القوى التونسية: "نداء" الأوفر حظاً و"التحالفات" تحفظ مدنية الدولة

كتب: بهاء الدين عياد، ووكالات

القوى التونسية: "نداء" الأوفر حظاً و"التحالفات" تحفظ مدنية الدولة

القوى التونسية: "نداء" الأوفر حظاً و"التحالفات" تحفظ مدنية الدولة

رغم محاولات حركة «النهضة» الانقضاض على السلطة فى تونس مع إجراء الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها نوفمبر المقبل، إلا أن الحركة الإخوانية ليست الأقوى فى خريطة القوى السياسية التونسية، بل حزب «نداء تونس» الذى ينتمى إليه الرئيس الراحل الباجى قايد السبسى، هو الأوفر حظاً، نظراً إلى أن المرجعية المدنية التى يمثلها الحزب وأحزاب تونسية أخرى، تمثل الخيار الأنسب والأكثر قبولاً فى أوساط التونسيين.

خريطة الأحزاب تشمل مختلف الأطياف.. و21 مرشحاً مستقلاً أودعوا أوراق ترشحهم و"زهران": المشهد لم يتضح بعد.. وتوافق المدنيين يقطع الطريق على الإخوان

وتتنوع خريطة الأحزاب التونسية لتشمل مختلف ألوان الطيف السياسى، وتشير معركة الرئاسة التى بلغ عدد المرشحين لها، الذين أودعوا ملفاتهم لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، 21 مترشحاً، مع نهاية اليوم الرابع لتقديم الترشحات، ما يؤكد نية العديد من المنتمين لأحزاب تتبنى مرجعية الدولة الوطنية السعى للسلطة، أبرزهم رئيس الوزراء السابق ورئيس «حزب البديل» مهدى جمعة، الذى يعد الأبرز حظاً حتى الآن، ورئيسة «الحزب الحر الدستورى» عبير موسى، وكذلك رئيس حزب «قلب تونس» نبيل القروى، الترشح للمنصب، وتتبنى أحزاب مثل «نداء تونس» و«تحيا تونس»، و«قلب تونس» نفس أيديولوجية الرئيس «الباجى».

وقال مصدر فى هيئة الانتخابات التونسية، إن «غالبية الطلبات جاءت من مرشحين مستقلين»، فيما لا يزال الغموض يحيط بترشيح رئيس الوزراء يوسف الشاهد ووزير الدفاع عبدالكريم الزبيدى، فى الانتخابات.

كما اتجهت العديد من الأحزاب التونسية للاندماج مع اقتراب موسم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة، حيث أعلنت مجموعة من الأحزاب بتونس اندماجها مع الأحزاب القريبة من خطها السياسى، ما أعاد أجواء ما قبل انتخابات 2014، حين ظهر التحالف الحاكم بين حركة نداء تونس وحركة النهضة وحزب المسار، وأعلن مؤخراً اندماج حزب المبادرة الدستورية الديمقراطية فى حركة (تحيا تونس).

وعلى غرار ذلك التخبط السياسى عقب وفاة «السبسى»، فإن حركة النهضة قد تسعى لاستغلال حالة الانقسام بين الأحزاب التقدمية والوطنية، خاصة فى ظل ما يعانيه حزب «نداء تونس» الذى أسسه الرئيس قايد السبسى من ضعف بعد الانشقاقات التى عصفت به وعدم قدرة حزب (تحيا تونس) الذى أسسه رئيس الحكومة الحالى يوسف الشاهد على التجميع وملء الفراغ الذى تركه (نداء تونس) الذى سيتعمق بعد وفاة الرئيس المؤسس، بحسب «زهران»، وذلك بالإضافة لاستغلال حالة الانقسام الذى يعيشه تحالف الجبهة الشعبية اليسارى الذى يضم الأحزاب المعارضة القوية فى المشهد السياسى، والذى قد حقق نتائج ملحوظة فى الانتخابات التشريعية السابقة.

ورغم ذلك، فالمشهد السياسى ككل ليس بهذا السوء، وهناك ما يمكن التعويل عليه لاستكمال خيار الدولة المدنية واستكمال خارطة الطريق للرئيس الراحل الباجى قايد السبسى نحو الديمقراطية المدنية، وذلك بأن تتوافق القوى السياسية المعتدلة على تشكيل تحالف وطنى جامع بين القوى التقدمية لقطع الطريق أمام أى طرف يحاول أن ينفرد بحكم البلاد ونسف سيناريوهات النهضة وأجنداتها الخاصة بالإسلام السياسى فى العودة مرة أخرى، ويدعم ذلك التوجه التوافقى، هو تخوف النهضة من الأحزاب غير التقليدية الصاعدة على غرار حزب «قلب تونس» الذى يتزعمه نبيل القروى، أو الحزب الدستورى الحر لزعيمته عبير موسى حيث تعطى استطلاعات الرأى هذين الحزبين إضافة إلى جمعية «عيش تونسى» مراتب متقدمة تؤهلها للامتزاج والتناغم مع مختلف التيارات المدنية نحو تشكيل تحالف مدنى حر ذى ثقل بالشارع السياسى التونسى لاستكمال متطلبات التحول الديمقراطى وهيكلة الدولة المدنية، حسبما ذكرت الباحثة.

وقالت الدكتورة إيمان زهران الباحث وعضو لجنة العلوم السياسية بالمجلس الأعلى للثقافة، إنه «من الصعب حالياً التنبؤ بالحركة السياسية فى تونس بعد وفاه قائدها السبسى، أول رئيس منتخب فى تونس، خاصة أن تونس شأنها شأن أغلب دول الربيع العربى ما زالت تخضع لعمليتى الحراك والمراجعة، حيث أصبح التساؤل السياسى الرئيسى لتلك الفترة لا يخرج عن كيفية إدارة المخاوف، وما يتعلق بمصير المسار الديمقراطى فى البلاد، وما ينتظر تونس من الإرث السياسى لقايد السبسى.. وماذا ينتظر البلاد بعد رحيله؟».

واعتبرت «زهران» أن الشواهد السياسية الداخلية ترسخ لما يشبه «نظرية المباريات» فى العلاقات الدولية، فعقب وفاة «السبسى» ظهرت خلافات وانقسامات تزامنت مع عدم توقيع الرئيس الراحل على التعديلات التى أدخلها البرلمان على القانون الانتخابى، وما لحق بذلك من تحول الأطياف السياسية إلى الجدل والنقاش حول ضمان الانتقال الدستورى السلس خاصة أن رحيل السبسى جاء فى وقت تستعد فيه تونس لانتخابات تشريعية ورئاسية.


مواضيع متعلقة