في ذكرى رحيله الـ49.. كيف شكل جمال عبدالناصر ملامح زمن الفن الجميل

كتب: دينا عبدالخالق

في ذكرى رحيله الـ49.. كيف شكل جمال عبدالناصر ملامح زمن الفن الجميل

في ذكرى رحيله الـ49.. كيف شكل جمال عبدالناصر ملامح زمن الفن الجميل

49 عاما كاملين مروا على رحيل ثاني رؤساء الجمهورية المصرية بعد إنهاء الحكم الملكي بالبلاد، بعد ثورة يوليو، لتزدهر القاهرة بمختلف المجالات، وهو ما انعكس بوضوح على الفن، ليلمع نجوم بالسينما والغناء والمسرح، وتخرج أعمال مميزة جسدت ذلك العصر الذهبي، حملت ولا زالت وصف "زمن الفن الجميل".

"الفن الذي نريده.. إن السينما وسيلة من وسائل التثقيف والترفيه، وعلينا أن ندرك ذلك لأننا إذا ما أُسيء استخدامها فإننا سنهوى إلى الحضيض، وندفع بالشباب إلى الهاوية"، بهذه الكلمات الواضحة والصريحة التي حملت في طياتها كثير من الآمال والمطالب، أوضح مجلس قيادة الثورة في 8 أغسطس 1953، رغبتهم من صناع السينما في ذلك الوقت، بعد أن أدركوا تأثيرها على نفوس وعقول المواطنين واعتبروها إحدى أشكال "القوة الناعمة" في البلاد، ليحمل الزعيم الراحل جمال عبدالناصر تلك المهمة على عاتقه، بعد توليه الحكم.

وأولى "ناصر"، الذي تمر اليوم ذكرى ميلاده الـ101، اهتماما خاصا للفن والثقافة في مصر، حيث قرر عام 1958 إنشاء وزارة تعني بشؤون الثقافة، وكان على رأسها الراحل ثروت عكاشة أول وزير للثقافة والإرشاد القومي، وخلال تلك الفترة تم إرساء البنية التحتية للثقافة وإنشاء كثير من الهيئات التي عملت على إثراء الحياة الثقافية والفنية، مثل المجلس الأعلى للثقافة، وهو المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، آنذاك، والهيئة العامة للكتاب، ودار الكتب والوثائق القومية، التي كانت تحوي في ذاك الوقت نحو نصف مليون مجلد من الكتب والمخطوطات القيمة، للمحافظة على التراث المصري بداخله، بحسب موقع "الهيئة العامة للاستعلامات".

انتعاشة للفن في عهد عبدالناصر.. تأسيس الأوبرا والموسيقى العربية والمكتبة الثقافية

تم تأسيس فرق دار الأوبرا المختلفة مثل أوركسترا القاهرة السيمفوني، وفرق الموسيقي العربية، والسيرك القومي ومسرح العرائس، والاهتمام بدور النشر، كإنشاء المكتبة الثقافية، التي كانت النبتة الأساسية لمشروع مكتبة الأسرة، فضلا عن رعاية الآثار والمتاحف ودعم المؤسسات الثقافية، والسماح بإنتاج أفلام من قصص الأدب المصري الأصيل بعد أن كانت تعتمد على الاقتباس من القصص والأفلام الأجنبية.

إنشاء أكاديمية الفنون، عام 1969، كان واحدا من أهم إنجازات "ناصر"، فهي أول جامعة لتعليم الفنون ذات طبيعة منفردة في الوطن العربي، حيث تضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد والبالية والموسيقى والفنون الشعبية.

أدركت ''ثورة يوليو'' تأثير الفن على وعي وحس الشعب المصري، وسعت لتدعيم صلتها ونشر إنجازاتها من خلال الأعمال الفنية المتنوعة، ومن أبرزها ''السينما''؛ فالإنتاج السينمائي المصري تميز بالغزارة الشديدة، وجودة الإنتاج في القرن الماضي ''عصر السينما الذهبي''، وقدمت عدة أفلام تمجد في الثورة ودورها وأهدافها، وفقا لـ"هيئة الاستعلامات".

