم من يتجاوزها، ومنهم من يظل غارقاً فيها مدى الحياة، ويكتفى بالمرحلة الابتدائية أو الدبلوم.
"رسلان": معظمهم يتوقف عند المرحلة الابتدائية أو الإعدادية.. والقليل منهم يحصل على الدبلوم
تقول الدكتورة ياسمين رسلان، إخصائية الطب النفسى، إن 60 حالة داخل دار رعاية للبنات من عمر 6 سنوات وحتى 18 عاماً، معظمهن ليست لديها قابلية للتعلم وتعود كل يوم كارهة هذا المكان ورافضة الذهاب إليه فى اليوم التالى نتيجة فقدان الدافع أو الهدف، لافتة إلى أنها تحاول طوال الوقت إقناعهن بأن هذه الوسيلة هى نافذتهن على العالم والقادرة على تحسين وضعهن ومكانتهن داخل المجتمع، وإزالة بعض الآثار النفسية المترسّخة بداخلهن: «للأسف السن ده بيكون عنيد جداً وصعب إقناعه». وتضيف «ياسمين» أن بنات دور الرعاية أصعب الفئات التى عالجتها، خاصة أن جزءاً كبيراً منهن مجهولات النسب، ومنهن هاربات من بيت الأهل نتيجة تعذيب: «طول الوقت عندهم مشكلة بعد سن معينة بيسألوا إحنا ولاد مين»، مما يولد لديهن شعوراً بعدم الأمان وفقدان العلاقات الآمنة حتى تجاه من عاش معهن منذ 20 عاماً، وهن العاملات داخل الدار: «البنت بتكون شاكة فى كل حاجة، ومش عايزة تتعلم، ومش متقبلة الفكرة»، مؤكدة أن عدداً كبيراً منهن يتّجه للهرب عند سن الـ17 عاماً، ونسبة قليلة منهن من ترغب فى التعلم»، لافتة إلى أن الدور التى عملت بها بعضها خصّص فصولاً لمحو الأمية، وفصلاً مجتمعياً لمن لم تحظَ بفرصة التعليم: «بيلاقوا اهتمام مش موجود فى بيوت كتير»، ومع ذلك معظمهن يتجهن للدبلوم، أو يكتفين بالمرحلة الابتدائية أو الإعدادية.
عدد كبير من بنات الدور يواجهن صعوبة فى التعامل مع الناس ويضطررن للاكتفاء بصداقاتهن الداخلية، دون التطرّق للحديث مع آخرين، رغم وجودهن فى مدارس حكومية: «بيخافوا وفاقدين إحساس الأمان». الدكتورة آية ماجد، أستاذ الطب النفسى المساعد بجامعة الإسكندرية، تتابع حالات كثيرة لأطفال داخل دور رعاية، واقتربت من مشاكلهم، مؤكدة أن من أبرز الأمراض التى يتعرّضون لها الاكتئاب الشديد واضطراب ما بعد الصدمة، نتيجة تعرضهم لخطر جسدى أو جنسى أو استغلال عاطفى، مما يؤثر بشكل كبير على مستواهم الدراسى بسبب فقدانهم الثقة فى أنفسهم والتشتّت وقلة التركيز».
تحكى أن هناك الكثير من المشكلات التى تقابلهم داخل المدارس والشكوى المستمرة من ضعف تركيزهم وتشتّتهم وضمهم إلى فصول الدمج أو تعنيفهم والتعامل معهم بشكل سيئ: «بيتعاملوا على إنهم مستوى أقل»، مؤكدة أن جميع مشكلاتهم لها علاج، ومع مرور الوقت ستختفى أعراضها، وبإمكانهم ممارسة حياتهم بشكل طبيعى، يجب أن يتم معالجتهم سريعاً والتعامل معهم باعتبارهم أشخاصاً عاديين، حتى لا يؤثر ذلك فى استمرارية تعلمهم».
انضمت «آية» مؤخراً إلى حملة حماية الطفل التابعة لـ«اليونيسيف»: «بنساعد 3 آلاف طفل معرّض للخطر الشديد معظمهم من دور رعاية»، مؤكدة أن نسبة كبيرة منهم فى حاجة إلى العلاج النفسى لتعرّضهم لأشكال وصور مختلفة من العنف والتنمر والوصمة التى تلاحقهم منذ صغرهم وحتى بلوغهم سن الشباب فى ما فوق: «بيتهانوا إن أبوهم وأمهم مش معروفين»، فضلاً عن إصابتهم باضطرابات عضوية والتحرّش خارج الدار على يد جيران: «كنت باعالج طفل اتعرض للتحرش على يد جار فى عمارة مجاورة للدار»، مؤكدة أن أكثر الوزارات التى تهتم بالعلاج النفسى ومتعاونة معهم وزارة التضامن الاجتماعى التى تحرص على الاستعانة بمتخصصين وتسرع فى تحويل الحالات إلى أطباء لتلقى العلاج اللازم: «لأن كتير من دور الرعاية مافيهاش طبيب نفسى».
تتعامل «آية» مع حالات تشنّج باعتبارها متخصصة فى أمراض المخ والأعصاب والحالات الخطرة التى تتعرض لعنف شديد قد يلازمها فترة طويلة: «كتير منهم جايين بأفكار انتحارية خاصة المراهقين»، لافتة إلى أن 100% من الأطفال داخل دور الرعاية تعرّضوا لضغوط نفسية نتيجة عوامل كثيرة، منها نزولهم إلى الشارع وتعاملهم مع الناس: «فوق الـ9 آلاف طفل فى دور الرعاية». ترى أن من الأفضل أن يوجد طبيب نفسى داخل كل دار رعاية لمتابعة حالة الأطفال، لكن هناك نقصاً شديداً فى هذا التخصص على مستوى الجمهورية، فضلاً عن تكتم بعض الدور على الحياة داخلها والاكتفاء بإخصائى نفسى أو الاستغناء عنه: «الكارثة الحقيقية إن معظم الناس اللى داخل دور الرعاية مش مؤهلين للتعامل مع الأطفال بالأساس».