قبل الإعلان عن حيوان يشبهه.. أبو الهول "لغز" عمره آلاف السنين

كتب: ماريان سعيد

قبل الإعلان عن حيوان يشبهه.. أبو الهول "لغز" عمره آلاف السنين

قبل الإعلان عن حيوان يشبهه.. أبو الهول "لغز" عمره آلاف السنين

"قد يشكل الأصل وراء هيئة تمثال أبو الهول"، هو الكشف الأثري الذي أعلن عنه وزير الآثار، في حديثه لصحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية، ما يسلط الضوء على هذا التمثال الضخم.

وقال الوزير، إن علماء الآثار يحاولون استكشاف حيوان غريب جدًا قد يكون أسدًا أو لبؤة، ويعتقد أنه قد يشكل الأصل وراء هيئة تمثال أبو الهول، مضيفا لصحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية: "سنعلن عن اكتشاف خلال الشهر الحالي، وبعد استخدام التصوير المقطعي واختبار الحمض النووي لدراسة حيوان وجدناه إنه حيوان غريب للغاية، يشبه قطة كبيرة"، متابعا: "ربما سيكون أسدًا أو لبؤة، وسنعلن عن الاكتشاف في غضون أسابيع قليلة".

كبير الأثريين: لأبو الهول رموز عدة ولم نصل لحقيقته حتى الآن

قال الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين، إننا حتى الآن لم نصل لمعلومات أكيدة بخصوص أبو الهول، لكن هناك عدة تأويلات لذلك التمثال الضخم، فهو لا يزال من الآثار المحاطة بالغموض، موضحا أن جسد الأسد ربما يشير إلى القوة ورأس الإنسان للفكر، حيث أن مناخ مصر ساعد على وجود أسود بها كونها دولة أفريقية.

وتابع شاكر، في تصريحاته لـ "الوطن"، أن هناك أقاويل أن وجه أبو الهول هو وجه الملك خفرع، لكنها غير مؤكدة، مشيرا إلى أنه قد يكون يرمز للملك حيث وجدنا بعض الكهنة يرتدون جلد الفهد، وبالتالي الملك من الممكن التعبير عنه بـ"الأسد".

وأضاف كبير الأثريين، أن هناك دراسات تعتمد على تحليل الفكر الأسطوري للحضارة المصرية القديمة بأنه حارس الأهرامات، لإدخال الخوف والرهبة في قلوب الأعداء، وإدخال جانب الإبهار عند عامة الشعب لأنهم لم يكون متاح لهم زيارة كل الأماكن في الأهرامات، فهو تمهيد لدخول مكان مقدس.

وأشار شاكر، إلى أن الحيوانات كانت تنقسم لصديقة لإله الشمس وغير صديقة، والأسد كان من أصدقاء الشمس على عكس الثعبان والتمساح على سبيل المثال، وبالتالي كان من الحيوانات المقدسة.

أبو الهول

نُحت تمثال أبو الهول بمنطقة الجيزة من نوعية غير جيدة من الحجر الجيري، ومن المرجح أنه كان في الأصل مغطى بطبقة من الجص وملون، ولا زالت آثار الألوان الأصلية ظاهرة بجانب إحدى أذنيه، ويبلغ طول أبو الهول حوالي 73.5 متراً أو 241.1 قدم ويبلغ ارتفاعه 20 متراً أو 65.6 قدم.

وفي العصور التالية، تسببت العواصف الرملية والعوامل الأخرى في تآكل بعض أجزاء التمثال المختلفة وخاصة الرقبة وبعض الأجزاء في الجانب الأيسر والقدمين إضافة إلى الجزء الخلفي للتمثال، حسب موقع مصر الخالدة التابع للمجلس الأعلى للآثار.

وبين مخالب أبو الهول توجد لوحة تروي قصة حلم للملك تحتمس الرابع تسمى لوحة الحلم.

وتغطي رأس التمثال غطاء الرأس الملكي المسمى بالنمس، كما كان له لحية مستعارة طويلة، وهي مكسورة الآن، أما أنف التمثال فهي مكسورة أيضاً، غالباً منذ عصر المماليك، الذين قاموا باستخدامها كهدف للنيشان.

وفي فترة لاحقة جرى تغطية أبو الهول بقوالب صغيرة من الحجر الجيري تم تثبيتها على سطحه لحمايته، ثم جرى تبديلها حديثاً.

