صور.. أبطال "إيلات" يحيون ذكرى الشهيد البرقوقي: ضحى بنفسه من أجل نجاح العملية

كتب: سمر عبد الرحمن

صور.. أبطال "إيلات" يحيون ذكرى الشهيد البرقوقي: ضحى بنفسه من أجل نجاح العملية

صور.. أبطال "إيلات" يحيون ذكرى الشهيد البرقوقي: ضحى بنفسه من أجل نجاح العملية

50 عاما مضت على ذكرى استشهاد البطل رقيب أول محمد فوزي البرقوقي، ابن قرية منية جناج التابعة لمركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ، الذي استشهد في أكبر عملية بحرية سطرت بطولات كبيرة لأبناء الجيش المصري.. ففي منتصف نوفمبر 1969، دمرت القوات البحرية السفينتين "هيدروما وداليا" بميناء إيلات الإسرائيلي، واستشهد البطل البرقوقي، وسحب اللواء ربان نبيل عبدالوهاب جثته لأكثر من 16 كيلو مترا تحت الماء، رافضاً ترك جثة زميله الشهيد، حتى عاد بها إلى أرض الوطن.

ورغم مرور نصف قرن، ما زال أبناء كفر الشيخ يتذكرون بطولات الشهيد، وأقاموا حفلاً كبيراً بحضور أقارب وزملاء الشهيد، على رأسهم اللواء ربان نبيل عبدالوهاب، أحد أبطال القوات البحرية المصرية في حرب أكتوبر المجيدة، وذلك تخليدا لذكرى البطل البرقوقي، حيث وضعوا إكليلا من الزهور على قبره بالقرية، وتبادلوا الكلمات ذكريات استشهاده، مؤكدين أنه نال تكريماً رفيع المستوى في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث حصل على نوط الجمهورية العسكري من الطبقة الأولى، كما تم إطلاق اسمه على الدفعة 150 ضباط صف معلمين عام 2014، وأطلق اسمه على مدرسة منية جناج الإعدادية بمسقط رأسه، تخليداً لذكراه.

وأكد الحضور أن الشهيد أدى أداءً بطوليا، رافضاً الاستسلام للموت إلا بعد وضع المتفجرات أسفل إحدى السفينتين، واطمئن على نجاح العملية.

الربان عبدالوهاب يسرد بطولات الشهيد 

بطولات الشهيد وأسراره يرويها اللواء ربان نبيل محمود عبدالوهاب، قائد عملية تدمير سفن العدو، الذى سحب جثمان الشهيد 16 كيلومترا تحت الماء حتى وصل للميناء.

قال عبدالوهاب إن الشهيد قام ببطولة كبيرة بداية من التدريب الذي تلقته المجموعات المشاركة، حيث كان يرافقه طوال فترات التدريب التي كانت تمتد لأكثر من 9 ساعات سواء في السباحة أو الغطس، قائلا: "كنا نتلقى تدريبات قاسية للقيام بعملية مهاجمة سفن العدو في ميناء إيلات، وتم اختيار المجموعة التى ستقوم بتنفيذ عملية إيلات الأولى، تدمير السفينتين (هيدروما وداليا) بناء على الكفاءة في التدريب، وبعد الاختيار تم ترتيب كل شيء واستخراج جوازات السفر، وسافرنا للأردن، وجدنا كل شيء مُرتب، وطوال هذه الفترة كان الشهيد لا يتركني، حملنا الأسلحة والألغام والقارب المطاطي، وكان الهدف تدمير السفينتين اللتين كانتا تستخدمهما إسرائيل للمجهود الحربي، وكان البرقوقي وقتها يبلغ من العمر 22 عاماً، كنا متقاربين في العمر، كان رقيب أول شاطر ودمه خفيف، يهون علينا ويؤدي مهامه بشجاعة".

قائد العملية: الشهيد رفض الاستسلام للموت حتى لا يكشفنا العدو 

يضيف عبد الوهاب: "تدربنا عدة أيام في ميناء إيلات قبل وصول السفينتين المراد تدميرهما أو إغراقهما، وكنا نتحرك بقارب مطاطي مملوء بمواد مشتعلة، إلى جانب أسطوانات التنفس التى تحتوى على أكسجين صافى، بجانب 6 ألغام يحتوى كل لغم على 50 كيلو جرام، TNT التى سينفذون بها العملية، وبعد سباحة 3 مجموعات نحو 2 كيلو داخل ميناء إيلات، خُصصت مجموعتان لتلغيم السفينة هيدروما، والآخرى لتلغيم السفينة داليا، وكل ضفدع كان يحمل لغم لوضعه في مكان محدد في السفينة المطلوب تدميرها، وقمت بوضع اللغم الخاص بي فى منتصف السفينة داليا، أسفل غرفة الذخيرة، بينما قام رفيقي البرقوقي بوضع اللغم الخاص به فى مؤخرة السفينة أسفل غرفة الماكينات، وقبل هذه اللحظات شعر الشهيد بأنه يتعرض للموت بسبب استنشاق الأكسجين، ما أدى لحدوث تسمم لديه قبل تركيب اللغم".

