فتيات سيناء يتحدين الإعاقة.. فُزن بميداليات تنس الطاولة ويحلمون ببطولات أكبر

كتب: نهال سليمان

فتيات سيناء يتحدين الإعاقة.. فُزن بميداليات تنس الطاولة ويحلمون ببطولات أكبر

فتيات سيناء يتحدين الإعاقة.. فُزن بميداليات تنس الطاولة ويحلمون ببطولات أكبر

معسكرات تدريبية ولقاءات ودية واستقدام مدرب من خارج شمال سيناء.. خطوات أصبحت بها الأماني ممكنة، وحولت الإصابة بإعاقات حركية إلى فرصة لصنع صورة ذهنية لفتيات المناطق الحدودية من ذوي الاحتياجات الخاصة تعتمد على الانجازات الرياضية، بعد أن تمكن نادي المعاقين بشمال سيناء من الفوز بـ4 ميداليات في بطولة الجمهورية لتنس الطاولة لذوي الاحتياجات الخاصة التي أقيمت الأسبوع الماضي في بورسعيد.

على كرسي متحرك أو وقوفا على قدم أكثر ضعفا وأقصر من مثيلتها وحول منضدة تنس الطاولة، تمكنت رحاب صابر 26 سنة، وسماح عبد العزيز 30 سنة، من الفوز بالميدالية الذهبية، وحصلت سميرة عابد على الميدالية الفضية بينما كانت البرونزية من نصيب نوال ممدوح، لتزداد طموحات فتيات شمال سيناء نحو إنجاز المزيد، بعد أن أضحت الرياضة وسيلتهما للخروج لحياة اجتماعية أكثر ثقة في النفس.

على كرسي متحرك.. "رحاب" بطلة الجمهورية في تنس الطاولة: "كنت بتكسف من الملابس الرياضية"

"أول مرة أحقق المركز الأول على مستوى الجمهورية".. بهذه الكلمات بدأت رحاب حديثها لـ"الوطن" بصوت أكثر ما يميزه الفخر والفرح، ففي معظم البطولات السابقة كانت رحاب تصل إلى المركز الثالث أو الثاني على أقصى تقدير، لتجد أن حصولها على الميدالية الذهبية جاء بعد تدريبات مكثفة ومجهود كبير قام عليه المدرب ورئيس النادي الذي بحسب وصفها في آخر يوم قبل السفر للبطولة عمل على بث روح الأمل بها "ناداني وبعدها لقيته بص لي ومقالش ولا كلمة بس ملامحه كانت بتقول كلام كتير إني لازم أحقق البطولة دي وأرجع بالميدالية الذهبية".

وتروي رحاب لـ"الوطن" أنها بدأت ممارسة رياضة التنس منذ 7 أعوام، لتنقلب حياتها رأسًا على عقب، بعد أن كانت شخصيتها انطوائية تخشى الخروج إلى الشارع نتيجة إصابتها بشلل الأطفال يجعلها تتحرك على كراسٍ متحركة بسبب ضمور في عضلات قدميها، إلى أن اقترح عليها أحد معارفها التدريب على رياضة تنس الطاولة، لتذهب إلى النادي وسط مخاوف من شيء لا تعرفه ووسط خجل من ارتداء الملابس الرياضية: "لما روحت النادي لقيت إن فيه معاقين كتير زيي وأكتر مني بينزلوا وبيتحركوا وإني أقدر أبقى زيهم فقررت أعيش طبيعي وحياتي اتغيرت 180 درجة ومبقتش بنزل إلا بلبس الرياضة والمضرب".

سماح عبد العزيز: الصدفة خلتني بطلة والإعاقة في الفكر مش الجسد 

منذ أربعة عشر عاما، عندما كانت "سماح" في طريقها إلى درس الفلسفة، صدفة جمعتها بأحد أعضاء النادي الذي قرر أن يتحدث إليها عن إمكانية أن تصبح لاعبة تنس طاولة، وعقب حديثه زارت النادي 3 مرات لكنها لم تتمكن من الاستمرار بسبب الانشغال الدراسي وحاولت مرة أخرى أثناء الدراسة الجامعية لكنها لم تستطع الالتزام سوى بعد التخرج: "حبيت وجودي في النادي وسط أبطال سافروا حققوا انجازات وتمنيت أكون زيهم والرياضة كانت وسيلة لتضييع الوقت في حاجة مفيدة وهدف قدامي أسعى لتحقيقه".

