خبراء ومتخصصون: سد النهضة الإثيوبي قضية أمن قومي لمصر ولا يمكن المساومة عليها

خبراء ومتخصصون: سد النهضة الإثيوبي قضية أمن قومي لمصر ولا يمكن المساومة عليها
- سد النهضة
- الأمن المائى
- الري
- تصدير الكهرباء
- مؤتمر سد النهضة
- سد النهضة
- الأمن المائى
- الري
- تصدير الكهرباء
- مؤتمر سد النهضة
أكد خبراء ومتخصصون أن «قضية سد النهضة الإثيوبى أمن قومى مصرى لا يمكن المساومة عليها»، خاصة أنه يمثل خطورة على مستقبل الأمن المائى فى مصر والسودان، موضّحين أن القاهرة أكدت وقوفها مع احتياجات التنمية فى إثيوبيا، وانخرطت فى مفاوضات استمرت أكثر من 8 أعوام، رغم تعنّت «أديس أبابا» الواضح خلالها.
جاء ذلك خلال مؤتمر «سد النهضة.. بين فرض الأمر الواقع ومتطلبات الأمن القومى»، الذى نظمه المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، اليوم، والذى ضم 3 جلسات حول أبعاد وتداعيات الأزمة وتفاعلاتها ومسارات الحركة المستقبلية والبدائل المتاحة.
"عكاشة": القاهرة تعتمد منهج الحوار لحل الأزمة.. وهناك أطراف تسعى إلى فرض أمر واقع
قال الدكتور خالد عكاشة، مدير المركز، إنه «منذ بدء أزمة السد، اعتمدت مصر منهجاً قائماً على الحوار المباشر بين الأطراف، فى إطار قواعد القانون الدولى المنظمة لاستخدام الأنهار الدولية، واحترام حقوق الشعوب فى التنمية، وأن النهر كمورد مائى يمكن أن يمثل أساساً للتعاون وليس الصراع، انطلاقاً من إيمانها الثابت بالوحدة الجغرافية والإيكولوجية التى شكّلها عبر قرون كثيرة، و(الحضارة النيلية) المميزة عن نظيراتها».
وأوضح «عكاشة»، فى كلمته الافتتاحية، أن «هناك أطرافاً أخرى تسعى لمحاولة فرض أمر واقع، وهو منهج يتناقض تماماً مع حقائق الجغرافيا والتاريخ، ومع حالة النهر، باعتباره دولياً بامتياز، ومع قواعد القانون الدولى التى تنظم استخدامها».
وأشار إلى أن المركز يناقش قضية «سد النهضة» فى التوقيت الحالى، بسبب 3 عوامل، الأول: يتعلق بطبيعة «السد» باعتباره قضية أمن قومى، وقضية وجود لا يمكن المساومة عليها، دون أن ينفى ذلك تفهم مصر للحقوق والتطلعات المشروعة لدول وشعوب النهر إلى التنمية والازدهار، طالما لم يُرتب ذلك أضراراً لباقى الدول، وطالما حكم جميع الأطراف القواعد القانونية المنظمة، والثانى: كونها لم تعد قضية حكومات، بقدر ما أصبحت «رأياً عاماً»، ليس فقط داخل مصر، ولكن فى إثيوبيا والعالم أيضاً، ومن ثم أصبح لزاماً على مراكز الفكر منح هذه القضية الأولوية التى تستحقها، والمساهمة فى الجدال الدائر بشأنها، والثالث: كون تأثيراتها ومساراتها المستقبلية لن تقف على الشعبين المصرى والإثيوبى، لكنها ستطال التنمية والاستقرار فى «حوض النيل» بل وأفريقيا، خاصة إذا أخذنا فى الاعتبار الأبعاد الإيكولوجية.
"الزيات": القضية تخص الشعب بأكمله
وقال الدكتور محمد مجاهد الزيات، المستشار الأكاديمى بالمركز المصرى للفكر والدراسات، إن «قضية سد النهضة ليست رئيسية فقط، وإنما قضية شعب وحياة، ومن الثوابت التى لا يمكن التنازل عنها».
