الفواعلية: "مش هنقدر ندفع الاشتراك الشهرى"

كتب: إنجى الطوخى

الفواعلية: "مش هنقدر ندفع الاشتراك الشهرى"

الفواعلية: "مش هنقدر ندفع الاشتراك الشهرى"

يقف محمد سعودى أمام إحدى العمارات الحديثة فى منطقة باب اللوق، بوسط البلد، يطلب من زميله مساعدته فى حمل «شيكارة» الرمل على ظهره. ثوانٍ قليلة يلقى فيها «محمد» نظرة على العمارة ذات الـ«15» طابقاً بنوع من الهم، يتنهد، ثم يبدأ رحلة صعوده إلى الطابق رقم 14، ثم نزوله منها التى تستمر إلى نهاية اليوم.

«فكرة ضمّنا إلى قانون دى بالنسبة لى حاجة مش سهلة، أنا مش بعرف أقرا وأكتب، ومش بفهم فى الأوراق الحكومية، يعنى لما بيكون عندى مصلحة باخد حد من أصحابى أو أقاربى، وبالتالى أبدأ أدوّر على القانون وأقراه وأعرف بنوده وإزاى أنضم دى حاجة زى الخيال»، كلمات محمد سعودى الذى يعيش بمنطقة البساتين حول فكرة ضم العمالة غير المنتظمة إلى قانون التأمينات الجديد.

"بنشتغل يوم وأسبوع لأ وإزاى ندفع 9% من قيمة الأجر إذا كنا ما نعرفش بكرة هنكسب كام"

لا يرى «سعودى» أن فكرة القانون سيئة، ولكن تعترضها بعض العقبات، فمثلاً فكرة دفع 9% من الحد الأدنى لأجر الاشتراك شهرياً، أمر غير قابل للتنفيذ بالنسبة لحالته على الأقل: «الفكرة إن إحنا بحسب القانون يمكن وصفنا بعمال موسميين، فأنا فى يوم بتيجى لى شغلانة وأسبوع لا، والفلوس اللى باخدها من أى شغلانة بوجّهها لأولادى وبيتى، فإزاى بقى هحوّش 9% من قيمة اللى باخده إذا كان هو مش ثابت أصلاً، ومعرفش أنا هكسب بكرة كام أو أصلاً هكسب ولا لأ».

أما حسن محمد، 33 سنة، يعمل فى مجال المحارة ونقل وتكسير الطوب، فبدأ حديثه ضاحكاً بسخرية: «الواحد بيخاف من الحكومة وقوانينها، ربنا يجعل كلامنا خفيف عليها، بس قبل ما يفكروا فى القانون فكروا منين هنجيب فلوس ندفعها كل شهر، خصوصاً أننا عمال على باب الله».

يتوقف «حسن» عن الكلام قليلاً، ليستكمل أعمال المحارة فى إحدى الشقق فى منطقة «الدقى»، حتى لا يتأخر عن ميعاد التسليم، كما اتفق مع صاحب الشقة، ثم يعاود الحديث قائلاً: «فكرة القانون حلوة مفيش كلام، إن الواحد أخيراً هيكون له معاش، وتأمينات وغيرها من مميزات، لكن فى حاجات لازم يخلوا بالهم منها بالنسبة لينا، زى مثلاً إن فى ناس بتتصاب خلال العمل، فساعتها حياتها بتقف تماماً، ومش بيكون معاها أى مصدر مالى فساعتها منين هيجيبوا فلوس يدفعوا قيمة الاشتراك، فلازم يكون فيه بديل لفكرة الاشتراك الشهرى، يخلّوه مثلاً سنوى، ساعتها تكون معقولة ونقدر نظبط نفسنا أننا ندفع».

يعيش «حسن» فى منطقة «البساتين» بمصر القديمة، ورأى خلال عمله الكثير، خصوصاً ممن يفقدون أحد أطرافهم أو حتى حياتهم بسبب ظروف العمل غير الآدمية، واستغلال أرباب العمل، سواء فى شركات البناء أو أصحاب العقارات لهم، موضحاً: «من الأمور التى كانت ستدفعنى إلى الذهاب والاشتراك فى هذا القانون، فكرة وجود شروط للتعامل معى من قبل أصحاب العمل، سواء كانوا شركات أو مهندسين أو أصحاب شقق، فيراعوا مثلاً ظروفى الصحية ولا يثقلوا كاهلى بالعمل الذى يستهلك صحتى مقابل يومية لا تتعدى 200 جنيه».

وينهى «حسن» كلامه قائلاً: «شغل الفواعلية يدمر صحة الإنسان بشكل أسرع من أى عمل آخر، فعند سن الـ40 يصبح بلا أى طاقة أو قدرة جسدية، ووقتها لن أكون قادراً على العمل أو دفع الاشتراك، وبالتالى عدم الحصول على المعاش».


مواضيع متعلقة