محيى إسماعيل: أنا "أبو التجريد".. وتخطى تكريمى فى مهرجان "التجريبى" إهانة لهم.. وأتمسك بالعيش داخل صومعتى للكتابة والتأمل

كتب: أجرت الحوار: ضحى محمد

محيى إسماعيل: أنا "أبو التجريد".. وتخطى تكريمى فى مهرجان "التجريبى" إهانة لهم.. وأتمسك بالعيش داخل صومعتى للكتابة والتأمل

محيى إسماعيل: أنا "أبو التجريد".. وتخطى تكريمى فى مهرجان "التجريبى" إهانة لهم.. وأتمسك بالعيش داخل صومعتى للكتابة والتأمل

وجه سينمائى مميز، وأداء تمثيلى رصين، كانا سبب تألقه فى نوع معين من الدراما لم يسبقه أحد إليه، فنصبه الجمهور عليه ملكاً، يعيش داخل صومعته التى أهداها له الرئيس السادات منذ سنوات بعد نجاحه الكبير فى فيلم «الأخوة الأعداء»، ويحفر على جدرانها معظم الشخصيات التى قدمها مع نجوم الزمن الجميل على مدار 50 عاماً، نجح فى تعميق أدواره وتنفيذ المشاهد الصعبة، ووضع العقد خلال أحداثها بعد دراسته لعلم النفس والفلسفة، تألق بتجسيد الشخصيات السيادية والشعبية والأرستقراطية والأجنبية، الفنان محيى إسماعيل، الذى قام بالبطولة الأولى فى أفلام هامة لكبار المؤلفين والمخرجين والمنتجين وأمام كبار نجمات السينما، التى أصبحت جزءاً من تاريخ السينما المصرية.

وفى حواره لـ«الوطن»، قدم محيى إسماعيل كشف حساب لأعماله الفنية على مدار 50 عاماً، فى سابقة هى الأولى من نوعها، مؤكداً أنه ينتظر تقديم بطولة عمل كوميدى بالسينما، وتطرق فى الحوار إلى تاريخه كأول فنان يتخصص فى أداء الأدوار النفسية المركبة، بالإضافة إلى كونه عضو لجنة التحكيم الدولية للأفلام العالمية بمهرجان الإسكندرية خلال دورته الـ35.

 ملك السيكودراما لـ"الوطن": أقدم كشف حساب للجمهور على مدار 50 عاماً لأن تاريخى نقى.. وأفكر فى تقديم بطولة سينمائية كوميدية

لماذا قررت تقديم كشف حساب للجمهور، رغم نجوميتك؟

- لأن الحياة ليست مضمونة، وأنا مؤمن بالقدر وليس عيباً أن يتحدث الفنان مع الجمهور، ولكن من النادر أن يقرر ممثل تقديم كشف حساب للجمهور، ولكننى قررت ذلك لأن تاريخى نقى، وقد يفيد آخرين يعملون فى العبث والتفاهة، فإننى أدفع ثمن اختياراتى، باعتبارى شخصية جادة فى عملى، وأحمد الله سبحانه وتعالى على جديتى واختياراتى التى نجحت على مدار تاريخى الفنى، رغم أن البعض يتهمنى بالغرور، ولكن لا يشغلنى ذلك، فكل أحاديثى أجريتها بمنتهى الجرأة، ولا أتعدى حدودى مع أحد، أو أهين شخصاً أو أود الدخول فى صراعات مع أحد.

 ولم أنطق فى حياتى بلفظ يخدش الحس البشرى

لماذا يطلق عليك الجمهور لقب «قيصر السينما العربية وملك السيكو دراما»؟

- الجمهور أعطانى هذا اللقب، لأننى لم أقدم مشهداً ضمن أى عمل فنى على مدار الـ50 عاماً يخدش الحس البشرى، وبداياتى كانت من خلال السينما العالمية بفيلمين «الدورية» و«أبطال الموت» مع المخرج العالمى روبرتو مونتيرو 1971، كما قدمت فيلم «بئر الحرمان» مع الفنانة سعاد حسنى، من خلال دور الرسام الذى تحبه، وكان من إخراج كمال الشيخ وقصة إحسان عبدالقدوس، كما أن هنُاك فيديو للمخرج على بدرخان يؤرخ من خلاله أننى ملك السيكو دراما، لأننى الفنان الوحيد غير المسبوق الذى قدم جميع العقد النفسية فى 17 فيلماً من أهم ما أنتجت السينما المصرية وما ترتب عليه فى مهرجانات دولية.

