"التأمين الصحي": يد تبني.. ويد تقدم العلاج

كتب: محمد مجدى ومريم الخطرى

"التأمين الصحي": يد تبني.. ويد تقدم العلاج

"التأمين الصحي": يد تبني.. ويد تقدم العلاج

«توجيهات الرئيس للاهتمام ببناء المواطن، نعمل فيها على المأكل والمسكن والصحة، ولدينا منظومة تموين قوية، نعمل على تحسينها لنستهدف الأكثر فقراً، وليس لتقليل الدعم المقدم للمواطنين، واتباع الدولة للميكنة فى كل المجالات سيخفف الأعباء عن كاهلهم، ويقلل الوقت، ويتيح للمواطن الحصول على خدماته من المنزل دون عناء».. هكذا بدأ الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، حديثه فى المؤتمر الصحفى، بداية يوليو الماضى، لحظة انطلاق أولى خطوات الحلم الذى طال انتظاره أكثر من 20 عاماً، مُعلناً بدء التشغيل التجريبى لمنظومة التأمين الصحى الشامل الجديد، وتقدم الدولة من خلاله خدمات طبية ذات جودة عالية لكافة فئات المجتمع دون تمييز، وتتكفل بعلاج غير القادرين، كما تتيح للمنتفع الحرية فى اختيار مقدمى الخدمة الصحية، وتعمل على تقليل الإنفاق الشخصى على تلك الخدمات، والحد من الفقر بسبب المرض، إلى جانب تسعير الخدمات الطبية بطريقة عادلة، وحصول المريض على الخدمة دون اللجوء إلى إجراءات إضافية. «الوطن» تقدم بانوراما لخريطة التأمين الشامل، وتحاور قيادات وزارة الصحة والقائمين على المنظومة، لمعرفة أوجه الخدمات المقدمة، وطريقة التسجيل، وفائدة المنظومة للمريض مقارنة بالماضى، ومدى دقة ما يردده المسئولون بأن المنظومة الجديدة هى باب الإصلاح الصحى فى مصر.

"الرقابة الصحية".. ذراع "التأمين" لمنع الأخطاء الطبية ومحاسبة المقصرين

بدأت الحكومة، لأول مرة، تأسيس كيان وطنى لـ«الرقابة الصحية» على غرار المنظومات الرقابية الأخرى العاملة فى البلاد، بعد أن كانت الأمور الطبية تخضع لإدارات التفتيش فى وزارة الصحة والسكان، ليصبح عملها مركزياً بدعم كبير من القيادة السياسية، إذ تم إنشاؤها كهيئة عامة تابعة لرئاسة الجمهورية منذ عدة أشهر تحت مُسمى «الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية».

وتعمل «الرقابة الصحية» ضمن منظومة التأمين الصحى الشامل، إذ تتولى تسجيل واعتماد المنشآت العاملة فى المنظومة، ثم تتولى رقابتها، ويسرى نطاق عملها بحكم القانون على المنشآت العاملة فى «المنظومة الجديدة» فقط.

من جانبه يؤكد الدكتور أشرف إسماعيل، رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، التابعة لرئاسة الجمهورية، أن الهيئة ذات خصوصية، وتختلف عن باقى الجهات الرقابية الأخرى، مضيفاً: «هدفنا ليس ترك المؤسسة تخطئ ثم محاسبتها، ولكننا نعمل لمنع وقوع الخطأ من البداية».

رئيس "الهيئة": نراقب مؤسسات المنظومة إكلينيكياً وإدارياً ومالياً.. و"تفتيش سرى" للتأكد من جودة الخدمات.. ونملك "يداً طولى" للتعامل مع أى خطأ

ويوضح رئيس «الرقابة الصحية»، لـ«الوطن»، أن الخطأ فى المجال الطبى ثمنه باهظ، حيث يؤدى لمضاعفات أو مشاكل طبية أو وفيات، ومن ثم يتم العمل لمنع تلك الأخطاء قبل حدوثها، وتقديم الخدمة الطبية بأعلى معايير الجودة العالمية، مشيراً إلى أنهم يعملون على تقييم المؤسسات العاملة فى منظومة التأمين الشامل بصفة دورية، كما أن المستشفيات والمؤسسات نفسها سيتم تقييمها بصفة مستمرة لضمان التزامها بالمعايير الموضوعة سلفاً، لتقديم أعلى مستويات الخدمة الطبية فى المنظومة، لافتاً إلى اعتزامهم شن حملات رقابية بصورة غير معلنة، طيلة الوقت، أو بشكل مُعلن، أو عبر إرسال أحد رجال «الهيئة» بصفته مواطناً عادياً ليرصد كل ما يحدث ويدوّنه، ثم يقدم تقريراً بشأنه للجهة الرقابية.

ويتابع: «مجالات الرقابة إكلينيكية وإدارية ومالية، للتأكد من التزام كل المؤسسات بالمعايير، ومش ضرورى لما نروح نلاقى حاجة غلط، بالعكس إحنا عايزين نلاقى كل حاجة صح، ونضمن أن المنظومة بتتطبق بالطريقة السليمة»، مؤكداً أن الخطأ وارد الحدوث، وقد دشنت «الهيئة» خطاً ساخناً معلناً للمرضى للإبلاغ عن الحوادث والحالات الجسيمة فى المستشفيات، مضيفاً: «مش هنقول ده عمل مشكلة ارفدوه، فلن نأخذ الأمور بشكل عارض، لكن سننظر للأسباب ونحلل جذور المشكلة حتى لا يتكرر الخطأ مرة أخرى، مع اتخاذ خطوات من قبَل المؤسسة الطبية لمنع تكرار هذا الخطأ مستقبلاً».

