محمود حسن.. عريس فى المعتقل بتهمة «حيازة بدلة فرح»

محمود حسن.. عريس فى المعتقل بتهمة «حيازة بدلة فرح»
علقت الزينة، وارتسمت الابتسامات، النساء يرتدين حلاتهن، والرجال ينصبون الشادر، والكل فى فرحة العرس.. أحدهم يتبرع بثمن أجرة سيارة، وآخر يحضر الفراشة، على عادة المناطق الشعبية فى التكافل فى الأفراح، والكل فى لهفة؛ فليالى الفرح مقبلة.. 3 أيام هى الباقية على العرس، وحينها يخرج محمود «العريس» من منزله بشبرا الخيمة، فبدلته ما زالت عند «الترزى» الكائن فى وسط البلد، على مقربة من ميدان الحرية (التحرير).
محمود حسن، الشاب العشرينى، يعمل مدرس حاسب آلى، اعتاد الولوج بين جنبات وسط البلد خلال الأحداث، ليس مشاركاً «ما كانش ليه فى أى مظاهرات أو أى نشاط سياسى، وما كانش حتى مهتم بمتابعة الأحداث، حد بيشتغل 20 ساعة فى اليوم هيهتم بالسياسة؟»، حسب قول شقيقه «أحمد»، لكن وجهته كانت دائماً صوب عمله الثانى فى تركيب «الرخام» على واجهات المنازل ومداخل البيوت، ساعياً لتحسين دخله والادخار لبناء عش الزوجية السعيد وليتمكن من إتمام عرسه، الذى كان يفصله عنه أيام، لكن حظه العاثر غيّر وجهته من العش السعيد بجوار زوجته إلى سجن طرة.
«الكل فى الميدان والدنيا لبش»، حسب قول «أحمد»، شقيق العريس، الذى حذر شقيقه من مغادرته المنزل فى ذلك اليوم «حاول ينجز عشان يرتاح، معاد الفرح قرب، ولكن الراحة مش للى زينا، والأجازة قصيرة».
ضيق الوقت واقتراب موعد العرس دفعاه للمغامرة والنزوح للقرب من الميدان الذى يعج بالمتظاهرين المؤيدين للمشير، فى حماية الضباط من الشرطة والجيش.. يخطو بثبات، على عادته فى المرور فى تلك المنطقة وسط الأحداث باستمرار، تجاه الممر التجارى، حيث يوجد الترزى. بدلة العرس رغم قدمها، ولكن فى حاجة لبعض الزينة والأناقة لتليق بالعريس فى ليلة عرسه.. يهاتفه شقيقه أحمد من المنزل؛ فهو يتابع شاشات القنوات التى انقسمت بعدد الميادين وأماكن اشتعال الأحداث: «فيه دوشة يا محمود، أنا حاسس إن فيه قلق»، يرد العريس فى ثقة: «أنا بعيد عن القلق، وعموما أنا خلاص قربت أخلص وما تقلقش عليا». يخرج «محمود» باحثاً عن «فكة» للنقود، التى يحضرها لـ«الترزى» يصادفه شرطى سرى بردائه المدنى ووجه متجهم وعينين جاحظتين، يمسك به، يخبره أنه جاء ليحضر بدلته من ذلك المحل، ولكن دون جدوى؛ فهو لا يسمع ولا يتفاهم، ويزج به إلى إحدى عربات الترحيلات، ومنها إلى قسم عابدين، الذى بدوره يرسله إلى سجن معسكر قوات الأمن بطرة. تقترب الساعة من الخامسة، يهاتف «أحمد» شقيقه «العريس»، للاطمئنان؛ فالموقف أمامه على شاشات التلفاز يزداد اشتعالا، لكن الهاتف مغلق، يساوره الشك مع مرور الوقت، فيخرج متجهاً إلى مشرحة زينهم، ليبحث عن شقيقه جثماناً يتوقع بين الحين والآخر أن يخرج به أحد أدراج ثلاجتها؛ فمشهد أحداث رمسيس، قبل أشهر، الذى وُجد فيه مصادفة، جعله يتوقع مصرع شقيقه ككثير ممن سقطوا يومها أمامه 3 أيام كان مفترضاً أن تقضيها العائلة فى التجهيز للعرس، الذى كان مقررا له 28 يناير بمسجد «آل رشدان»، «قاعة فى المسجد سعرها على القد»، باتت تقضى الوقت فى البحث عن العريس المفقود بين جنبات المستشفيات، وثلاجات موتاها وفى زنازين الأقسام، ولكن دون جدوى حتى قادت الصدفة العائلة إلى الوقوف على اسم نجلهم سجيناً بين أسماء 228 متهماً بالانضمام للجماعة التى تصفها السلطة بالإرهابية وحيازة الأسلحة لقتل المتظاهرين والاعتداء على منشآت الدولة، وقائمة طويلة من التهم عددها 11 تهمة.
فى سجن معسكر القوات بطرة، يقبع «محمود» بجسد معطوب وعينين صاغرتين، يتذكر عرسه وخطيبته، يدخل عليه أحدهم، يناديه باسمه، ليخرج يلتقى عائلته، وإذا به يقول فى هدوء لوالده المكلوم: «الحمد لله، اطمنوا عليا»، ويردف موجها كلامه لشقيقه: «يا أحمد الناس هنا بتبص وبس وما حدش بيسمعنا لا أنا ولا غيرى».
يبدأ «أحمد» فى رحلة جديدة من البحث، ولكن تلك المرة لإثبات براءة شقيقه من وابل التهم الموجهة إليه، يستعين بقاعة الفرح، يستعين بـ«الترزى»، حتى استطاع إخراجه من سجنه، ضمن 55 من المفرج عنهم بكفالة 10 آلاف جنيه، دبرها شقيقه بالكاد، وظل «العريس» متهماً، تزداد حيرة شقيقه كلما مر الوقت؛ فعمله كمدرس يضعه أمام 60 تلميذا، لا يقدر أن يقف أمامهم لتدريس تاريخ بلد ظلم شقيقه، وأفسد عليه فرحة عمره «أقف فى الفصل ازاى وارسم علم مصر، أو أدرس تاريخهم ازاى؟ أقولهم ده ازاى وأخويا مظلوم ومالناش غيرها وما جاش حقه؟».
ملف خاص
5 معتقلين بـ«الصدفة»: «إحنا بتوع الأوتوبيس»

