الناجون من الانتحار.. وقفوا على حافة الموت وعادوا نادمين

كتب: إنجى الطوخى

الناجون من الانتحار.. وقفوا على حافة الموت وعادوا نادمين

الناجون من الانتحار.. وقفوا على حافة الموت وعادوا نادمين

لحظة واحدة تفصله عن الموت.. تتأرجح الكفة يميناً ويساراً كبندول ساعة حائر بين وجود وعدم، هل يكمل الطريق إلى نهايته أم ستكون هناك فرصة أخرى للعودة إلى الوراء؟ فى حالات كثيرة يختار القدر أن يمنح مَن اقترب من الانتحار، كسبيل أخير للخلاص من آلامه، فرصةً أخرى للحياة، ليبدأ فى رؤية العالم بنظرة مختلفة، فيها من الانطلاق والإقبال على الدنيا وإعادة اكتشاف الذات والمحيطين بها مرة أخرى، ما يجعل عنوان حياته الجديدة، الندم على خوض تلك التجربة، واختيار الموت حلاً.

«العائدون من الموت». وتزامناً مع حالات الانتحار، التى انتشرت مؤخراً، تواصلت «الوطن» مع عدد ممن خاضوا تلك التجربة، بعدما أخذوا فُسحة من الوقت، تصل لسنوات، للتأمُّل فى تجربتهم وتحليلها والخروج بنتيجة أن الحياة لا يزال فيها الكثير يستحق التجريب، ولا تزال الحلول ممكنة، والموت ليس طوق نجاة، بل يمكن مواجهة الحياة بمزيد من الحياة.

الحديث عن محاولات الانتحار يقترن عند من أقدموا عليها بالخجل واليأس أحياناً والشعور بالعار أحياناً أخرى

يقترن الحديث عن محاولات الانتحار، عند بعض ممن أقدموا عليها، بالخجل واليأس، وأحياناً الشعور بالعار، ما يدفع كثيرين منهم إلى الإحجام عن فتح باب النقاش حول التجربة، أو الخوض فى كل تفاصيلها، ومن يتشجع على رواية ما حدث، فإنه يرويه من باب الندم، وأنه أخطأ عندما استسلم لليأس وفكر فى مفارقة الحياة، مفرطاً فى الفرصة التى منحه الله إياها، بأن يعيش تجربته ويستمتع بحياته، بكل ما فيها من فرح وسعادة، خاصة أن كل ما يمكن أن يمر به الإنسان من عقبات دائماً ما يمر وتتجاوزه الأيام، كما قال الفنان فريد الأطرش فى إحدى أغانيه «انسوا أوجاعها وليه نضيعها ده الحياة حلوة».

لم تدرك «منى أحمد» مدى صدق كلمات أغنية «فريد الأطرش» سوى مؤخراً، بعدما رزقها الله بـ«جنا وحنين»، حيث أدركت أنها كانت ستخسر نبع الحب الصافى، الذى يسكن عيون طفلتيها، اللتين تبلغ الصغرى منهما عاماً ونصف العام، بينما لم تتجاوز الكبرى 3 أعوام.

حاولت «منى» الانتحار وهى فى الـ23 من عمرها لأن عائلتها كانت ترفض زواجها من شخص كانت تريده، لكنها ترى محاولتها الآن بعيون الندم «بعد تخرجى فى كلية الألسن، أحببت شاباً لبنانياً يعيش فى مصر، لكن عائلتى رفضت تماماً، خاصة أمى بسبب اختلاف الجنسية، ورفضها أن أبتعد عنها، وظل الأمر كذلك لشهور طويلة، حتى شعرت بالغضب الشديد ثم اليأس من الحياة، وقررت الانتحار بقطع شرايين يدى، لكن أهلى استطاعوا إنقاذى فى آخر لحظة».

"منى": فعل غير شجاع وأحمد الله أنه نجانى

تقول السيدة الصغيرة «لو عاد بى الزمن إلى الوراء فلن أفعل ذلك أبداً»، واصفة الانتحار بأنه «فعل غير شجاع يلجأ إليه الشخص فى لحظات ضعفه»، وتحمد الله أنها فشلت فيه، مضيفة «هناك طرق كثيرة لمواجهة مشكلاتنا غير التخلص من حياتنا، فمع الحديث مع أحد كبار العائلة، بعد محاولة انتحارى قررت أن أبدأ حياتى من جديد، وأن أقاتل من أجل أحلامى، وبالفعل نجحت فى الالتحاق بعدة دورات كمضيفة طيران، وتزوجت وحالياً أبحث عن عمل».