ومن بين أشهر تلك الأعمال الفنية، فيلم "الله معنا" للكاتب إحسان عبدالقدوس، بطولة عماد حمدي وشكري سرحان وفاتن حمامة، الذي يجسد مسيرة الضباط الأحرار، لكنه ظل ممنوعا من العرض لفترة إلى أن شاهده عبدالناصر بنفسه، وأمر بعرضه، وحضر بنفسه الفيلم في سينما ريفولى، وربما كان هذا أول فيلم يحضر جمال عبدالناصر حفل افتتاح عرضه، وبصفته الرسمية، وكانت هذه أول قصة سينمائية يكتبها إحسان عبد القدوس وتعرض على الشاشة.

"ناصر" يزور موقع تصوير فيلم "رد قلبي".. ويوصي يوسف السباعي باستكمال توثيق التاريخ

"رد قلبي"، كان واحدا أيضا من أهم الأفلام بتاريخ السينما وفي عهد عبدالناصر، حيث تقول الفنانة مريم فخر الدين، في أحد اللقاءات التليفزيونية، إنها التقت بالزعيم الراحل للمرة الأولى، أثناء تصوير الفيلم، حيث جاء لاستديو مصر وشاهده وأثنى على الجهودنا والتمثيل، مضيفة: "جلست وراءه مباشرة وكنت أحضرت صورة له ليوقع لي عليها وانتهزتها فرصة وقلت له: من فضلك يا جمال بيه وقع لي على الصورة فقال لي يا مريم أنا لغيت البهوية، فقلت له وأنا لم أكن أجد لقبا لأناديك به، أو فكرت أن أقول لك يا جمال بيه ولا باشا ولا أعرف أناديك بأي لقب، فقال لي وهو يبتسم: سميني جمال، ومضى لي على الصور (إلى مريم فحر الدين مع إعجابي بها في فيلم رد قلبي)، وهذه الصورة بتوقيعه لا أزال أحتفظ بها".

فيما أورد مسلسل "فارس الرومانسية" الذي يتناول حياة الكاتب الراحل يوسف السباعي، أن "ناصر" حضر العرض الخاص لفيلم "رد قلبي"، وأعجب به للغاية، وقال للسباعي: "كمل توثيق في تاريخ مصر".

بينما أعتبر البعض أن فيلم "شيء من الخوف" لحسين كمال 1968، يشير إلى أن شخصية "عتريس" ترمز إلى "عبدالناصر" في قسوته، إلا أنه شاهده لاحقا، وأجاز عرضه في 4 فبراير عام 1969.

لم تقتصر علاقة عبدالناصر بالغناء على عبدالحليم وأم كلثوم فقط، حيث كان لفريد الأطرش حضور ضخم أيضا في ذلك الوقت، ففي 20 أكتوبر 1954، أقيم حفل ضخم ميدان التحرير واستقبل "ناصر" الأطرش الذي غنى أغنية "نشيد البعث"، كما كان له رصيدا كبير امن الأغاني الوطنية.

وانتشرت العديد من الأغاني في عهده لتدعيم الثورة والمشروعات الكبرى، مثل إرساء حجر أساس مصنع الحديد والصلب، والسد العالي، حيث وصل عددها إلى أكثر من 1200 أغنية، أرخت بشدة لكافة الأحداث السياسية بتلك الحقبة الناصرية، حيث تعد الأغنية الوطنية مكونا أصيلا وموروثا ثقافيا حاضرا مع كل الأحداث التي مرت بها مصر.

كما شهد المسرح المصري نهضة حقيقية في تلك الفترة، إذ تأسست العديد من الفرق المسرحية ولمعت عشرات الأسماء لكتاب ومخرجين وممثلين تركوا بصماتهم الواضحة في تاريخ فن المسرح في مصر، على رأسهم عبدالرحمن الشرقاوي، ونعمان عاشور، ويوسف إدريس، وصلاح عبد الصبور، وألفريد فرج، كما تأسست عدد من الفرق المسرحية، الذين تفاعلوا مع الثورة وعرضوها.

إنشاء التليفزيون المصري، أحد أبرز إنجازات الثورة في مجال الإعلام، حيث أصدر قرارا به في عام 1959، ليبدأ البث في 21 يوليو 1960 في الاحتفالات بالعام الثامن للثورة. 


مواضيع متعلقة