وأضاف «مجاهد»، خلال إدارته لجلسة «أزمة سد النهضة.. الأبعاد والتحديات»؛ أن القضية ليست مياهاً، وإنما لها أبعاد سياسية، ولها تأثيرها على الأمن والتنمية بدول المنطقة.
وطالب الدكتور محمد نصر علام، وزير الرى الأسبق، بضرورة مقاطعة الدولة للكهرباء الناتجة عن السد، حتى يتم تسوية اﻷمر بين البلدين، لافتاً إلى أن هذه المقاطعة لن توقف بناء السد، وإنما ستوقف تشغيله، مطالباً بإحالة ملف سد النهضة إلى مجلس اﻷمن، لما له من تأثيرات على الاستقرار اﻹقليمى بشكل عام ومصر بشكل خاص، خصوصاً أن بناءه سيؤدى إلى بوار كميات كبيرة من الأراضى المصرية الزراعية، وانخفاض مستوى المياه الجوفية، ودخول مياه البحر إلى الدلتا، إضافة إلى زيادة تلوث مياه النهر والترع والمصارف، وبالتالى تأثيرها على الثروة السمكية.
ونفى وزير الرى اﻷسبق أن «يكون الهدف الرئيسى من بناء السد هو التنمية أو إمداد الشعب الإثيوبى بالكهرباء»، لافتاً إلى أنه تم بناؤه فى منطقة حدودية بعيدة عن المدن والقرى الإثيوبية، وأن تكلفة نقل وتوزيع الكهرباء ستكون أكثر من إنتاجها، مؤكداً أن الهدف من البناء تصدير الكهرباء إلى دولتى المصب مصر والسودان، وأوروبا، مشيراً إلى أن السودان شبكاتها ضعيفة جداً ولا تحتمل نقل الكهرباء على عكس مصر، التى تمتلك شبكات نقل قوية.
"رسلان": إثيوبيا تهدر هطولاً مطرياً بـ930 مليار متر مكعب ولا تستفيد من معظمه
وقال هانى رسلان، الخبير بمركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن «إثيوبيا لديها هطول مطرى غزير يبلغ 930 مليار متر مكعب من المياه، لكن لديها مشكلة تتمثل فى أن كل تلك الكميات تأتى فى زمن وجيز نحو 3 أشهر ونصف (من يونيو إلى سبتمبر) سنوياً، أما بقية العام فتتعرّض للجفاف؛ مضيفاً أن طبيعة جغرافيا المكان تتسبب فى انحدارات شديدة، نظراً للهضبة الإثيوبية؛ ولا يتبقى من هذه المياه كمية كبيرة».
وأضاف «رسلان» أن هناك 87% من هذه الأمطار تتبخر مرة أخرى إلى الغلاف الجوى، ولا تستفيد منها؛ وتتوزع الكمية المتبقية على 12 حوضاً نهرياً؛ ومنها حوض نهر النيل، ويعد من أهم الأحواض»، منوهاً بأن المياه «يتجه جزء منها إلى الجنوب، وآخر إلى إريتريا ومصر والسودان؛ وفى هذا السياق إثيوبيا لديها 11 بحيرة للمياه العذبة».
وأكد الخبير السياسى، أن معدّل التنمية ومستوى المعيشة متدنٍ فى إثيوبيا، كما تعتبر من الدول الأكثر فقراً فى العالم، لكن مؤخراً هناك استثمارات أجنبية، مما أدى إلى تحقيق مستوى تنمية من 8 إلى 10% فى آخر 10 سنوات، وتابع: «نجد أن الناتج القومى لإثيوبيا يعادل 18% من الناتج القومى المصرى رغم تساوى عدد السكان؛ وهذا معناه أن إثيوبيا أمامها مشوار طويل»، مضيفاً أن الفكرة لديهم الآن هى استغلال الموارد المائية عبر إقامة مجموعة من السدود لتوليد الطاقة وتصدير الجزء الأكبر منها، للحصول على عملة صعبة»، مشدداً على أن «أديس أبابا» تحاول منذ أكثر من عقدين التملص من القانون الدولى المنظم لاستخدام الأنهار، وتستند إلى مبدأ السيادة الإثيوبية، وهذا بالطبع يتعارض مع القانون الدولى.