ماذا يمثل تكريمك الأخير من المهرجان القومى للمسرح فى دورته الـ26؟

- سعيد بتكريم إدارة المهرجان القومى للمسرح برئاسة الفنان أحمد عبدالعزيز، خاصة أن التكريم ضم مجموعة كبيرة من أبرز صناع المسرح، من بينهم الفنانان محمود حميدة، وعزت العلايلى، والفنانة سميحة أيوب، فهى مديرتى فى المسرح القومى، والمخرج جلال الشرقاوى، لأن كل هؤلاء من مؤسسى المسرح، ويجب أن يتصدروا المشهد.

قدمت أول مسرح تجريبى فى مصر منذ نصف قرن تحت مسمى "الـ100 كرسى" ومن المميز أن أكون فى مصر هذا العام حتى يتم تكريمى فى "القاهرة السينمائى"

أقيمت فعاليات الدورة الـ26 من مهرجان المسرح التجريبى والمعاصر، وباعتبارك من مؤسسى هذا المسرح، ما تقييمك؟

- مصطلحا التجريبى والمعاصر عكس بعضهما البعض، وأوجه حديثى لإدارة المهرجان وأخص بالذكر د. سامح مهران، باعتبارى الرائد الأول فى التجريب لمصر، الذى قدم أول مسرح تجريبى فى مصر من 50 عاماً يدعى مسرح الـ100 كرسى، حضره القامات من الوزراء والكتاب وعلى رأسهم د. فوزى فهمى، والفنانة سميحة أيوب، التى كانت تأتى لتدعمنى وتسرد الشعر مع المخرج جلال الشرقاوى، فعندما نتحدث عن المسرح التجريبى يجب أن يعلم الجميع أننى «أبوالتجريد والرائد»، وتخطيهم لى إهانة لهم.

هل تواصلت مع وزارة الثقافة بشأن تصحيح هذا الأمر؟

- بالفعل، تحدثت مع الوزيرة منذ فترة وأوضحت لها الأمر، فالمهرجان يضم عدداً كبيراً من الوفود الخارجية والعربية، ويجب على الجميع معرفة أن مصر هى أم التجريب، فإننى أول من قدم الميلودراما فى مسرحية «البيانو» بتقمص 7 شخصيات على المسرح، وهذا تاريخ مُوثق، فأنا لا أطلب التكريم ولكنى يجب على الجميع معرفة رائد المسرح التجريبى بمصر، ومن المؤسف أن يرأس د. سامح مهران المهرجان دون تكريم الرواد فى هذا المسرح، فشرف له وجودهم.

يفصلنا شهران على انطلاق فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى، فما رسالتك لرئيس المهرجان؟

- فى الحقيقة لم تُتح لى الفرصة لمقابلة المنتج محمد حفظى، رئيس مهرجان القاهرة السينمائى، ولكننى أوجه له رسالة بأن المهرجان كرم كل زملائى، فمن المميز أن أكون فى مصر هذا العام حتى يتم تكريمى، فهذا خطاب له، فإننى تكرمت منذ 40 عاماً عندما كان المهرجان برئاسة كمال الملاخ، وحصلت على جائزة التقدير عن مجموعة أدوارى الصعبة فى السينما 1986، وكان وقتها التكريم يعنى لى الكثير، فإننى لا أنتظر التكريم، ولكن أعمالى هى التى تكرمنى.

نفتقد الكشافين الذين يرصدون تاريخ كل فنان بحيث يأخذ كل ذى حق حقه.. وتكريم "السادات" له طابع خاص

هل ترى أنك حصلت على حقك فى التكريم طوال حياتك، باعتبارك نجماً كبيراً؟

- حصلت على عدة جوائز خلال مشوارى الفنى، وتم تكريمى فى أمريكا وكندا، وأكاد أكون الممثل الوحيد فى العالم الذى تم تكريمه من البرلمان الكندى، وحصلت على جائزة رائد السيكو دراما فى السينما من كندا عام 2010، كما حصلت على جائزة من جمعية كتاب ونقاد السينما 1975، وأحسن ممثل فى السينما عن فيلم «الأخوة الأعداء» من وزارة الثقافة 1976، وجائزة الإبداع السينمائى من الجالية المصرية بنيويورك 2003، ولكننا مع الأسف نفتقد الكشافين الذين يرصدون كل تاريخ الفنان، بحيث يأخذ حقه، دون داع بأن يخرج الفنان ليذكر الجمهور والقائمين على المهنة بتاريخه الفنى.

هل لا يزال تكريم «السادات» له طابع خاص بالنسبة لك؟

- أى تكريم حصلت عليه فى حياتى له معنى، أهم شىء أن يأتى فى وقت مناسب، وبالتأكيد تكريم السادات معلق فى ذاكرتى منذ 45 عاماً، فشخصية «حمزة» فى فيلم «الأخوة الأعداء» كانت مميزة، رغم أن القصة الأصلية لم يكن مصاباً بالصرع، ولكنى قمت بإضافة ذلك لخلق بعد جديد للدور، وعندما شاهده الرئيس تخيل أننى مُصاب بالصرع وتحدث معى بشأن تلك الموهبة، وطلبت منه وقتها منزلاً حتى أسكن به.

