بالطائرات والأقمار الصناعية.. الفاو تحارب الجراد الصحراوي

بالطائرات والأقمار الصناعية.. الفاو تحارب الجراد الصحراوي
قد تراه آفة صغيرة، لكنه قوي ويتسبب في خسائر قد تصل إلى ملايين الجنيهات في وقت قصير، يهاجم مصر من الجنوب سنويا قادما من دولة السودان. إنه الجراد، أحد أقدم الآفات الأكثر فتكا في أفريقيا.
يمكن لعشرات الملايين منه أن تطير لمسافة تصل إلى 150 كيلومترا في اليوم في اتجاه الرياح، لتغطي مساحات شاسعة، ويمكن لحشرة الجراد الصحراوي الكاملة أن تستهلك تقريبا ما يعادل وزنها، حوالي جرامين من الطعام الطازج يوميا، بمعنى أن سربا صغيرا للغاية سيأكل من الطعام في يوم واحد نفس كمية 35000 شخص تقريبا.
منذ أكثر من 40 عاما، تعمل منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" على تطوير أدوات تساعد فى القضاء على الآفة الفتاكة حيث قامت المنظمة بتطوير أداة رائدة تتيح للفرق الميدانية في جميع أنحاء العالم رسم خرائط تحركات الجراد عبر البلدان والبدء في العمل للسيطرة على السرب قبل أن يتسبب في أضرار جسيمة.
الأداة وفقا للفاو عبارة عن جهاز لوحي يدوي وتطبيق مخصص، متاح باللغات الإنجليزية والفرنسية والعربية، ويمكن من خلاله تسجيل ونقل البيانات في نفس الوقت عبر الأقمار الصناعية إلى وحدات مكافحة الجراد الوطنية ومن ثم إلى مركز خدمات معلومات الجراد بمقر المنظمة في روما.
تم نشر 450 جهاز إلى الفرق الميدانية عبر 24 دولة في شمال أفريقيا والشرق الأدنى وجنوب غرب آسيا، للسماح لهم لنقل البيانات آنياً من سيارات الفرق الميدانية في عمق الصحراء مباشرة إلى وحدات مكافحة الجراد الوطنية ومن ثم إلى مقر مركز عمليات منظمة الأغذية والزراعة.
يتدرب ضباط معلومات الجراد الوطنيون تدريباً صارماً لمدة 11 شهرا في روما، حتى تتمكن الفرق الميدانية من جمع وتصنيف وتحليل البيانات، ومن ثم مشاركة البيانات مع الدول المجاورة.
منظمة الأغذية والزراعة تراقب على مدار الساعة البيانات وصور الأقمار الصناعية التي تسمح لوضع التوقعات حتى ستة أشهر تالية، وتعطي الأجهزة معلومات الجراد بصورة واسعة المدى حول مواقع الجراد الدقيقة حول العالم، مما يسمح للمركز بتوقع أنماط التحركات والطيران وبالتالي إعطاء الإنذار المبكر للدول المعرضة للخطر والذين عندئذ يمكنهم بدء عمليات المكافحة.
ولعلاج مشكلة اتساع نطاق الصحراء في شمال أفريقيا، تعمل منظمة الأغذية والزراعة للاستفادة من تقنية الطائرات المسيرة عن بعد، إلى جانب أجهزة eLocust3 الحالية، وذلك لمنح الفرصة للفرق الميدانية للقيام بعمليات المسح بمزيد من الكفاءة، ولتغطية مساحات أكثر اتساعا.
تحلق الطائرات المسيرة عن بعد لمسافة 100 كيلومتر تقريبا، لجمع البيانات من موقع ذو غطاء نباتي أخضر، ولمعالجة الصور في شكل خرائط، كما تستطيع بأمان وكفاءة تطبيق (رش) المبيدات، لمنع الجراد قبل تكوين الاسراب، وللحد من تعرض الإنسان للمبيدات، وستتاح النماذج الأولية من هذه الطائرات للدول في عام 2020.
وتعتبر مبادرات eLocust3 والطائرات المسيرة عن بعد أمثلة ملموسة على كيفية حل المشكلات القديمة بالابتكار والتكنولوجيا الجديدة ولكن الأهم من ذلك، هو تطبيق تلك التكنولوجيا بطرق جديدة مبتكرة.