أما بسمة عبدالحميد، 28 عاماً، التى تعمل موظفة فى إحدى الشركات الخاصة، فيبدو الحديث عن محاولتها الانتحار، بالنسبة لمن يعرفها، شيئاً من الخيال، فمكتبها مكدس بالتحف والألعاب الصغيرة، بما ينبئ عن شخصية منطلقة تحب الحياة، لكنها سرعان ما تصدم محدثها قائلة «لكننى بالفعل حاولت الانتحار، أشعر بالندم صحيح، ولكنى لا أندم من الاعتراف بذلك على نطاق أصدقائى على الأقل».

"بسمة": أبى كان يضربنى بعنف وحياتى تغيرت بعد النجاة

«بسمة» كانت تعانى من سوء معاملة الأهل، ما دفعها إلى محاولة الانتحار بقطع شرايين القدم واليد معاً، خاصة أنها كانت بنتاً وحيدة على شقيقين صغيرين، وتقول «أبى كان عصبياً، وفى فترة من فترات حياته، بينما كنت لا أتجاوز الـ14 عاماً، تعرضنا لأزمة مالية حادة، جعلت أبى فى أشد حالات العصبية والعنف، كان يضربنى بعنف عندما أخطئ، حتى لو كان خطأ صغيراً، وهكذا تصاعد الأمر حتى صرت أتحداه بشكل علنى، فكان رده دوماً وأبداً هو الضرب حتى بسير الغسالة، حتى دخلت فى أحد الأيام الحمام، وأغلقت الباب، وأمسكت بشفرة حلاقة وحاولت قطع شرايين قدمى ويدى معاً».

بعد 14 عاماً على الحادث، تدرك «بسمة» خطورة محاولتها البائسة للانتحار، فمشكلة أبيها انتهت بعد فترة من الوقت، وعاد هو إلى طبيعته معها، بل وسعى إلى تعويضها عما لاقته من أضرار «الآن علاقتى بأبى جيدة جداً، بل هو صديقى الأول فى الحياة، بعد أن اعترف لى بأنه أخطأ فى الاعتماد على الضرب كوسيلة للتربية، وتؤكد أن حياتها تغيرت بعد النجاة من هذه المحاولة».

"وفاء": ألقيت نفسى من الشرفة وندمت لأن كل المشاكل يمكن مواجهتها بالصبر

وفاء حسن، 55 عاماً، مدرسة، تشعر أنها انتصرت على الموت، عندما ترى ابنتها الكبرى الطالبة فى كلية «حاسبات ومعلومات»، تسير سريعاً دون أى ألم أو تعب، استعداداً للذهاب إلى محاضراتها، بينما هى ما زالت تعانى «عرجاً» فى قدمها اليمنى، ورثته عن محاولتها الانتحار بالقفز من الطابق الرابع، بسبب ضغوط الحياة، تقول «كانت حالتنا المادية صعبة جداً بعد وفاة أبى، وكانت أمى بالكاد توفر احتياجاتنا أنا وأشقائى الثلاثة، كانت مساعدتها أمراً واجباً، لكنى لم أكن أعرف كيف أفعل ذلك أمام ضغوط الدراسة فى كلية الآثار، التى تتطلب سفراً يومياً من بنها إلى القاهرة، وفى إحدى المرات احتدم النقاش معها بسبب الزواج والظروف التى نمر بها، فقررت أن ألقى بنفسى من الشرفة».

تتذكر «وفاء» لحظة نجاتها من الموت فقد علقت قدمها بين «أسلاك الكهرباء»، لتمنحها فرصة للنجاة، وتضيف «بعد أن تم إنقاذى كان الندم صديقى الجديد، الذى لم يفارقنى أبداً، حتى الآن بعد أن كبرت وتزوجت وصار لدى أبناء، وعلى وشك زواج ابنتى الكبرى».

ترى «وفاء» أن الحكى عن محاولة الانتحار لبناتها واجب عليها، وهو ما فعلته، معتبرة أنها الآن قادرة على تقديم «روشتة» لمواجهة الانتحار «فى سنى هذه كل ما يمكن قوله أن الانتحار مثل العفريت الذى إن خفنا منه سيسيطر على حواسنا، وإن واجهناه فسيختفى للأبد، والانتحار لحظة يتوقف فيها المخ عن العمل، لذا منذ ذلك الوقت وأنا أحرص على شغل وقتى وعقلى وقلبى، لأن الحياة بها الكثير ليعاش».