ألغاز أبو الهول على مر التاريخ

لم يحاول المصريون القدماء في عصر الدولة الحديثة منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام أن يهتموا بأصل أبو الهول‏، بل بدأوا في عبادته كإله للشمس‏، وكان أول من جاء لزيارته الأمير أمنحتب الثاني ابن الملك الشهير تحتمس الثالث المعروف باسم نابليون العصر القديم‏، وترك لوحة داخل معبده شمال شرق أبو الهول تشير إلى أنه كان مغرما بركوب الخيول وهو صغير السن ووشي به مدربو الخيول لخوفهم على الأمير الصغير وأخبروا أباه بما يفعله الأمير‏، ولكن تحتمس الثالث كان فخورا بابنه الذي سيتولى الحكم من بعده وقدرته على القيام بألعاب على الخيول، وأمر الملك أن يذهب أمنحتب في رحلة بالخيول إلى الأهرام وأبو الهول، وتبعه الأمير تحتمس الرابع قبل أن يصبح ملكا، ونام بجوار التمثال، وناداه الإله وهو يحلم بأن يزيل الرمال التي سوف تخنق رقبته وسوف يجعله ملكا على مصر‏.‏

وفي عام ‏500‏ قبل الميلاد‏، أي في عصر الأسرة السادسة والعشرين‏، ترك الفراعنة لوحة أطلق عليها لوحة الاحصاء‏، أو لوحة ابنة خوفو، وأشاروا فيها إلى أن خوفو وجد أبو الهول، وهذا يعني أن أبو الهول يرجع إلى قبل عهد الملك خوفو، ولكن اتضح من تصوير مناظر الآلهة الممثلة على اللوحة والنصوص المصاحبة لها‏، أنها كتبت في العصر المتأخر‏، وحاول الكهنة أن يشيروا إلى أن الإلهة إيزيس وأبو الهول ترجع عبادتهما إلى قبل عهد خوفو أي الأسرة الثالثة من عصر الدولة القديمة‏، حسب مقال سابق للدكتور زاهي حواس.

‏وجاء المؤرخ الروماني بليني في عام ‏23‏ قبل الميلاد‏، لزيارة أبو الهول، ولم تكن لديه أي معلومات عن أصل أبو الهول، لذلك فقد أشار إلى أنه قبر للملك أمازيس من ملوك العصر الصاوي‏، واعتبر مكان أبو الهول مكانا يلتقي في الشعراء والمحبون‏، ويعيش بجواره أهالي قرية بوزيريس، وهي نزلة السمان الحالية‏.‏ثم جاء بعد ذلك المؤرخون العرب القدامي أمثال عبد اللطيف البغدادي‏، وأعتقد أن جثمان تمثال أبو الهول مدفونا أسفل التمثال‏، وأشار المقريزي إلى أن أنف أبو الهول هشمها المتصوف صائم الدهر الذي كان يعيش بجوار هذا الصنم الذي كان ينظر إليه الناس نظرة تقديس في ذلك الوقت‏، وتحدث عنه علي باشا مبارك في كتابه الخطط التوفيقية‏. ‏وأشار القضاعي إلى هذا الصنم الذي يقع بين الأهرام، ولايظهر منه غير الرأس‏، وأن أنفه قد هشمها رجل من مراكش‏.‏

وكان أبو الهول مغطي دائما بالرمال‏، ولذلك لم يحدثنا عنه أبو التاريخ هيرودوت‏، وكان الرأس يظهر في بعض الأحيان حتي جاء الأثريون والمغامرون للبحث حول أبو الهول، وأول من كتب رأيه عن أبو الهول كان الانجليزي السير فلندرز بتري، وأوضح أن أبو الهول يرجع إلى عصر ماقبل الأسرات‏، ثم عاد بعد ذلك ودحض هذا الرأي وأرجعه إلى عهد الملك خفرع، وجاء الفرنسي جاستون ماسبيرو الذي كان يرأس مصلحة الآثار‏، وأرجع أبو الهول إلى عهد الملك خفرع‏، لكن هنري بروكش أرجع أبو الهول إلى قبل عهد الملك خوفو، وذلك استنادا إلى لوحة ابنة خوفو قبل أن يتفق العلماء على إرجاع تاريخها للعصر المتأخر‏.‏


مواضيع متعلقة