قوات الامن تلقى القبض على عدد من الطلاب المثيرى الشغب
يقف مشدوها، بجسد هزيل، وشعر دب الشيب فيه، وسط عدد غفير من الجنود، يتحسس جسده بعدما ألقى عليه ما يكفى من اللكمات خلال حفلة الاستقبال الأولى بالسجن، يصيح فى الجموع، الواقف بجوارهم، وسط الظلمة القاتمة: «يا جماعة أنا ماليش دعوة باللى بيحصل، إحنا بتوع الأتوبيس»... للمزيد
محمد عامر.. مقبوض عليه بسبب «جهاز لاسلكى»

والدة محمد تحمل صورته
تجلس فى هدوء ترنو إلى ملامح وجهه، تغلبها الدموع أحياناً، فهو قد قارب على الرحيل، وسيظل بعيداً 45 يوماً كاملة خلال فترة التدريب مجنداً بالقوات المسلحة بعد أيام.... للمزيد
«أنا مش معاهم»..الأمن كان يطارد الإخوان.. ووجد «بلال» بطريقه.. فقبض عليه

بلال
ظهر يوم 27 من ديسمبر الماضى صادف بلال أيمن، الطالب ذو الـ15 عاما، فى طريق عودته إلى المنزل بمنطقة الألف مسكن، بعد انتهاء أحد الدروس الخصوصية، مسيرة لأنصار «الإخوان» هناك. لتكون أسوأ مصادفة فى حياته.... للمزيد
«شلبى» خرج فى مظاهرة «العيش والحرية» فوجهوا له تهمة «تفجير مديرية أمن السويس»

احمد
وقتما كانت الأعداد الغفيرة من المتظاهرين تحتفل فى ميدان التحرير بذكرى ثورة 25 يناير تحت حراسة الشرطة والجيش، كان هناك من يقف فى ميدان آخر وفى محافظة أخرى... للمزيد
عبدالله جاد.. شعره الطويل ألقى به فى السجن لأنه «شكل بتوع 6 أبريل»

عبد الله
«شعرك طويل وشبه بتوع 6 أبريل».. جملة خرجت من فم أحد الضباط، بجوار قسم الأزبكية، كانت سببا لإيداع عبدالله جاد، الشاب الذى لم يتجاوز عمره العقد الثانى، بالسجن، متهما بالإرهاب وقتل الثوار... للمزيد