فى كل يوم جمعة، عندما تشمر سميرة عبدالسلام عن ساعديها لتنظيف أرضية شقتها، مستخدمة مبيداً حشرياً لتعقيم الأركان منعاً لتسلل الحشرات إلى البيت، تداهمها ذكرى محاولة الانتحار، التى لا يعلم أحد عنها شيئاً، فقد حاولت ترك الحياة بتناول جرعة من المبيد الحشرى «التكسوفين».

يقشعر جسد «سميرة» بشدة، وهى تتذكر مشاهد الضرب المبرح، الذى كانت تتعرض له على يد والدها وأشقائها، بعدما عرفوا بقصة حبها لأحد زملائها فى الدراسة، ورغم أنها أخبرتهم أن «غرضه شريف»، ويرغب فى الزواج منها، إلا أنهم أصروا على الرفض بحجة الدفاع عن شرفهم، فقد يؤثر ذلك على سمعة العائلة، عندما يعرف الناس أنهم وافقوا على زواج ابنتهم ممن تحب.

«وقتها سمعت كلاماً لا يمكن أن يسمعه أحد ويظل عنده ذرة أمل فى الحياة، سواء فى التشكيك فى عذريتى، أو شرفى، فضلاً عن الإهانات المستمرة، وعروض الضرب المستمرة، وأمام تلك القسوة التى ليس لها حد، قررت أن أتخلص من حياتى، وفى آخر لحظة وأنا أتناول المبيد الحشرى، لحقتنى أمى، وبعد غسيل المعدة، ورقاد فى المستشفى عدة أيام اقتنع أهلى أنهم يجب أن يراعوا إنسانيتى ويسمعونى».

"سميرة": أمل كاذب فى الراحة

تبتسم «سميرة» لأبنائها الثلاثة وهم يعرضون عليها مساعدتها فى تنظيف الشقة، ثم تعود لتحكى ذكرياتها عن محاولة الانتحار التى فشلت، لكنها لا تنكر أن انتماءها لطبقة متوسطة تعليمياً واقتصادياً -خريجة دبلوم تجارة- يجعل الوعى بقضية الانتحار وخطورتها أمراً ليس فى الحسبان، لكنها على العكس اهتمت بالأمر، وكانت تقرأ عنه كثيراً، موضحة أن «الانتحار شائع وسط الفتيات بشكل كبير، إما بسبب ضغوط الأهل أو بسبب قصص الحب، ويجب أن تكون هناك محاولات للتوعية، بأن الحياة تستمر وأن الحل ليس الانتحار أبداً، بل هو أمل كاذب فى الراحة».

خبراء نفسيون: "النجاة" قد تكون نقطة فارقة لمن فشل فى إنهاء حياته

الحياة بعد محاولة الانتحار، والبدء من جديد، وتحقيق النجاح، قد يبدو حلماً بعيد المنال، خاصة إذا كانت تجربة الانتحار مؤلمة لصاحبها، أو تركت أثراً لا يمحى، سواء كان جسدياً أو نفسياً، لكن بحسب «علم النفس»، يبدو الأمر مختلفاً قليلاً، حيث تعتبر الدكتورة سوسن الفايد، أستاذ علم النفس فى المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أنه بمجرد انتهاء لحظة الضعف الشديد، التى يمر بها الإنسان، التى تدفعه دفعاً إلى اختيار الانتحار سبيلاً للهروب من واقعه، يبدأ فى إعادة التفكير من جديد، ويدرك أن هناك حلولاً كانت غائبة عن فكره، وإذا استغل هذه النقطة جيداً فإنه يحقق النجاح المبهر فى كافة تفاصيل حياته.

«للانتحار أسباب كثيرة، تجعل حياة الإنسان تهون عليه، ومع زيادة حدة تلك الأسباب، وضغطها الشديد على النفس يصل إلى لحظة تسمى لحظة الخلاص، أو الذروة».. تقول الدكتورة «سوسن»، مضيفة: «هنا يقرر أن يتخلص من حياته، ولكن إذا فشلت محاولته، فإنه يحصل على هبة عظيمة قد لا تتاح لغيره، وهى القدرة على مراجعة حياته، وبالتالى يستطيع وضع يده على المشكلة التى يمر بها جيداً، وفهمها وتحليلها من جميع النواحى، ويستطيع إيجاد حل لها سواء كانت مشكلة مع أحد أطراف الأسرة، أو عوامل اقتصادية، أو حتى مرض نفسى».