رغم أنك ضد المشاركة فى لجان التحكيم، إلا أنك وافقت على قرار إدارة مهرجان الإسكندرية بأن تكون عضو لجنة التحكيم الدولية للأفلام العالمية، ما السبب وراء ذلك؟

- هذا صحيح، ولكن هناك عروضاً كثيرة تكون جيدة، ومهرجان الإسكندرية يضم عدداً من الأفلام المهمة خاصة أننى سأكون مسئولاً عن تقييم الأفلام العالمية، فأنا رجل يهتم بالبحث والكتابة فقط.

شاركت مؤخراً بفيلم «الكنز2».. هل ترى أن توقيت عرضه أثر على إيراداته بموسم «الأضحى»؟

- يهمنى أن الفيلم يعرض سواء كان فى موسم الأضحى أو غيره، فهذا لا يعنينى، والمخرج شريف عرفة من المخرجين المميزين، وضم مجموعة كبيرة من النجوم، منهم محمد سعد، ومحمد رمضان، وهند صبرى، كل هؤلاء كان يهمنى أن أعمل معهم، خاصة أننى قدمت دور الكاهن الكبير الأعظم النصاب باسم الدين، فالدين السياسى هو الذى دمر مصر، وهذا الخط مهم أن يُثار فى السينما.

هل كانت لك إضافات على سيناريو عبدالرحيم كمال؟

- لم تكن لى أى إضافات، لأن عبدالرحيم كمال مؤلف كبير، ويعرف الكلمة وقيمتها، رغم أننى فى أفلامى كلها كنت أحاول أكتب وأضع العُقد الـ20 فى الدور، وكل المخرجين كانوا يفهمون هذا الأمر، ولم يزعجهم ذلك وكانوا يحرصون على متابعة التعديلات التى أقوم بها من أجل خروج العمل بصورة أفضل، كما أننى لم أنطق فى حياتى بلفظ يخدش الحس البشرى.

هل كان تدخلك فى الكتابة يزعج المخرجين؟

- بالعكس، المخرجون ساعدونى على ذلك، فأنا كنت أفكر فى الدور الخاص بى وأحاول تعميقه، وعندما دخلت السينما كنت أريد تقديم الأدوار الصعبة، ووضع العقد كلها بدون معرفة المخرجين، وبعد 40 عاماً أفصح عن ذلك، فهى لعبة خبث وذكاء، ولكن كل المخرجين كانوا يطلبون منى تعميق الدور، وأثناء ذلك كنت أضع العقد، لذلك فإن هناك هيئة علمية كبيرة من كونفرود بكندا تريد وضع اسمى فى موسوعة جينيس، لأننى الوحيد فى العالم الذى عمل جميع العقد بمفرده.

أتريد أن يورث ذلك الفن لأحد من أبناء الجيل الجديد؟

- لا أريد ذلك، فالتمثيل لا يعلمه أحد، كما أننى لا أحبذ ورش التمثيل، فمصر لا تحتاج ممثلين ولكنها تحتاج إلى صناعة أفلام جيدة، خاصة أننى حرصت على أن تكون أفلامى مميزة دون أن يخرج لفظ خادش، فأى ممثل جيد يكون متخرجاً من معهد التمثيل، ولكن هناك أكاديميات لها معنى مثل أكاديمية المخرج على بدرخان، لأن بها أساتذة علميين ومثقفين، ولكن نصيحة للجيل المقبل بالقراءة المستمرة، فكان نور الشريف تلميذى يقرأ ليل نهار، والثقافة هى كل شىء.

ما سبب اعتذارك عن الأدوار خلال الفترة الماضية؟

- لأننى لم يكن هدفى يوماً ما جمع الأموال، فمنذ سنوات لم أقدم دراما أو أقف على خشبة المسرح، ولكننى أنتقى أدوارى بعناية شديدة، ولكن ما يشغلنى تقديم الأعمال الكوميدية فى الفترة المقبلة، خاصة أن بداياتى كانت كوميدية مع المخرج حسن الإمام، وكان يعرض فى اليوم 6 حفلات، والسينما تتسع إلى 2000 شخص.

رغم مشوارك الفنى الذى تجاوز الـ50 عاماً، هل تعتبر دور «يوليوس قيصر» من أصعب الأدوار؟

- بالتأكيد، هو يعتبر من أصعب الأدوار، وقدمته فى سوريا لمدة 3 شهور، وفى الحقيقة عندما وصلت مرضت وظللت 7 أيام أعالج، إلا أننى مثلت الدور واستغرق منى حوالى 3 شهور وصبغت شعرى 3 مرات، وتمثلت صعوبته فى الشخص الذى جاء لكى يشاهد كليوباترا ويقبض عليها ولكنه أحبها، وطلبت منه أن يركع للحب وأن يركع الشعب بأكمله، إلا أنه أصُيب بالصرع، وعندما ذهب لمجلس الشعب كى يُتوج، طُعن 20 مرة فى هذا اليوم لأنه انخفض من مستواه العالى لامرأة مقدونية.

