الرئيس التركي ومرتزقته في شمال سوريا "يحررون الدواعش"

كتب: عبدالعزيز الشرفى ومحمد حسن عامر

الرئيس التركي ومرتزقته في شمال سوريا "يحررون الدواعش"

الرئيس التركي ومرتزقته في شمال سوريا "يحررون الدواعش"

قبل أشهر قليلة وبعد معارك حامية الوطيس استطاع المقاتلون الأكراد تحقيق انتصار مبين على تنظيم «داعش» الإرهابى، هذا التنظيم الذى قتل وخرب ودمر وشرد وسفك الدماء وحرق الأخضر واليابس، جرائم ارتكبت وسط أدلة كانت واضحة على دعم تركى لـ«داعش» أكدته أوساط أمريكية وروسية وسورية بل حتى من داخل تركيا نفسها، دعماً لتنفيذ أجندة رجب طيب أردوغان رئيس تركيا للتوسع فى سوريا وتدمير الدول العربية ليجعل منها أداة طيعة ضمن خطة «العثمانية الجديدة».

ورغم الدعم التركى لـ«داعش» بالمال والسلاح والتجنيد والمعلومات والعلاج، انهزم التنظيم واعتُقل أكثر من 15 ألفاً من عناصره على أقل تقدير على يد قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، ذات الغالبية الكردية.

ومنذ أيام بدأ الجيش التركى مدعوماً بميليشيات مسلحة وجنود مرتزقة غزو شمال سوريا، حيث تؤكد التقارير الغربية الرسمية وغير الرسمية أن الضربات التى ينفذها جيش تركيا مع فرق المرتزقة هدفها تحرير أسرى داعش، ليعيد «أردوغان» توظيفهم مرة أخرى.

خطة تركيا: تجميع شتات التنظيم الإرهابى فى سوريا ونقلهم إلى دول المواجهة مع "الإسلام السياسى"

على مدار الأسبوع الماضى، حذرت أطراف عدة من التداعيات المحتملة للعدوان التركى على شمال وشرق سوريا بحجة القضاء على الممر الإرهابى الذى يسعى الأكراد إلى إنشائه على حدود تركيا، بحسب مزاعم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، إلا أن الواقع، الذى تكشف خلال الساعات القليلة التى تلت انطلاق العدوان التركى على سوريا، كشف محاولات تركيا إعادة إحياء تنظيم «داعش» من جديد وتعزيز الإرهاب فى المنطقة من خلال استهداف السجون التى تضم عناصر تنظيم «داعش» الإرهابى المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية، سعياً إلى تسهيل عمليات فرارهم وإعادة انتشارهم من جديد، وسط معلومات موثوقة عن انضمام عدد من عناصر الدواعش الذين سبق أن فروا بعد المعارك المختلفة فى شمال وشرق سوريا إلى تركيا لصفوف الميليشيات الموالية لتركيا، التى أعلنت «أنقرة» عن توحيدها تحت مُسمى «الجيش الوطنى السورى».

عضو فى "حركة المجتمع الديمقراطى": حذرنا من أن تركيا ستلجأ إلى استهداف السجون من أجل تحرير الدواعش ثم الادعاء بأن هذا الاستهداف لم يكن مقصوداً

القيادى الكردى السورى آلدار خليل، عضو اللجنة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطى، قال إن الإدارة الذاتية فى شمال وشرق سوريا سبق أن حذرت قبل بدء العدوان التركى على الأراضى السورية من أن تركيا ربما تلجأ إلى استهداف السجون التى يُحتجز بداخلها عناصر تنظيم «داعش» الإرهابى الذين جرى اعتقالهم على مدار سنوات من محاربة التنظيم الإرهابى راح ضحيتها ما يقرب من 11 ألف شهيد من أبناء الشعب السورى من مختلف المكونات العربية والكردية والسريانية وغيرها. وقال «خليل»، فى تصريحات لـ«الوطن»: «حذرنا من أن تركيا ستلجأ إلى استهداف السجون من أجل تحرير الدواعش، ثم الادعاء بأن هذا الاستهداف لم يكن مقصوداً».

وقال «خليل»: «لكن الواضح أن استهداف السجون منذ انطلاق العملية العسكرية التركية يهدف إلى إطلاق سراح الدواعش. ولدينا معلومات تؤكد أن من يتمكن من الهروب سينقسم إلى جزءين، بحيث يبقى بعضهم فى سوريا من أجل تنفيذ عمليات إرهابية وجمع شتات التنظيم وإعادة إحيائه من جديد، بينما الجزء الآخر سيتوجه إلى دول شاركت فى التحالف الدولى لمواجهة تنظيم (داعش)، وعلى رأسها الدول التى تحارب الإسلام السياسى، دون الخوض فى هوية تلك الدول لأنه معلوم للجميع من يحارب الإسلام السياسى وأيديولوجيته الإرهابية».

وبحسب «خليل»، فإنه «بالإضافة إلى سجن شركين الذى استهدفته تركيا خلال الساعات الماضية، هناك سجون أخرى تحتوى على الآلاف من عناصر تنظيم داعش. وحين تقول دولة مثل ألمانيا، التى تعد أكبر دولة تبيع الأسلحة لتركيا، إن العملية التركية تهدد بعودة ظهور داعش، فإن هذه التحذيرات ليست سوى الحقيقة. ولكى لا يفهم أحد الوضع بشكل خاطئ، لم تتخل قوات سوريا الديمقراطية عن مهامها فى حماية السجون والمخيمات، لكن هناك مخاطر من أى قصف أو هجوم على تلك السجون».

