محمد عامر.. مقبوض عليه بسبب «جهاز لاسلكى»

محمد عامر.. مقبوض عليه بسبب «جهاز لاسلكى»
تجلس فى هدوء ترنو إلى ملامح وجهه، تغلبها الدموع أحياناً، فهو قد قارب على الرحيل، وسيظل بعيداً 45 يوماً كاملة خلال فترة التدريب مجنداً بالقوات المسلحة بعد أيام. وللمرة الأولى تغادر جلستها المتاخمة للشاشة الصغيرة، وتستجيب «تهانى متولى» لنجلها محمد عامر، الشاب العشرينى، فى إلحاحه بالبعد عن متابعة الأحداث السياسية وتطوراتها اليومية، فهو لا يهواها ولا تشغل له بالاً، بل ويمقتها فى بعض الأحيان فقد كانت وبالاً على عمله بالإرشاد السياحى.
«كفاياكى قعدة أمام التليفزيون ومتابعة سياسة يا ماما»، كان يقولها «عامر» لوالدته، السيدة الأربعينية، ذات البشرة السمراء، باستمرار كلما رآها تعبث بـ«الريموت كنترول» تقلب بين القنوات المختلفة تتابع الأحداث، فهو حسب قولها لا يتبع أى حزب ولم يكن له أى اهتمام سياسى يذكر: «ابنى ماكنش ليه فى أى حاجة، وماكنش بيحب السياسة ولا شغلها، وعمره ما فكر ينزل يشارك فى مظاهرة»، واليوم ترى الأم شقاء السنوات وتعب الليالى فى تربية نجلها فى صورة قائمة من التهم التى تتعلق، وترويع الآمنين، والانضمام لجماعة حظرت الحكومة نشاطها، بعدما قبض عليه فى ميدان العتبة بشكل عشوائى فى ذكرى الثورة: «إحنا ناس على قدنا، وكل ثروتنا كانت فى عيالنا اللى بنيناهم ونشوفهم وهما بيكبروا قدام عنينا». خرج يومها دون أن يدرك فداحة الموقف المشتعل فى الشارع فى ذكرى الثورة، كل ما كان يشغله لملمة ما يحتاجه خلال فترة «مركز التدريب» فى حياة الجندية، يصل إلى منطقة «العتبة» بوسط البلد، يترجل من سيارة الأجرة، تقع عيناه على جهاز لاسلكى ملقى على الأرض، يلتقطه، ويقدمه لأحد أمناء الشرطة الواقف بالقرب منه: «اتفضل، ده لقيته واقع»، فما كان منه إلا أن يمسك به، ويلقى به فى عربية الترحيلات بدعوى «هنكشف عنك ونعمل تحريات جبت الجهاز ده منين»، فاستجاب دون مقاومة لقناعته «الدنيا اتغيرت، هيقبضوا على حد ماعملش حاجة؟». ثوانى كانت مدة المكالمة؛ «أنا فى قسم الجمالية يا ماما»، قالها وأغلق الهاتف، ومعها بدأت رحلة البحث عنه: «هل يعقل واحد رايح الجيش يخرج يشارك فى مظاهرة، والمفروض الجيش عمل تحرياته عنه»، تقولها «تهانى» لـ«الوطن» بملامح متعبة جراء البحث عن نجلها المحبوس منذ تغيبه صبيحة 25 يناير وحتى وجدته خلف القضبان بسجن معسكر قوات الأمن المركزى بطرة بعد ترحيله من قسم «عابدين» حيث كانت «الحفلة» فى استقباله، برفقة بقية المقبوض عليهم، كما يطلقون على عملية التعذيب الأولى للمعتقلين فور وصولهم لقسم الشرطة: «فى القسم قاموا بالواجب، الاستقبال كان سيئاً للغاية».
بسخرية واستهانة: «مالمتيش ابنك ليه وقعدتيه فى البيت؟»، قالها أحد الضباط فى أثناء سؤالها عن نجلها، بكت وردت بقلب أم ثكلى يدمى بعدما فقدت ابنها: «الإعلام كان بيدعوا الناس تنزل تحتفل وابنى نزل يجيب حاجته عشان مسافر الجيش، يتقبض عليه؟»، وحين وصلت لسجن معسكر الأمن بطرة ارتمى فى أحضانها، ويفصلها عنه القيود الحديدية التى تقيد وثاقه، وهو المشهد الذى لم يغب عنها حتى اليوم، تمالكت نفسها، شدت على يده، وخرجت، وحين غاب عن عينها مرة أخرى أخذت فى البكاء والنحيب: «ليه حطوا الكلبشات فى إيده، هو اتأكد خلاص إنه مجرم؟». اتجهت «تهانى» إلى «الهايكستب» فى موعد تسليم «عامر» للقوات المسلحة، لتسلم نفسها مكانه: «أنا جايه أسلم نفسى مكان ابنى اللى محبوس ظلم لتفتكروه هربان»، رد عليها أحد ضباط الجيش بأنه حين يخرج من السجن عليه تسليم نفسه وما يثبت حبسه خلال فترة تغيبه، ولم يفكر ولو بغتة فى مساعدة الأم فى مشكلة ابنها، الذى كان يشرف على قضاء عام كامل من عمره فى خدمة القوات المسلحة: «كان نفسى الجيش يدافع عن محمد ويقول إنه تبعهم» ولكن دون جدوى، عدم تسلمه الكارنيه لا يعده فى ذمة القوات المسلحة.
ملف خاص
5 معتقلين بـ«الصدفة»: «إحنا بتوع الأوتوبيس»