ويؤكد «إسماعيل» وجود فرَق تفتيش ومحققين لهم «يد طولى» فى مراجعة الشئون المالية والإدارية، لضمان منع هدر الموارد، بدءاً من هدر استخدام أدوية غير مبرر، أو إجراء تحاليل وأشعات وعمليات «مالهاش لزمة»، أو بقاء المريض فى الرعاية المركزة أو المستشفيات لفترة طويلة دون الحاجة لذلك.

ويتضمن «الهدر» أيضاً عدم وجود طبيب أو فرق تمريض دون الاستفادة المثلى منهم، حسبما يوضح «إسماعيل»، كما ستتم مراجعة السجلات الطبية والدوائية والمستلزمات، ومقارنتها مع ما تم إعطاؤه للمرضى لضمان عدم وجود تلاعب، مضيفاً: «هدفنا أن كل قرش اتصرف على المريض يكون اتصرف بالفعل فى مكانه الصحيح».

وفى حال حدوث تلاعب أو إساءة استخدام للموارد، مثل حدوث سرقات أو اختلاسات، أكد رئيس «الرقابة الصحية» وجود سلطة كاملة لضبط تلك الحالات، وتحويلها لجهات الاختصاص لمعاقبة المخطئ، ومواجهة أى فساد.

وعن تقييمه لفترة التشغيل السابقة لـ«التأمين الشامل»، قال إنها تمت بـ«صورة مُرضية»، حيث سبقها استعداد للانطلاق منذ فترة زمنية طويلة، بالأخص فيما يتعلق بالبنية الأساسية وبناء المؤسسات، وتوفير التكنولوجيا والموارد البشرية اللازمة، لافتاً إلى أن «الهيئة» بدأت عملها قبل هيئتَى الرعاية الصحية والتأمين الصحى الشامل، وأن المنشأتين ضمن الهيئات الثلاث لإدارة المنظومة، عبر إعداد برامج التسجيل والاعتماد ومعاييرها فيما بعد.

وأشار إلى بدء عملية تسجيل المؤسسات فى المنظومة منذ مارس الماضى، مؤكداً أن التسجيل ليس صورياً أو ورقياً أو مجرد وثائق، ولكنها متطلبات يجب أن تكون موجودة بشكل تفصيلى فى المؤسسات، سواء المستشفيات أو مراكز الرعاية الصحية أو معامل التحاليل أو الأشعة أو المراكز التشخيصية، لافتاً إلى أن المعايير تهدف لتطبيق أعلى مستويات السلامة فى العالم، خصوصاً فيما يتعلق بسلامة المريض، وحصوله على الخدمة الطبية التى يحتاجها.

خط ساخن للإبلاغ عن الحوادث والحالات الجسيمة بالمستشفيات.. وكل مؤسسة تملك "دليل تشغيل" لنظام العمل بالكامل

وأوضح أن كل مؤسسة تعمل فى المنظومة تملك «دليل تشغيل»، مدون فيه نظام عمل المؤسسة بالكامل، كما يمنحون كل مؤسسة فرصة للتسجيل، يعقبها ضرورة اعتمادها خلال عام أو تصبح خارج المنظومة، مشدداً على وجود تعاون من جميع أجهزة الدولة بقيادة وزارة الصحة والسكان، ومحافظة بورسعيد، تشمل البنية الأساسية والتوصيلات والمتابعة والمبانى، إضافة إلى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

ولفت «إسماعيل» إلى أن هيئة الرعاية الصحية تتولى إدارة المستشفيات الصحية فى المنظومة، وأن جميع الأطراف فى المنظومة الجديدة يبذلون أقصى جهودهم، ويسعون للأفضل بشكل مستمر، ويقول: «استخلصنا العديد من الدروس المستفادة خلال فترة التشغيل التجريبى للتأمين فى بورسعيد، مثل مواجهة تكدس المواطنين، وتوفير تخصصات نادرة فى المستشفيات، وتحويل مواطن، وحققت المرحلة استفادة لكافة الجهات القائمة على المنظومة بشكل كبير».

لا هدر فى "الأدوية" أو فى طاقات الأطباء والتمريض.. وانطلاق عملية التسجيل بالمنظومة منذ مارس الماضى

وأشار إلى العمل لبدء تشغيل منظومة التأمين الشامل فى 5 محافظات خلال الفترة المقبلة، وهى الإسماعيلية والسويس والأقصر وأسوان وجنوب سيناء، حيث تم الإعداد لإطلاق المنظومة بتلك المحافظات، والمتوقع تطبيقها أول يوليو 2020، مؤكداً أنهم يعملون يداً بيد مع المحافظات لتجهيزها للمستوى المطلوب فى الخدمة الصحية.

من جهته، أكد الدكتور أحمد شقير، مدير إدارة التخطيط الاستراتيجى والسياسات فى الهيئة، وجود إقبال كبير على عملية التسجيل على مستوى الجمهورية، وليس بورسعيد فقط، موضحاً أن أكثر من 85 مؤسسة صحية كبرى فى مصر قدمت للتسجيل، مستشفيات جيش وشرطة وخاص والتعليمى، لتكون جاهزة لتقديم الخدمة فى المشروع، كما لفت إلى الإقبال الكبير من الصيدليات على التسجيل، وهو أمر جديد له فوائده ومميزاته للمريض والمواطن وصناعة الدواء، وستكون النتيجة دواء يقدم ويخزن بشكل سليم، ويُصرف دون بديل.


مواضيع متعلقة