في كتاب "طه حسين .. وثائق مجهولة".. العميد يتحدث عن مذهبه في الحياة

في كتاب "طه حسين .. وثائق مجهولة".. العميد يتحدث عن مذهبه في الحياة
يضم كتاب "طه حسين.. وثائق مجهولة" للكاتب إبراهيم عبدالعزيز، الصادر حديثا عن دار بتانة للنشر والتوزيع، وهو الكتاب المقسم إلى أربعة مجلدات منفصلة يحمل كل منها عنوانا فرعيا إضافيا على العنوان الرئيسي للكتاب، الأوراق الخاصة بعميد الأدب العربي لم تنشر من قبل في أي إصدار من قبل حسب تصريح المؤلف.
وأضاف عبدالعزيز لـ"الوطن"، أن مجمل صفحات الكتاب يقع في 2300 صفحة، وهو عبارة عن مجلد في أربعة كتب أو أجزاء منفصلة، ويحمل الجزء الأول عنوان "الملف الشخصي لطه حسين في كلية الآداب"، ويضم هذا الجزء حياة طه حسين في الجامعة من خلال أوراقه والخطابات المتبادلة بينه وبين هيئة التدريس بالجامعة والطلبة، ويتطرق هذا الجزء واقعة وكواليس طرد طه حسين من الجامعة أيام حسين صدقي في الأربعينات.
ومن خلال الفصل الأول فى هذا الجزء، والذى يحمل عنوانه: (مقدمة طه حسين: هذا مذهبي)، والذي يعرض عميد الأدب العربي إلى خصائص مذهبه فى الحياة يجملها:"عرفت في نفسي خصالا كونت مذهبي في الحياة: ظمأ إلى المعرفة، وصبر على المكروه، فعالية للأحداث، وطموح إلى اقتحام المصاعب، وجهر بما أرى أنه الحق، وشعور يفرض علي أن أحب للناس ما أحب لنفسي"، ويوضح طه حسين: "وأول ما عرفت في هذا المذهب خصلة أرى أنها صحبتني منذ الصبا، وهي الظمأ الشديد إلى المعرفة، الذي لا يطفئه اكتساب العلم، وإنما يزيده شدة والتهابا، فأنا لا أحصل نصيبا من المعرفة إلا أغراني بأن أحصل شيئا آخر أبعد مدى، وأشد عمقا، وليس في هذا نفسه شيء من الغرابة، فإذا كانت حاجة من عاش لا تنقضي، فحاجة من ذاق المعرفة أشد الحاجات إلحاحًا، وأعظمها إغراءً بالتزيد منها والإمعان فيها".
ويتعرض عميد الأدب العربى إلى تجربته في التعليم الأزهري التي لم تشبع نهمه للمعرفة، وإلى ضيقه من محدودية العلوم الأزهرية، وإلى احتياجه لعون شخص آخر في هذه التجربة، ثم يقول: "وهنا ظهرت خصلة ثانية من هذه الخصال التي ألفت مذهبي في الحياة، وهي الصبر والمغالبة، واحتمال المكروه ما وسعني احتماله، فقد احتملت من ألوان المشقة في الأزهر ما رضيت عنه وما سخطت عليه ولكني رأيتني مدفوعًا إلى شيء من المغامرة، لم يكن يدفع إليها أمثالي في تلك الأيام".
ويشير طه حسين إلى اكتشافه الأدب والعلوم القديمة، قائلا في الكتاب: "ولم أكد اكتشف علم القدماء من العرب وأدبهم حتى صرفت إليهما عن الأزهر صرفا، رأيتني ثائرا على الأزهر ودروسه ثورة جامحة، لم أحسب لعوافبها حسابا، ثم لا أكاد أتصل بالجامعة التي أنشئت في تلك الأيام حتى أكلف بما يلقى فيها من درس أشد الكلف، وإذا بخصلة ثالثة من مذهبي في الحياة وهي خصلة التصميم على اقتحام العقبات التي تعترض سبيلي إلى العلم مهما تكن أو أموت دونها، وإذا أنا مصمم على أن أحصل على علم الجامعة، ثم أعبر البحر إلى أوربا، لأطلب العلم هناك".
ويتحدث عن تجربة الاغتراب سعيا وراء المعرفة في أوربا، ثم العودة إلى مصر والمصاعب التي يواجهها بعد العودة قائلا: "ولكن خصلة أخرى من خصال مذهبي في الحياة تكشفها لي الظروف الجديدة التي عشت فيها منذ عدت إلى مصر، وهي خصلة الصراحة والجهر بالحق، مهما يكن مرا ممضا، والنضال في سبيله، مهما يثقل هذا النضال ومهما تكن عواقبه، وهكذا رأيتني أخاصم السياسة وأخاصم في تجديد العقل المصري، وتغيير منهجه في البحث والدرس، وأخاصم في نقل المناهج الغربية الحديثة، لأفرضها على دراسة الأدب والتاريخ في مصر".
ويتطرق عن عواقب من أصابه من هذه الخصلة، ثم يضيف الدكتور طه حسين: "وهنا تظهر الخصلة الأخيرة التي عرفتها من مذهبي في الحياة إلى الآن، وهي حبي لأن أرى الناس جميعا مثلي في الشوق إلى العلم والاستزادة منه، والوصول إليه دون أن يجدوا مثل ما وجدت من المشقة.
وعن فترة دخوله معترك المسئولية الرسمية عن التعليم، ووزارة المعارف، أوضح: "ثم تتاح لي المشاركة في السلطة ذات يوم، وإذا أنا استحي أن ألقى الناس بغير ما عودتهم من المطالبة بنشر التعليم وتيسير المعرفة للناس جميعا، فأبذل في ذلك ما أملك من الجهد ولا أترك السلطان إلا وقد استقر في نفوس الناس أن العلم حق لهم، يجب أن يكونوا جميعا سواء في القدرة على أن يطلبوه أحرارًا، لا يجدون في سبيله مشقة مهما يكن لونها".