وظيفة وتطوع وصلة رحم.. خريجو مشروع رفيق المسن يروون لـ"الوطن" كواليسه

وظيفة وتطوع وصلة رحم.. خريجو مشروع رفيق المسن يروون لـ"الوطن" كواليسه
- رفيق المسن
- مشروع رفيق المسن
- كبار السن
- رعاية كبار السن
- المسنين
- رعاية المسنين
- دار مسنين
- رفيق المسن
- مشروع رفيق المسن
- كبار السن
- رعاية كبار السن
- المسنين
- رعاية المسنين
- دار مسنين
يبلغون من الكبر عتيًا، بين الوحدة ودور المسنين، أو رعاية من هم غير مختصين، ذلك هو الوضع السائد لكبار السن، لتتخذ وزارة التضامن الاجتماعي مسلكًا جديدًا، من خلال إطلاق مشروع "رفيق المسن"، لتخريج دفعات من الشباب والفتيات يمكنهم العمل كـ"جليس مسن" في المنازل,.
المشروع يهدف إلى تقديم خدمات الرعاية لمن يحتاجها في كنف أسرته، بعيدا عن البحث عن دور رعاية، وبما يزيد الترابط والتماسك الأسري، وتوفير البديل عن الرعاية المؤسسية للمسن.
مقابلة شخصية، بمثابة "اختبار قبول" بمشروع التدريب أو "الرفض"، ثم محاضرات يومية مكثفة لمدة شهر ونصف الشهر، بين الدراسة النظرية والتطبيق، تلك كانت خطوات إيمان محمد (35 سنة) للحصول على شهادة معتمدة كـ"رفيق مسن".
بمجرد أن قرأت الخبر عن المشروع، عبر إحدى التطبيقات، تقدمت عبر الموقع المخصص لذلك، وتلقت اتصالا بحضور مقابلة لتحديد إمكانية قبولها في التدريب: "العمل مع المسنين يحتاج شخصيات ذات طبيعة خاصة، وعرفت بعد ما اتقبلت، إن كان فيه حد متخصص في لجنة الاختبار يحلل ردود أفعالنا، وحد تاني يقَيم إجابتنا على مواقف افتراضية"، وذلك بحسب حديث إيمان لـ"الوطن" عن تجربتها ضمن المرحلة الأولى المطبق بها المشروع في محافظات "القاهرة، الجيزة، القليوبية، الإسكندرية".
حصولها على معهد فني صناعي والحمل والولادة ورعاية أطفالها، لم يمكنا ابنة الإسكندرية من الحصول على عمل مناسب.
وجاءت فكرة الالتحاق بالمشروع بما قد يوفره من مهارة جديدة لدخول سوق عمل كبير وبمرتبات مجزية، ليشكل ذلك فرصة أفضل، فأطفالها أصبح يمكنهم الاعتماد على أنفسهم، ورعاية المسن هي خدمة إنسانية، قبل أن تصبح عملا: "اتعلمت ازاي أتعامل مع مشاعره وأراعيها، ونقدم خدمات تمريضية، زي تركيب القسطرة، والحقن، والكانيولا، وعلاج طبيعي، والتغيير على الحروق والجروح علشان نقلل قرحة الفراش".
إيمان: اتعلمت إزاي أراعي مشاعر كبار السن
كونها البنت الوحيدة في أسرتها، كان أكبر حافز لها للالتحاق بالبرنامج، فالجدة تحتاج إلى التعامل معها عن دراية وفهم، بدلا عن اضطرارهم لاستئجار "شخص غريب" لرعايتها، ووالدَيْها قد أوشكا على الدخول ضمن فئة المسنين، ممن تخطوا الـ60 عاما، والذين يبلغ عددهم أكثر من 6 ملايين فرد، وفقًا لإحصائية الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن العام 2018.
"أنا ممتنة إني اتعلمت كل الحاجات دي، حتى لو مفيش فرصة شغل تناسبني دلوقتي، بس بابا وماما أكيد هيحتاجوني، وجدتي دلوقتي محتاجاني، بدل ما حد غريب يرعاها ويخدمها".. تلك الأسباب جعلت الفتاة الشابة في أمس الحاجة للخبرة.
وتحكي إيمان لـ"الوطن" أن مدة البرنامج التي بلغت شهرا ونصف لشهر، انقسمت بين محاضرات نظرية، وتطبيقات عملية، أشرف عليهم فيها أساتذة متخصصين من كليات التمريض، ومن المعاهد الفنية الصحية.
فتحت جمعية الرعاية الإجتماعية بكرموز، أبوابها لهم، بين التدريب النظري والتطبيق، ومع أول أيام التطبيق، تبدلت أفكار الفتاة الثلاثينية من الخوف من صعوبة التعامل والعناية بأشخاص لا تعرفهم، إلى الإقدام على الحضور إلى مقر الجمعية مبكرا، للجلوس مع ضيوفها، والعناية بهم.
وقالت إيمان: "أنا وكل المتدربين كنا بنروح قبل الميعاد، علشان نتعلم أكتر، ونتعلم بالممارسة.. وفي نهاية التدريب بقينا نقدر نعمل تقرير شامل عن حالة المسن، وظروفه الصحية والنفسية، ونقيس علاماته الحيوية.. ما كنتش متخيلة إني هعرف أعمل ده".
من معلمة أطفال إلى رفيقة مسن، تروي رشا جمال، 32 سنة، لـ"الوطن"، أنها ظنت في البداية- كما يُقال-: "الناس لما بتبكبر، بتبقى عايزة معاملة زي الأطفال".