وتستطرد الدكتورة «سوسن»: أن أحد أسباب اللجوء للانتحار رغم التقدم التكنولوجى، وما أسهم فيه من انتشار المعرفة الإلكترونية والطبية على وجه الخصوص بشكل كبير، هو غياب أحد العوامل التالية إما التعليم أو الثقافة أو أحياناً الوازع الدينى: «أحياناً عامل واحد أو تلك العوامل متشابكة تدفع المرء إلى أن يصبح ضيق الأفق، وفاقداً للأمل فى الحياة، وفى نفسه، لذا فأنصح الكثيرين ممن تعرضوا لمحاولة الانتحار وفشلت أن يبدأوا فى القراءة كثيراً سواء كان دينياً أو ثقافياً أو حتى دراسياً، لأن ذلك يفتح عقولهم بشكل كبير، للتعرف على وجود بدائل مختلفة لمواجهة الحياة بكل ضغوطها وظروفها، كذلك التعرف على أناس جدد، والانفتاح على الآخرين، فذلك من شأنه أن يثرى حياتهم ويزيد وعيهم».

«الحياة بعد الانتحار لا تتم إلا بدعم المجتمع»، هكذا يرى الدكتور طه أبوالحسن، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، مؤكداً أن من حاول الانتحار وفشل فى التجربة، يكون مر بأقصى درجات فقد الأمل فى شتى معانى الحياة، بالإضافة إلى الأوجاع النفسية: «بعد التعافى من آثار الانتحار، خصوصاً لو كانت جسدية، يحتاج الشخص ممن حوله سواء كانوا أقارب أو أصدقاء أو حتى معارف طاقة تقدير واحترام هائلة، تخبره بأنه يمكنه الاستمرار فى الحياة، وأنه يمكنه البدء من جديد، بل وتحتفى بنجاته».

واعتبر «أبوالحسن» أن لغة اللوم والتقريع التى يستخدمها البعض، فى مواجهة من فشل فى الانتحار أمر يجب تجنبه تماماً، لأنه تأثيره سلبى: «البعض أحياناً من خوفهم الشديد وقلقهم، يبدأون فى تعنيف الشخص الذى حاول الانتحار، وهناك من يسخرون منه، فتكون الكلمات، مثل سوط يجلدون به الشخص، بحجة الدين أو العادات أو حتى الشكل الاجتماعى، ولو كانت فتاة فالأمر يصبح مضاعفاً، حيث يتم منعها تماماً من الخروج والدخول، ويُفرض نظام حصار ومراقبة عليها، وهذا بالطبع أمر خاطئ تماماً، فعلينا أن نستخدم لغة هينة فيها حب وتعاطف، تكون داعمة، بل ونخبرهم بأننا نراهم أشخاصاً جيدين، صالحين وأننا نعلم أن الأمر مجرد حدث طارئ».

ووصف «أبوالحسن» مَن فشل فى الانتحار بأنهم مثل «العائدين من الموت»، ولكن هذا لا يمنع قدرتهم على تحقيق النجاح فى حياتهم، بل صناعة إنجازات لم يصل إليها أحد، مؤكداً أن هناك الكثير من المشاهير التى كانت محاولة انتحارهم وفشلهم فيها نقطة تحول فى حياتهم: «ما دام الإنسان فيه نفس ويحصل على دعم وحب عائلته، ويرى أن نظرة المجتمع له فيها تقدير، يمكن أن يعود له الأمل من جديد، ويبدأ حياة ناجحة بعد تجربته الموت الاختيارى».

القوانين العربية لا تجرِّم المحاولة "المحرمة".. وتعاقب على التحريض والمساعدة

تخلو ترسانة التشريعات فى أغلب الدول العربية من أى مادة تعاقب على فعل الشروع فى الانتحار، وإن كانت المواد التى تعاقب المحرِّض عليها، أو المساعد فيه، كثيرة. فقانون العقوبات العراقى، على سبيل المثال، ينص فى البند الثالث من المادة 408 صراحة على أنه «لا عقاب على مَن شرع فى الانتحار»، لكن فى المقابل تصل عقوبة مَن يحرِّض على الانتحار إلى السجن 7 سنوات، أما فى القانون السورى فتصل عقوبة التحريض إلى الاعتقال 10 سنوات، وفى الكويت يتعرض المحرِّض إلى الحبس 3 سنوات. وتأتى سلطنة عمان على رأس الاستثناءات حيث ينص قانونها على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبالغرامة التى لا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عمانى أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مَن شرع فى الانتحار بأن أتى فعلاً من الأفعال التى تؤدى إلى الوفاة عادةً». وعلى مستوى دول الغرب، كان الأمر مماثلاً، مع تشديد العقوبة على المحرِّضين على الانتحار، وكان لافتاً أن مكافحة الانتحار تحظى بأهمية كبيرة فى كثير من دول العالم، لدرجة تخصيص وزارة كاملة فى بريطانيا باسم «وزارة الانتحار».