وأكد القيادى الكردى أن «المعلومات المتوافرة لدينا حتى الآن تقول إنه حتى أولئك الدواعش الذين هربوا إلى تركيا إبان عملية تحرير الرقة من أجل تلقى العلاج، باتوا جزءاً مما يسمى الجيش الوطنى السورى، الذى ما هو إلا مجموعة من المرتزقة، فكيف لإنسان وطنى سورى أن يهاجم أهالى بلده؟ المنطقة تحوى 5 ملايين سورى ومن بينهم عدد كبير من النازحين من مناطق أخرى. والعالم بأسره سيدرى ما تفعله تركيا، خصوصاً أن أحداً لم يقف إلى جوارها سوى إمارة قطر الصغيرة التى رهنت قرارها للدولة التركية.. لدينا معلومات موثوقة تشير إلى أن من فروا من الرقة أو خرجوا منها إلى تركيا للعلاج فيها انضموا إلى ما يسمى بالجيش الوطنى السورى».

"إلهام": الخطر يتعاظم بشأن فرار "الدواعش".. وتهريب نسائهم إلى بلدانهن الأصلية لتنفيذ عمليات إرهابية فى حال خرجت الأمور عن سيطرة القوات الكردية

وحذرت رئيس الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية، إلهام أحمد، فى تصريحات إعلامية، مساء أمس، من أن ضرب استقرار المنطقة من خلال الهجمات التركية يشكل خطراً كبيراً على تأمين عناصر «داعش» المحتجزين لدى القوات الكردية.

وقالت إلهام أحمد: «ضرب شمال سوريا يهدد أمن المنطقة وقد ينشر الفوضى فيها، خصوصاً مع استهداف القوات التركية لمواقع وسجون تُستخدم لاحتجاز إرهابيين من تنظيم داعش»، لافتة إلى أن «الخطر يتعاظم أيضاً مع (نساء الدواعش) الموجودات فى المخيمات، إذ يمكن أن يتم تهريبهن وإيصالهن إلى بلدانهن الأصلية لتنفيذ عمليات إرهابية، فى حال خرجت الأمور عن سيطرة قوات سوريا الديمقراطية فى المناطق التى تتعرض لقصف تركى عشوائى».

مدير المركز الكردى للدراسات فى ألمانيا: "برلين" قلقة من إمكانية تهريب الإرهابيين

وقال مدير المركز الكردى للدراسات فى ألمانيا، المتحدث الرسمى السابق لحزب الاتحاد الديمقراطى فى أوروبا، نواف خليل، إنه لم يجر توثيق أى حالات لهروب عناصر الدواعش حتى الآن من السجون الموجودة فى منطقة شمال وشرق سوريا، على الرغم من الضربات التركية التى استهدفت سجن «شركين».

وقال «خليل»، فى تصريحات لـ«الوطن»، إن «الجهات الأمنية تعمل على التأكد من عدم هروب أى من الدواعش. ويجب أن يكون واضحاً للجميع أن قوات سوريا الديمقراطية لم تترك مواقعها فى حراسة السجون، ولكن كل تلك القوات لا يمكنها البقاء لحراسة السجون فى وقت قد تحتل فيه تركيا كل المنطقة. ولذلك، هناك حاجة إلى التأكيد على أن قوات تأمين السجون لم تترك مهامها، لأن أول من سيهاجمهم الدواعش بعد فرارهم هم أهل المنطقة من أهلنا سواء من العرب أو الأكراد أو غيرهم، فقد تم اعتقال هؤلاء الدواعش على مدار سنوات من الحرب ضد التنظيم راح ضحيتها 11 ألف شهيد، إضافة إلى 23 ألفاً آخرين تعرضوا لإصابات وإعاقات دائمة».

وأضاف «خليل» أن العواقب ستكون كارثية إذا ما نجح عناصر الدواعش فى الهروب من خلال القصف التركى، ولهذا اتخذت قوات سوريا الديمقراطية احتياطاتها، لكن فى النهاية المنطقة بأكملها تتعرض لخطر داهم من قبَل الاحتلال التركى، وبالتالى لا يمكن ترك القوات كلها فى تأمين السجون. وتابع: «هؤلاء الدواعش بعد الفرار سيبحثون عن ملجأ لهم وسيكونون خطراً كبيراً على كل المنطقة، فمثلاً بعد دخولهم كوبانى قتلوا الصغار وارتكبوا واحدة من أكبر المجازر فى كوبانى، أما الآن فقدرتهم على الانتقام باتت أسوأ لأنهم يعتبرون أهالى المنطقة كفاراً يعيشون فى منطقة حرب».

وقال: «أوروبا قلقة من مسألة هروب الدواعش، خصوصاً ألمانيا التى تعد الحليف الأقوى لتركيا، فرغم هذا التحالف قالت ألمانيا إن الهجوم التركى يهدد بظهور داعش مجدداً، والكل فى أوروبا يعرف أن خطر الدواعش ليس بعيداً عن أوروبا تحديداً، ولذلك المطلوب منهم الآن تقديم الدعم والمساهمة فى وقف العدوان التركى فى أسرع وقت ممكن».


مواضيع متعلقة