 وتروي سماح لـ"الوطن" أنها من خلال تنس الطاولة والمشاركة في البطولات والوصول للمركز الأول لثاني مرة، بدأت الشعور بكيانها وقدرتها على الإنجاز، فقد كانت قبل ذلك تفكر أن "قصر قدم عن قدم" وضعفها عائقا يمنعها عن ممارسة حياتها الطبيعية إلى أن ذهبت إلى النادي ووجدت أنها تستطيع أن تنجز أشياء لا يقدر عليها أشخاص أسوياء، لتتحول كلمة "معاقة" من مصدر لبكائها إلى مصدر فخر: "كنت لما حد يقول عليا عندي إعاقة كنت بعيط لكن دلوقتي مبقتش تضايقني، لو إنت سليم ممكن فكرك يعوقك لأن الإعاقة هي إعاقة الفكر مش الجسد.. دايما الناس كانت بتبص لي إني محتاجة حد يساعدني لكن دلوقتي بقوا يشوفوني البطلة صاحبة الميداليات". 

 

معسكرات تدريبية ومباريات ودية، حرص حسن صالح رئيس مجلس إدارة نادي المعاقين بشمال سيناء، على إلحاق لاعبي النادي بها، بين اللعب مع لاعبات أسوياء ولاعبات ذوي إعاقة: "قبل البطولة شاركنا في معسكرين تدريب في القليوبية واحد في بنها للعب مع أسوياء، 5 أيام متواصلة وكانوا مستغربين لكن إنهم محسوش بفرق، ومعسكر تاني مع نادي القناطر وكله معاقين منهم اتنين هيروحوا طوكيو نتمنى نبقى زيهم"، وذلك بحسب حديث رئيس النادي لـ"الوطن".

لتصف "رحاب" و"سماح" ذلك بأنها فرصة كبيرة للاحتكاك والتدريب: "الأسوياء بيبدئوا اللعب بالراحة ويشوفوا مفيش براحة منا فبيدوسوا بس أهم حاجة إننا بنقدر نقطة ضعف بعض وعملنا دمج حقيقي".

ولتوفير كل الإمكانيات اللازمة عمل "حسن" على التعاقد مع طه دردير كمدرب مصنف عالميا، ورغم أنه غير مقيم بمحافظة شمال سيناء، مما يزيد التكاليف، فيحضر إلى النادي من القاهرة، ما جعل التدريبات مكثفة، تعقد في يومين أو ثلاثة أيام متتالية لساعات طويلة قد تصل في اليوم الواحد إلى 12 ساعة، يستغلون بها أيام تواجد المدرب في النادي، ثم يقوم عبد الرحمن الليثي، مساعد المدرب وزوج رحاب، يتولى مهمة تدريب اللاعبين واللاعبات باقي أيام الأسبوع.

رئيس نادي المعاقين في شمال سيناء دعم الفريق بمدرب من القاهرة مصنف عالميا

فبعد تشجيع وحماس من مدربهم وقف الأبطال الثمانية المشاركين من نادي المعاقين معًا، لم يفرح من حقق الفوز في أول أيام البطولة إلا عندما انتهت واطمأنوا من تحقيق 4 منهم مراكز متقدمة، فهم تعودوا على أن الفرحة المجمعة هي ما تعنيهم: "التعاون وروح الفريق حتى لو بنلعب لعبة فردية هو أهم حاجة اتعلمناها.. كلنا بنشجع بعض وبنقول ياللا.. إنتي تقدري وبنفكتر في وقتها رئيس النادي وتعب الشهور اللي فاتت ونكمل لحد ما نكسب علشان نغير صورة سيناء عند الناس اللي في البطولة كلهم فاكرين إنها إرهاب وبس".

واختتمت البطلتان حديثهن لـ"الوطن": "الفوز بيحملنا مسؤولية إننا نحافظ عليه ونحلم ببطولات أكبر وخصوصا إن الناس حوالينا والستات الكبار اللي مش عارفين يعني إيه تنس بيبصولنا بفخر".


مواضيع متعلقة