اشتباكات متقطعة في شمال سوريا بعد إعلان وقف لإطلاق النار

كتب: أ.ف.ب

اشتباكات متقطعة في شمال سوريا بعد إعلان وقف لإطلاق النار

اشتباكات متقطعة في شمال سوريا بعد إعلان وقف لإطلاق النار

تدور اشتباكات متقطعة الجمعة في مدينة رأس العين الحدودية مع تركيا غداة إعلان واشنطن وأنقرة عن اتفاق لوقف لإطلاق النار، بعد تسعة أيام من العدوان التركي ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا.

وبموجب اتفاق انتزعه نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس في أنقرة، وافقت تركيا الخميس على تعليق هجومها في شمال شرق سوريا مشترطة انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية من المنطقة الحدودية خلال خمسة أيام.

وخلال تسعة أيام من الهجوم، تمكنت تركيا والفصائل السورية الموالية لها من السيطرة على منطقة واسعة بطول 120 كيلومتراً، تمتد بين أطراف بلدة رأس العين (شمال الحسكة) ومدينة تل أبيض (شمال الرقة)، وقد بلغ عمقها في بعض المناطق أكثر من 30 كيلومتراً.

وتركزت المعارك خلال الأيام الأخيرة في بلدة رأس العين التي تخوض فيها قوات سوريا الديموقراطية، وعمودها الفقري المقاتلين الأكراد، مقاومة شرسة.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن "اشتباكات متقطعة وإطلاق قذائف مدفعية"، في المدينة التي تسيطر القوات التركية والفصائل الموالية لها على نحو نصف مساحتها.

وشاهدت مراسلة لفرانس برس على الجانب التركي من الحدود سحب دخان تتصاعد من رأس العين، كما أفادت عن سماع دوي قصف مدفعي.

وكانت الإدارة الذاتية الكردية طالبت الخميس بفتح ممر إنساني لإجلاء المدنيين والجرحى المحاصرين، وأرسلت الجمعة قافلة إلى المدينة في محاولة لإخراج الجرحى منها.

وقال حسن أمين، مدير مستشفى تل تمر جنوب رأس العين، لوكالة فرانس برس "تم ارسال فريق طبي لإخراج الجرحى من مدينة رأس العين"، مشيراً إلى أن "وضعهم خطير والعدد كبير".

وأفاد عن وصول سبعة جرحى إلى المستشفى، أصيبوا في محيط رأس العين.

-لا عقوبات -

وبدأ الهجوم التركي في التاسع من الشهر الحالي، بعد يومين على انسحاب قوات أمريكية محدودة من نقاط حدودية.

وبرغم اتهام قوات سوريا الديموقراطية التي ألحقت الهزيمة بـ "داعش" بدعم أمريكي، واشنطن بـ"طعنها" من الخلف، بدا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مصراً على قراره. وأمر في وقت لاحق بسحب كامل القوات الأمريكية، ويقدر عددها بألف عسكري، من مناطق سيطرة الأكراد.

وأمام اتهامات له بالتخلي عن الأكراد، هدد ترامب تركيا بفرض عقوبات شديدة عليها ثم أوفد نائبه مايك بنس إلى أنقرة، شريكته في حلف شمال الأطلسي، لبحث اتفاق لوقف إطلاق النار.

وبعد محادثات مع الرئيس رجب طيب أردوغان، أعلن بنس مساء الخميس أنه "خلال 120 ساعة، سيتم تعليق كل العمليات العسكرية (...) على أن تتوقف العملية نهائياً ما أن يتم إنجاز هذا الانسحاب" في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية.

وينص الاتفاق على انسحاب القوات الكردية من منطقة بعمق 32 كيلومتراً، من دون أن يحدد طولها.

وفي وقت سابق، كان أردوغان قال إنه يريد السيطرة على منطقة تمتد بطول 480 كيلومتراً من الحدود العراقية إلى نهر الفرات، أي كامل المنطقة الحدودية تحت سيطرة المقاتلين الأكراد.

وتسعى تركيا من خلال هجومها إلى إنشاء منطقة عازلة، تعيد إليها قسماً كبيراً من 3,6 مليون لاجئ سوري لديها.

وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية من جهتها استعدادها الالتزام بوقف إطلاق النار، من دون أن تتطرق إلى بند انسحاب الوحدات الكردية.

وكان مقاتلون أكراد أعلنوا في سبتمبر انسحابهم من بعض النقاط الحدودية، تنفيذاً لاتفاق أمريكي تركي كان الهدف منه الحؤول دون هجوم أنقرة على المنطقة.

إلا أن تركيا اتهمت واشنطن بالمماطلة، لينتهي الأمر بشنها الهجوم، الذي دفع بـ300 ألف شخص للنزوح من مناطقهم، وفق المرصد السوري.

وأشاد ترامب من جهته باتفاق وقف إطلاق النار، وقال إنه "يوم عظيم للحضارة".

وبموجب الاتفاق، وبمجرد وقف الهجوم، ستلغي واشنطن العقوبات التي كانت تنووي فرضها على تركيا.

- "جرائم حرب" -

وأسفر الهجوم التركي، وفق المرصد السوري، عن مقتل 72 مدنياً و231 مقاتلاً من قوات سوريا الديموقراطية.

وفي الجانب التركي، أفادت السلطات عن مقتل ستة جنود أتراك و20 مدنياً في قذائف اتهمت المقاتلين الأكراد بإطلاقها.

واتهمت منظمة العفو الدولية الخميس تركيا والفصائل الموالية لها بارتكاب "جرائم حرب" خلال الهجوم، مشيرة إلى "عمليات قتل بإجراءات موجزة وهجمات أسفرت عن مقتل وإصابة مدنيين".

وكرر قادة دول الاتحاد الأوروبي الجمعة مطالبتهم تركيا، بإنهاء هجومها وسحب قواتها من مناطق سيطرة الأكراد.

وكانت دول أوروبية عدة أبدت قلقها البالغ من تداعيات الهجوم على المعركة ضد داعش، الذي لا يزال ينشط في خلايا نائمة برغم هزيمته الميدانية على يد قوات سوريا الديموقراطية.

أما الأكراد فلم يجدوا أمام تخلي واشنطن عنهم سوى اللجوء إلى دمشق.

وبرعاية موسكو، جرى التوصل الأحد إلى اتفاق مع الحكومة السورية، ينص على انتشار الجيش على طول الحدود مع تركيا لمؤازرة قوات سوريا الديموقراطية في تصديها لهجوم أنقرة.

وخلال اليومين الماضيين، انتشرت وحدات من الجيش في مناطق حدودية عدّة، أبرزها مدينتا منبج وكوباني في محافظة حلب شمالاً.

ولا تزال بنود الاتفاق غير واضحة مع إصرار الأكراد على أنه "عسكري" فقط، ولا يؤثر على عمل مؤسسات الإدارة الذاتية التي بنوها بعد سيطرتهم على مناطق واسعة في شمال وشمال شرق البلاد إثر عقود من التهميش على يد الحكومات السورية المتعاقبة.


مواضيع متعلقة