تحالف سوريا وروسيا والأكراد لمواجهة "الاحتلال العثماني"

تحالف سوريا وروسيا والأكراد لمواجهة "الاحتلال العثماني"
- أردوغان
- تركيا
- العدوان التركي على سوريا
- سوريا
- قوات سوريا الديمقراطية
- أردوغان
- تركيا
- العدوان التركي على سوريا
- سوريا
- قوات سوريا الديمقراطية
شيئاً فشيئاً تعود الأمور إلى طبيعتها مع دخول الجيش السورى إلى شمال البلاد ورفع أعلام الدولة السورية بعد سنوات الفوضى والغياب، ثمة حسابات متداخلة ومتشابكة جعلت البعض يصفون الوضع الحالى بلعبة شطرنج معقدة، فوصول الجيش السورى إلى هذه المناطق يمثل ضربة فى مقتل بالنسبة للرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فالأخير لطالما برَّر لتدخلاته، ومنها عدوانه الأخير على شمال سوريا، بوجود الأكراد، وبالتالى تسقط تلك الحجة، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن تركيا التى كانت تريد بشتى الطرق ضرب الجيش السورى وإسقاط الدولة السورية، بات هذا الجيش يُحكم بدرجة ما قبضته على الحدود، وبالتالى سقط المشروع الذى أرادت «أنقرة» تحقيقه فى سوريا.
فوضى "أردوغان" تذهب أدراج الرياح
الصدام محتمل بين الجيشين السورى والتركى، قد يكون الأخير يحقق مبتغاه بإبعاد الأكراد عن الحدود، لكن مشروع رجب طيب أردوغان الأوسع لإعادة توطين اللاجئين السوريين فى شمال سوريا كمنطقة نفوذ مهمة باتت فى مهب الريح، وبكل الأحوال يبقى رفع العلم السورى فى الشمال انتصاراً للدولة السورية، ويذهب معها مشروع «العثمانيين الجدد» أدراج الرياح.
الجيش السورى يبدأ الانتشار لصد العدوان التركى و"موسكو": نتواصل مع "أنقرة" لمنع حدوث تصادم
لا تزال المعارك مستمرة بوتيرة عنيفة بين القوات التركية والفصائل الموالية لها من جانب، وقوات سوريا الديمقراطية والمجالس العسكرية التابعة لها من جانب آخر، فى مناطق رأس العين وتل أبيض ومناطق أخرى فى الشمال السورى. وحسبما أشار «المرصد السورى لحقوق الإنسان»، نجحت الميليشيات الموالية لـ«أنقرة» فى السيطرة على 50 قرية وبلدة حتى الآن فى مناطق شمال سوريا ضمن ما يُعرف بعملية «نبع السلام» التى أطلقها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، بمعاونة ميليشياته ضد قوات سوريا الديمقراطية فى شمال سوريا.
ومع استمرار الاشتباكات، ارتفع تعداد شهداء قوات سوريا الديمقراطية الذين سقطوا نتيجة معارك الدفاع عن أراضيهم، إلى نحو 128 عنصراً من القوات، فيما قُتل 94 من مقاتلى الفصائل الموالية لتركيا، من بينهم 13 من خلايا نائمة تابعة لـ«أنقرة»، إضافة إلى 8 جنود أتراك خلال الاشتباكات والاستهدافات، اعترفت تركيا بمقتل 5 منهم فقط، وسط معلومات عن وجود المزيد من القتلى بين الجنود الأتراك لم يتم الإعلان عنهم بعد.
وفى ما يعتبره بعض المحللين انعطافاً فى مسار الأحداث، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن اتفاق مع روسيا والحكومة السورية لنشر جنود الجيش السورى فى مختلف مناطق شمال سوريا، لصد العدوان التركى على شمال سوريا. ووفقاً لما أعلنته قوات سوريا الديمقراطية، فى بيانها، فإن الاتفاق يتضمّن دخول الجيش السورى إلى مناطق منبج والحسكة وعين العرب (كوبانى)، إضافة إلى مناطق أخرى لمواجهة العدوان التركى. وقالت مصادر، رفضت ذكر هويتها، لـ«الوطن»، إن «الاتفاق يتضمّن بعض البنود لم يتم إعلانها بعد، حيث تتضمن المرحلة الأولى من الاتفاق ما أعلن عنه بالفعل، فى حين تتضمن المرحلة الثانية انضمام قوات سوريا الديمقراطية إلى صفوف الجيش السورى تحت إمرة روسيا، بحيث يتم تغيير اسمها وتصبح على غرار الفيلق الخامس، الذى أسسته روسيا من فصائل المعارضة السابقة. ويتضمّن الاتفاق كذلك أن تنخرط قوات سوريا الديمقراطية فى المعارك، إلى جانب الروس والجيش السورى، لمواجهة العدوان التركى، وطرد الاحتلال التركى من المناطق التى سيطرت عليها تركيا خلال الفترة الماضية، وهناك توقعات بأن تشارك قوات سوريا الديمقراطية وفقاً لهذا الاتفاق فى المعركة ضد تنظيمات الإرهاب التى ترعاها تركيا فى إدلب».