ما السبب وراء حرصك على تقديم الأدوار النفسية المعقدة؟

- السر من عند الله سبحانه وتعالى، فلقد بدأت بدور «نابليون» عندما قدمته على المسرح منذ 40 عاماً، إلا أن الأمر ازداد بعد ذلك، وبدأت فى البحث والكتابة فى مجال علم النفس والفلسفة.

هل هناك تحضيرات بشأن مشروع القذافى، أم أنه تجمد؟

- لم يقف المشروع، ولكن ليبيا بها صراعات كثيرة، ويمكن أن يكون أمامها فترة تصل إلى 6 شهور لكى أستطيع تصوير الفيلم، ولكننى انتهيت من كتابته منذ فترة، بعد أن قابلت «القذافى» مرتين مع المؤلف سعد الدين وهبة، وهناك أمل كبير بأن يخرج المشروع للنور إن لم يكن هذا العام سيكون على بداية العام الجديد، لأنه يهمنى أن يكون الشعب الليبى فى الفيلم لأننا نجسد الواقع.

 

هل تشاهد أدوارك التى قدمتها حتى الوقت الحالى؟

- بكل تأكيد، أحرص على مشاهد المُسجل منها، والأخرى التى تذاع على الفضائيات، وأستمتع بذلك لأننى لم أخطئ على مدار مشوارى الفنى، فأنا «عشان أختار دور بموت»، لذا أطالب القنوات الفضائية بعرض مسرحياتى الكوميدية، فأنا قدمت 5 مسرحيات كوميدية، ونحن شاهدنا مسرح فؤاد المهندس ومحمد صبحى وسعيد صالح لمدة 40 عاماً، ولكن آن الأوان للكشف عن مسرحيات كوميدية على رأسها مسرحية «المغناطيس»، و«الليلة العظيمة» و«القاهرة فى ألف عام» و«بياعين الهوا» و«تكنولوجيا الحب».

هل تعتبر الجرأة جانباً مهماً فى شخصية الفنان كى يصل إلى النجومية، أم تدخلاً فى عمل المخرج؟

- بالعكس، الجرأة تعتبر من أهم صفات الممثل، فهناك أدوار كثيرة قدمتها خلال مشوارى الفنى كان المخرج يرى أن الفيلم مميز بعد اكتمال النسخة النهائية، إلا أننى كنت أصر على أنه ساقط ولن يأتى بأى إيرادات، مثل فيلم «إعدام طالب ثانوى»، فالفيلم لم يكن فيه مشهد إعدام الطالب، وعندما شاهدت النسخة النهائية طلبت من المخرج محمد النجار إضافة ذلك المشهد، من أجل جذب الانتباه بالبدلة الحمراء وظهورها على الأفيش، بالإضافة إلى فيلم «دموع الشيطان» فاقترحت إضافة مشهد ذبح شخص على الشاشة بطريقة مُرعبة، وبسبب ذلك المشهد تم منع عرض الفيلم يوم الافتتاح بأمر من الرقابة، رغم إصرار المخرج عادل الأعصر على وجوده، وفيلم «حلاوة الروح» من تأليف يوسف إدريس وإخراج أحمد فؤاد درويش الذى اقترحت عليه أن يكون هناك كلب فى أحد المشاهد وأتشاجر معه، ما نقل الفيلم إلى مكانة خاصة بعد ذلك المشهد، فإثارة الجمهور علم يجب أن يُدرس.

 

رغم ترشحها ثانوياً لم يصل فيلم مصرى واحد إلى الأوسكار، ما سبب ذلك من وجهة نظرك؟

- السبب وراء ذلك يكون متمثلاً فى المعالجة الفنية للعمل، فيجب أن تكون عالمية إنسانية بدون تعصب، وطرح القضية بمرونة شديدة، لأن هناك عالماً يريد أن يستوعب ذلك، ونحن لدينا أفلام فى تاريخ مصر مهمة ولكننا لم نصل إلى العالمية لأننا لم يكن لدينا موزعون يترجمون الأفلام، بدليل أن السينما الهندية وصلت إلى العالمية، وأعتقد أن غرفة صناعة السينما والنقابات عليها دور كبير لدعم الأفلام.

 

 

«إسماعيل» يتحدث لـ «الوطن»

 

 

 

دور فى الأخوة الأعداء

 

محيى إسماعيل فى منزله

مشهد من «الكنز2»

.. ومع عمر الشريف


مواضيع متعلقة