قوات الامن تلقى القبض على عدد من الطلاب المثيرى الشغب
يقف مشدوها، بجسد هزيل، وشعر دب الشيب فيه، وسط عدد غفير من الجنود، يتحسس جسده بعدما ألقى عليه ما يكفى من اللكمات خلال حفلة الاستقبال الأولى بالسجن، يصيح فى الجموع، الواقف بجوارهم، وسط الظلمة القاتمة: «يا جماعة أنا ماليش دعوة باللى بيحصل، إحنا بتوع الأتوبيس»... للمزيد
«أنا مش معاهم»..الأمن كان يطارد الإخوان.. ووجد «بلال» بطريقه.. فقبض عليه

بلال
ظهر يوم 27 من ديسمبر الماضى صادف بلال أيمن، الطالب ذو الـ15 عاما، فى طريق عودته إلى المنزل بمنطقة الألف مسكن، بعد انتهاء أحد الدروس الخصوصية، مسيرة لأنصار «الإخوان» هناك. لتكون أسوأ مصادفة فى حياته.... للمزيد
«شلبى» خرج فى مظاهرة «العيش والحرية» فوجهوا له تهمة «تفجير مديرية أمن السويس»

احمد
وقتما كانت الأعداد الغفيرة من المتظاهرين تحتفل فى ميدان التحرير بذكرى ثورة 25 يناير تحت حراسة الشرطة والجيش، كان هناك من يقف فى ميدان آخر وفى محافظة أخرى... للمزيد
محمود حسن.. عريس فى المعتقل بتهمة «حيازة بدلة فرح»

محمود حسين
علقت الزينة، وارتسمت الابتسامات، النساء يرتدين حلاتهن، والرجال ينصبون الشادر، والكل فى فرحة العرس.... للمزيد
عبدالله جاد.. شعره الطويل ألقى به فى السجن لأنه «شكل بتوع 6 أبريل»

عبد الله
«شعرك طويل وشبه بتوع 6 أبريل».. جملة خرجت من فم أحد الضباط، بجوار قسم الأزبكية، كانت سببا لإيداع عبدالله جاد، الشاب الذى لم يتجاوز عمره العقد الثانى، بالسجن، متهما بالإرهاب وقتل الثوار... للمزيد