"سالمان": لا بد من التحرّك لإنشاء مجلس أمن مائى لحل الأزمة
وشدد الدكتور محمد سالمان طايع، وكيل كلية السياسة والاقتصاد بجامعة القاهرة، على ضرورة التحرك بخطى حثيثة لإنشاء مجلس أمن مائى مصرى فى إطار مجلس الأمن القومى لوضع حلول واقعية لأزمة سد النهضة، بجانب إقامة وتعميق علاقات فعالة مع دول الجوار، إضافة إلى ضرورة التوظيف السياسى للتقرير الفنى الصادر عن اللجنة الفنية العليا الدولية، التى أكدت أن السد له تأثير سلبى فى مختلف النواحى السياسية والاقتصادية والبيئية.
وأكد «طايع»، أهمية خلق رأى عام إقليمى وعالمى يسوق للآثار السلبية للسد، ولتعنّت إثيوبيا وإصرارها على موقفها الأحادى، وتكوين مصفوفة من الفواعل الأساسية على الإقليم، لخلق حالة تحالف عالمى إقليمى لمقايضة سياسية لسد النهضة، من خلال الحوار الاستراتيجى، شريطة أن تكون أزمة سد النهضة أهم أولويات هذا الحوار. وتابع أنه لا بد من إظهار نوع من القوى الصلبة لمصر كالردع، واحتواء السودان وإعادتها للحضن المصرى، والتعاون الشامل وفق عمل مشترك، فضلاً عن تفعيل القوة الناعمة ودبلوماسية المياه من خلال تضافر الجهود المختلفة لكل الجهات كالإعلام والكنيسة، والأزهر، ورجال الأعمال والدبلوماسية الشعبية، لصيانة الأمن القومى والأمن المائى المصرى.
وأشار إلى أن حياة الشعوب ترتبط بالمياه، سواء وجوداً أو عدماً، مؤكداً أنها عنصر رئيسى فى أى صراع سياسى، موضحاً أن هناك تصاعداً فى الأزمة محركه الأساسى إثيوبيا، كاشفاً أن بناءه بمواصفاته الحالية يؤثر على الإيرادات المائية لمصر، فضلاً عن تأثيره على الإنتاج الزراعى، مؤكداً نقص 5 مليارات متر مكعب من المياه يقابله تبوير مليون فدان، متابعاً: «يؤثر السد على الأمن الغذائى، وينتج عنه ارتفاع فى أسعار المنتجات الغذائية، وتشريد مليون أسرة، وتقليل خصوبة التربة، والتأثير بالسلب على الأسماك والسياحة النيلية».
وأوضح «طايع» أن هدف إثيوبيا الأساسى «سياسى بحت» يتمثل فى محاولتها السيطرة واستغلال الورقة المائية للهيمنة على النهر، مشيراً إلى أن كل التصريحات الخاصة بمسئوليها تؤكد هدفهم فى الهيمنة، قائلاً: «إثيوبيا تريد بناء 3 سدود بخلاف (النهضة)، وغيّرت المواصفات الفنية للسد لتخزين 200 مليار متر مكعب بدلاً من 48، وهى أرقام كارثية علينا».
ولفت إلى أن غالبية الأبحاث العلمية تؤكد أن السد هدفه المكايدة السياسية، واصفاً تحركاتها بـ«الانفرادية والحيادية»، موضحاً أنها لا تريد الاعتراف بما يُسمى بشرط الإخطار المسبق، وهو أحد المبادئ المستقرة فى القانون الدولى، وتسعى إلى تغيير معادلة التوازن الاستراتيجى، بما يُعزز من هيمنتها على حوض النيل، موضحاً أنها ترغب فى تحسين علاقاتها مع الفواعل الأساسية فى الإقليم بتقديم نفسها للقوة الإقليمية والدولية، باعتبارها الحافظ لمصالح مصر والسودان، لافتاً إلى إهدار 1.5 مليون فدان من أرضها لبناء السد.