الدكتور محمد رفعت، أستاذ القانون العام بكلية حقوق جامعة الإسكندرية، يقول إن «القانون المصرى يخلو من النص على أى عقوبة على الشروع فى الانتحار، والأمر كذلك فى معظم دول العالم باستثناء قِلَّة قليلة، ففى النهاية المنتحر شخص يائس يحتاج إلى المساندة والدعم وليس العقاب»، مضيفاً أن العقاب يقع فقط على مَن يحرض على الانتحار، فبحسب القانون، فإن التحريض هو «حمْل شخص آخر ومحاولة حثه بأى طريقة كانت على الإقدام على الجريمة». وأكد أن التحريض على الانتحار هو النوع الوحيد من التحريض المجرَّم على فعل ليس مجرماً، ويكون التحريض بأية طريقة مثل الكتابة أو التلقين، أما توفير وسائل الانتحار فهى ترقى لأن تكون مساعدة تتعدى التحريض.

أستاذ قانون: التشريعات تنظر بعين الرحمة لمن حاول قتل نفسه "كفاية اللى هو فيه".. والإجراء المتبع محضر إدارى "بيتحفظ"

ويضيف رفعت: «فى قانون العقوبات المصرى، يُعاقب الشخص إذا اعتدى على حياة شخص آخر، أو تسبَّب فى أذى بدنى أو نفسى أو مالى له، ولكن طالما ذلك لم يحدث فيتم حفظ الأمر، سواء توفى المنتحر أو فشلت تجربته فى الانتحار».

وأوضح «رفعت» أن الإجراء القانونى المتبع فى حالات الانتحار هو أن تحرر النيابة محضراً فى «دفتر» يطلق عليه «وقائع الانتحار»، ويحفظ المحضر إدارياً برقم عوارض انتحار، إذا ما تمت العملية بالفعل وتوفى المنتحر، مضيفاً: «أما إذا حاول الشخص الانتحار وفشل، فتنتقل النيابة إليه للتحقق من أن الأمر يخلو من أى شبهة جنائية، حيث يتم استجواب المنتحر نفسه وعائلته أو أصدقائه، وعند التأكد من أن الأمر ليس فيه أى شىء جنائى، وأنه تم برغبة الشخص، يتم تحرير محضر برقم إدارى وليس جنائياً، ثم يتم حفظه».

وأكد: فى النهاية القانون ينظر بعين الرحمة لمن حاول الانتحار، وأنه يمر بألم نفسى أو جسدى شديد، دفعه للتخلص من حياته، وبالتالى فهو يمنع معاقبته «يكفيه ما هو فيه».

حاولوا ونجوا فى اللحظة الأخيرة

المخرج يوسف شاهين حاول الانتحار بعد الانتهاء من تصوير فيلم «صراع فى الوادى»، حيث شعر بالغيرة من علاقة الحب التى بدأت بين الفنانة فاتن حمامة وعمر الشريف، وقد كان يحبها، واعترف بذلك فى نهاية ثمانينات القرن الماضى.

الكاتب عباس محمود العقاد، بعد طرده من حزب الوفد عام 1935، مر بفترة عصيبة امتدت سنوات حتى انضمامه إلى حزب السعديين فى 1938، وذلك بحسب شهادة الكاتب الكبير لويس عوض، فقد عاش لفترة طويلة بلا مورد وعرف الضنك وضيق الحال، ما جعله يبيع مكتبته ويفكر فى الانتحار.

الفنان أحمد زكى حاول الانتحار مرتين وفشل، الأولى كانت فى بداية مشواره الفنى، عندما ذهب إلى المخرج الكبير يوسف شاهين ليحصل على دور بأحد الأفلام ولم يحالفه الحظ، فشعر أنه غريب على الوسط الفنى، والثانية عندما علم خلال تصوير دوره فى فيلم «سواق الهانم»، بوفاة طليقته الممثلة هالة فؤاد.

يسرا بعد رسوبها فى الدراسة حاولت الانتحار، بابتلاع كمية كبيرة من الحبوب، لكن أهلها أنقذوها فى اللحظة الأخيرة.


مواضيع متعلقة