مصادر لـ"الوطن": الاتفاق يتضمّن تعاون "قسد" مع روسيا والجيش السورى لتحرير الأراضى السورية المتبقية
وأضافت المصادر المطلعة على تفاصيل الاتفاق، لـ«الوطن»، أن «هناك شبه اتفاق على تنحية المسائل السياسية فى الوقت الحالى، مما يعنى أنه لم تتم مناقشة مطالب الحكم الذاتى فى شمال سوريا خلال الفترة الحالية. هناك ارتياح كبير للاتفاق الروسى مع (قسد)، لأن القوات التركية نكّلت بكل من هو موالٍ لـ(الإدارة الذاتية).. وحسب المعطيات يزيد عدد النازحين على 250 ألف نازح حتى الآن. ووفقاً للاتفاق، ستنتشر قوات النظام على كامل حدود المناطق الواقعة فى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وكان تأخر الاتفاق سببه تحفظ قوات سوريا الديمقراطية بسبب عدم توقعهم أن يخذلهم الأمريكان بهذا الشكل».
وأشار مسئولون أكراد إلى أن مراكز المدن والمؤسسات التابعة لـ«قسد» ستستمر بعملها حالياً دون أى تغيير، فيما أكد مسئول مركز العلاقات الدبلوماسية فى «حركة المجتمع الديمقراطى» فى الشمال السورى آلدار خليل، هذه المعلومة عملياً، حيث لفت إلى أن «التفاهم بين «قسد» والجيش السورى عسكرى بحت، ولا يتناول وضع الإدارة الذاتية أو المدن والبلدات الأخرى، وإجراء طارئ للوقوف أمام العدوان التركى». ونقلت وكالة أنباء «رويترز» عن المسئول الكردى السورى بدران جيا كرد قوله: «الاتفاق يحمل طابعاً عسكرياً مبدئياً ويقتصر على انتشار الجيش على طول الحدود من بلدة منبج إلى المالكية فى شمال شرق البلاد، وسيبحث الجانبان القضايا السياسية فى وقت لاحق».
وبعد إعلان الاتفاق، بدأت قوات الجيش السورى فى تطبيقه، حيث دخلت القوات السورية للمرة الأولى إلى مشارف بلدة «تل تمر» الواقعة جنوب مدينة «رأس العين» الحدودية، حيث رصدت وكالة أنباء «فرانس برس» الفرنسية، جنود الجيش السورى يدخلون على متن آليات ثقيلة ويحملون الأعلام السورية، وسط ترحيب من جانب المدنيين بالمنطقة. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، إن «وحدات من الجيش العربى السورى تدخل بلدة تل تمر، الواقعة على بُعد نحو ثلاثين كيلومتراً من رأس العين فى محافظة الحسكة»، فيما قال المرصد السورى لحقوق الإنسان إن القوات السورية دخلت إلى نحو 6 كيلومترات على بعد الحدود السورية، وسط أنباء عن نيتها الاقتراب بشكل أكبر نحو الحدود مع تركيا. وتابع «المرصد»: «فى مناطق حدودية أخرى، انتشرت وحدات من قوات النظام مزودة بدبابات وآليات ثقيلة فى محيط منبج، وكذلك قُرب مدينتى الطبقة وعين عيسى».
وفى ما يتعلق بمخاوف وقوع صدام بين روسيا وتركيا فى منطقة الشمال السورى بعد الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية، قلل الرئيس التركى من أهمية الاتفاق، مرجّحاً ألا تحدث مشكلة فى منطقة عين العرب (كوبانى)، فى ظل اتفاق «دمشق» مع قوات سوريا الديمقراطية. وقال «أردوغان»: «عند تحرير مدينة منبج سيدخلها أصحابها الحقيقيون»، فيما أكد الكرملين الروسى أن «موسكو» حذّرت منذ بداية العملية التركية فى سوريا من اتخاذ أى إجراءات قد تعرقل العملية السياسية لتسوية الأزمة. وقال المتحدث الرسمى لـ«الكرملين» ديميترى بيسكوف، إن «هناك اتصالات تجرى بين العسكريين الروس والأتراك، لمنع حدوث نزاع عسكرى بين روسيا وتركيا فى سوريا»، مضيفاً: «لم نود التفكير فى هذا السيناريو أبداً، وهناك اتصالات مكثّفة لمنع وقوع نزاع عسكرى بين روسيا وتركيا بعد الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية».
الرئيس الأمريكى يتهم الأكراد بـ"إطلاق سراح الدواعش للضغط على واشنطن"
فى الوقت ذاته، لا يزال الرئيس الأمريكى يحاول الدفاع عن موقفه بالانسحاب من شمال سوريا والتخلى عن حلفائه من قوات سوريا الديمقراطية، قائلاً: «ربما يكون الأكراد هم من يطلقون سراح الدواعش فى سوريا من السجون التى كانوا محتجزين بها، من أجل الضغط علينا للتدخل ضد العملية التركية».