وتابع: "في هذه الحالة كان يجب خروجه من الغطس لفوق سطح الماء لتنفس هواء نظيف، لأن حال تسممه بالأكسجين سيموت خلال 5 دقائق، لكنه خشى أن يراه العدو الإسرائيلي، وتفشل العملية فصًمم على مواصلة وضع اللغم لضمان نجاح العملية، وبعد الإنتهاء، أشار إلي بأنه في لحظاته الآخيرة، قائلا: خلاص مش قادر وجريت وطلعنا على وش المياه، لكن فجأة أيقنت أنه استشهد، فقد ضحى بحياته من أجل نجاح العملية".

وأردف: "كان عارف أنه هيموت، قام ببطولة أكثر من رائعة، في الحرب عادة لما يموت شهيد بيسيبوه مكانه، لكن أنا قصاد بطولته، مقدرتش اسيب جثته، كان لازم يندفن في مصر، رفضت اسيب جثة رفيقي، سبحت بيها تحت الماء 16 كيلومترا لما ملحقناش القارب المطاطي، لحد ما وصلت الميناء، كان حد مستنينا على بوابة العقبة، ورجعت معانا، كنا حريصين على عودة الجثمان، بعد نجاح العملية، كان مُخطط ليها بدقة واتنفذت بدقة، لكن البرقوقي مات بسبب مشكلة تسمم الأكسجين في الأسطوانة".

وعن الشهيد ومواصفاته، قال اللواء نبيل عبدالوهاب: "هو شخص كان مهذب وحبوب، خفيف الظل وكان شاطر وبيحكيلي على علاقته العاطفية بحبيبته وعن حياته، كنا أكتر من الأخوات، علشان كدة فكرنا نزور قريته احتفالاً بالذكرى الـ50 لاستشهاده، ونلتقى بما تبقى من أهله، لكن وجدنا حفاوة أكتر من الأهالي، صممواً على إقامة حفل كبير فدعينا الزملاء في العملية، ووضعنا إكليلا من الزهور على مقبرته".

ويتفاخر أبناء مركز دسوق بابنهم الشهيد حتى الآن، رغم مرور 50 عاماً على استشهاده.

"عُرف عنه القوة والشجاعة بين أصدقائه في القرية ما جعله يتطوع فى صفوف القوات المسلحة ليكون رجلاً من رجالها وبطلاً من أبطالها، وحصل علي الثانوية العامة، أثناء تطوعه بالقوات المسلحة، وحصل على ليسانس الآداب من جامعة الإسكندرية عام 1965 أثناء وجوده بالقوات المسلحة ولم يتزوج"، حسبما أكد إسلام جبر، أحد خريجي البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب، وأحد أبناء قريته، مشيراً إلى أن أهل القرية صمموا على إقامة حفل في الذكرى الـ50 لاستشهاده، تخليداً لذكراه ولزرع الانتماء داخل نفوس الشباب والأطفال، ولتعريفهم بتضحيات وبطولات أبناء القوا المسلحة عامة والقوات البحرية خاصة.

وأضاف جبر، أن الشهيد انضم إلى الوحدات الخاصة البحرية ليحصل على فرقة الصاعقة البحرية ثم فرقة الضفادع البشرية عام 1963، ثم التحق بالضفادع البشرية واستشهد أثناء تنفيذ أول عملية هجومية للضفادع البشرية ضد ميناء إيلات في 16 نوفمبر 1969، وهو الشهيد الوحيد في عملية تدمير سفينتين بميناء إيلات الإسرائيلي عام 1969، التي نفذتها فرقة الضفادع البشرية، كما أنه جرى تكريمه ووضع اسمه على شوارع بعض المحافظات الأخرى.

أحد أبناء قريته: السيسي منحه نوط الجمهورية العسكري.. وفخورين به

وقال ياسر أبو الفتوح عنان، أحد أبناء قرية الشهيد: "شهيدنا شرف نفخر به واختياره الشهادة حتى لا تنكشف المهمة قبل التنفيذ درس للتاريخ نعلمه لأبنائنا وأمانة نحفظها لمصرنا التي نفتديها بأرواحنا، واحتفالنا بالذكرى الـ50 جاء لتعليم أطفالنا معنى الانتماء، وكيف تكون تضحيات الرجال الذين لا يهابون الموت، فالشهيد ضحى بنفسه من أجل وطنه، وأكرمه الله بعودة جثمانه ليُدفن هنا بيننا، وقمنا بتجديد مقبرته منذ أيام قليلة".

حضر حفل التكريم أسرة عملية "إيلات": اللواء عمر عز الدين، اللواء نبيل عبدالوهاب، اللواء محمود سعد، اللواء طارق البرقوقي، ابن عم الشهيد، النقيب فؤاد رمزي، النقيب أحمد المصري، وعددا كبيرا من أهالي دسوق.


مواضيع متعلقة