وواصلت: لكن الأمر، على الرغم من صحة التشبيه بشكل عام، إلا أنه ليس صحيحا تمامًا، فالطفل لو ارتكب خطأً نعلمه أنه أخطأ، لكن المسن يحتاج إلى معاملة أخرى، وذلك ما تعلمته خلال فترة التحاقها بالمشروع: "الاختيار بيتم بعناية وكانوا بيضغطونا بأسئلة في المقابلة علشان يشوفوا طريقة تصرفنا وقدرتنا على الصبر والمرونة".
رشا جمال: المهنة عايزة ناس بمواصفات خاصة والمقابلة الشخصية بتحددها
لم تتمكن من التقديم عبر الموقع الإلكتروني للالتحاق بالتدريب ضمن المشروع، وبعد الاستفسار علمت "رشا" أنه يمكنها الذهاب بأوراقها طوال مدة وجود لجنة التقييم في مقر الجميعة المسئولة عن المشروع بالإسكندرية.
بدأت رحلة من الالتزام بالحضور، والانصات الجيد للشرح، يوميا من الساعة 9 صباحا وحتى 3 ظهرا، يدفعها في ذلك شغف الإلمام بمهارة جديدة، قد تفتح لها فرص عمل غير التدريس في حضانة، والتي تركتها منذ فترة.
وأكملت رشا حديثها: "استفدت كتير جدا في الجمعية، وبقيت أعمل حاجات جديدة عليا خالص، زي إنعاش القلب الرئوي، وبقيت أقدر أساعد أي حد قدامي بطريقة صح، ومعلومات كتير عن الأمراض، والتعامل معاها".
تدريبات شاملة للتعامل مع المسن، وتلبية رغباته دون أن يتحدث، والقدرة على الإنصات والاهتمام بما يحكي، حتى لو تكررت الحكاية لمرات كثيرة، ورعاية مريض الزهايمر.
أشياء أخرى كثيرة تعلمتها "رشا"، وروتها بصوت، أكثر ما يميزه الحماس والفخر بما تعلمت، وكان أكثرها أهمية من وجهة نظرها هي "فحص صلاحية الدواء قبل إعطائه للمسن، والحرص على التعقيم"، وواتصلت: "حاجات كلها مهمة في حياتنا، ومع أجدادنا كمان".
سوق عمل كبير
بين كونه عمل إنساني وبين "دعوة" المُسن و"بركة أي بيت"، كما وصفت رشا لـ"الوطن"، وجدت نفسها في سوق عمل كبير، وخصوصا بعد زيادة ضغوط الحياة على ربات المنازل، ما اضطرهن إلى الخروج للعمل لتوفير النفقات، لتجد كل أسرة نفسها في حيرة من أمر ترك أحد مُسنيها بالمنزل دون رعاية أحد، فيأتي الرفيق المنزلي ليحل المشكلة خاصة أن العمل سيكون من خلال جمعية كرموز.
وأوضحت أن من مهامها التأكد من سلامة بيئة العمل المنزلي، للحفاظ على أمن وسلامة "رفيق المسن"، ضمن بروتوكول تعاون كانت وزارة التضامن قد عقدته مع معهد علوم المسنين بجامعة بني سويف، وعدد من الجمعيات الأهلية العاملة، تتمثل في جمعية الرعاية الإجتماعية بكرموز وجمعية الرعاية بالمحبة وجمعية الباقيات الصالحات.
شغف بالتعرف على كل جديد، دفع أسامة عبد الله، 39 سنة، نحو التقديم عبر الموقع الإلكتروني للالتحاق بمشروع "رفيق المسن"، فقد انتقل من العمل بالمحاماة إلى أخصائي موارد بشرية، ثم التحق بالمشروع، يبحث عن مجال جديد يتعلمه، ليكسر روتين الحياة والوظيفة.
ووفق حديثه لـ"الوطن"، فإنه تعلم كيف يعمل على إعادة تأهيل المسنين للاندماج في المجتمع مرة أخرى، حيث يتجه بعضهم إلى العزلة، نتيجة للتغيرات الجسدية والصحية التي تلم بهم، ويرى بعض آخر منهم في نفسه، عبئا على المجتمع، لا نفع منه، فتكون مهمة "أسامة" هي مساعدته لتخطي تلك المشاعر، والبحث عن طرق علاجية.
أسامة: نحتاج لإقرار المشروع في المناهج.. وتحويله إلى ثقافة مجتمع
"اللي درسناه في الجمعية، المفروض يتعمم لكل الناس، ويبقى مقرر دراسي للطلبة.. المفروض تبقى ثقافة مجتمع".. بهذه الكلمات عبر أسامة عن تقديره للمادة العلمية والعملية التي تلقاها خلال البرنامج.
وأوضح أن التعامل مع كبار السن بشكل عام في الحياة، يحتاج إلى خبرة وتعلم، نادمًا على عدم الالتحاق ببرنامج مثيل من قبل،: "عرفت إني كنت بتكلم غلط مع أي حد كبير، زي والدي مثلا، لما المُسن يكون مش سامعك مثلا، يبقى فيه مشكلة عندك، إنك لازم تتكلم براحة، وتوجه الكلام ليه، وصوتك يكون بطبقة معينة".
يأمل الشاب الثلاثيني، أن يستخرج شهادة حصوله على البرنامج واعتماده كـ"رفيق مسن"، بعد تخرجه ضمن الدفعة الأولى للمشروع التي ضمت 150 خريجا، ليبحث عن فرصة عمل جديدة، خاصة بعد انتهاء تعاقده مع الشركة التي يعمل بها حاليا.
ويرى أسامة، أن المجال، كغيره من المجالات الجديدة، قد يتوجس البعض من استضافة رفيق في المنزل، لكنه حلُّ أفضل من دور الرعاية ودور المسنين، للحفاظ على نفسية المسن بين أهله.