محمد علي صاحب فكرة إنشائه.. 117 عاما على المتحف المصري منارة التحرير

كتب: رضوى هاشم

محمد علي صاحب فكرة إنشائه.. 117 عاما على المتحف المصري منارة التحرير

محمد علي صاحب فكرة إنشائه.. 117 عاما على المتحف المصري منارة التحرير

من قلب ميدان التحرير تنطلق غدا احتفالية العيد 117 للمتحف المصري بالتحرير، تلك المنارة التي تشع نورها بميدان التحرير، التحفة الفنية الوردية ذات القباب والتي تصل الماضي بالحاضر وتعيد صياغة التاريخ.

 في وسط العاصمة يقع أكبر وأشهر المتاحف على مستوى العالم لكونه أول متحف مفتوح جرى إنشاؤه على مدار التاريخ، وهذا أهم ما يميزه عن غيره من المتاحف التي سبقته في الإنشاء، ونظراً لما تتمتع به الآثار المصرية من دقة عالية تعبر عن براعة القدماء المصريين، وفي الوقت الذي كان يعتقد فيه المصريون أن هذه الحجارة يختبئ بها كنوز، كانت تلك الحجارة هي بذاتها الكنوز بالنسبة للأجانب، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء متحف للحفاظ على الآثار المصرية، فكانت الحملة الفرنسية على مصر أول من نبه لقيمة التراث المصري القديم تبعها محمد علي باشا الذي أصدر أول مرسوم ينظم العمل بالحفائر والإتجار بالآثار، وأمر بمنع خروجها من مصر بدون تصريح وخصص في عام 1848 جناحا لها بمنزل الدفتردار بالأزبكية والتي سرعان ما ازدحمت بالآثار وتعرضت أكثر من مرة لحوادث السرقة والنهب.

وقال الدكتور طارق العوضي المدير الأسبق للمتحف: في عهد سعيد باشا جرى تعيين المسيو أوجست مارييت الأثري الفرنسى مأموراً لأعمال العاديات نظراً لنشاطاته واكتشافاته الأثرية التي حققها، ومنها الكشف عن السيرابيوم في سقارة، وفي العام نفسه جرى منح مارييت بيتا متواضعا عند منطقة بولاق لتكون النواة الأولى لأول متحف للآثار المصرية ونقل إليها مارييت الآثار التي عثر عليها أثناء حفائره.

وأكمل: وفي عام 1863م، وافق الخديوي إسماعيل على مشروع بناء متحف للآثار المصرية بوسط المدينة ولكن تأجل المشروع لظروف مالية، وجرى الاكتفاء بمنح مارييت باشا عربخانة أمام دار الأنتيكخانة في بولاق ليضمها ويوسع بها متحفه، وفي عام 1878م حدث ارتفاع شديد في فيضان النيل أغرق متحف بولاق وأدى إلى ضياع بعض محتوياته، وكذلك مكتبة مارييت ورسوماتة وأوراق حفائره.

وتابع: "أغلق متحف بولاق للترميم والإصلاح حتى عام 1881، عندما أعيد افتتاحه وفي العام نفسه توفي مارييت وخلفه (ماسبيرو) كمدير للآثار وللمتحف".

 في عام 1890م وعندما تزايدت مجموعات متحف بولاق جرى نقلها إلى سراي إسماعيل باشا بالجيزة، ومن خلال محضر اجتماع مجلس النظار نعرف أن تكلفة نقل المتحف ومقتنياته بلغت 10 آلاف جنيه مصري وعندما جاء العالم "دي مورجان" كرئيس للمصلحة والمتحف قام بإعادة تنسيق هذه المجموعات في المتحف الجديد الذي عرف باسم متحف الجيزة، بحسب العوضي.

 وأضاف: "عاد ماسبيرو مرة أخرى ليدير المصلحة والمتحف، وفي مارس من عام 1893، اجتمع مجلس نظارة الأشغال العمومية لمناقشة طلب إنشاء متحف جديد للآثار لكى تنقل إليه بدلاً من سراي الجيزة أو الإبقاء عليها في سراي الجيزة بعد الاكتفاء بترميم السراي فقط، وفي الطلب المقدم جرى حساب تكلفة إنشاء متحف جديد بمبلغ 130 ألف جنيه، بينما تكلفة ترميم سراي الجيزة بـ80 ألف جنيه، وكان مقدم الطلب جاستون ماسبيرو يطمع في الموافقة على إنشاء متحف جديد للآثار".

وكشفت صباح عبد الرازق مدير المتحف، عبر محاضر الاجتماعات التي سبقت بناء المتحف المصري، معارضة شديدة لإنفاق المبالغ الكبرى على إنشائه أو ترميمه، ومن المعارضين كان بطرس باشا غالي الذي قال: "هذه المذكرة مشتملة على مسائلتين كل منهما على حدتها، الأولى إنشاء محل جديد للأنتيكخانة والثانية ترميم سراي الجيزة الموجدة الأنتيكخانة فيه الآن؛ فإن كانت ترى اللجنة أن ترميم السراي المذكور يجعله صالحاً لحفظ الآثار ولوقايتها من الحريق فالأولى الاقتصاد على إجراء الترميمات والإصلاحات الازمة وصرف النظر عن إنشاء محل جديد".

 ووفقا لمحضر الاجتماعات، رد عليه جارستن على بطرس باشا غالي بقوله: "قمنا بعمل مقايسة بالترميمات والتصليحات اللازمة فوجدنا إنها تبلغ نحو الثمانين ألف جنيه، ولا يكون المحل لائقا للأنتيكخانة ولذلك فضلنا إنشاء محل جديد أما دولة رياض باشا فكان من أشد المعارضين سواء لإنشاء متحف جديد أو لصرف 80 ألف جنيه على ترميم مبنى سراي الجيزة".

وتهكم بطرس غالي على فكرة نقل الآثار، قائلاً: "في البداية قالوا لا بد من نقل الأنتيكخانة من بولاق بسبب الرطوبة، وتم نقل الأنتيكخانة إلى سراي الجيزة وتكلفت أعمال النقل 30 ألف جنيه، والآن يطلبون نقل الأنتيكخانة إلى متحف جديد يتكلف إنشاؤه 130 ألف جنيه لا يستفيد منه سوى الأوربيين، أما أهل البلد فلا، وأني أرى أن مبلغ 20 ألف جنيه كافية لترميم السراي وإبقاء العاديات بها".

وتابعت عبد الرازق: "استمرت المداولات بشأن مشروع إنشاء المتحف المصري وفى النهاية وتحت ضغط عالم الآثار الفرنسي دي مورجان جرت الموافقة على إنشاء متحف جديد للآثار، وذلك خلال اجتماع مجلس النظار برئاسة الحضرة الخديوية ونص قرار الإنشاء على الآتي: وافق المجلس بعد المداولة على إنشاء متحف جديد فيما بين النيل وقشلاق قصر النيل وأن يطلب لأجل ذلك من صندوق الدين لحد 150 ألف جنيه، بعد ذلك الاجتماع بدأت الخطوات الفعلية لبناء المتحف الجديد ومنها تحديد الأرض وإزالة ما عليها من أي إشغالات أو أعمال وجرى الإعلان عن مسابقة لأفضل تصميم وجائزتها ألف جنيه مصري، لتبدأ  أعمال البناء فعلياً في 1898 وافتتح المتحف في 1902، مطلاً على النيل مباشرة".

 


مواضيع متعلقة