مثقفون: التصدي فكريا للإرهاب "فريضة غائبة"

كتب: إلهام زيدان

مثقفون: التصدي فكريا للإرهاب "فريضة غائبة"

مثقفون: التصدي فكريا للإرهاب "فريضة غائبة"

«لم نتصدَّ فكرياً للإرهاب إلى الآن»، هذا ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مؤتمر الشباب الثامن، والذى تناول فى جلسته الأولى تقييم تجربة مكافحة الإرهاب محلياً وإقليمياً، ونجاح الدولة المصرية فى محاصرة الإرهاب أمنياً بشكل كبير، فيما لا يزال هناك تراجع فى المواجهة الفكرية التى تتطلب تضافر الجهود من المؤسسات المعنية، لتفنيد الأفكار المتطرّفة، من خلال خطاب إعلامى ودينى متجدّد وفاعل مع الشباب.

"توفيق": الحل الأمنى وحده لن يجدى

الدكتور سعيد توفيق، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، وأمين المجلس الأعلى للثقافة الأسبق، يرى أن الدولة تبذل جهوداً كبيرة فى التصدى للإرهاب على المستوى الأمنى، وكانت الضربات الأمنية قوية، لكن لا بد أن نعترف بأن الحل الأمنى وحده لن يُجدى فى مواجهة الإرهاب، ولكى نقتلع الإرهاب من جذوره لا بد من اقتلاع الفكر الإرهابى، وهذا الفكر موجود فى التيار السلفى الناشئ عن الوهابية، وهى صنيعة فكر الفقهاء التكفيريين، وهذا التيار لا يزال موجوداً حتى فى حياتنا اليومية. وأضاف: الفكر والثقافة لا تنحصر فى وزارة الثقافة فقط، لكنها تمتد إلى الأجهزة الإعلامية والعملية التعليمية، مؤكداً أن هذه المنظومة حينما تعمل معاً، ستكون قادرة على اقتلاع هذا الفكر من جذوره.

وأوضح «توفيق» لا بد أن تكون بالتعليم مقررات دراسية قادرة على مواجهة هذا الفكر، من خلال التركيز على الفنون فى العملية التعليمية، فالطالب القادر على تذوق الفنون لا يمكن أن يصبح إرهابياً، مؤكداً أهمية إدخال مقررات تنتمى إلى العلوم الإنسانية، مثل الفلسفة وعلوم الجمال والتذوق الفنى، إلى الكليات العملية ذات الطابع المنفصل عن الإنسان، مثل الهندسة والطب، لتعوده التفكير ومناقشة قضايا تتعلق بالروح الإنسانية، وليست قضايا حسابية أو موضوعية مستقلة عن الإنسان، لأن دراسة موضوعات مستقلة عن الإنسان تخلق نوعاً من الفراغ المرعب والقابل للملء، فالعقل الفارغ يمكن أن يُملأ بأى أفكار متطرفة أو خزعبلات أو بأى شىء.

الدكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، أمين المجلس الأعلى للثقافة الأسبق، يقول إن التصدى فكرياً للإرهاب هو الفريضة الغائبة، ولم ندخل فيها بشكل جاد حتى الآن، لذلك نحتاج إلى مشروع قومى فكرى، لمواجهة الإرهاب، وتقوم عليه عدة جهات رسمية مثل وزارات الثقافة والتعليم والتعليم العالى والشباب والأوقاف بالإضافة إلى الأزهر والإعلام وجهود المجتمع المدنى، لافتاً إلى أهمية: التنسيق بين هذه الجهات، التى يتم من خلالها مناقشة الأفكار الإرهابية بشكل موسّع، ويتم التنسيق بين هذه الجهات، وعقد الاجتماعات الدورية (على غرار اجتماعات المجموعة الاقتصادية الخاصة بالمشروعات)، وذلك لمناقشة مكافحة أفكار التطرف والإرهاب، ونقدها عبر وسائل متنوعة، منها الإعلام والفنون، والمدارس التى يلزمها التخلص من مناهج التلقين والحفظ فى التعليم كأولى خطوات التطرف، لأننى أعد متلقناً جاهزاً لأفكار يكون فريسة سهلة لمبادئ التطرف.

وأضاف: القضاء فكرياً على التطرف والإرهاب أمر ممكن، لكن لا بد من أخذ الموضوع على محمل الجد، وتكرار المحاولات، ومد نطاق العمل جغرافياً، إلى العشوائيات وقرى الصعيد.

"عفيفى": نحتاج مشروعاً فكرياً للقضاء على التطرف

وذكر «عفيفى» من الدول التى نجحت فى القضاء على التطرف: «أشهرها ماليزيا، التى كان بها كم من التطرّف وقتل للأقليات غير المسلمة، من خلال مشروع قومى يعتمد على الفكر والثقافة، وكذلك الجزائر، وغيرها من الدول الإسلامية. وهناك دول غير إسلامية، قضت على أفكار التطرّف من خلال مشروعات قومية، منها فرنسا، كان فيها إرهاب وتطرّف من جماعات تنادى باستقلال جزيرة كورسيكا، وكانت هذه الجماعات تنفذ عمليات تفجيرات واغتيالات، واستطاعت فرنسا من خلال الحوار والثقافة، تغيير هذا التوجّه، وحتى ألمانيا استطاعت القضاء على النازية.

الدكتور يسرى عبدالله، أستاذ الأدب والنقد الحديث بجامعة حلوان، قال: ثمة معركة نبيلة وباسلة يخوضها القلب الصلب للدولة المصرية فى حربها ضد الإرهاب، ومن المفارقات المؤسفة فى هذا السياق تخلى الكثير من أدوات تشكيل العقل العام عن دورها فى المواجهة الفكرية، التى تمثل جناحاً موازياً لمعركة الأمة المصرية ضد عصابات التطرف وقطعان الإرهاب.

متابعاً بأن المواجهة الفكرية للتطرف ضرورة حتمية، وليست ترفاً زائداً، ويجب أن تأخذ هذه المواجهة الفكرية أبعاداً متعدّدة تبدأ أولاً من إدراك الغاية من المعركة، والوعى بالجدل السياسى والفكرى، وامتلاك خيال جديد فى طرق المواجهة وآلياتها.


مواضيع متعلقة