تعرف على الصحابي "صاحب سر رسول الله" وسبب عدم مشاركته في غزوة بدر

كتب: سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسى

تعرف على الصحابي "صاحب سر رسول الله" وسبب عدم مشاركته في غزوة بدر

تعرف على الصحابي "صاحب سر رسول الله" وسبب عدم مشاركته في غزوة بدر

لقب الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان بـ"حافظ سر الرسول"، لأن النبي أسر له بأسماء كافة المنافقين في العهد النبوي وظل محتفظا بهذا السر طوال حياته ولم يبح به لأحد، وكان خليفة المسلمين عمر بن الخطاب عندما يريد أن يصلي على أحد أموات المسلمين يسأل عن حذيفة، هل هو من ضمن الحاضرين للصلاة؟، وذلك خوفا منه بالصلاة على أحد المنافقين.

ولد حذيفة بن اليمان العبسي الغطفاني القيسي، بمكة وعاش في المدينة المنورة ومات سنة 36 هجرية في مدينة المدائن، وأبوه الصحابي الجليل اليمان، كان قد قتل رجلا في مكة فهرب إلى يثرب وحالف بني عبد الأشهل، فسماه قومه اليمان، لحلفه اليمانية وهم الأنصار، ثم تزوج امرأة منهم وهي الرباب بنت كعب الأشهلية، فأنجبت حذيفة وسعد وصفوان ومدلج وليلى. وقد أسلمت الرباب وبايعت الرسول. ولليمان ابنتان أخريان هما فاطمة وأم سلمة.

واجه والده اليمان مشكلة الطلب بثأر عليه أجبره على الهرب وترك مكة واللجوء للعيش مع عائلته في يثرب، وعندما أعلن الرسول محمد دعوته للإسلام في مكة جاءه اليمان مع بقية من أهل يثرب من الأوس والخزرج وبايعوه ولم يكن حذيفة معهم، ولكنه أسلم قبل مشاهدة الرسول، عندما وصل رسول الله سأله حذيفة هل هو يحسب من المهاجرين أم من الأنصار، فقال له الرسول: أنت يا حذيفة من المهاجرين والأنصار.

شارك حذيفة بكل المعارك والغزوات التي قادها النبي محمد عدا غزوة بدر، حيث كان بسفر خارج المدينة آنذاك فوقع أسيرا في يد كفار قريش، وعند استجوابه أعلمهم بأنه في طريقه إلى المدينة ولا علاقة له بمحمد وجماعته وعاهدهم بعدم مقاتلتهم، وحصل أن تركه الكفار فشد الرحيل مسرعا إلى رسول الإسلام له، مخبرا إياه عما حصل وبأن الكفار يتأهبون للغزو، ولم يسمح له رسول الله بالمشاركة في المعركة إيفاء بعهده، لذا لم يشارك المسلمين في تلك الغزوة.

شهد حذيفة أحدا وما بعدها من المشاهد مع الرسول، وشهد فتح العراق والشام، وشهد اليرموك في السنة 13 هـ، وبلاد الجزيرة في السنة 17هـ ونصيبين.

وشهد فتوحات فارس، وفي معركة نهاوند حيث احتشد الفرس في مائة ألف مقاتل وخمسين ألفاً، اختار أمير المؤمنين عمر لقيادة الجيوش المسلمة النعمان بن مقرن ثم كتب إلى حذيفة أن يسير إليه على رأس جيش من الكوفة، وأرسل عمر للمقاتلين كتابه يقول: "إذا اجتمع المسلمون، فليكن كل أمير على جيشه، وليكن أمير الجيوش جميعا النعمان بن مقرن، فاذا استشهد النعمان فليأخذ الراية حذيفة، فاذا استشهد فجرير بن عبد الله.."، وهكذا استمر يختار قواد المعركة حتى سمى منهم سبعة.

والتقى الجيشان ونشب قتال قوي، وسقط القائد النعمان شهيداً، وقبل أن تسقط الراية كان القائد الجديد حذيفة يرفعها عالياً وأوصى بألا يذاع نبأ استشهاد النعمان حتى تنجلي المعركة، ودعا نعيم بن مقرن فجعله مكان أخيه النعمان تكريماً له، ثم هجم على الفرس صائحاً: "الله أكبر، صدق وعده، الله أكبر، نصر جنده"، وانتهى القتال بهزيمة ساحقة للفرس، وكان في فتح همذان والري والدينور على يده.

لمّا نزل بحذيفة الموت جزع جزعاً شديداً وبكى بكاءً كثيراً، فقيل: "ما يبكيك؟"، فقال: "ما أبكي أسفاً على الدنيا، بل الموت أحب إليّ، ولكنّي لا أدري على ما أقدم على رضىً أم على سخطٍ". ودخل عليه بعض أصحابه، فسألهم: "أجئتم معكم بأكفان؟"، قالوا: "نعم"، قال: "أرونيها"، فوجدها جديدة فارهة، فابتسم وقال لهم: "ما هذا لي بكفن، انما يكفيني لفافتان بيضاوان ليس معهما قميص، فإني لن أترك في القبر إلا قليلاً، حتى أبدل خيراً منهما، أو شراً منهما"، ثم تمتم بكلمات: "مرحباً بالموت، حبيب جاء على شوق، لا أفلح من ندم"، وأسلم الروح الطاهرة لبارئها في أحد أيام العام الهجري السادس والثلاثين بالمدائن، وذلك بعد مَقْتلِ عثمان بن عفان بأربعين ليلة.


مواضيع متعلقة